في التصوير: فيلم تاسع لجورج كلوني مخرجاًhttps://aawsat.com/home/article/3694781/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85-%D8%AA%D8%A7%D8%B3%D8%B9-%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC-%D9%83%D9%84%D9%88%D9%86%D9%8A-%D9%85%D8%AE%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%8B
يواصل المخرج - الممثل جورج كلوني تصوير فيلمه الجديد «الفتيان في المركب» (The Boys in the Boat) وهو الفيلم التاسع له مخرجاً، وهو اقتبسه عن كتاب وضعه دانيال جيمس براون يتحدّث فيه عن طلاب جامعة في ولاية واشنطن قاموا، في عز الأزمة الاقتصادية للولايات المتحدة في ثلاثينات القرن الماضي، بتأليف فريق تجديف وواصل التمرينات طوال عام قبل اشتراكه في أولمبياد برلين سنة 1936 والخروج بالجائز الذهبية في هذا المجال. هذا ثاني فيلم لكلوني، مخرجاً، يدور حول الرياضة. ففي سنة 2008 قام بتحقيق فيلم جيد بعنوان Leatherheads حول مدرّب كرة قدم محترف يسعى لإقناع أحد اللاعبين المهرة بأنه لا يزال صالحاً لإثبات جدارته وموهبته إذا ما عاد إلى الملاعب. مثّل كلوني دور المدرّب الذي يحتاج لكل موهبة ممكنة لإيصال فريقه إلى سدّة الانتصارات الرياضية. وهو بثّ في ذلك الفيلم رصداً واقعياً بعيداً عن التنميط المعتاد في مثل هذه الأفلام. ومثل فيلمه الجديد، وقعت أحداث «لَذرهيدز» في سنوات مطلع القرن الماضي (1925 تحديداً). بالنسبة للبعض، لا يعني جوني كلوني أكثر من ممثل وسيم محتفى به ومتزوّج من سيّدة لبنانية. لكن كلوني هو أكثر من ذلك بكثير وبدليل الأفلام التي مثّلها (45 فيلماً) أو أخرجها. هذه الأخيرة أثبتت أنه ليس برقاً عابراً في السماء بل يحمل موهبة فعلية لا ريب فيها. تبدّى ذلك من فيلميه الأولين «اعتراف عقل خطر» (Confessions of a Dangerous Mind) سنة 2002 و«ليلة طيبة، وحظ طيّب (Good Night and Good Luck) وكلاهما تعاطى السياسة لجانب الدراما من دون تغليب أحدهما على الآخر. في الفيلم الأول تحدّث عن صاحب برنامج استعراضات تلفزيوني (سام روكوَل) أشاع أنه عميل للمخابرات الأميركية. في الثاني، الذي أنجزه سنة 2005. تناول جاد لآثار وبقايا الحملة المكارثية في السيتنات (بعد أكثر من عقد على بدايتها) ودور المذيع السياسي إدوارد مورو (قام به ديفيد ستراذرن) في التصدّي للخوف من الأخ الأكبر. في مقابلة معه نُشرت هنا سنة 2017 قال كلوني: «كنت في السابعة من العمر عندما تم اغتيال مارتن لوثر كينغ وبعد ذلك روبرت كيندي. كنت ملماً بذلك. نشأتي العائلية لم تكن لتسمح ألا أكون ملماً. بعد اغتيال روبرت كيندي الذي وقع بعد 24 يوماً من اغتيال كينغ، جمعت ألعاب السلاح التي كانت عندي وأعطيتها لوالدي. لم أعد أرغب فيها». باقي أفلام كلوني تنوّعت لكنها لم تشهد أي عمل سيء الإخراج أو خال من المضمون الذي يبحث عنه المشاهد الذكي في كل فيلم يود حضوره مهما اختلف موضوعه.
يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.
لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.
الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.
في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟
هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.
* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».
THE WRESTLER ★★
* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).
يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.
هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.
يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.
* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».
ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★
* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).
قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).
نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.
اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.
* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»
★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز