الغلاء يؤجج الإضرابات حول العالم

تمتد من أوروبا إلى آسيا تأثراً بالتضخم

تستعدّ المملكة المتحدة لأكبر إضراب للقطارات منذ أكثر من 30 عاماً (رويترز)
تستعدّ المملكة المتحدة لأكبر إضراب للقطارات منذ أكثر من 30 عاماً (رويترز)
TT

الغلاء يؤجج الإضرابات حول العالم

تستعدّ المملكة المتحدة لأكبر إضراب للقطارات منذ أكثر من 30 عاماً (رويترز)
تستعدّ المملكة المتحدة لأكبر إضراب للقطارات منذ أكثر من 30 عاماً (رويترز)

مع اشتداد الغلاء حول العالم، تتكاثر الإضرابات العمالية المعترضة على الأحوال المعيشية وضعف الأجور، فمن كوريا شرقاً إلى بريطانيا غرباً، واحتمالات التسلل إلى موانئ أميركية لاحقاً، لا تتوقف الدعوات للإعلان عن الامتعاض جراء التضخم الجامح.
وتستعدّ المملكة المتحدة لأكبر إضراب للقطارات منذ أكثر من 30 عاماً بين 21 و25 يونيو (حزيران) الحالي، إذ تطالب نقابات العاملين في القطاع بتحسين الأجور وظروف العمل.
وأعلنت النقابة الوطنية لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل RMT عن تنفيذ إضراب عن العمل لـ24 ساعة في مترو لندن في 21 يونيو، بعد يوم إضراب، الأسبوع الماضي، عوّق بشكل كبير حركة النقل في العاصمة البريطانية، وفي أيام أخرى في مارس (آذار) الماضي.
ومن المحتمل أن تعرقل الحركات الاحتجاجية للنقابات المعنية عدة نشاطات رياضية وثقافية واسعة النطاق، مثل مهرجان الموسيقى في غلاستونبوري. وأكّدت النقابة الوطنية لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل، في بيان، نشر مساء الثلاثاء، أن «أكثر من 50 ألف موظف في السكك الحديدية سيُضربون عن العمل في إطار 3 أيام من الإضراب الوطني في وقت لاحق من الشهر الحالي، في أكبر نزاع في القطاع منذ 1989» حين تمّت خصخصته. ولفتت إلى أن الاحتجاج في 21 و23 و25 يونيو مرتبط بـ«عجز أرباب العمل عن التوصل إلى حلّ وسط، يتم التفاوض عليه مع النقابة». وشددت النقابة على أن الشركة المشغلة لمعظم السكك الحديدية في بريطانيا «نيتوورك ريل» Network Rail تنوي إلغاء 2500 وظيفة على الأقلّ في صيانة السكك، في إطار خطة لتوفير ملياري جنيه إسترليني. وقالت: «فرضت (نيتوورك ريل) وشركات النقل بالسكك الحديدية تجميداً على أجور موظفيها عدة سنوات، وتخطط لإلغاء آلاف الوظائف، ما سيقضي على أمن السكك الحديدية».
وقال الأمين العام للنقابة مايك لينش: «لدينا أزمة في تكاليف المعيشة، ومن غير المقبول أن يخسر عمال السكك الحديدية وظائفهم، أو أن يواجهوا عاماً جديداً من تجميد الأجور» في ظلّ تضخّم متزايد.
وحذّر وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد، عبر قناة سكاي نيوز، الأربعاء، من تأثير الإضراب عن العمل على الاقتصاد الذي يحاول التعافي بعد جائحة «كوفيد 19». وقال: «لسنا طبعاً مؤيدين لقرار النقابات. إذا حصلت هذه الإضرابات، فلن يلحق ذلك الضرر بالمسافرين فحسب، بل أيضاً على ما أعتقد بالعاملين، لأننا نحتج إلى قطاع مستدام».
وذكّر بأن قطاع السكك الحديدية تلقى مساعدة من القطاع العام بقيمة 16 مليار جنيه إسترليني خلال جائحة «كوفيد 19» لمواصلة عمله، داعياً جميع الأطراف إلى الحوار لمحاولة «إيجاد مخرج».
وعلى الجانب الآخر من بحر المانش، أو القنال الإنجليزي، أُلغيت نحو 25 في المائة من الرحلات الجوية المقررة صباح الخميس في مطار شارل ديغول في باريس بسبب إضراب لعمّال المطار الذين يطالبون برفع أجورهم، بحسب الشركة التي تدير مطارات باريس.
وطلبت المديرية العامة للطيران المدني من شركات الطيران تخفيف عدد رحلاتها الجوية بين الساعة 7:00 والساعة 14:00 الخميس، فيما واجهت عدة مطارات أوروبية مؤخراً صعوبات كبيرة في إدارة حركة المسافرين بسبب نقص في الموظفين. وأعلنت شركة «إير فرانس»، وهي الشركة الأساسية العاملة في مطار باريس - شارل ديغول، إلغاء 85 رحلة قصيرة المسافة ومتوسطة المسافة، الخميس، لتلبية متطلّبات المديرية العامة للطيران المدني.
كما توقعت الشركة إجراء «تعديلات في جداول رحلات المسافات الطويلة»، لافتة إلى أنه «سيتم الاتصال بالزبائن المعنيين بشكل مباشر». وتدعو جميع نقابات «مطار رواسي» كل الموظفين إلى المطالبة بزيادة الرواتب بمقدار 300 يورو «للجميع ودون قيد أو شرط». وقالت النقابات، في بيان مشترك: «رغم استئناف حركة السفر والأرباح التي تم تحقيقها، لا يتمّ دفع الأجور كما يجب... كل شيء يزيد إلا أجورنا».
واعتبرت إحدى النقابات أن «الفوضى التي يعاني منها الموظفون منذ عدة أسابيع في كثير من المطارات في فرنسا وأوروبا لا تحتمل». وتقدّر النقابة أن عدد الوظائف التي فُقدت في قطاع الطيران بلغت 15 ألف وظيفة خلال عامين بسبب جائحة «كوفيد 19»، ما أدّى إلى «ضغط على الموظفين».
وفيما يخص القارة الأوروبية أيضاً، وفي نهاية شهر مايو (أيار) الماضي، ذكرت وكالة الأنباء البلجيكية أن إضراباً عاماً أصاب مناطق كبيرة بالشلل. وأفادت الوكالة أن وسائل النقل المحلية والدولية تضررت بصورة خاصة. كما تم إلغاء خدمة القطارات بين بروكسل وفرانكفورت.
وكانت نقابة العمال الاشتراكية البلجيكية قد دعت لإضراب عام لتنضم لنقابات أخرى دعت للإضراب في عدة قطاعات عمل. ويأتي الإضراب بعدما قررت عدة نقابات عامة تنظيم إضرابات للإعراب عن عدم رضاها العام تجاه ظروف العمل في القطاع العام البلجيكي.
كما يفاقم الغضب بين العاملين في القطاع العام، بسبب ارتفاع معدل التضخم وتكاليف المعيشة، من الاحتجاجات، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء البلجيكية. كما تطالب النقابات بزيادة الاستثمارات في المعاشات. وتم إلغاء خدمة القطارات والحافلات ومترو الأنفاق في أنحاء البلاد، أو تم تشغيلها بسعة محدودة. كما توقف ما لا يقل عن 75 سفينة في ميناء فلاندر بشمال البلاد بسبب إغلاق الموانئ. كما تضررت خدمات البريد والسجون والإدارة العامة.
وفي أقصى شرق الكرة الأرضية، بدأ آلاف من سائقي الشاحنات في كوريا الجنوبية إضراباً في الموانئ الرئيسية ومستودعات الحاويات، في أحدث تهديد لسلاسل التوريد العالمية المتعثرة.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن الاتحاد الدولي لعمال النقل أن نقابة سائقي الشاحنات، التي تسعى إلى منع تغيير لوائح الأجور، تنظم احتجاجات في 16 موقعاً على مستوى البلاد.
وأفاد الاتحاد، يوم الأربعاء، بأن حركة النقل إلى ميناء بوسان الجديد وميناء بيونجتايك ومستودع حاويات أويوانغ في مقاطعة جيونجي قد تباطأت أو توقفت.
ويأتي الإضراب بينما تسعى سلاسل التوريد العالمية جاهدة للتعافي من تداعيات عمليات الإغلاق في المدن الصينية والغزو الروسي لأوكرانيا. ووفقاً لوسائل إعلام محلية، فإنه رغم عدم مشاركة جميع السائقين في البلاد في الاحتجاجات، فإن المسيرات تهدد بإبطاء حركة جميع صادرات كوريا الجنوبية، من الصلب إلى البلاستيك حتى السلع الاستهلاكية، إذا استمرت لأسابيع.
ويشار إلى أن بوسان هو سابع أكبر ميناء في العالم؛ حيث شهد التعامل مع 23 مليون صندوق حاويات العام الماضي، وفقاً لوزارة المحيطات والمصائد السمكية الكورية الجنوبية. وأفادت النقابة، في تحديث على موقعها على الإنترنت، يوم الأربعاء، بأن جميع أنشطة النقل بالشاحنات تقريباً في مجمعات البتروكيماويات في أولسان ويوسو ودايسان قد توقفت.
ومطلع الشهر الحالي، شهدت الهند بدورها أزمة كبرى، حين شارك أكثر من 2000 عامل بمصنع فورد للسيارات في بلدة شيناي الهندية في إضراب للمطالبة بتعويضات مالية أفضل، بحسب ما نقلته وكالة «برس تراست أوف إنديا» عن مسؤول نقابي.
وأفاد التقرير بتوقف عمليات الإنتاج بالمصنع عدة أيام. وأشار متحدث باسم «فورد» إلى مناقشات جارية مع ممثلي نقابة عمال الشركة. ونقلت وكالة الأنباء الهندية الآسيوية عن المسؤول النقابي قوله: «يواصل العمال إضرابهم داخل وخارج المصنع. هناك نحو 750 عاملاً داخل المصنع الآن، ونحو 1200 عامل خارج بواباته». وأوضح أن مسؤولاً من وزارة العمل حضر للمصنع حيث جرت مباحثات ثلاثية. وأضاف المسؤول أنه رغم أنه كان من المتوقع أن تقدم إدارة شركة «فورد إنديا» حزمة تعويضات أفضل، فلم يحدث ذلك. ولدى «فورد إنديا» 4 مصانع في البلاد، وهي مصانع لإنتاج السيارات والمحركات في شيناي وساناند.


مقالات ذات صلة

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

الاقتصاد مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت (ألمانيا) - لشبونة)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

وزير المالية السعودي: ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي

وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
TT

وزير المالية السعودي: ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي

وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الاستراتيجيات القطاعية وبرامج رؤية المملكة 2030، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وشدد في مؤتمر صحافي، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الحكومة استمرت في الإنفاق التوسعي لما يحمل من أثر إيجابي للمواطن.

وأضاف أن 3.7 في المائة هو النمو المتوقع بالاقتصاد غير النفطي بنهاية 2024، موضحاً أن الأنشطة غير النفطية ساهمت في الناتج المحلي بنسبة 52 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي. وقال إن مساهمة النفط في الناتج المحلي اليوم هو 28 في المائة. وأضاف أن الناتج المحلي الاسمي وصل إلى 4.1 تريليون ريال.

ورأى أن مساهمة الاستثمار الخاص في الاقتصاد عملية تحتاج للوقت، مشدداً على أن المؤشرات الاقتصادية تدعو إلى التفاؤل.

وقال: «هناك قفزة بعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بفضل الإنفاق الحكومي... نواصل الالتزام بالتحفظ عند إعداد الميزانية وأرقام الإيرادات دليل على ذلك».

ولفت إلى أن تغيرات هيكلية في اقتصاد المملكة بدأت تظهر نتائجها، كاشفاً أن 33 في المائة هي نسبة ارتفاع في الإنفاق على الاستراتيجيات وبرامح تحقيق «رؤية 2030».