هونغ كونغ تشدد الأمن في ذكرى تيانانمين

بلينكن يقول إن الصين تسعى لـ«محو ذكريات» قمع ميدان بكين

أغلقت شرطة هونغ كونغ الجمعة قسماً كبيراً من حديقة فيكتوريا التي كانت سابقاً موقعاً للاحتفالات السنوية لإحياء ذكرى قمع التظاهرات (أ.ب)
أغلقت شرطة هونغ كونغ الجمعة قسماً كبيراً من حديقة فيكتوريا التي كانت سابقاً موقعاً للاحتفالات السنوية لإحياء ذكرى قمع التظاهرات (أ.ب)
TT

هونغ كونغ تشدد الأمن في ذكرى تيانانمين

أغلقت شرطة هونغ كونغ الجمعة قسماً كبيراً من حديقة فيكتوريا التي كانت سابقاً موقعاً للاحتفالات السنوية لإحياء ذكرى قمع التظاهرات (أ.ب)
أغلقت شرطة هونغ كونغ الجمعة قسماً كبيراً من حديقة فيكتوريا التي كانت سابقاً موقعاً للاحتفالات السنوية لإحياء ذكرى قمع التظاهرات (أ.ب)

حلت أمس (السبت)، الذكرى السنوية 33 لفتح القوات الصينية النار بغية إنهاء الاضطرابات التي قادها طلاب في ميدان تيانانمين الواقع بوسط بكين وما حوله، ونشرت هونغ كونغ قوات الأمن بكثافة بالقرب من حديقة رئيسية أمس (السبت)، محذرة المواطنين من التجمع، ما أجبر الذين يريدون إحياء هذا الحدث السنوي على القيام بذلك سراً، فيما ثمنت واشنطن الذكرى والوقفة الشجاعة للذين طالبوا باحترام حقوق الإنسان في الصين. وفي بيان صدر أمس (السبت)، وصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حملة القمع في تيانانمين بأنها «هجوم وحشي». وأضاف: «جهود هؤلاء الشجعان لن تُنسى. كل عام، نتذكر أولئك الذين دافعوا عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية». وقال: «اليوم، لا يزال الكفاح من أجل الديمقراطية والحرية يتردد صداه في هونغ كونغ، حيث حظرت جمهورية الصين الشعبية وسلطات هونغ كونغ الوقفة السنوية لإحياء ذكرى مذبحة تيانانمين بغرض محو ذكريات ذلك اليوم». وأضاف بلينكن: «سنواصل فضح الفظائع وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها جمهورية الصين الشعبية، خصوصاً في هونغ كونغ وشينجيانغ والتيبت، وسنطالب بالمحاسبة».
وأغلقت شرطة هونغ كونغ الجمعة، قسماً كبيراً من حديقة فيكتوريا التي كانت سابقاً موقعاً للاحتفالات السنوية لإحياء ذكرى قمع تظاهرات. وجاء الإغلاق في وقت متأخر من الليل، غداة تحذير السلطات للسكان من التوجه إلى الحديقة في الرابع من يونيو (حزيران)، لإحياء الذكرى حتى لو كانوا بمفردهم. وفرضت سلطات هونغ كونغ، وهي منطقة صينية تتمتع بحكم ذاتي جزئي، منذ عامين قانوناً للأمن القومي لقمع المعارضة بعد احتجاجات ضخمة مؤيدة للديمقراطية عام 2019. وقالت سلطات هونغ كونغ الجمعة، إن معظم أماكن التجمع في فيكتوريا بارك، بما في ذلك ملاعب كرة القدم التي كانت تستخدم للوقفة الاحتجاجية وإضاءة الشموع في السنوات السابقة، ستغلق من مساء الجمعة حتى فجر الأحد. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان، خلال حديثه يوم الخميس في مؤتمر صحافي دوري ببكين، موقف الحكومة الثابت بشأن تلك الأحداث. وقال: «لقد توصلت الحكومة الصينية منذ فترة طويلة إلى نتيجة واضحة بشأن الحادث السياسي الذي وقع في أواخر الثمانينات».
وتحظر السلطات الصينية أي مظاهر عامة لإحياء الحدث في البر الرئيسي. وفي الرابع من يونيو 1989، أرسل النظام الشيوعي الدبابات وقوات من الجيش لقمع متظاهرين سلميين احتلوا لأسابيع ساحة تيانانمين الشهيرة للمطالبة بتغيير سياسي ووضع حد لفساد النظام. وأدى سحق الحركة إلى مقتل مئات الأشخاص، إن لم يكن أكثر من ألف حسب تقديرات. ولم تعلن بكين قط حصيلة كاملة للقتلى، لكن جماعات حقوقية وشهوداً يقولون إن العدد قد يصل إلى الآلاف. ومنذ ذلك الحين، تبذل السلطات الصينية ما في وسعها لمحو تيانانمين من الذاكرة الجماعية. وهي غير واردة في كتب التاريخ المدرسية، وتخضع المناقشات عبر الإنترنت حول هذا الموضوع لرقابة منهجية.
وقال المحامي الصيني البارز في مجال حقوق الإنسان تنغ بياو لـ«رويترز» من الولايات المتحدة: «التذكر يعني المقاومة». وأضاف: «إذا لم يتذكر أحد فلن تتوقف معاناة الشعب وسيواصل الجناة جرائمهم دون أن ينالوا جزاءهم». وقالت زعيمة مدينة هونغ كونغ كاري لام الأسبوع الماضي، إن أي فعاليات لإحياء ذكرى من قتلوا في حملة القمع عام 1989 ستخضع لقوانين الأمن القومي. وكانت تشير بذلك إلى قانون صارم فرضته الصين على هونغ كونغ في يونيو 2020 يعاقب على أعمال التخريب والإرهاب والتآمر مع القوات الأجنبية بالسجن المؤبد. وحظرت هونغ كونغ الوقفة الاحتجاجية السنوية منذ عام 2020، متذرعة بقيود مكافحة فيروس كورونا.
وفي بكين، نشرت السلطات أجهزة للتعرف على الوجه في الشوارع المؤدية إلى الساحة. ويقوم رجال الشرطة المنتشرون بأعداد كبيرة بعمليات تدقيق في الهويات. وإحياء ذكرى تيانانمين محرم في الصين منذ 1989، لكن هونغ كونغ شكلت استثناء حتى 2020. وفرضت بكين بعد ذلك قانوناً صارماً للأمن القومي على المنطقة شبه المستقلة لخنق كل المعارضة بعد احتجاجات ضخمة مؤيدة للديمقراطية في 2019. وحذرت شرطة هونغ كونغ من أن المشاركة في «تجمع غير مصرح به» يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات. ينطبق هذا التحذير خصوصاً على حديقة فيكتوريا، حيث جمعت وقفة احتجاجية على ضوء الشموع في يوم من الأيام عشرات الآلاف من الأشخاص في الرابع من يونيو. وأغلق جزء كبير من هذا المتنزه مساء الجمعة، وتم نشر عدد كبير من رجال الشرطة السبت. وطوق رجال أمن مسؤولاً سابقاً لـ«تحالف هونغ كونغ»؛ الجمعية التي نظمت وقفات احتجاجية، بينما كان يتجول في الحي حاملاً باقة من الورود الحمراء والبيضاء في يده، وفتشوا حقيبته. وكان الزعيم السابق للتحالف لي تشوك يان كتب في رسالة نُشرت على الإنترنت، أنه سيصوم ويشعل عود كبريت ويغني أناشيد تذكارية السبت، في زنزانته. وصرح رجل يرتدي ثياباً سوداء ويحمل زهرة أقحوان لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه خضع أيضاً للتفتيش. وقال: «أمرتني الشرطة بعدم القيام بأي عمل من شأنه تحريض الناس على التجمع»، موضحاً: «لكن الناس يذهبون إلى العمل وكل ما فعلته هو المرور حاملاً زهرة الأقحوان». وفي حي كوز باي التجاري القريب اعتقل عشرة من رجال الشرطة فنانة نحتت قطعة بطاطس على شكل شمعة. وقالت دوروثي (32 عاماً)، وهي امرأة من هونغ كونغ، لوكالة الصحافة الفرنسية في محيط المتنزه، إن «الحكومة خائفة جداً من تجمع محتمل». وعبرت عن أسفها لأن نهاية الوقفات الاحتجاجية «خسارة كبيرة للمجتمع». وذكرت سيدة أخرى تقيم في هونغ كونغ لوكالة الصحافة الفرنسية، إنها أشعلت شمعة في منزلها ووضعت نسخة طبق الأصل من تمثال «إلهة الديمقراطية» رمز حركة تيانانمين على حافة النافذة. وخوفاً من أي ملاحقات، ألغيت القداديس الكاثوليكية التي تقام كل سنة، وكانت واحدة من آخر الطرق التي اتبعها سكان هونغ كونغ لإحياء ذكرى تيانانمين.
ونشرت قنصليات غربية عدة في هونغ كونغ رسائل متعلقة بساحة تيانانمين على وسائل التواصل الاجتماعي. وأكد مكتب الاتحاد الأوروبي صحة معلومات نشرتها وسائل إعلام محلية، وتفيد بأن السلطات الصينية طالبت هذه القنصليات بالامتناع عن ذلك. لكن في الخارج يجري إحياء ذكرى تيانانمين، فقد أقام منشقون في المنفى متاحفهم الخاصة في الولايات المتحدة، ويخطط ناشطون لإحياء «عمود العار» في تايوان، وهو تمثال كان قد أزيل من هونغ كونغ.


مقالات ذات صلة

بطاريات قابلة للزرع في خلية سرطانية تساعد على قتلها

بطاريات قابلة للزرع في خلية سرطانية تساعد على قتلها

بطاريات قابلة للزرع في خلية سرطانية تساعد على قتلها

تحتوي الخلايا السرطانية بشكل عام على مستويات منخفضة من الأكسجين، وهي حالة تعرف باسم «نقص الأكسجة»، وقد وفرت هذه الميزة هدفاً جذاباً وواضحاً، وهو تصميم نظام توصيل الأدوية الذي يبحث عن بيئة منخفضة الأكسجين، لاستهدافها بأدوية قاتلة للسرطان. لكن كانت هناك مشكلة تعوق هذا النهج، وهي مستويات «نقص الأكسجة» غير الكافية أو غير المتكافئة في الأورام الصلبة، وهي المشكلة التي حلها فريق بحثي صيني، عبر إنتاج بطارية مستهلكة للأكسجين يتم زرعها في بيئة الخلية السرطانية، وتم الإعلان عن تفاصيل هذا الإنجاز في العدد الأخير من دورية «ساينس أدفانسيس». وهذه البطارية التي تم الإعلان عن تفاصيلها، ذاتية الشحن، وتعمل على ز

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق تشيونغ تشينغ لونغ (من اليمين) مع زميله بالفريق البحثي (جامعة هونغ كونغ)

دواء للسكري يُقلل مخاطر أمراض الكلى والجهاز التنفسي

اكتشف فريق بحثي في قسم الصيدلة بكلية الطب بجامعة هونغ كونغ، أن دواءً جديداً يستخدم لخفض الغلوكوز لمرضى السكري من النوع الثاني، يمكن أن يكون مفيداً في تقليل خطر إصابتهم بأمراض الكلى والجهاز التنفسي، بما في ذلك أمراض الكلى في مرحلتها النهائية، ومرض انسداد مجرى الهواء، والالتهاب الرئوي. وخلال الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية «علم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي»، قدم الفريق البحثي دليلاً بالتجارب السريرية على أن مثبطات الناقل (SGLT2i)، وهي فئة جديدة من أدوية خفض الغلوكوز لمرض السكري من النوع 2.

حازم بدر (القاهرة)
العالم صورة تجمع أعلام الولايات المتحدة والصين وهونغ كونغ (رويترز - أرشيفية)

الصين تستدعي القنصل الأميركي في هونغ كونغ إثر تصريحات «غير لائقة»

استدعى كبير الدبلوماسيين الصينيين في هونغ كونغ مؤخراً القنصل العام الأميركي؛ بسبب تصريحات اعتبرها «غير لائقة»، وحذّره من تعريض الأمن القومي الصيني للخطر، وفق ما أفاد متحدث وكالة الصحافة الفرنسية اليوم (الخميس). والتقى مفوض وزارة الخارجية الصينية في هونغ كونغ ليو غوانغيوان القنصل العام الأميركي غريغوري ماي «قبل أيام قليلة»، من أجل «تقديم احتجاجات رسمية والتعبير عن الرفض الشديد له ولقنصليته، بسبب تصريحاتهم وأفعالهم غير اللائقة التي تدخلت في شؤون هونغ كونغ»، وفق متحدث باسم مكتب ليو. ولم يذكر المتحدث موعد الاجتماع بالضبط. خلال فعالية عبر الإنترنت، الشهر الماضي، قال الدبلوماسي الأميركي الذي تولى من

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم الرئيس الصيني شي جين بينغ (يمين) والرئيس التنفيذي لهونغ كونغ الخاصة جون لي (إ.ب.أ)

بدء محاكمة أبرز الشخصيات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ

بدأت اليوم (الاثنين) محاكمة 47 من أبرز الشخصيات المؤيدة للديموقراطية في هونغ كونغ، في أكبر قضية قضائية حتى الآن بموجب قانون الأمن القومي الذي قضى على كل معارضة في المدينة. ويواجه المتهمون عقوبة السجن مدى الحياة إذا أدينوا "بالتآمر لارتكاب عمل تخريبي"، وتتهمهم سلطات هونغ كونغ بمحاولة إطاحة حكومة المدينة الموالية لبكين.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
العالم جيمي لاي مكبّل اليدين (إ.ب.أ)

حكم جديد بالسجن بحق جيمي لاي على خلفية خرق عقد إيجار

أصدر القضاء في هونغ كونغ، اليوم (السبت)، حكما جديداً بحق قطب الإعلام المؤيد للديمقراطية جيمي لاي يقضي بسجنه 5 سنوات و9 أشهر بعد إدانته بالاحتيال في عقد إيجار. ولاي، البالغ 75 عاماً، أحد مؤسسي صحيفة «أبل ديلي» المغلقة حالياً، أمضى أخيراً عقوبة بالسجن 20 شهراً، بعد عدة إدانات لدوره في احتجاجات وتجمعات غير مرخصة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.