تونس: قطيعة بين قصر قرطاج والمعارضة... وشلل في المحاكم

هل تكون أخطر مواجهة بين النقابات والحكومة منذ عهد بورقيبة؟

القضاة يتحركون (غيتي)
القضاة يتحركون (غيتي)
TT

تونس: قطيعة بين قصر قرطاج والمعارضة... وشلل في المحاكم

القضاة يتحركون (غيتي)
القضاة يتحركون (غيتي)

تتسارع الأحداث في تونس بنسق غير مسبوق في اتجاه توسع «المواجهة والصدام» بين السلطات وجبهة معارضي الحكومة بسبب قرارات رسمية سياسية ومالية واجتماعية، تبررها السلطات بـ«الأوضاع الاقتصادية الصعبة» التي تمر بها الدولة منذ سنوات. وقد ازداد الوضع خطورة بعد «القطيعة» مع النقابات و«أحزاب المعارضة المعتدلة»... ثم الصدام مع القضاة والمحامين، ما تسبب في شلل شبه كامل في المحاكم وفي عدد من مؤسسات البلاد. وفي هذه الأثناء، تتابع المركزية النقابية العمالية التعبئة لشن إضراب عام وطني خلال الأسبوع المقبل، والتلويح بسلسلة من الإضرابات القطاعية والجهوية، في حين حذّر المراقبون من سيناريو «الصدام العنيف» ومن «أخطر مواجهة بين النقابات والحكومة منذ عهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة»، ما لم تنجح جهود «احتواء الأزمة في الدقائق الأخيرة».
تكشف تصريحات الأمين العام نور الدين الطبوبي والمقربون منه في قيادة «الاتحاد العام التونسي للشغل» أنهم يرفضون تصنيف الإضراب العام المبرمج ليوم الخميس 16 يونيو (حزيران) الجاري بكونه «إضراباً عاماً سياسياً»، وهذا رغم بلاغاتهم التي تحمّل قصر قرطاج (أي رئاسة الجمهورية) والحكومة الحالية مسؤولية «المأزق السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد»، وإجهاض مشاريع الحوار الوطني التي اقترحتها القيادة النقابية منذ مطلع 2020، ثم بعد إعلان «الإجراءات الاستثنائية» في 25 يوليو (تموز) الماضي، بعد إسقاط الحكومة والبرلمان وتعليق أغلب فصول الدستور.

الرئيس قيس سعيّد

- «إضراب سياسي»
في المقابل، شنّ نشطاء محسوبون على «التنسيقيات» و«الحراك الشعبي المساند للرئيس قيس سعيد»، حملة واسعة ضد بعض قيادات «الاتحاد»، خصوصاً ضد الأمين العام نور الدين الطبوبي والناطق الرسمي سامي الطاهري، واتهموهم فيها بـ«الفساد» وبتوريط النقابات في تحركات سياسية تخدم معارضي الرئيس وجبهة الخلاص التي يتزعمها المحامي المعارض أحمد نجيب الشابي وحلفاؤه وقيادات حزب حركة النهضة الإسلامي.
أيضاً حذّر هؤلاء من أن يتطور إضراب الخميس 16 يونيو إلى «خميس أسود» جديد يذكّر بـ«الخميس الأسود» الذي شهدته البلاد في أعنف مواجهات بين السلطات والنقابات يوم 26 يناير (كانون الثاني) 1978. ولوّح مقربون من الحكومة ومن قصر قرطاج، بينهم البرلماني السابق المحامي رابح الخرايفي، بمحاكمة القيادات النقابية، وبعقوبات مالية وسياسية وقضائية تفرضها الحكومة على المركزية النقابية، من بينها حرمانها من تمويلات توفرها لها الدولة. كذلك لوّح هؤلاء بمطالبة النقابات بـ«تسديد ديونها لفائدة الصناديق الاجتماعية» وتقدر بما قيمته 5 ملايين دولار أميركي.
من جانبه، طلب الرئيس قيس سعيّد من الحكومة تطبيق القانون وحسم جزء من راتب الموظفين عن كل يوم عمل يدخلون فيه في إضراب، بما في ذلك بالنسبة للقضاة الذين بلغت نسبة مشاركتهم في الإضراب، منذ الاثنين الماضي، نحو مائة في المائة، حسب رئيس جمعية القضاة أنس الحمادي ونائبته القاضية عائشة بن حسن.
- خطوة إلى الأمام... وأخرى إلى الوراء
وفي حين تؤكد بلاغات قيادة المركزية النقابية على «الصبغة الاجتماعية والسلمية» لإضراباتهم المتعاقبة وللإضراب العام المقرر الأسبوع المقبل، تعاقبت تحركاتها السياسية محلياً ودولياً وتصريحاتها التي تعتبر «اتحاد الشغل أهم قوة سياسية اجتماعية في البلاد أحب من أحب وكره من كره». وفي هذا السياق، استقبل أمين عام المنظمة النقابية في مكتبه مزيداً من السفراء وموفدي وزارات الخارجية الأوروبية والأميركية، بينهم رئيسة البعثة الأميركية بتونس ناتاشا فرانسيسيكي والسفير الألماني بتونس بيتر بروغل ومسؤولة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الألمانية توبيا تنكل.
وسبق له أن التقى سفراء باريس وروما والاتحاد الأوروبي...

رضا شكندالي

وفي الوقت ذاته، كثّف الطبوبي ورفاقه تنسيقهم مع القيادات النقابية العالمية واستقبال زعماء من أحزاب المعارضة السياسية وقيادات منظمات القضاة، الذين صعّدوا احتجاجاتهم على قرارات الرئيس التونسي، وشنّوا إضراباً عاماً مفتوحاً للمطالبة بإرجاع 57 قاضياً صدر قرار رئاسي بطردهم، ومن هؤلاء رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنتخب يوسف بوزاخر وقضاة شبان يقولون إنهم رفضوا تنفيذ أوامر من بعض «اللوبيات» المالية والسياسية، من بينها إيقاف عدد من المعارضين 120 عضواً في البرلمان المحلول.
وأيضاً روّجت المواقع الإعلامية التابعة لـ«الاتحاد العام التونسي للشغل» تصريحات للطبوبي والمقربين منه تساند احتجاجات القضاة وإضرابهم وتصف مطالبهم بالشرعية. وروّجت المركزية النقابية بلاغاً أصدرته الأمينة العامة للاتحاد الدولي للنقابات العمالية شاران بورو تساند فيه إضرابات النقابات التونسية والقضاة التونسيين، وتعتبر أنها «شرعية وأتت دفاعاً عن استقلالية القضاء».
ولقد اعتبر بيان الاتحاد الدولي للنقابات أن قرارات عزل القضاة المعارضين «جاءت بعد سلسلة من الأوامر الرئاسية المقيدة للحقوق والحريات الأساسية» في تونس، بينها المرسوم رقم 20 الذي يحظر أي مفاوضات مع النقابات قبل موافقة مسبقة من رئاسة الحكومة. واعتبر البيان أن «هذا يتعارض مع اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 التي تضمن الحق في المفاوضات الجماعية».
هذا، ويعيد ترويج مثل هذه البلاغات من قبل المركزية النقابية إلى الأذهان أجواء الصدامات الدامية والمواجهات العنيفة التي وقعت بين النقابات وقوات الأمن التونسية في عهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، والتي اضطرت السلطات في أعقابها إلى تقديم تنازلات للنقابات تحت ضغط النقابات الدولية.
- تداخل الأجندات؟
على صعيد متصل، رغم استقبال الرئيس قيس سعيّد القيادة النقابية لتهنئتها بعد مؤتمرها الوطني الجديد، فإن أزمة الثقة تعمقت بين الطرفين، بعدما أصدرت محكمة تونسية حكماً يقضي ببطلان المؤتمر في انتظار موقف محكمة الاستئناف. ولقد اتهمت القيادة النقابية وبعض زعماء المعارضة، مثل أحمد نجيب الشابي زعيم «جبهة الخلاص الوطني»، السلطات بالوقوف وراء هذه القضية العدلية «بهدف وضع اليد على النقابات والمجتمع المدني، بعد حل البرلمان المنتخب في 2019 وهيمنة موالين للسلطة على مقار اتحاد الفلاحين والهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء وهيئة مكافحة الفساد.»... وانخرطت في نفس المسار قيادات الأحزاب اليسارية المعارضة الخمسة التي يتزعمها زعيما حزبي العمال الشيوعي حمة الهمامي والجمهوري عصام الشابي، وشكلت «ائتلاف إسقاط مشروع استفتاء 25 يوليو على الدستور الجديد».
كذلك زارت قيادات هذه الأحزاب الطبوبي في مكتبه، وأعلنت أنها تنسق مع النقابات والمجتمع المدني وبقية الأطراف السياسية من أجل «تنظيم حوار سياسي وطني حقيقي» ترعاه المركزية النقابية يختلف عن «الحوار الصوري» الذي انطلق أخيراً بمشاركة عشرات الشخصيات السياسية والجامعية، ليس بينها أي ممثل عن «الاتحاد العام التونسي للشغل» وعن الأحزاب الكبرى مثل «قلب تونس» و«النهضة» و«الحزب الدستوري الحر» بزعامة عبير موسي.
- اللجوء إلى المحاكم
ولكن، من بين أخطر عوامل تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي الجديد في تونس، تعاقب حالات لجوء الحكومة والقيادات السياسية والنقابية إلى المحاكم. فرئاسة الجمهورية كلفت وزارة العدل برفع قضايا بالجملة ضد 120 برلمانياً، بينهم رئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي، وأخرى ضد شخصيات مستقلة وقيادات في أحزاب الائتلاف البرلماني الحاكم قبل 25 يوليو الماضي، أي «قلب تونس» و«النهضة» و«ائتلاف الكرامة» و«تحيا تونس» ممن يساندون «جبهة الخلاص الوطني».
وفي المقابل، أعلنت زعيمة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي وقياديون من أحزاب الائتلاف الحاكم السابق أنهم رفعوا قضايا عدلية كثيرة ضد رئاسة الجمهورية وعدد من الوزراء بتهم «تجاوز السلطة» و«انتهاك القانون والدستور» و«توظيف موارد الدولة البشرية والمادية لتمرير مشروع تنظيم استفتاء شعبي صوري»، بهدف «تعديل دستور 2014 بالقوة وتغيير النظام السياسي من نظام برلماني معدل إلى نظام رئاسي».
- «الطريق الثالث»
في هذه الأثناء تسعى القيادة النقابية إلى التبرؤ من الاتهامات التي توجهها إليها شخصيات وأحزاب محسوبة على الرئيس سعيّد، بينها تهمة «التحالف مع المعارضة بزعامة حزب النهضة لإجهاض المشروع السياسي الإصلاحي للرئيس». وأعلن الطبوبي ورفاقه في سلسلة من الاجتماعات التحضيرية للإضراب العام أن اتحاد الشغل يدافع عن «الخيار الثالث» الذي يختلف عن مشروعي المعارضة والرئيس سعيّد. ولقد عقّب الرئيس متهكماً على هذا الموقف وعلى الذين اتهمهم بالمناورة، قائلاً: «يتحدثون عن خيار ثالث ورابع وخامس ويعطلون بدورهم الإصلاح». كما ردّ سعيّد على مطالبات المركزية النقابية بصياغة «خارطة طريق سياسية بالتشاور بين كل الأطراف»، مضيفاً: «على الذين يطالبون بخارطة طريق أن يبحثوا عنها في كتب الجغرافيا».
لكن من بين نقاط قوة المركزية النقابية في هذا الصدد، أنها تلقى في الوقت نفسه دعماً من قبل الأحزاب المتناقضة التي أفرزتها انتخابات 2019 البرلمانية، بما في ذلك قيادة (الحزب الدستوري الحر) التي تطور موقفها من مساند لقرارات 25 يوليو إلى معارض شرس لها». كما أعلنت زعيمة الحزب موسي دعمها بقوة لإضرابات القضاة ولمطالب الطبقات الفقيرة التي تتهم حكومات «العشرية الماضية بقيادة حزب الإخوان» بالتسبب فيها... ثم إن الطبوبي استقبل أخيراً موسي ووفداً من قيادة «الحزب الدستوري الحر» بحضور عدد من مساعديه. وأعلنت موسي في هذه المناسبة عن «التحالف التاريخي بين اتحاد الشغل والدستوريين في عهدي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي» رغم تأكيد قيادات النقابات على استقلاليتها عن كل الأحزاب والحكومات.
- مفترق طرقات
ورغم مبادرة مجموعة من الوزراء في حكومة نجلاء بودن بالإعلان عن «خطة شاملة للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية» خلال المرحلة المقبلة، تتمسك المركزية النقابية بتنظيم الإضراب العام، ومقاطعة مباحثات السلطات مع صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومؤسسات التمويل الأوروبية والعالمي، لتوفير ما تحتاج إليه الدولة من موارد لتمويل ميزانية العام الجاري وتغطية العجز المسجل العام الماضي.
وتتصدّر نقاط الخلاف الرئيسة بين الحكومة واتحاد الشغل على هذا الصعيد منذ 2016، الموقف من صندوق الدعم الذي ارتفعت أعباؤه وأصبحت تناهز ربع ميزانية الدولة، عند احتساب دعم أسعار المحروقات والمواد الغذائية والخدمات الاجتماعية مثل النقل... إلخ. كذلك تعارض النقابات مطلب صندوق النقد الدولي تخفيض حجم الأجور في ميزانية الدولة من أكثر من 15 في المائة حالياً إلى 10 في المائة و«تسريح مئات الآلاف من الموظفين الزائدين»، وبيع المؤسسات العمومية المفلسة... بينها عدد كبير من مؤسسات النقل العمومي والخدمات.
وكان أنور بن قدور، الأمين العام المساعد لـ«الاتحاد العام التونسي للشغل»، قد ذكر أخيراً أن «الاتحاد» مستعد للمشاركة بـ«شروط» في المباحثات مع صندوق النقد الدولي، غير أنه تمسك بـ«شرعية» الإضراب العام الذي دعا له، والذي فسره أساساً بـ«تعطل الحوار الاجتماعي والسياسي الوطني في البلاد».
وفي السياق نفسه، اتهم الناطق باسم «الاتحاد» سامي الطاهري رئاسة الجمهورية بـ«محاولة دفع البلاد نحو استفتاء صوري» على الدستور، وبتنظيم حوار «فلكلوري» مشروط بموافقة مسبقة على نتائج استشارة إلكترونية نظمتها الحكومة موفى العام الماضي، وأعلنت أن 6 في المائة فقط من الشعب شاركوا فيها. وكانت نتيجة تلك الاستشارة، حسب وزير تكنولوجيا الاتصالات نزار بن ناجي، موافقة «غالبية ساحقة من المشاركين فيها على تغيير النظام السياسي البرلماني المعدل وإبداله بنظام رئاسي».
لكن غالبية قيادات الأحزاب والنقابات تخشى أن يؤدي ذلك إلى إجهاض الديمقراطية التونسية نهائياً والعودة إلى نظام رئاسي يكرس الحكم المطلق للرئيس، على غرار ما كان سائداً في عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة (1956 - 1987) وزين العابدين بن علي (1987 - 2010).
- تخوف وحذر من مستقبل المواجهات
> في ظل دعوة القيادات النقابية التونسية إلى اجتماعات عمالية شعبية ضخمة في عدد من المحافظات، بينها تجمع وطني كبير ينظم، اليوم (السبت)، وسط العاصمة تونس، تعاقبت التصريحات والمبادرات التي تحذر من تعمق الهوة بين السلطة و«الاتحاد العام التونسي للشغل» ومن «سيناريو» تطور الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية إلى صدامات واضطرابات عنيفة اجتماعية سياسية تذكر بتلك التي شهدتها البلاد، أواخر عهدي بورقيبة وبن علي.
وتزداد المخاوف لأن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الحالية تتزامن مع أزمة سياسية شاملة بين الحكومة ومعارضيها من جهة وبينها وبين النقابات ومنظمات القضاة والمجتمع المدني من جهة أخرى. كما يخشى المراقبون من «الانزلاقات الأمنية»، بسبب استفحال الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية للدولة ومعاناة الطبقات الشعبية، لأسباب كثيرة، بينها غياب الاستقرار الحكومي منذ مطلع 2011، ثم مضاعفات جائحة «كوفيد - 19» وحرب أوكرانيا... وتعمق أزمة الثقة داخل مؤسسات الحكم، وبينها وبين المعارضة منذ منعرج 25 يوليو الماضي...
في هذا السياق، أوردت مصادر شبه رسمية أنه من المرتقب أن يصدر رئيس الجمهورية أمراً رئاسياً يسمح بتسخير بعض الأعوان التابعين لعدد من الوزارات والمؤسسات والمنشآت العمومية يوم الإضراب العام لتعويض العمال المضربين. وينص القانون على أن العمال والموظفين الذين لا يحترمون قرارات «التسخير» يتعرضون لعقوبات قد تصل إلى الطرد، بما يوشك أن يفاقم من مخاطر الصدام والعنف. وبالمناسبة، فإن مثل هذا الصدام وارد جداً، كذلك بين لجان حماية الإضراب التي تشكلها النقابات والمجموعات التي سيقع تسخيرها من جهة ومع «تنسيقيات الرئيس» التي تقوم بدورها بحملة واسعة لإفشال الإضراب وإنجاح استفتاء 25 يوليو.
- مصير المفاوضات مع صندوق النقد والبنك الدوليين
> تبدو الأزمة الحالية في تونس أعمق من مجرد خلافات حول مشروع الاستفتاء على الدستور والإضراب العام، حسب الخبير الاقتصادي رضا شكندالي. إذ اعتبر شكندالي أن معضلة حكومة نجلاء بودن الكبرى هي فشلها في استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومع البنك الدولي ومع الاتحاد الأوروبي لتوفير نحو نصف موارد ميزانية الدولة لهذا العام، وهذا في حين تشترط كل الأطراف الدولية استئناف تونس فوراً للمسارين الديمقراطي والبرلماني، وتنظيم حوار وطني شامل لا يقصي أي طرف نقابي أو سياسي أو حزبي.
الرئيس قيس سعيّد والمقربون منه رفضوا هذا الشرط. بل اتهم سعيد العواصم الغربية التي تقف وراء التقارير الاقتصادية والسياسية عن تونس، مثل تقارير وكالات التصنيف العالمية ومؤتمر دافوس ولجنة البندقية وصندوق النقد الدولي بـ«التدخل في الشؤون الداخلية للدولة التونسية وبالحنين إلى مرحلة الاحتلال الأجنبي».
رضا شكندالي قال، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن برنامج حكومة نجلاء بودن الإصلاحي «مجرد إعلان نوايا صادقة جداً لصندوق النقد الدولي لاستمالته نحو إمضاء اتفاق مع تونس خلال الأشهر المتبقية من هذه السنة، لكنه ليس مقنعاً». وأردف: «أعتقد أن الحديث عن مفاوضات ممكنة مع صندوق النقد الدولي خلال هذه السنة مضيعة للوقت». ثم علّق قائلاً إنه «لا أثر في البرنامج الإصلاحي للحكومة لمقاومة التضخم المالي، الذي يعد الأولوية القصوى خلال هذه السنة للحفاظ على ما تبقى من المقدرة الشرائية، التي تتطلب التوفيق الكامل بين السياسة النقدية والضرائب والحوار بين نقابات العمال ورجال الأعمال والفلاحين والحكومة»...


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء أو أي مكان آخر

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)
TT

السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء أو أي مكان آخر

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الخميس)، مجدداً على رفض بلاده التام لأي تهجير للفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء أو إلى أي مكان آخر؛ «حفاظاً على القضية الفلسطينية من التصفية وحمايةً لأمن مصر القومي».

وشدد السيسي في كلمة، بمناسبة الذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء، على موقف بلاده بالإصرار والعمل المكثف لوقف إطلاق النار في غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع، ودفع جهود إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة «ليحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة»، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأضاف، في الكلمة التي نشرها المتحدث باسم الرئاسة، «كل هذه تشكّل الثوابت الراسخة التي تحرص مصر على العمل في إطارها بهدف أسمى، وهو إرساء السلام والأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة لصالح جميع شعوبها».

كان الرئيس المصري حذّر، أمس، من قيام إسرائيل بشنّ عملية عسكرية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، ووصف التداعيات المحتملة لتلك العملية بأنها ستكون «كارثية» على الوضع الإنساني هناك.


الرئيس الموريتاني يعلن ترشحه لولاية رئاسية ثانية

 الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)
TT

الرئيس الموريتاني يعلن ترشحه لولاية رئاسية ثانية

 الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)

أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني الأربعاء ترشحه لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو (حزيران).

ويقود الغزواني (67 عاما) الدولة الشاسعة في غرب إفريقيا منذ عام 2019، حيث شهدت في عهده استقرارا رغم تصاعد العنف في منطقة الساحل. وقال ولد الغزواني إنه ارتأى أن يتوجه إلى المواطنين برسالة مباشرة ليطلعهم على قراره التقدم لنيل ثقتهم لولاية جديدة "تلبية لنداء الواجب، وحرصا على مواصلة خدمتكم". ووصف ولد الغزواني الانتخابات الرئاسية المقبلة بأنها "محطة مهمة على مسار توطيد نظامنا الديمقراطي"، متعهدا "مراجعة الخطط وإعداد البرامج بغية الدفع ببلادنا نحو مزيد من التقدم والنماء".

ويعتبر ولد الغزواني، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، المرشح الأوفر حظا في استطلاعات الرأي. والعام الماضي، حقق حزبه "الإنصاف" فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية، حيث حصد 107 مقاعد من أصل 176 في الجمعية الوطنية، متقدما بفارق كبير على حزب "تواصل" الإسلامي الذي فاز ب11 مقعدا.

كما أعلن المعارض و الناشط ضد الرق، بيرام ولد الداه اعبيد، ترشحه أيضا الأربعاء بعدما كان حل في المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وأعرب ولد الداه اعبيد الذي لا تتمتع حركة "ايرا" التي يتزعمها بترخيص وليس لها أي وجود قانوني، عن قلقه بشأن حسن سير العملية الانتخابية. وقال "إننا نمضي قدما، وندرك عيوب السجل الانتخابي وتحيز اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة ونقائصها".

وشهدت موريتانيا سلسلة انقلابات من عام 1978 إلى 2008، قبل أن تشكّل انتخابات 2019 أول انتقال ديموقراطي بين رئيسين منتخبين. وبينما انتشر الإرهاب في أماكن أخرى في منطقة الساحل، وخاصة في مالي المجاورة، لم تشهد موريتانيا أي هجوم منذ عام 2011.

وبموجب مرسوم رئاسي صدر هذا الشهر، ستبدأ الحملة الانتخابية منتصف ليل 14 يونيو (حزيران) وتنتهي عند منتصف ليل 27 يونيو (حزيران). ومن المقرر أن تقام جولة الانتخابات الرئاسية الأولى في 29 حزيران/يونيو، مع إمكانية إجراء جولة ثانية في 14 يوليو (تموز).


مصر: حملات المقاطعة تسعى لـ«تهذيب الأسعار»

مصريون يترقبون انخفاض أسعار السلع (الشرق الأوسط)
مصريون يترقبون انخفاض أسعار السلع (الشرق الأوسط)
TT

مصر: حملات المقاطعة تسعى لـ«تهذيب الأسعار»

مصريون يترقبون انخفاض أسعار السلع (الشرق الأوسط)
مصريون يترقبون انخفاض أسعار السلع (الشرق الأوسط)

تواصلت في مصر حملات المقاطعة؛ احتجاجاً على الغلاء الذي طال معظم السلع الأساسية، بهدف «تهذيب أسعار السلع»، وبعد نجاح حملة مقاطعة الأسماك، تم تدشين حملة لمقاطعة الدواجن، الأربعاء.

قبل أيام انطلقت حملة لمقاطعة الأسماك من بورسعيد «شمال شرقي مصر». وقال مؤسس الحملة، سعيد الصباغ، إن «الحملة قُوبلت باستجابة واسعة من المواطنين، وانتقلت إلى محافظات أخرى، منها السويس والإسماعيلية والإسكندرية والشرقية وبني سويف والدقهلية والغربية، وقام عدد من التجار بالفعل بتخفيض الأسعار نسبياً».

بائع فاكهة على أطراف العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

ودشّن نشطاء، الأربعاء، حملة أخرى لمقاطعة الدواجن، وأكد مشاركون بالحملة عبر منصات التواصل الاجتماعي أن «الحملة سوف تمتد إلى السلع كافة التي تشهد ارتفاعاً في أسعارها».

وفي القاهرة، أعلنت جمعية «مواطنون ضد الغلاء» مشاركتها ودعمها لحملة مقاطعة الأسماك. وقالت الجمعية في بيان، الأربعاء، إنها «ستنفذ حملة المقاطعة في القاهرة لمواجهة سلوكيات بعض التجار في رفع الأسعار». ودعت مواطني القاهرة إلى «التوقف التام عن شراء الأسماك والتمسك بحق المقاطعة».

وتواجه مصر أزمة اقتصادية أدت إلى موجة غلاء وارتفاع متواصل لأسعار معظم السلع، خصوصاً الأساسية، وتراهن الحكومة على مزيد من التدفقات الدولارية المرتقبة لتجاوز الأزمة. وأطلقت مبادرات كثيرة لخفض الأسعار بالتنسيق مع التجار والمصنعين، كما توسعت الحكومة في إجراءات الإفراج عن السلع من الموانئ المصرية، وتوفير الاعتمادات الدولارية اللازمة.

صورة لإحدى ماكينات الصرف في القاهرة (أ.ف.ب)

وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الثلاثاء، حرصه على «متابعة إجراءات الإفراج عن البضائع بالموانئ المصرية، بما يضمن إيقاعاً متسارعاً منتظماً لهذه المنظومة، على نحو يعزز حجم المعروض بالسوق المصرية من السلع الاستراتيجية، ومستلزمات الإنتاج، في ضوء إتاحة العملة الأجنبية من الجهاز المصرفي».

الخبير الاقتصادي المصري، رشاد عبده، رأى أن «حملة مقاطعة الأسماك حققت نجاحاً وانتشاراً، وأسهمت في تهذيب سعر الأسماك في بعض المحافظات المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حملات المقاطعة بشكل عام يمكن أن تكون خياراً شعبياً مؤثراً خاصة للسلع سريعة التلف مثل الأسماك، أو السلع التي لها بدائل»، لكنه حذر من «عدم استمرار المصريين في حملات المقاطعة».

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

وقفز التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 35.7 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، بعدما كان 29.8 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في مارس (آذار) الماضي. وحسب الجهاز «ارتفعت أسعار السلع على أساس شهري بنسبة 11.4 في المائة في فبراير، مقارنة بـ1.6 في المائة فقط في يناير، وقفزت أسعار المواد الغذائية 15.9 في المائة، مقارنة بـ1.4 في المائة في يناير».

وواصل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الترويج لدعوات مقاطعة بعض السلع، الأربعاء، مؤكدين أنه «سيتم مقاطعة السلع كافة التي يرتفع سعرها بشكل غير مبرر». وعلق حساب باسم «أسماء فتحي»، عبر منصة «إكس»، الأربعاء، بالقول: «أي حاجة غالية لا تشتروها وستجدوها رخصت».

https://twitter.com/AsmaaFathy169/status/1783136539054108689

ورأى حساب باسم «شروق»، على «إكس»، أنه «طالما مقاطعة الأسماك نجحت يبقى نعمل مقاطعة للحوم والبيض».

https://twitter.com/skxncbbc456/status/1783107735824765393

فيما علق حساب باسم «رامي»، قائلاً: «في الإسكندرية بسبب مقاطعة الأسماك انخفض السعر لأكثر من النصف، وأي لحوم أو حاجة تانية سعرها غالي هنقاطعها».

https://twitter.com/liifestyley/status/1783142300626878953

من جانبه قال رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، محمود العسقلاني لـ«الشرق الأوسط»، إن «حملات المقاطعة جاءت في توقيت مناسب لتفعيل الرقابة الشعبية، ودفعت بعض التجار لتهذيب بعض أسعار السلع»، مؤكداً أن «الجمعية تدعم حق المقاطعة بوصفه سلاحاً جماهيرياً فعالاً ضد استغلال التجار»، لكنه تخوف من عدم إلمام القائمين على الحملات بضوابطها وشروطها، موضحاً أن «المقاطعة يجب أن تكون لفترة محددة قصيرة، حتى لا تتحول إلى سلاح عكسي، ففي حملتي الأسماك والدواجن، يجب أن تنتهي مدة المقاطعة مطلع الشهر المقبل، وإذا لم يستجب التجار لخفض الأسعار، فتعاود الحملات نشاطها مرة أخرى».


«الجامعة العربية» تدعو مجلس الأمن لإلزام إسرائيل بوقف الحرب في غزة

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

«الجامعة العربية» تدعو مجلس الأمن لإلزام إسرائيل بوقف الحرب في غزة

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

جدّد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، دعوته مجلس الأمن الدولي لاتخاذ «قرار ملزم» يضع نهاية للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، منتقداً «عجز المجتمع الدولي» عن وضع حد لمعاناة الفلسطينيين، في حين أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، «أهمية» القمة المقرر عقدها في الشهر المقبل بالعاصمة البحرينية المنامة؛ لتشكيل موقف عربي تجاه ما تواجهه المنطقة من «قضايا خطيرة».

وعقد المندوبون الدائمون بالجامعة العربية، اجتماعاً غير عادي برئاسة موريتانيا بناء على طلب من دولة فلسطين؛ «لبحث استمرار الجرائم الإسرائيلية في غزة. وتداعيات الفيتو الأميركي في مجلس الأمن ضد حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة».

ودعا سفير موريتانيا في القاهرة والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، الحسين سيدي عبد الله الديه، مجلس الأمن «لاتخاذ قرار ملزم لوضع حد لحرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وتوفير الغذاء والدواء وكل متطلبات الحياة الإنسانية الكريمة للنازحين، وإعادة المهجرين إلى بيوتهم». وقال الديه، في كلمته أمام المندوبين، الأربعاء، إن «جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني باتت موضع إدانة في المجتمع الدولي، ومحلَّ استنكار واستهجان في الأوساط الشعبية والمنظمات المدنية بمختلف أنحاء العالم». وأشار إلى أن «فشل مجلس الأمن الدولي في تبني قرار قَبول العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة كان أمراً مؤسفاً ومخيباً للآمال؛ وذلك لعدم انسجامه مع أسس مبادرات حل الدولتين».

المندوبون الدائمون بالجامعة العربية يجتمعون في القاهرة لمناقشة مستجدات حرب غزة (الشرق الأوسط)

وكان مجلس الأمن اعتمد في مارس (آذار) الماضي، بتأييد 14 عضواً وامتناع الولايات المتحدة الأميركية عن التصويت، القرار رقم 2728 الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان بما يؤدي إلى «وقف دائم ومستدام لإطلاق النار»، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.

بدوره، دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الجامعة العربية، مهند العكلوك، مجلس الأمن الدولي إلى «استخدام الفصل السابع لدفع إسرائيل إلى تنفيذ قرار وقف إطلاق النار»، وذلك عبر «فرض عقوبات ووقف الصلات الاقتصادية مع تل أبيب وقطع العلاقات الدبلوماسية».

وانتقد العكلوك، في كلمته، استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وقال إن «استخدام واشنطن للفيتو يؤكد عدم اتسامها بالنزاهة، وعدم التزامها بمواقفها المعلنة تجاه تحقيق السلام في المنطقة، كما يعد انتهاكاً لالتزامات وتعهدات الرئيس الأميركي جو بايدن، تجاه حل الدولتين».

وعدّ الفيتو الأميركي «نموذجاً آخر على اختلال الموازين وعدم كفاءة المنظومة الدولية المتمثلة في مجلس الأمن». وطالب العكلوك، الولايات المتحدة بـ«مراجعة مواقفها المُنحازة للاحتلال الإسرائيلي والتي تحول دون إنقاذ فرص السلام وتطبيق حل الدولتين». كما دعاها أيضاً إلى «وقف تصدير السلاح والذخائر لإسرائيل». وقال: «لا نعتقد أن أي دولة في العالم ترغب بأن تُسمى شريكة لإسرائيل في جريمة الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني».

وأشار العكلوك إلى «استمرار عجز العالم عن وقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، رغم صدور ثلاثة قرارات من مجلس الأمن، وأمرين من محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية بوقف قتل المدنيين وإيذائهم جسدياً، وآلاف المطالبات والدعوات والتحذيرات الدولية، وملايين المتظاهرين الذين جابوا شوارع العالم».

كما ألقت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، كلمة أمام المندوبين.

مسعفون فلسطينيون يضعون الجثث المغطاة داخل سيارة إسعاف بعد غارة جوية على منزل بمخيم المغازي في وقت سابق (رويترز)

من جانبه، لفت العكلوك إلى أن «ألبانيز قدمت عدة تقارير قانونية مهنية وشجاعة، تفضح من خلالها وبالأدلة القانونية جرائم وانتهاكات إسرائيل الجسيمة لحقوق الإنسان الفلسطيني».

وعلى صعيد الاستعدادات الجارية للقمة العربية المقبلة، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن قمة المنامة «تُعد محورية في تشكيل موقف عربي موحد تجاه القضايا الخطيرة التي تعصف بالمنطقة». وقال، خلال استقباله، الأربعاء، رئيس مجلس النواب البحريني، أحمد بن سلمان المسلم، إن «القمة تكتسب أهمية كبيرة بواقع التوقيت الدقيق الذي تُعقد فيه حيث تواجه المنطقة العربية تحدياتٍ غير مسبوقة على أكثر من صعيد»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الأمين العام، جمال رشدي.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح أبو الغيط أنه «على رأس تلك التحديات يأتي العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، والتصعيد الخطير بين تل أبيب وطهران، فضلاً عن تأزم الوضع الإنساني والسياسي والميداني في السودان، واستمرار الأزمات الضاغطة في ليبيا واليمن وسوريا».

وأشار المتحدث باسم الأمين العام إلى أن اللقاء بين أبو الغيط ورئيس مجلس النواب البحريني، «تناول الأوضاع العربية الراهنة عشية انعقاد القمة العربية التي تستضيفها البحرين منتصف مايو (أيار) المُقبل»، مشيراً إلى أن أبو الغيط أعرب خلال اللقاء عن «ثقته في قدرة المنامة على استضافة أعمال القمة، والخروج بها في أفضل صورة ممكنة من كل النواحي اللوجيستية والموضوعية».

وتعد هذه هي المرة الأولى التي تستضيف فيها البحرين اجتماعاً من هذا النوع . وكان العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أعلن عن رغبة المنامة في استضافة الاجتماع خلال فعاليات «قمة جدة» في السعودية العام الماضي.

في سياق متصل، ترأس أبو الغيط، الأربعاء، أعمال الدورة 56 للجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك. وجدد في كلمته خلال الاجتماع، الإشارة إلى ما وصفه بـ«تحديات خطيرة» تشهدها المنطقة العربية، في مقدمتها التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، لافتاً إلى «استمرار الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي والإنساني، وفي ظل صمت دولي غير مسبوق، وعجز أممي تمثل في شلل مجلس الأمن تجاه القيام بواجبه في حفظ السلم والأمن الدوليين».

مبان مدمرة بشمال غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

وناقش الاجتماع عدداً من البنود، من بينها إعداد خطة استجابة طارئة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية السلبية للعدوان الإسرائيلي على دولة فلسطين، وتطورات الذكاء الاصطناعي، والدور المتنامي للروبوتات والدرونز في المجالات الحيوية، فضلاً عن مناقشة موضوع نظم التعليم الذكي، بحسب المتحدث الرسمي للأمين العام.

وقال أبو الغيط إن «موضوع الذكاء الاصطناعي بكل جوانبه المختلفة، يفرض نفسه على أجندة أعمال اللجنة وغيرها من اجتماعات الجامعة في مستوياتها كافة، وذلك في إطار السعي لتوظيفه إيجابياً لخدمة مجالات عمل منظمات ومؤسسات العمل العربي المشترك». ودعا أبو الغيط، المنظمات والاتحادات العربية بوصفها بيوت الخبرة والأذرع الفنية للعمل العربي المشترك إلى «التعاطي مع الاستراتيجيات التي أقرّتها القمم العربية السابقة وآخرها قمة جدة».


واشنطن تطالب القوى السودانية المتحاربة بـ«وقف فوري» للهجمات في الفاشر

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (أرشيفية - أ.ب)
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (أرشيفية - أ.ب)
TT

واشنطن تطالب القوى السودانية المتحاربة بـ«وقف فوري» للهجمات في الفاشر

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (أرشيفية - أ.ب)
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (أرشيفية - أ.ب)

طالبت الولايات المتحدة كل القوى السودانية بـ«وقف فوري» للهجمات في الفاشر بشمال دارفور، محذرة من «خطر شديد» بسبب «هجوم وشيك» يمكن أن تشنه «قوات الدعم السريع»، بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي»، في المنطقة.

وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في بيان، بأن بلاده «تطالب كل القوات المسلحة في السودان بالوقف الفوري للهجمات في الفاشر بشمال دارفور»، معبراً عن «القلق من المؤشرات إلى هجوم وشيك من قوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لها». وأكد أنه «من شأن الهجوم على مدينة الفاشر أن يعرض المدنيين لخطر شديد، بما في ذلك مئات الآلاف من النازحين الذين لجأوا إليها»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ من التقارير الموثوقة التي تفيد بأن قوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لها دمّرت قرى عديدة غرب الفاشر».

عائلة سودانية هربت من منطقة دارفور (رويترز)

كما ندّد ميلر بـ«القصف الجوي العشوائي الذي أبلغ عنه في المنطقة من القوات المسلحة السودانية، والقيود المستمرة التي تفرضها على وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة».

ورأى أن «قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لهم يواجهون خيارين: تصعيد العنف وإدامة معاناة شعبهم مع المخاطرة بتفكك بلادهم، أو وقف الهجمات، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، والاستعداد للتفاوض بحسن نية من أجل التوصل إلى اتفاق على إنهاء هذه الحرب وإعادة السلطة لشعب السودان».


وصول ستيفاني خوري إلى العاصمة الليبية للقيام بأعمال رئيس البعثة الأممية

نائبة رئيس البعثة الأممية للشؤون السياسية ستيفاني خوري (البعثة)
نائبة رئيس البعثة الأممية للشؤون السياسية ستيفاني خوري (البعثة)
TT

وصول ستيفاني خوري إلى العاصمة الليبية للقيام بأعمال رئيس البعثة الأممية

نائبة رئيس البعثة الأممية للشؤون السياسية ستيفاني خوري (البعثة)
نائبة رئيس البعثة الأممية للشؤون السياسية ستيفاني خوري (البعثة)

أفادت وسائل إعلام ليبية بوصول نائبة رئيس البعثة الأممية للشؤون السياسية، الأميركية ستيفاني خوري، الأربعاء، إلى العاصمة طرابلس، ومباشرتها العمل نيابة عن المبعوث الأممي عبد الله باتيلي بعد استقالته، بحسب ما أوردته وكالة «أنباء العالم العربي».

وذكرت منصة (فواصل) أنه، إلى جانب مباشرة هذه المهام على رأس البعثة الأممية، ستواصل خوري تولّي مسؤوليّة ملف الشؤون السياسيّة أيضاً. فيما أشارت صحيفة (المرصد) الليبية إلى أنّ خوري وصلت على متن طائرة تجارية، بعد تعذّر وصولها أمس على متن طائرة البعثة «لأسباب لوجيستية». وكان باتيلي قد أعلن استقالته من منصبه الأسبوع الماضي، وذلك عقب إحاطة قدمها لمجلس الأمن الدولي عن مستجدات الأوضاع في البلاد قال فيها إن القادة الليبيين لم يتحلوا بحسن النية بعد.


القمة الجزائرية - التونسية - الليبية... لقاء فرضته التحديات والملفات الأمنية المعقدة

من أشغال القمة التشاورية التي جمعت الرئيس التونسي وضيفيه الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (إ.ب.أ)
من أشغال القمة التشاورية التي جمعت الرئيس التونسي وضيفيه الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (إ.ب.أ)
TT

القمة الجزائرية - التونسية - الليبية... لقاء فرضته التحديات والملفات الأمنية المعقدة

من أشغال القمة التشاورية التي جمعت الرئيس التونسي وضيفيه الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (إ.ب.أ)
من أشغال القمة التشاورية التي جمعت الرئيس التونسي وضيفيه الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (إ.ب.أ)

أثارت القمة التشاورية التي استضافتها العاصمة التونسية، هذا الأسبوع، وضمت الرئيس التونسي قيس سعيد، وضيفيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، اهتماماً كبيراً نظراً للتحديات المتعددة التي تواجه الدول الثلاث. كانت القمة التي انعقدت بقصر قرطاج الاثنين الماضي هي أول لقاء ثلاثي، بعدما اتفق أطرافها على هامش القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز بالجزائر في مطلع مارس (آذار) الماضي على الاجتماع الدوري كل ثلاثة أشهر. والملفات التي تجمع الدول الثلاث كثيرة ومتنوعة، خاصة ما يتعلق منها بالبعد الأمني فيما يتعلق بالهجرة غير المشروعة، ومكافحة الجريمة المنظمة، إلى جانب الملفات الاقتصادية والاستثمارية.

صورة جماعية بين الرئيس التونسي ونظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (إ.ب.أ)

واتفق القادة خلال القمة على «تنسيق الجهود لتأمين الحدود المشتركة من أخطار وتبعات الهجرة غير النظامية، وغير ذلك من مظاهر الجريمة المنظمة، وتنمية المناطق (الحدودية)، وتوحيد المواقف في الخطاب مع مختلف الدول المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية بين الدول في شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية جنوب الصحراء». ودعوا إلى إقامة مشاريع واستثمارات كبرى في مجالات مختلفة، منها إنتاج الحبوب والعلف، وتحلية مياه البحر؛ «بهدف تحقيق الأمن المائي والغذائي للبلدان الثلاثة». كما وقعوا اتفاقاً للتعجيل بتنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين ليبيا وتونس والجزائر، وتطوير التعاون في مجال المناجم والطاقة المتجددة والنظيفة، وتذليل الصعوبات التي تواجه تدفق السلع والبضائع، بالإضافة إلى زيادة التجارة البينية، وإقامة مناطق تجارية حرة، وتسهيل حركة الأفراد.

* البعد الأمني والهجرة غير الشرعية

تحدث نائب البرلمان الجزائري، أحمد صادوق، الذي يترأس المجموعة البرلمانية لحزب «حركة مجتمع السلم»، عن الملف الأمني، فقال إن بعض دول الساحل وبعض المناطق الجنوبية لليبيا أصبحت مرتعاً لجماعات الجريمة المنظمة، والاتجار بالأسلحة والمخدرات وغيرها، مستغلة الاضطراب الذي تعانيه البلاد. مضيفاً أن «هذه التهديدات الأمنية الجديدة أصبحت تهدد كيانات واستقرار الدول الثلاث»، وهو ما يجعل اجتماع هذه الدول ضرورة واجبة.

الرئيس التونسي مستقبلاً الرئيس عبد المجيد تبون في مطار قرطاج (إ.ب.أ)

وحسب تقرير «وكالة أنباء العالم العربي»، فقد شدّد زعماء تونس والجزائر وليبيا عقب اجتماعهم التشاوري على «الرفض التام للتدخلات الأجنبية في الشأن الليبي»، ودعوا في بيان تلاه وزير الخارجية التونسي، نبيل عمار، إلى «دعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى تنظيم انتخابات (في ليبيا) بما يحفظ وحدتها». وتوقع صادوق أن تصبح الدول الثلاث قوة اقتصادية مهمة ومحورية في المنطقة، إذا ما نجح هذا التكتل، خاصة أنها تقابل جنوب أوروبا، مشيراً إلى أن التكتل يمكن أن يرقى أيضاً إلى مجالات التعاون والتنسيق العسكري، لافتاً إلى الصعوبات التي تواجه ليبيا تحديداً، والتي تعاني تدخلات أجنبية في أراضيها وسياستها الداخلية، الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى الاستناد إلى «جار موثوق فيه وقوي»، يمكن أن يدعم الرؤية الليبية لحل الأزمة في البلاد. وتابع صادوق موضحاً أن التحديات التي تواجه هذه الدول «جدية وليست ثانوية، ولذلك وجب عليها أن تقف في مواجهتها، وأن تسعى للحل الداخلي، سواء بالنسبة لليبيا، أو حتى تونس التي تتعرض لنوع من عدم الاستقرار واهتزاز الاقتصاد».

الرئيس التونسي يؤدي تحية العلم خلال استقباله محمد المنفي بمطار قرطاج (إ.ب.أ)

وفيما يتعلق بالملف الاقتصادي قال صادوق لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن الدول الثلاث «تتشابه في أولوياتها الاقتصادية»، موضحاً أن «اقتصادات الدول الثلاث في طريق النمو وبحاجة للتعضيد والتقوية».

* أهمية الاتحاد المغاربي

أكد صادوق أن هذا التكتل ليس موجهاً ضد أي جهة أو دولة، ولا يهدف لتفكيك الاتحاد المغاربي، الذي قال إنه يبقى الإطار المرجعي للتكامل بين دول المغرب العربي الخمس. وكانت تقارير إعلامية قد شككت عشية الإعلان في الجزائر عن ميلاد هذا التكتل، في أن هناك رغبة لدى الجزائر لإقامة اتحاد مغربي دون المغرب، وهو ما نفاه الرئيس الجزائري، مؤكداً أن التكتل «ليس موجهاً ضد أي طرف». وفي هذا السياق قال صادوق إن هذا التكتل «يأتي لمعالجة ملفات محددة ومشتركة وبينية، ويأتي في سياق الفراغ الذي يعيشه الاتحاد المغاربي منذ 35 عاماً، حيث لم يحقق أهدافه ولم تتحرك آلياته ومؤسساته»، مضيفاً أن الشعوب المغاربية كانت تطمح للوحدة والتنسيق، ولأن تكون قوة في جنوب المتوسط اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً ودبلوماسياً وسياسياً. وبخصوص عدم مشاركة موريتانيا، إحدى دول اتحاد المغرب العربي، في هذا التكتل، قال صادوق إنه ليس هناك ما يحول دون التحاقها، وهو ما توقع أن يحدث حين ترى موريتانيا نجاح هذا التكتل، وتحقيقه للأهداف المطلوبة.

* حوار استراتيجي

وصف الباحث والخبير في القضايا الأمنية والجيوسياسية بالجامعة الجزائرية، أحمد ميزاب، القمة بأنها بمنزلة «الحوار الاستراتيجي». وقال لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن الاجتماع الثلاثي «قام بتشخيص ومناقشة وتحليل طبيعة الوضع على المستويين الإقليمي والدولي، وانعكاساته على الدول الثلاث، وكيفية التعاطي مع مختلف التحديات والرهانات، والتحقيق الأمثل لاستقرار هذه الدول». وخلص القادة المجتمعون إلى التأكيد على أهمية التنسيق، والعمل على خلق آليات التعاون، والبحث عن أنجع البرامج والشراكات التي يمكن من خلالها تعزيز الشراكة، ومقومات مفهوم الأمن والاستقرار، وتوحيد الصف ووجهات النظر في التعاطي مع كثير من الملفات. ولفت ميزاب إلى البيان الختامي للقمة، الذي تناول مسألة الهجرة غير الشرعية، واتفاق الدول الثلاث على تأمين حدودها للتصدي لهذه الظاهرة. وقال إن دول الجزائر وتونس وليبيا تسعى للعمل المشترك لأن يكون الصوت واحداً في إطار مناقشة هذا الملف مع الضفة الأخرى من البحر المتوسط، انطلاقاً من تحديد حجم التحديات، سواء المتعلقة بمنطقة الساحل، وتصاعد التهديدات الأمنية أو بالتحولات العالمية. ويرى ميزاب أن الدول الثلاث تعمل على خلق «نظام مناعة لها من مختلف التداعيات، والصدمات الناجمة عن حالة الانهيار والانفلات، التي تشهدها منطقة الساحل الأفريقي وانعكاساتها على دول المنطقة، خاصة الجزائر وليبيا، التي لها حدود شاسعة مع دول الساحل، والتي قد تتأثر بمختلف التحولات والتداعيات التي تعرفها هذه المنطقة». وأضاف ميزاب موضحاً: «لقد خلصت قمة الحوار الاستراتيجي إلى ضرورة التحرك الاستباقي، ولذلك وُصف العمل بالمناعة». مبرزاً أن قادة الدول الثلاث «يسعون لوضع مجموعة من الإجراءات في إطار التنسيق وتبادل المعلومات، والتعاون للحيلولة دون انعكاس الأوضاع التي تعرفها منطقة الساحل على بلادهم». واختتم ميزاب حديثه قائلا: «هم يدركون جيداً طبيعة الأخطار والتحديات الأمنية والتوقيت المفصلي، الذي يجتمعون فيه، وأهمية التوجه بشكل مشترك نحو الأمام في بعث شراكات وبرامج تنموية مشتركة، في ظل تحولات إقليمية وعالمية متسارعة».


من يقف وراء الهجمات بـ«المسيّرات المجهولة» في حرب السودان؟

عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب مطلع الشهر في مدينة أم درمان بالخرطوم (رويترز)
عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب مطلع الشهر في مدينة أم درمان بالخرطوم (رويترز)
TT

من يقف وراء الهجمات بـ«المسيّرات المجهولة» في حرب السودان؟

عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب مطلع الشهر في مدينة أم درمان بالخرطوم (رويترز)
عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب مطلع الشهر في مدينة أم درمان بالخرطوم (رويترز)

للمرة الثالثة تستهدف «مسيّرات مجهولة» مدينة جديدة في السودان ظلت خارج نطاق الحرب الدائرة منذ أكثر من عام... وما يزيد الشكوك حول هدفها، أنه لم تخرج أي جهة لتعلن مسؤوليتها المباشرة أو غير المباشرة عنها، بما في ذلك «الدعم السريع».

وخلال أقل من شهر تعرضت ثلاث ولايات سودانية، وهي: القضارف، وعطبرة، ونهر النيل، التي لم تدخل في القتال الدائر بين طرفي الحرب، لهجمات بطائرات من دون طيار استهدفت مواقع عسكرية تابعة للجيش ومؤسسات حكومية رسمية.

والهجوم الذي حدث، الثلاثاء، على مقر القاعدة العسكرية بمدينة شندي بولاية نهر النيل (شمال البلاد)، تزامن مع زيارة كان قد بدأها قبل يوم القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان للولاية، ولم يغادرها حتى ساعة وقوع الهجمات.

ووفقاً للبيان الذي صدر عن قيادة «الفرقة الثالثة» التابعة للجيش ليل الثلاثاء - الأربعاء، فإنها تعاملت مع طائرة مسيّرة بالمضادات الأرضية وتم تدمير عبوتها المتفجرة، وسقطت باقي الأجزاء في مباني مطار الفرقة من دون أن تتسبب في أي أضرار أو إصابات بالأرواح والمعدات.

وأعلن بيان الفرقة أيضاً، إسقاط طائرة مسيّرة أخرى مجهولة المصدر بعد ساعة في المكان ذاته، من دون أن يوجه أي اتهامات لأي جهة.

وبعد ساعات من الهجوم على مدينة شندي، نقل إعلام مجلس السيادة السوداني، زيارة قائد الجيش البرهان، إليها وتفقده مستشفى (الجكيكة) في بلدة المتمة التي تبعد نحو 20 كيلومتراً عن المدينة.

ودرج قادة الجيش، عقب خروج البرهان ونائبه الفريق أول شمس الدين الكباشي من مقر القيادة العامة بوسط العاصمة الخرطوم إلى مدينة بورتسودان شرق البلاد، ومعهم القيادات العسكرية الأخرى، على التنقل عبر المروحيات الحربية.

ونفت مصادر رفيعة في قيادة «الدعم السريع» لـ«الشرق الأوسط» أي صلة لها «من قريب أو بعيد بالمسيّرات التي استهدفت الولايات الثلاث»، ما عزز الشكوك في «وجود طرف ثالث خفي وراءها».

وكان البرهان أبدى تذمره، من تصدّر «كتائب الإسلاميين» لمشهد الحرب، وقال إنه السبب «وراء إدارة كثير من الدول ظهرها للسودان».

وذكرت تقارير صحافية محلية، أن كتائب الإسلاميين، بقيادة الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي: «تسعي للسيطرة على الجيش، وبعض الفرق العسكرية في الولايات لقطع الطريق أمام أي محاولة لقادة الجيش للذهاب إلى طاولة المفاوضات مع الدعم السريع في منبر جدة».

ووفقاً لمصادر، فإن الهجوم على مقر الحامية العسكرية في مدينة شندي بالتزامن مع زيارة قائد الجيش للمدينة، هدفه «توجيه رسالة من القادة الإسلاميين فحواها أن بمقدورهم سحب البساط من قادة الجيش إذا قرروا العودة للتفاوض مع الدعم السريع».

مسلحون من أنصار المقاومة الشعبية الداعمة للجيش السوداني في القضارف بشرق السودان (أ.ف.ب)

وترجح التحليلات فرضية أن «المسيرات صادرة عن كتائب الإسلاميين، وأنهم ورغم قتالهم مع الجيش، فإن كتائبهم وأبرزها (البراء بن مالك)، تعد من أوائل القوات التي تدربت على المسيّرات الدرون، واستخدمتها ضد قوات الدعم السريع منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب، وهو الأمر الذي أكده قادة عسكريون في الجيش في مقاطع فيديو متداولة في وسائط التواصل».

يذكر أن خلافات حادة برزت إلى العلن بين قادة الجيش بشأن دور «المقاومة الشعبية المسلحة»؛ إذ طالب نائب القائد شمس الدين كباشي، بإخضاعها لإمرة الجيش، في حين رأى مساعد القائد ياسر العطا، أنه «لا سلطة لأي جهة على سلاح المقاومة التي يتقدمها أنصار النظام المعزول من الإسلاميين».

وبعد أيام من تلك الخلافات استهدفت «مسيّرات مجهولة» مناسبة حفل إفطار جماعي في رمضان أقامته «كتيبة البراء» في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات، من بينهم ضابط في الجيش على الأقل... وصمت الجيش عن التعليق على ذلك الهجوم، أو توجيه اتهام لقوات «الدعم السريع»، أو أي قوات أخرى.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)

ولاحقاً تعرضت مدينة (القضارف) عاصمة ولاية القضارف شرق البلاد لهجوم بمسيّرتين مجهولتين استهدفتها مباني السلطة القضائية، وراجت حينها أنباء تقول إن الهجوم «كان موجهاً لاستهداف عناصر من جماعة الإسلاميين يجتمعون بالمقر».

واستخدم طرفا الحرب المسيّرات من وقت باكر، لكن بحسب تقارير إعلامية «حصل الجيش على مسيّرات من إيران غيرت مسار القتال، ومكنته من استعادة أجزاء من مدينة أم درمان أكبر مدن العاصمة الخرطوم، بما في ذلك مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون».


تزايد المطالب بإطلاق سراح الموقوفين بتهم «التآمر على أمن تونس»

راشد الغنوشي أحد أبرز المتهمين في ملف «التآمر على أمن تونس» (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي أحد أبرز المتهمين في ملف «التآمر على أمن تونس» (إ.ب.أ)
TT

تزايد المطالب بإطلاق سراح الموقوفين بتهم «التآمر على أمن تونس»

راشد الغنوشي أحد أبرز المتهمين في ملف «التآمر على أمن تونس» (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي أحد أبرز المتهمين في ملف «التآمر على أمن تونس» (إ.ب.أ)

طالب أكثر من 30 أستاذاً جامعياً ومختصاً في القانون، اليوم الأربعاء، في بيان بإطلاق سراح معارضين سياسيين موقوفين على ذمة التحقيق منذ أكثر من عام في تهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، عادّين أن توقيفهم لأكثر من 14 شهرا يعدُّ «احتجازاً قسريا». ومنذ فبراير (شباط) 2023، سُجن نحو 40 معارضاً بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

ومن بين الموقوفين رجال أعمال وشخصيات أخرى ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي. وقال الموقعون على البيان، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «أساتذة القانون ... لا يطالبون ولا يطالبن إلا بتطبيق القانون وفق قضاء أعلى محكمة في الدولة، والإفراج عن كل الموقوفين وجوباً، والذين نعدّهم بنهاية أجل الـ14 شهراً في حالة احتجاز قسري». وأوضح 33 أستاذاً وعميداً في بيان مشترك أن بعض المعتقلين مسجونون منذ 14 شهراً، وهي المدة القانونية القصوى للحبس الاحتياطي، التي ينص عليها القانون، والتي تتطلب إطلاق سراحهم بموجب الفصل 85 من المجلة الجزائية التونسية. ونهاية الأسبوع الماضي انتهت هذه المدة في حق بعض من الموقوفين، لكن لم يتم إطلاق سراحهم من السجن، وفقاً لمحاميهم.

ويرى الرئيس التونسي، الذي قرّر صيف عام 2021 احتكار السلطات في البلاد وحل البرلمان، أن الموقوفين «إرهابيون». ودخل الموقوفون، ومن بينهم جوهر بن مبارك أحد مؤسسي «جبهة الخلاص الوطني» (التكتل المعارض)، في إضراب عن الطعام مرّات عدة، منددين «بالمحاكمات التعسفية التي لا أساس لها». وتتم محاكمة غالبية المعارضين المسجونين بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي». كما نددت الكثير من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية بالملاحقات القضائية في حق المعارضين وطالبت بوقفها. ويتهم المعارضون والكثير من المنظمات غير الحكومية التونسية والدولية الرئيس التونسي بتوظيف القضاء لإسكات المعارضة.


«حرب غزة»: مصر تؤكد العمل على وقف «إطلاق النار» وتبادل المحتجزين

الدخان يتصاعد فوق الأراضي الفلسطينية عقب قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد فوق الأراضي الفلسطينية عقب قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

«حرب غزة»: مصر تؤكد العمل على وقف «إطلاق النار» وتبادل المحتجزين

الدخان يتصاعد فوق الأراضي الفلسطينية عقب قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد فوق الأراضي الفلسطينية عقب قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

أكدت مصر حرصها على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة، وتبادل المحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية. وحذر رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي من «خطورة التصعيد العسكري في مدينة رفح الفلسطينية، وانعكاساته التي قد تدفع المنطقة للانزلاق إلى حالة من عدم الاستقرار».

جاءت تأكيدات مدبولي خلال اجتماع الحكومة المصرية، الأربعاء، في مقرها بالعاصمة الإدارية الجديدة. واستعرض خلاله الجهود المصرية لتسريع التوصل إلى حل للأزمة في قطاع غزة. وأشار إلى تلقي الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالين هاتفيين، أخيراً، من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء إسبانيا، بيدرو سانشيز، وتم التأكيد خلالهما على «خطورة التصعيد العسكري في مدينة رفح الفلسطينية».

وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوسيط في مفاوضات تستهدف تحقيق هدنة في القطاع، وإتمام صفقة لتبادل الأسرى، لكن جهود الوساطة المستمرة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي لم تنجح حتى الآن. وكان وزير الخارجية سامح شكري أكد في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية، الأسبوع الماضي، أن «المحادثات مستمرة، ولم يتم قطعها أبداً. وهناك أفكار مستمرة تطرح، وسنستمر في ذلك حتى يتحقق الهدف».

اجتماع الحكومة المصرية بحث مستجدات الحرب في غزة (مجلس الوزراء المصري)

في غضون ذلك، نفى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، ما تم نشره بإحدى الصحف الأميركية الكبرى من أن «مصر تداولت مع الجانب الإسرائيلي حول خططه للاجتياح المزمع لرفح». وأكد أن «الموقف المصري الثابت والمعلن مرات عدّة من القيادة السياسية هو الرفض التام لهذا الاجتياح الذي سيؤدي إلى مذابح، وخسائر بشرية فادحة، وتدمير واسع، تضاف إلى ما عانى منه الشعب الفلسطيني الشقيق خلال 200 يوم من العدوان الإسرائيلي الدموي»، موضحاً أن «تحذيرات مصر المتكررة قد وصلت -من كافة القنوات- للجانب الإسرائيلي، منذ طرحه فكرة تنفيذ عملية عسكرية في رفح، بسبب هذه الخسائر المتوقعة، فضلاً عما سيتبعها من تداعيات شديدة السلبية على استقرار المنطقة كلها».

ويثير تنفيذ مخطط اجتياح رفح مخاوف من دفع الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية، لا سيما أن المدينة باتت الملاذ الأخير لنحو مليون ونصف مليون شخص نزحوا إليها.

وأضاف رشوان، وفق ما أوردت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، مساء الثلاثاء، أنه «في الوقت الذي تفكر إسرائيل في هذا الاجتياح الذي تقف مصر وكل دول العالم ومؤسساته الأممية ضده، تركز الجهود المصرية المتواصلة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى والمحتجزين، إلى جانب السعي لدخول المساعدات الإنسانية بالقدر الكافي، ولكل مناطق القطاع، وبخاصة الشمالية، ومدينة غزة، وإخراج مزيد من الجرحى والمرضى للعلاج خارج القطاع الذي انتهت به تقريباً كل الخدمات الصحية».

جانب من القوات العاملة بمنطقة البريج بقطاع غزة خلال وقت سابق (أ.ف.ب)

وكان رشوان أكد أن «بلاده لديها السيادة الكاملة على أرضها، وتحكم السيطرة بشكل تام على كامل حدودها الشمالية الشرقية مع غزة، أو إسرائيل». وقال في تصريحات نقلها التلفزيون المصري الرسمي، مساء الاثنين الماضي، إنه «تم تدمير أكثر من 1500 نفق، وتقوية الجدار الحدودي مع قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «كل دول العالم تعرف جيداً حجم الجهود التي قامت بها مصر في آخر 10 سنوات لتحقيق الأمن في سيناء، وتعزيز الأمن على الحدود بين رفح المصرية وقطاع غزة». وجدد حينها رفضه ما وصفه بـ«مزاعم وادعاءات باطلة حول عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية».

كما جدد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، «التأكيد على رفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، لا سيما إلى سيناء». وقال في تصريحات تلفزيونية، مساء الأحد الماضي، إن «هذا الأمر مرفوض بالكامل ومجرم؛ لأن نقل السكان الأصليين من مناطقهم للإعاشة خارج ديارهم غير مقبول وفقاً للقانون الدولي الإنساني»، محذراً من تبعات تنفيذ «مخطط التهجير». وقال إن «حكومة نتنياهو تتبع أسلوباً شريراً بدفع الفلسطينيين إلى الجنوب حتى يضغطوا على الحدود المصرية»، مؤكداً أن «الدخول إلى سيناء يمثل جريمة كبرى بحكم القانون الدولي».

إلى ذلك، تواصل مصر جهود إدخال المساعدات الإنسانية. وقال مصدر مطلع في معبر رفح إن «56 شاحنة عبرت الأربعاء، و159 شاحنة عبرت من كرم أبو سالم»، مضيفاً أن «مصر استقبلت، الأربعاء، 32 شخصاً من المصابين، و53 مرافقاً لهم».