مايا دياب في «إمي يا إمي»... جمال المواساة

مايا دياب في «إمي يا إمي»... جمال المواساة
TT

مايا دياب في «إمي يا إمي»... جمال المواساة

مايا دياب في «إمي يا إمي»... جمال المواساة

يكاد الدمع يملأ الوجه ويعصر الداخل فيختنق. الطفل بجلده الطري والأنابيب المزعجة تثقل جسده المُلقى على سرير الإنعاش الضيق، في فيديو كليب مايا دياب الجديد، «إمي يا إمي»، يترك القلب ينزف بلا مُسعف. لا تطاق عذابات الأطفال وتمادي الآلام في أبدانهم. إنه القهر. تشاهد الكليب، فتبدو عينا الصغير كمسرح تتجول على خشبته أسئلة العالم. وتسمع الأغنية، فتلمح جميع الأمهات باكيات تحت أقدام الطفولة الموجوعة. ليس بكاء الضعيفات، بل الطافحات بالرجاء والصبر. أغنية مهداة لأم تعاني مع طفل وُلد قبل الأوان، تتحمل معه مضاعفات الولادة المبكرة. «إنتَ الحب لخلاني أتحدّى خوفي... يا للنبل!
يلفح شعور الأمومة تركيبة الأنثى منذ التفتّح، ويسكنها حنان نوعه إنْ فاض في وردة فاحَ عطرها، وفي بلبل أطربَ السامعين. للمرة الأولى، تطل مايا دياب كواحدة من الأمهات الفياضات بصدق المشاعر. فالأغنية تعزف على الوتر وتوقد النيران في المواجع. ذلك بلا استعطاف أو إثارة للشفقة، وبلا انكسارات وهزيمة. إنه الحب، البداية والنهاية والمُحرّض والمُحرّك. الحب المُحرَّر من الشروط والمقابل. حب الأم لطفلها، الحب الحقيقي.
لمنير بو عساف، كاتب الأغنية، يد في الوقفة الشجاعة الرافضة للاستسلام. ولملحّنها وموزّعها هادي شرارة يد في جعل هذه الشجاعة تحية لتضحيات الأمومة. تغنيها مايا دياب كأن الطفل الموجوع طفلها، وهي الأم الثابتة وسط اهتزاز لا يفوّت فرصة لتسويتها بالأرض. تغنيها بحب.
يمكن بسهولة قراءة عينَي المرأة حين تكون في وضعية أم. فيهما بريق يختزل الكلام ولمعة تختصر التأثّر. هذه الأم لا تتذمر ولا تشكو أو تتساءل على طريقة المُعذّبين: «لِمَ أنا؟». على العكس، تتحلّى بحب عظيم يجعلها ترفض طفلاً آخر لو خُيّرت بين طفلها وسواه من «الأصحاء». الخارج من أحشائها هو الأمير والملك والهدية والكنز. «بعرف إنتَ منك متلن، لكن عندي أجمل منن، بيكفي إنو عيونك بريئة». وتُطلق الـ«آه»: «آه آه إمي يا إمي».
الأم بأرقى نموذج، تتلقف رسائل الله وتُسلّم لحكمته. لا يعني أنّ النبأ الأول لم يشكل صدمة، والصورة الأولى للمولود قبل أوانه لم تفطر الروح. بثوب زهري مثل الحقول المصرّة على انتصار البراعم، تغني مايا دياب. الألم تستحيل مداراته، لكنه بالإيمان والمحبة يتحوّل إلى امتحان للأقوياء: «القصة لبدي أحكيها واللي قلبي عايش فيها فكرتها كذبة طلعت حقيقة». وباعتراف النبلاء: «حدّك أنا بقوى على ضعفي لأقدر كفّي».
مع أنّ الصوت مكتوم، تصل الصرخة. صوت الأم وهي تلد طفلها والمخاض الرهيب. يمرّ المشهد في كليب رقيق بلمسات رجا نعمة، فترتقي الآلام الصامتة إلى مستوى الرسالة. أي تحمّل هو أعظم؟
يأتي طفل لا يشبه المولودين في الشهر التاسع. قدماه ضئيلتان، ويداه أكبر بقليل من حبة فاصولياء. تقيّد الأنابيب حركته. لا لطافة في هذا الصنف من أدوات النجاة، تهبط على الجسد الهش كصخرة فوق عشبة. وكم يتقلّب بألم، وهو يحتوي قلقاً ليس للأطفال الرضّع. ولا للأطفال بأي سنّ. قلق العلاج والدواء والمستشفى والحياة التي تسير غير آبهة بأنّات الملائكة الصغار. «آه آه... إمي يا إمي».
فن يترفّع عن الصغائر، هذه الأغنية. وهو فن كبير القلب، يساند ويساعد. أمهات يصغين إلى الغناء بإحساس أنهن لسن وحدهن. ثمة شاعر وملحّن وموزّع وفنانة ومخرج وطاقم عمل، يواسي ويحتضن. ومعهم مزيد من المعنيين بجراح الآخرين، فيتبنّون الأغنية كدعوة للتضامن المعنوي وتَشارك الامتحان. لا يعود الطفل المُعرّض لمشاكل تهدّد سلامته جراء الولادة المبكرة وحيداً في المرارة. تستطيع الأغنية التوعية على أهمية الاحتواء والإضاءة على المعاناة، عساها تهوّنها.
الجانب الآخر، اجتماعي. فبعض النظرات قاسية ومخجلة، تُشعر «المختلف» بأنه منبوذ، مكانه المنزل. المؤلم أنّ الطفل لا ذنب له. تفرض الظروف ولادته قبل الموعد، فيتحمّل، مع أوجاع الجسد، وحشية إنسانية. تفتح الأغنية نافذة على الوعي، فتخترق نسائم باردة جحيم بعض البشر. تحمل الأم هَم الابن وتحاول تسكينه، لكن النظرات المجحفة لا تتحمّلها الأمهات.
تسلّم الأغنية بمشيئة السماء بإرادة وقناعة. سيفتخر طفل بأم غنّت له يوماً بصوت مايا دياب: «هالقصة من قلبي حكيتها... الطريق الصعبة لمشيتها، هي بحياتي أجمل حقيقة». وهذه المواساة فائقة الجمال.



«دورة أستراليا»: أوساكا ستلعب رغم الإصابة

ناعومي أوساكا تستعد لخوض دورة أستراليا (إ.ب.أ)
ناعومي أوساكا تستعد لخوض دورة أستراليا (إ.ب.أ)
TT

«دورة أستراليا»: أوساكا ستلعب رغم الإصابة

ناعومي أوساكا تستعد لخوض دورة أستراليا (إ.ب.أ)
ناعومي أوساكا تستعد لخوض دورة أستراليا (إ.ب.أ)

أبدت ناعومي أوساكا المتوَّجة بلقب بطولة أستراليا المفتوحة للتنس مرتين ثقتها في أنها ستخوض مباراتها الافتتاحية أمام كارولين غارسيا بالبطولة الكبرى، رغم أن نتائج الفحص بالأشعة على إصابتها في عضلات البطن لم تكن «رائعة».

وانخرطت أوساكا، حائزة لقبَي «أستراليا المفتوحة» في عامي 2019 و2021، في البكاء، يوم الأحد الماضي، بعد أن أجبرتها الإصابة على الانسحاب من أول نهائي تبلغه في إحدى بطولات اتحاد لاعبات التنس المحترفات منذ نحو 3 أعوام.

وكانت اللاعبة اليابانية متقدمة على كلارا تاوسون 6 - 4 في نهائي بطولة أوكلاند عندما قررت أنها لن تستطيع استكمال المباراة.

وقالت أوساكا للصحافيين الجمعة: «لم يكن التصوير بالرنين المغناطيسي رائعاً، لكنه في الوقت ذاته لم يكن سيئاً. لذا بعد قول كل ذلك، أنا متفائلة جداً بشأن خوض مباراتي. أعني، بالتأكيد سألعب مباراتي. تدربتُ جيداً خلال اليومين اللذين أمضيتهما هنا، لذا يبدو أن الأمور تسير على ما يرام».

وأضافت أوساكا، التي بدأت العمل مع المدرب الجديد، باتريك موراتوغلو، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن أداءها في أوكلاند منحها الشجاعة.

وقالت: «قدمت أداءً جيداً بالتأكيد. أعرف أنني خسرت، وخسرت بطريقة يمكن النقاش بشأنها في النهائي. أنا فزتُ من وجهة نظري... متحمسة للعب هنا. ومتحمسة أيضاً لوجودي هنا مع باتريك لأننا من الناحية الفنية لم نخسر بعد. لذا، نعم، أعتقد أنها ستكون مسيرة جيدة».

وستواجه أوساكا منافستها كارولين غارسيا في الدور الأول من بطولة أستراليا المفتوحة للعام الثاني على التوالي، وتفوقت اللاعبة الفرنسية عليها 6 - 4 و7 - 6 في عام 2024. وحتى لو خسرت أمام غارسيا مرة أخرى، فلا خطر من أن تحمل أوساكا أي ضغينة تجاهها.

وتابعت أوساكا: «أحترمها كثيراً حقاً. أشعر بنفس الطاقة المقبلة منها. أنا أيضا أحب حقيقة أننا وُلِدنا في اليوم نفسه، لذا عيد ميلادنا واحد. لا يمكن أن أحمل ضغينة تجاه زميلة من برج الميزان».