القضاء التونسي يتهم الغنوشي بـ«الاعتداء على أمن الدولة»

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (إ.ب.أ)
TT

القضاء التونسي يتهم الغنوشي بـ«الاعتداء على أمن الدولة»

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (إ.ب.أ)

قالت فاطمة بوقطاية، المتحدثة باسم المحكمة الابتدائية بمدينة أريانة، إن التهمة الموجهة لراشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة» ورئيس البرلمان التونسي المنحل، بعد صدور قرار بمنعه من السفر، تتعلق بالاعتداء على أمن الدولة... والحصول على سر من أسرار الدفاع الوطني».
وكانت المحكمة نفسها قد أصدرت قراراً يقضي بمنع سفر الغنوشي و33 متهماً آخرين في القضية المعروفة إعلامياً بملف «الجهاز السري»، المرتبط بالاغتيالات السياسية في تونس.
وعلى صعيد متصل، عقدت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، السياسيين التونسيين اللذين اغتيلا سنة 2013، مؤتمراً صحافياً بعنوان «مستجدات ملف الجهاز السري لحركة (النهضة)»، كشفت فيه عن معطيات جديدة تهم ملف الاغتيالات السياسية الذي تتهم فيه قيادات حركة «النهضة»، عن طريق «جهازها السري». وفي هذا الشأن، قالت إيمان قزارة، عضوة هيئة الدفاع، إنه تم توجيه الاتهام رسمياً لراشد الغنوشي «من أجل جرائم تتعلق بالاعتداءات على أمن الدولة... ونحن نواجه طرفاً تورط في جرائم تمس أمن الدولة»؛ مؤكدة أن «خلايا (الجهاز السري) بدأت تنشط لتبث الإشاعات... وراشد الغنوشي وظف قضاة لصالحه؛ لكن بعد 3 سنوات ونصف تمكنَّا من ضمان حق التقاضي بعد خوض عدة معارك إجرائية»، على حد تعبيرها.
من ناحيته، قال رضا الرداوي -وهو محامٍ بهيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي- إن القاضي بشير العكرمي «لعب الدور الأكبر في التلاعب بملف الجهاز السري لحركة (النهضة)، بتعمد إخفاء الحقيقة، وتدليس وثائق، وتحريف مضمون وفاة كمال القضقاضي، المتهم الرئيسي في اغتيال النائب البرلماني محمد البراهمي».
في غضون ذلك، قال نور الدين الطبوبي، رئيس «الاتحاد التونسي للشغل» (نقابة العمال)، أمس، بمدينة الحمامات، خلال ملتقى خصص لبلورة مشروع الاتحاد حول الإصلاحات الدستورية والقانون الانتخابي، إن «الاتحاد» يطالب بابتعاد القضاء ووزارة الداخلية عن أي توظيف سياسي، وعما سمَّاه «صراع المنظمات والصراعات السياسية»، في إشارة إلى موقف المنظمة الرافض للمشاركة في الحوار الذي دعا له الرئيس قيس سعيد، ودعوتها إلى إضراب عام عن العمل في 16 من يونيو (حزيران) الحالي، وما خلفته هذه الدعوة من ضغوطات على الاتحاد، مضيفاً: «نلاحظ هذه الأيام مؤشرات خطيرة جداً، ستكون لها انعكاسات سلبية للغاية على الممارسة الديمقراطية، وعلى السلم الاجتماعي».
ويرى متابعون للوضع السياسي المتأزم في تونس، أن الخلاف الأساسي «لم يعد بين قيادات حركة (النهضة)، والرئيس سعيد؛ بل تحول الضغط بشدة إلى نقابة العمال، الرافضة للمشاركة في حوار لا تشارك فيه بقية الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني».
وبهذا الخصوص، لاحظ رابح الخرايفي، الباحث في القانون الدستوري، أن الرئيس سعيد «يمكن أن يقلب الطاولة على (الاتحاد العام التونسي للشغل)، وفق سيناريو قابل للتنفيذ»، على حد قوله. واتهم الخرايفي -المؤيد لخيارات 25 يوليو (تموز)2021- «اتحاد الشغل» باختيار التصادم مع الرئيس؛ مؤكداً أن الدعوة إلى الإضراب في القطاع العام جاءت فقط لـ«تحقيق أغراض سياسية وليست نقابية»، على حد تعبيره.
وأضاف الخرايفي أن رئاسة الجمهورية يمكن أن تطالب «اتحاد الشغل» بتسديد 14 مليون دينار من الديون المستحقة لفائدة «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي»، وإنهاء جميع التفرغات، واستعادة الدولة لموظفيها من الاتحاد، والتمسك بعدم شرعية قرارات هذه القيادة (الطبوبي ومن معه) لوجود حكم قضائي ببطلان المؤتمر النقابي الأخير.
وتوقع الخرايفي تسليط مزيد من الضغوطات على القيادات النقابية، من بينها إمكانية أن تمتنع الدولة عن الاقتطاع لفائدة «الاتحاد»، على اعتبار أن الدولة لا تشتغل لفائدة أي جهة نقابية تكريساً لمبدأ الاستقلالية، واحترام مبدأ المساواة مع التشكيلات النقابية الأخرى، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)
مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)
TT

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)
مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)

قبل أيام مَعدودة، وتحديداً مع سلسلة ارتفاعات طفيفة في سِعر صرف الدولار بالبنوك المصرية، قام صاحب شركة رخام في منطقة شق الثعبان بالقاهرة، المتخصصة في تصنيع الرخام والغرانيت، بوضع أسعار جديدة لرخام مُستورد من الهند، رغم إدراكه أنَّ «زيادة الأسعار تُسبب ركوداً حاداً».

ويضرب صاحب الشركة، الذي يدعى (م.أ)، المثل بسِعر متر الرخام المستورد من نوعية «غلاكسي» قبل زيادة الدولار في البنوك، الذي كان بنحو 2600 جنيه، لكن بعدَ أن تَخطي الدولار حاجز الـ49 جنيهاً، تمَّ رفع السعر إلى نحو 3000 جنيه دون إضافة تكاليف نقله وتركيبه.

وبلغ سعر صرف الدولار، الثلاثاء، لدى البنك المركزي المصري نحو 49.02 جنيه للشراء مقابل 49.15 جنيه للبيع. ويَأتي ارتفاع سعر الدولار في البنوك المِصرية وتخطيه حاجز الـ49 جنيهاً، غداة زيارة مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، القاهرة؛ لإجراء المراجعة الرابعة التي تتعلق بالقرض المُقرر منحه إلى مصر.

وتنعكس أي زيادة في سعر صرف الدولار بصورة مُباشرة على زيادة أسعار السلع والخدمات في مصر، في ظل الاعتماد على مواد مستوردة.

يقول الخبير الاقتصادي رشاد عبده، رئيس «المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية»، إنَّ «المواطن هو مَن يَتحمل فارق زيادة سعر الدولار في البنوك، لكون الشركات المستورِدة من القطاع الخاص تُضيف هذه الزيادة على جميع منتجاتها». ويضيف: «ارتفاع سعر الدولار يُعدّ صداعاً مزمناً للمصريين بطبقاتهم كافة، سواء كانت غنية أم متوسطة».

وسمح البنك المركزي المصري، في مارس (آذار) الماضي، بتحديد سعر صرف الجنيه، وفق آليات السوق (العرض والطلب)، لتنخفض قيمة العملة المحلية إلى ما يقل قليلاً عن 50 جنيهاً للدولار، بعدما كانت مستقرّة لأشهر عند حدود 30.85 جنيه للدولار.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مديرة صندوق النقد الدولي قبل أيام (الرئاسة المصرية)

وخلال مؤتمر صحافي، عقدته مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأحد الماضي، قالت غورغييفا، إن «مصر تحرَّكت بنجاح لتحقيق نظام مَرِن لسعر الصرف». وأثنت على جهود البنك المركزي.

ولا تزال التوقعات تُحيط بزيادة جديدة لسِعر صرف الدولار أمام الجنيه، وفق ما أكده الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس، لـ«الشرق الأوسط».

يقول النحاس: «المواطن هو مَن سيكون ضحية تَحريك سعر الدولار مرة أخرى أمام الجنيه، لأنه سيكون هناك تقييم مرة أخرى لأسعار المحروقات والخدمات مثل الكهرباء والغاز، بالإضافة إلى زيادة فاتورة استيراد القمح، وما إلى ذلك».

ما يُقلق الاقتصادي وائل النحاس، هو أن يكون الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة مدة بَرنامج الصندوق، على حساب زيادة أسعار الدولار في البنوك.

وبدأت إجراءات المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي مع مصر، الثلاثاء.

وهي واحدة من أصل 8 مراجعات في البرنامج، البالغة مدته 46 شهراً، والذي تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار.

وتخوض الحكومة المصرية مشاورات مع الصندوق تسعى في الأساس لمراجعة «عملية المستهدفات»، حسبما صرَّح المستشار محمد الحمصاني المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء.

وستتخذ الحكومة المصرية بعض الإجراءات الإصلاحية ومحاولة مُراجعة التوقيتات وتواريخ اتخاذها، وفقاً لما قاله المتحدث الرسمي باسم الحكومة، في تصريحات تلفزيونية، منذ أيام مضت.

ويطالب ناجي الشهابي رئيس حزب «الجيل» المصري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بدعم الصناعة، وترشيد فاتورة الاستيراد من أجل وضع حدٍّ لارتفاعات الدولار، الذي يرى أن قيمته الحقيقية لا تُساوي هذا الرقم.

وحظيت الارتفاعات الطفيفة في سعر الدولار أمام الجنيه على مدار الأيام الماضية، بتفاعلات رواد السوشيال ميديا عبر منصتَي «فيسبوك» و«إكس»، حيث أبدى البعض تخوفه من «تعويم جديد» وارتفاعات أخرى في الأسعار.

وعبَّر رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، محمود العسقلاني، عن قلقه إزاء زيادة سعر الدولار؛ لأن هذا الارتفاع سيكون له تأثير كبير على السلع، خصوصاً أن الدولة تستورد كمية ليست بالقليلة من احتياجاتها، وأنَّ هذا الارتفاع سيكون له تأثير كبير على السلع وجوانب المعيشة كافة.