بدء «الحوار الوطني» في تونس على وقع احتجاجات

في ظل غياب نقابة العمّال وأحزاب بارزة

جانب من مظاهرات نظمها معارضون للاستفتاء على الدستور وسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات نظمها معارضون للاستفتاء على الدستور وسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

بدء «الحوار الوطني» في تونس على وقع احتجاجات

جانب من مظاهرات نظمها معارضون للاستفتاء على الدستور وسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات نظمها معارضون للاستفتاء على الدستور وسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)

انطلقت، أمس، في تونس أولى جلسات «الحوار الوطني»، بمشاركة عدد من الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية الداعمة لمسار الإصلاح، الذي يقوده الرئيس التونسي قيس سعيد، فيما سُجل غياب بارز لممثلي الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، وبقية الأحزاب الرافضة لمسار 25 يوليو (تموز) 2021، وعلى رأسها حركة النهضة.
وشهد الاجتماع توافد عدد مهم من الشخصيات والوجوه السياسية المعروفة، وفي مقدمتهم سمير ماجول رئيس منظمة رجال الأعمال، وأحلام بلحاج ممثلة جمعية النساء الديمقراطيات، وجمال مسلم ممثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في حين تغيب فاضل عبد الكافي رئيس حزب آفاق تونس، وفوزي الشرفي ممثل حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، علاوة على ممثلي «ائتلاف صمود»، الذي يضم عدداً من الأحزاب اليسارية.
وخلال افتتاح الاجتماع، طلب الصادق بلعيد، الرئيس المنسق لـ«الهيئة التونسية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة»، من المشاركين تقديم تصوراتهم لتونس خلال الـ40 سنة المقبلة، وكيفية ترجمتها في نصوص دستورية، ووضع تصور للمؤسسات القادرة على ترجمة ذلك على أرض الواقع. وخصص الاجتماع الأول للجنة الاقتصادية والاجتماعية لمناقشة مهام هذه اللجنة، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والحقوقية والإعلامية. وفي هذا السياق، قال زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب، إن حزبه سيقدم رأيه وموقفه في مختلف القضايا المطروحة، مشدداً على أن الحركة أعلنت منذ البداية دعمها لمسار 25 يوليو 2021، لكنها سجلت خلال الأشهر الماضية بعض التحفظات التي ستبلغها لرئيس الجمهورية.
وأضاف المغزاوي موضحاً أن عدم مشاركة «اتحاد الشغل»، وبعض الأطراف السياسية والاجتماعية في الحوار «من شأنه أن يضرب مصداقية الحوار الوطني»، وشدد على ضرورة مشاركة الجميع، خصوصاً اتحاد الشغل، متوقعاً أن يتم العمل على إيجاد حلول وتفاهمات لتجاوز مختلف العقبات. في السياق ذاته، قال صهيب المزريق، القيادي في حركة البعث (قومي)، إن الهدف من المشاركة في هذا الحوار «بناء دولة ديمقراطية فعلية، ذات حكومة ناجعة ومسؤولة أمام التاريخ والشعب». واعتبر أن معضلة تونس خلال السنوات العشر الماضية «تكمن في دستور 2014 الذي خلق صراعاً بين السلطات الثلاث»، مشدداً على أن التونسيين «يريدون بناء دولة حقيقية، وليس تقسيم ثروات الدولة في شكل غنائم».
في المقابل، نفذ ممثلو خمسة أحزاب معارضة وقفة احتجاجية أمام مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في العاصمة، ضمن تحركاتهم المقررة ضد الاستفتاء. وتجمع العشرات من السياسيين من أحزاب التيار الديمقراطي والحزب الجمهوري وحزب العمال وحزب التيار الديمقراطي وحزب التكتل، قرب مقر الهيئة في منطقة البحيرة. لكن قوات الأمن، التي أحاطت المقر بحواجز حديدية، منعت اقترابهم.
وقال زعيم حزب العمال، حمة الهمامي، في الوقفة، «لن نتوقف عن الاحتجاجات، ولن يمنعنا قمع البوليس عن الاستمرار في ذلك». فيما قال السياسي عصام الشابي، القيادي في الحزب الجمهوري، إن «أول خطوة تفكر فيها الهيئة المنصبة من النظام، هو أن تمنع الأحزاب وتقمع الحريات، وتمنعنا من ممارسة حقنا في الاحتجاج ضدها، هذا دليل أن تونس دخلت مسار تزوير إرادة الناخبين».
وكانت قيادات اتحاد الشغل قد رفضت المشاركة في الحوار المقترح من قبل الرئيس سعيد، ودعت إلى إضراب عام في القطاع العام في 16 يونيو (حزيران) الحالي، وهو ما أخرج الصراع السياسي والاجتماعي بين رئيس الجمهورية وقيادات الاتحاد إلى العلن. وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن المواجهة بين الطرفين تأجلت إلى ما بعد الإضراب، لكنها آتية لا محالة بسبب تضارب المسارين، وتأثير موقف كل طرف منهما على التموقع السياسي للطرف الآخر. في السياق ذاته، أعلن «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة» اعتذاره عن عدم تلبية الدعوة للمشاركة في الحوار الوطني، بحجة أن الهيئة المشرفة عليه «ليست إلا هيئة استشارية، وهو ما يجعل مخرجاتها لا تلزم إلا أصحابها دون صاحب القرار، أي رئيس الجمهورية، كما أنه يقتصر على مساندي النهج الذي سلكه الرئيس سعيد... وهو ما يعني إقصاء كل المعارضين لنهجه، ويجعل من المشاركة في الحوار تعبيراً عن التناغم أكثر منه مساهمة في الحوار». كما اعتبر المرصد، في بيان، أن استبعاد أهم القوى السياسية والاجتماعية المُؤثّرة في المشهد السياسي التونسي، وأهم الكفاءات الوطنية العليا من الحوار «من شأنه أن يحد من جدواه ويعصف بمصداقيته»، مشدّدا على أنّ مهمّتي الحوار الوطني وصياغة دستور جديد للبلاد «تتطلبان وقتاً طويلاً، ولا يُمكن منطقيّا إنجاز مهمّتين بهذه الأهميّة في أسبوعين».
من جانبها، قررت الهيئة الوطنيّة لـ«ائتلاف صمود» عدم المشاركة في الحوار الوطني، وفسّرت، في بيان، هذا القرار بـ«عدم توفّر الحدّ الأدنى من الشّروط والضّمانات، التي عبّرت عنها في مواقفها وتصريحاتها السّابقة، سيما الصّيغة العلنيّة للمداولات والصّبغة التقريريّة لمخرجاته». كما جدّدت التأكيد على «تشبّثها بإنجاح مسار 25 يوليو، الذي ناضلت من أجله طلائع المجتمع المدني والسّياسي لإصلاح المنظومة السّياسيّة، وإنقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار، ومحاسبة كلّ من أجرم في حقّ هذا الشّعب، وذلك بفتح ملفّات الإرهاب والفساد في إطار احترام القانون، وضمان الحقوق والحرّيات».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

قارب يقل 130 شخصاً ينقلب جنوب الشابة في تونس

شخصان غرقا عندما انقلب قارب جنوب مدينة الشابة التونسية (أرشيفية - رويترز)
شخصان غرقا عندما انقلب قارب جنوب مدينة الشابة التونسية (أرشيفية - رويترز)
TT

قارب يقل 130 شخصاً ينقلب جنوب الشابة في تونس

شخصان غرقا عندما انقلب قارب جنوب مدينة الشابة التونسية (أرشيفية - رويترز)
شخصان غرقا عندما انقلب قارب جنوب مدينة الشابة التونسية (أرشيفية - رويترز)

قالت شركة «أمبري» البريطانية، اليوم (الأربعاء)، إن شخصين غرقا عندما انقلب قارب على متنه 130 شخصاً جنوب مدينة الشابة التونسية.