إردوغان يتمسك بالعملية العسكرية في سوريا

أميركا تحاول إلغاءها وروسيا تعزز قواتها في مناطق «قسد»

مقاتلون من «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا يستعدون للمعركة في شمال سوريا أمس (د.ب.أ)
مقاتلون من «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا يستعدون للمعركة في شمال سوريا أمس (د.ب.أ)
TT

إردوغان يتمسك بالعملية العسكرية في سوريا

مقاتلون من «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا يستعدون للمعركة في شمال سوريا أمس (د.ب.أ)
مقاتلون من «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا يستعدون للمعركة في شمال سوريا أمس (د.ب.أ)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مجدداً أن بلاده ستنفذ عملية عسكرية سبق له الإعلان عنها الشهر الماضي، تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا لإنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً، معرباً عن أمله في عدم معارضة «الحلفاء والأصدقاء» لها.
وبينما كشفت وسائل إعلام مقربة من حكومته أن العملية ستنفذ خلال أيام، أعلنت واشنطن أنها تبذل جهوداً مكثفة وتجري اتصالات مع أنقرة لثنيها عن تنفيذها. ونشرت روسيا قوات وحدات من قواتها في مناطق سيطرة «قسد» في شمال شرقي سوريا، غداة زيارة وزير خارجيتها سيرغي لافروف ومباحثاته في أنقرة أول من أمس، التي لم تحمل جديداً بشأن الموقف الروسي من العملية التركية وإعادة تذكير أنقرة بالاتفاقات بين الجانبين. وشدد إردوغان على أن القوات التركية ستكمل الأجزاء المتبقية من «الحزام الأمني» شمال سوريا وأن بلاده لن تسمح بإقامة «ممرات إرهابية» على حدودها الجنوبية. وقال، في كلمة ألقاها خلال فعاليات «يوم المراقب المميز» التي أقيمت ضمن إطار مناورات «أفس 2022» بولاية إزمير غرب البلاد، التي انطلقت في 20 مايو (أيار) الماضي بمشاركة نحو 10 آلاف عسكري من 37 دولة واختتمت أمس (الخميس)، إن «تركيا هي الدولة الوحيدة التي حاربت وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قسد، التي تشكل تهديداً لوحدة الأراضي والحقوق السيادية لتركيا وبلدان الجوار». وتعتبر أنقرة الوحدات الكردية تنظيماً إرهابياً يشكل امتداداً لحزب العمال الكردستاني، المصنف من جانبها وحلفائها الغربيين كمنظمة إرهابية، في سوريا، بينما تعتبرها الولايات المتحدة أوثق حلفائها في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، كما تسمح روسيا بوجودها في مناطق انتشار القوات الروسية في شمال وشمال شرقي سوريا إلى جانب قوات النظام. وأضاف إردوغان: «نعمل خطوة بخطوة على حماية حدودنا عبر حزام أمني على عمق 30 كيلومتراً في شمال سوريا... هذه السياسة الأمنية المشروعة التي تتبعها أنقرة لا تدفع التنظيمات الإرهابية بعيداً عن حدود تركيا فحسب، بل تساهم أيضاً في أمن واستقرار دول الجوار... لن نسمح بإقامة ممرات إرهابية على حدود بلادنا الجنوبية، وسنكمل بالتأكيد الأجزاء المتبقية من الحزام الأمني وليست لدينا أطماع في أراضي الدول المجاورة لنا». وتابع الرئيس التركي: «نأمل ألا يعارض أي من حلفائنا وأصدقائنا الحقيقيين (في إشارة إلى الولايات المتحدة وروسيا) هذه المخاوف الأمنية المشروعة لبلادنا، وألا يختاروا على وجه الخصوص جانب التنظيمات الإرهابية... حقنا الطبيعي أن نتوقع من حلفائنا وأصدقائنا فهم واحترام مخاوفنا المشروعة بشأن هذه القضية».
وأعلن إردوغان، الأسبوع الماضي، أن العملية العسكرية المحتملة ستنفذ في منبج وتل رفعت، في غرب الفرات حيث تنتشر قوات روسية، وأنها ستنطلق بين «ليلة وضحاها»، دون تحديد موعد.
وقالت صحيفتان مقربتان من حكومة إردوغان، أمس، إن القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، أكملت التحضيرات للعملية وتنتظر الأمر بانطلاقها. وبحسب ما نقلت صحيفة «صباح» اتخذ الجيش التركي مواقع قتالية حول مدينتي تل رفعت ومنبج، وتم بالفعل تحديد أهداف العملية العسكرية التي سيتم تنفيذها في وقت واحد في المنطقتين. وقالت صحيفة «حرييت» التركية، بدورها، إن العملية العسكرية ستنطلق خلال الأسبوع الحالي. في غضون ذلك، قالت نائبة وكيل وزارة الخارجية الأميركية، باربرا ليف، إن الجهود المبذولة لحمل تركيا على إلغاء عملية عسكرية محتملة في سوريا، قد لا تكون قادرة على منعها من تنفيذها.
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية أمس عن ليف قولها، خلال جلسة في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حول السياسة الأميركية تجاه سوريا، تحدثت فيها أيضاً نائبة مساعد وزير الدفاع لسياسة الشرق الأوسط، دانا ستراول، حيث تمت مناقشة الوضع الإنساني في سوريا وبقاء الرئيس بشار الأسد، والعملية العسكرية التركية المحتملة في شمال سوريا وإعلان تركيا العمل على إنشاء منطقة آمنة هناك، أن «العملية العسكرية المحتملة من قبل تركيا ستعرض للخطر مهمة الولايات المتحدة في سوريا ونحن نبذل قصارى جهدنا لدفع الحكومة التركية للتراجع عنها». وعما إذا كانت تركيا ستتراجع خطوة إلى الوراء بشأن العملية؟ قالت الدبلوماسية الأميركية: «نحن نعبر عن مخاوفنا، لكن في الوقت الحالي ليسوا مستعدين للرد، ليس فقط بشأن هذه القضية ولكن أيضاً على القضايا الأخرى. لذا، لكي نكون واضحين، فهم لم يتراجعوا خطوة إلى الوراء».
بدورها، عبرت ستراول عن قلقها بشأن العملية العسكرية التركية المحتملة، مؤكدة أن الولايات المتحدة تقر بمخاوف تركيا الأمنية المشروعة وتبلغ بانتظام جميع الأطراف بالحاجة إلى تهدئة التوترات، ومع ذلك، فإن أي هجوم آخر قد يقوض الاستقرار الإقليمي ويعرض القوات الأميركية وحملة التحالف ضد «داعش» للخطر. وبدورها، عززت روسيا، غداة زيارة وزير خارجيتها سيرغي لافروف لأنقرة ومباحثاته حول الملف السوري والعملية العسكرية المحتملة، وحداتها العسكرية المنتشرة على خط التماس بين القوات التركية والفصائل الموالية لها، وقسد، من تل تمر إلى القامشلي بأربع منظومات للدفاع الجوي من طراز «بانتسير»، بينما استمرت في تنفيذ دوريات مشتركة مع القوات التركية بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين في سوتشي في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وسيرت القوات الروسية ونظيرتها التركية دورية مشتركة بريف القامشلي الشرقي، بمشاركة 8 مدرعات عسكرية لكلا الطرفين وسط تحليق مروحيتين روسيتين في أجواء المنطقة.
في الوقت ذاته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن طائرة مسيرة تابعة للقوات التركية، استهدفت موقعاً في محيط «مقبرة الشهداء» بمدينة القامشلي، قرب سوق الهال، وسط معلومات عن إصابة شخص واحد على الأقل، دون معرفة هويته إذا ما كان مدنياً أم عسكرياً.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.