موسكو تحذر من «زيادة مخاطر» الصدام المباشر مع واشنطن

تدريبات نووية بالتزامن مع «إعلان الحرب العالمية الثالثة»

قوات موالية لروسيا في بلدة بوباسنا بلوغانسك، 26 مايو (رويترز)
قوات موالية لروسيا في بلدة بوباسنا بلوغانسك، 26 مايو (رويترز)
TT

موسكو تحذر من «زيادة مخاطر» الصدام المباشر مع واشنطن

قوات موالية لروسيا في بلدة بوباسنا بلوغانسك، 26 مايو (رويترز)
قوات موالية لروسيا في بلدة بوباسنا بلوغانسك، 26 مايو (رويترز)

اتهم الكرملين، الأربعاء، الولايات المتحدة بتأجيج الصراع في أوكرانيا، والسعي إلى إطالة أمد الحرب «حتى آخر أوكراني»، في وقت حذرت الخارجية الروسية من أن قرار واشنطن تزويد كييف بصواريخ متطورة يفاقم من مخاطر وقوع صدام مباشر بين روسيا والولايات المتحدة.
وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن «الولايات تحاول بكل جهد سكب الزيت على النار من خلال تزويد أوكرانيا بالأسلحة». وأضاف أن خطط واشنطن لتزويد أوكرانيا بأنظمة إطلاق صواريخ متعددة مؤشر واضح إلى سعي واشنطن لتأجيج الصراع وإطالة أمده، وزاد أنه «من الواضح أن الولايات المتحدة ملتزمة عمليا بخطة قتال روسيا، حتى آخر أوكراني».
وفي أول رد فعل علني من جانب الكرملين على اقتراح أنقرة تنظيم لقاء يجمع روسيا وأوكرانيا بمشاركة الأمم المتحدة، قال بيسكوف إنه «لا يوجد تفاهم واضح حتى الآن بشأن هذا الاجتماع». وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عرض الفكرة خلال مكالمة هاتفية جرت قبل يومين، مع الرئيس فلاديمير بوتين. لكن الكرملين تجنب إعلان موقف حيال الاقتراح، وخلا بيان الكرملين حول مجريات المكالمة من أي إشارة إليه. وقال بيسكوف إن الكرملين «لم يستبعد أبدا إمكانية عقد اجتماع بين الرئيسين بوتين وزيلينسكي، إلا أنه يجب الاستعداد لذلك، لقاء الرئيسين يجب أن يكون مسبوقا بإعداد وثيقة سلام». وأضاف الناطق الرئاسي الروسي أن «العمل على هذه الوثيقة توقف منذ وقت طويل، ولم يستأنف منذ ذلك الحين».
في غضون ذلك، حذرت الخارجية الروسية من أن مضي واشنطن في تسليح كييف بأنظمة صاروخية متطورة قد تكون له «تبعات خطرة». وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إن قرار واشنطن إمداد كييف بالصواريخ «يزيد من مخاطر الاصطدام المباشر بين روسيا والولايات المتحدة». ولفت الدبلوماسي المسؤول عن ملفات الأمن الاستراتيجي في الوزارة إلى أن «الولايات المتحدة لا تفعل أي شيء من أجل إيجاد نوع من الحل للأزمة الأوكرانية. كان هذا هو الحال بالضبط لسنوات عديدة قبل بدء العملية العسكرية الروسية. وكان هذا هو الحال عندما كنا نعمل في الخريف الماضي على موضوع تقديم ضمانات أمنية لروسيا (من جانب حلف الناتو) تكون ملزمة، لم تكن هناك مؤشرات على استعداد الولايات المتحدة للتخلي عن تأجيج التوتر وعن خوض مواجهة مفتوحة».
ورأى ريابكوف أن الدعم العسكري الأميركي لكييف «غير مسبوق وخطير»، موضحا أنه «بعد بدء العملية العسكرية الروسية، تم إلغاء ما تبقى من نهج مسؤول وسليم للوضع، وبصورة متهورة، وعلى الرغم من كل شيء، يستمر النهج والرغبة الأميركية في إطالة أمد الحرب حتى آخر أوكراني، والآن تحاول واشنطن فعل كل شيء لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا… هذا أمر غير مسبوق، وهذا أمر خطير». وشدد على أن «أي عمليات لنقل أسلحة لأوكرانيا، بغض النظر عن الطريقة التي تجادل بها واشنطن والحجج التي تقدمها، فإنه يزيد من خطر حدوث صدام مباشر بين روسيا والولايات المتحدة».
وكان البيت الأبيض اكد في وقت سابق، أن الولايات المتحدة ستقدم حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، تشمل أنظمة صاروخية من طراز «هيمارس».
إلى ذلك، أعلنت موسكو أمس، أنها أخطرت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بشكل رسمي بأن أوكرانيا تتخذ خطوات لاستخدام محتمل للمواد الكيماوية، في إطار عملية «استفزازية» تستهدف توجيه اتهامات روسيا. وقال ممثل روسيا لدى المنظمة، ألكسندر شولغين، إنه قد تم إرسال ما مجموعه 12 مذكرة شفهية تتضمن معلومات مفصلة عن «أماكن وأساليب الاستفزازات الأوكرانية». وشدد على أن موسكو تصرّ على توزيع المذكرة على جميع أعضاء المنظمة، مشيرا إلى أن «الأمانة الفنية للمنظمة تعهدت بإجراء تحريات دقيقة حول هذه المعلومات».
في الأثناء، أفاد بيان نشرته وزارة الدفاع بأن القوات النووية الروسية أطلقت تدريبات في إقليم إيفانوفو شمال شرقي موسكو. وأفادت بأن نحو ألف جندي يُجرون تدريبات في مناورات مكثفة باستخدام أكثر من 100 مركبة وناقلة، تشمل قاذفات صواريخ «يارس» العابرة للقارات. وتزامنت «التدريبات النووية» مع تزايد وتائر الحملات الدعائية التي تتحدث عن احتدام مواجهة كبرى مع الغرب وتلوح باحتمال انزلاق الوضع نحو حرب عالمية أو صدام نووي.
وفي هذا الإطار، كان لافتا أن قناة «روسيا 1» الحكومية بدأت تتحدث عن اتساع نطاق المواجهة الحالية في أوكرانيا وعن مقدمات لاندلاع مواجهة شاملة. وقالت أولغا سكابيفا، وهي واحدة من أبرز وجوه القناة وتربطها بالكرملين علاقات وثيقة، إن «العملية العسكرية الخاصة لروسيا في أوكرانيا قد وصلت إلى نهايتها»، وإن «هناك حرباً حقيقية بدأت في الوقت الحالي، وهي الحرب العالمية الثالثة».
وخاطبت سكابيفا، الجمهور خلال برنامجها المسائي أول من أمس: «لديّ بعض الأخبار غير السارة... على الرغم من أننا ندمّر بشكل منهجي الأسلحة التي يتم تسليمها إلى أوكرانيا، لكن الكميات التي ترسلها الولايات المتحدة تجبرنا على التوصل إلى بعض الاستنتاجات. ربما حان الوقت للاعتراف بأن العملية الخاصة لروسيا في أوكرانيا ربما تكون قد وصلت إلى نهايتها، بمعنى أن حرباً حقيقية قد بدأت، إنها الحرب العالمية الثالثة». وأضافت: «نحن مجبرون على إكمال عملية نزع السلاح ليس فقط من أوكرانيا، ولكن من تحالف حلف شمال الأطلسي (الناتو) بأكمله».
ميدانيا، تزايدت المؤشرات إلى اقتراب القوات الانفصالية المدعومة بغطاء ناري روسي من فرض سيطرة كاملة في إقليم لوغانسك الانفصالي. وقالت كييف إن موسكو زادت من جهدها الحربي خلال الأيام الأخيرة بهدف حسم المعركة سريعا. وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد قال في كلمة عبر الفيديو إن الجيش الروسي وصل إلى «أقصى قوة قتالية» في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا. وأضاف أن الجيش الروسي يحاول جمع قوات ساحقة لممارسة المزيد من الضغوط على القوات الأوكرانية، مشيراً إلى مدن سيفيرودونيتسك وليسيشانسك وباخموت وأفديفكا وكوراخوف وسلوفيانسك كأهداف رئيسية للجيش الروسي في المنطقة. وأضاف أن هناك أيضاً قصفاً في مدينة خاركيف وفي منطقة سومي في شمال شرقي البلاد.
تزامن ذلك، مع إعلان حاكم منطقة لوغانسك، سيرغي غايداي، أن القوات الروسية عملت، أمس، على تعزيز مواقعها في وسط مدينة سيفيرودونيتسك الاستراتيجية في شرق أوكرانيا. وكتب غايداي أن «الروس يواصلون هجومهم و يعززون مواقعهم في وسط سيفيرودونيتسك» التي أصبحت العاصمة الإدارية لمنطقة لوغانسك بالنسبة للسلطات الأوكرانية منذ استولى الانفصاليون الموالون لموسكو على مدينة لوغانسك عام 2014. ولفت إلى أن القوات الروسية تشن هجمات أيضًا في الأحياء الشمالية والجنوبية والشرقية في سيفيرودونيتسك.


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».