عكست المباحثات بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في أنقرة أمس (الأربعاء)، تباينات في مواقف بلديهما بشأن الملف السوري والعملية العسكرية التركية المحتملة ضد مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا؛ إذ ذكّر لافروف أنقرة بتعهداتها في سوتشي والقاضية بوقف العمليات العسكرية وإنشاء منطقة منزوعة السلاح.
ووقّع الرئيسان الروسي والتركي مذكرة تفاهم في سوتشي في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 التزمت تركيا بموجبها بوقف عملية «نبع السلام» العسكرية. وتضمنت أيضاً إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين القوات التركية والفصائل الموالية لها وتسيير دوريات روسية - تركية مشتركة على جانبيها لضمان وقف إطلاق النار.
والأسبوع الماضي حذّرت روسيا من أي تحرك عسكري تركي في المنطقة، مؤكدة أن الحل يكمن في نشر قوات أمن سورية على الحدود مع تركيا.
وقال جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك مع لافروف عقب المباحثات، إن «هناك تهديداً متصاعداً من التنظيمات الإرهابية في شمال سوريا، وعلينا اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه التهديدات»، مضيفاً «أكدنا خلال المباحثات ضرورة حماية الحدود التركية - السورية من التنظيمات الإرهابية»، في إشارة إلى «قسد»، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية غالبية قوامها، وتعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني، المصنف لديها كمنظمة إرهابية، في سوريا.
وتابع جاويش أوغلو «يجب تطهير سوريا من التنظيمات الإرهابية التي تهدد وحدة أراضيها وأمن تركيا... الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، تدعم الإرهابيين في شمال سوريا»، لافتاً إلى أن اعتراض بلاده على انضمام السويد وفنلندا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو) «ليس لها أي سبب آخر سوى دعمهما للتنظيمات الإرهابية» التي تعمل ضدها.
وأضاف «نحن نعلق أهمية خاصة على وحدة أراضي سورية، لكن هناك صعوبات يجب التعامل معها... تركيا تتوقع من الولايات المتحدة وروسيا الوفاء بالتزاماتهما بشأن تطهير سوريا من الإرهابيين»، في إشارة إلى مذكرتي التفاهم الموقعتين مع كل من واشنطن وموسكو في 17 و22 أكتوبر 2019 بشأن وقف عملية «نبع السلام» العسكرية التركية وانسحاب «قسد» إلى مسافة 30 كيلومتراً جنوب الحدود التركية.
وأشار جاويش أوغلو إلى أن نظام الأسد لا يبدي أي استعداد للتقارب كطرف في الحل السياسي السوري، ومن الضروري زيادة الضغوط عليه للجلوس إلى مائدة الحوار.
من جانبه، اكتفى لافروف رداً على سؤال عن العملية العسكرية التركية المحتملة، بالقول «إننا نأخذ في الاعتبار قلق أصدقائنا الأتراك حيال التهديدات التي تشكلها القوى الأجنبية على حدودهم». وأضاف، أن «الولايات المتحدة ترعى تنظيمات عدة في سوريا بشكل غير قانوني». وأشار لافروف إلى أن «الاتفاقات مع تركيا بشأن إدلب تنفذ ببطء، لكن الطرفين ملتزمان بها». وأضاف «تم إبرام أكثر من اتفاق خلال لقاءات بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين، بما فيها مذكرة سوتشي عام 2019... المذكرة تناولت ضرورة حل المشكلة في منطقة خفض التصعيد في إدلب. في كلتا الحالتين، يتم تنفيذ الاتفاقات التي تم إبرامها ببطء».
وقبل المباحثات، كشف مسؤول تركي كبير لوكالة «رويترز» عن أن لافروف سيسأل عن معلومات المخابرات، التي قال إنها تشير إلى وصول قوات من جيش النظام والميليشيات المدعومة من إيران إلى تل رفعت أو تتجه إلى هناك، مؤكداً أن تركيا ستنفذ العملية العسكرية في شمال سوريا بطريقة أو بأخرى.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين أتراك وآخرين في المعارضة السورية المسلحة، أن جيش النظام عزز قواته في شمال سوريا، في وقت تستعد فيه تركيا لشن عملية عسكرية تستهدف إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية.
وبحسب المتحدث باسم الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا، يوسف حمود، تعزز روسيا مواقعها بالقرب من تل رفعت ومنبج والضواحي الجنوبية لعين العرب (كوباني) وعين عيسى، وتقع جميع هذه البلدات على بعد 40 كيلومتراً من الحدود التركية.
وأضاف حمود لـ«رويترز»، «منذ الإعلان عن العملية التركية، أعلن النظام السوري وميليشياته الإيرانية التعبئة ويرسلون تعزيزات إلى وحدات حماية الشعب الكردية. وأنهم رصدوا طائرات هليكوبتر روسية تهبط في قاعدة جوية قريبة من تل رفعت».
في الوقت ذاته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القوات الروسية أرسلت تعزيزات عسكرية جديدة إلى قاعدتها في «المباقر» بريف تل تمر شمال غربي الحسكة، الواقعة تحت سيطرة «قسد» والنظام، تتألف من ناقلات جند ومدرعات وعربات عسكرية مغلقة، بالإضافة إلى رادارات وأسلحة ثقيلة ومتوسطة بينها مضاد للطيران.
كما يواصل الطيران الحربي الروسي تحليقه المكثف يومياً على طول خطوط التماس بين قوات «قسد» والنظام من جهة، وفصائل «الجيش الوطني السوري» والقوات التركية من جهة أخرى بريف مدينة منبج شرق حلب، مروراً بالقامشلي ووصولاً إلى أبو راسين وعامودا والدرباسية بريف الحسكة الشمالي والشمالي الغربي، عند الحدود السورية - التركية.
وصعّدت القوات التركية والجيش الوطني من قصفهما على مدينة منبج والأرياف التابعة لها خلال الأيام العشرة الماضية منذ إعلان الرئيس رجب طيب إردوغان عن عملية عسكرية محتملة ستشمل منبج وتل رفعت، وأطلقت 445 قذيفة على المنطقة، وفق ما أعلن المجلس العسكري لمدينة منبج وريفها التابع لـ«قسد».
وذكر مجلس منبج العسكري، في بيان أمس، أن القوات التركية والجيش الوطني استهدفا القرى المأهولة بالسكان بشكل يومي بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
تباين تركي ـ روسي بشأن العملية العسكرية المحتملة شمال سوريا
لافروف ذكّر أنقرة بتعهدات سوتشي واتهم واشنطن بدعم تنظيمات بشكل غير قانوني
تباين تركي ـ روسي بشأن العملية العسكرية المحتملة شمال سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة