جرائم مرعبة يرويها ناجون في مخيم الهول شرق سوريا

مقتل 18 وإصابة 13 في محاولات اغتيال منذ بداية العام

جرائم القتل والاغتيال تؤرق سكان مخيم الهول (الشرق الأوسط)
جرائم القتل والاغتيال تؤرق سكان مخيم الهول (الشرق الأوسط)
TT

جرائم مرعبة يرويها ناجون في مخيم الهول شرق سوريا

جرائم القتل والاغتيال تؤرق سكان مخيم الهول (الشرق الأوسط)
جرائم القتل والاغتيال تؤرق سكان مخيم الهول (الشرق الأوسط)

لم يصحُ سكان مخيم الهول للنازحين الواقع على بعد نحو 45 كيلومتراً شرق محافظة الحسكة شرق سوريا، من هول الجريمة التي هزته الاثنين الماضي، والتي تمثلت بالعثور على لاجئة عراقية مفصول رأسها عن جسدها ويداها مربوطتان وعلامات ضرب مبرح في أنحاء متفرقة من جسدها. فسكان المخيم الذي يزيد عددهم على 55 ألفاً، تضاعفت مخاوفهم ورعبهم من حوادث الاعتداء والاغتيال والقتل؛ ما جعله أكثر الأماكن دموية في سوريا.
كثيرون من سكان المخيم أعربوا لـ«الشرق الأوسط» عن مخاوفهم وخشيتهم من التعرض لمثل هذه الحوادث المميتة التي تتكرر بشكل لافت؛ إذ أحصت إدارة المخيم خلال الشهر الماضي 6 جرائم قتل، إضافة إلى اعتداء على مقر منظمة إنسانية وتسجيل العشرات من محاولات الاغتيال.
ففي 30 من الشهر الماضي، أبلغ قاطنو المخيم قوى الأمن الداخلي (الأسايش) عن وجود جثة سيدة عراقية مقطوعة الرأس في مخيم الهول، لترتفع جرائم القتل منذ بداية العام الحالي إلى 18 حالة، بينها 9 حالات لاجئين عراقيين، ومسعف في نقطة طبية لمنظمة «الهلال الأحمر» الكردي. وبحسب تحقيقات قوى الأمن، قُتل غالبيتهم بأسلحة نارية وبعضهم بأدوات حادة. وذكر مصدر أمني بارز في المخيم، أنهم تلقوا شكوى وجود جثة امرأة مقطوعة الرّأس «كانت مرمية في وادٍ بين القطاعين، 2 المخصص للاجئين العراقيين والثّالث في المخيم. وبعد الكشف على الجثة تبين أنه مضى على قتلها أيام عدة؛ بناءً على الآثار التي ظهرت على الضحية».
ومن داخل المخيم، يروي الشاب العراقي هاني العمر البالغ من العمر 24 عاماً ويقطن في خيمة بالقطاع الخامس الخاص باللاجئين العراقيين ويعمل حارساً في منظمة إنسانية، كيف تعرض لمحاولة اغتيال ودخل عليه ذات ليلة قبل شهرين أربعة مسلحين مقنعين يحملون أسلحة خفيفة ورشاشة، طلبوا منه همساً ألا يصدر أصواتاً أو حركات تدعو للإغاثة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «ضربني أحدهم بالمسدس على وجهي بقيت يقظاً ليطلق آخر رصاصتين على وجهي في حين أكمل ثالثهم إطلاق النار فأصابني بست طلقات في كتفي، سقطت أرضاً وتظاهرت بأنني قد مت». وتلك التمثيلة أنجته من موت محتم، وبعد هروبهم تمكن هذا الشاب الذي بقي كتفه ووجه ينزفان بشدة من الوصول إلى الخيمة المجاورة طلباً للنجدة «قاموا بإسعافي للنقطة الطبية ليُكتب لي عمر جديد، ثم نقلوني لمنطقة آمنة تحت الحراسة وأخشى من التعرض لمحاولة قتل مرة ثانية».
وهذا الشاب قضى عشر سنين من حياته متنقلاً بين نازح داخل مناطق بلده العراق ولاجئ في سوريا بعدما هرب إليها أواخر 2017 ويعيش بمخيم الهول منذ 3 سنوات. أثناء حديثه وبشكل عفوي قام هاني بالكشف عن كتفه لتظهر الندوب والجروح المخيطة جراء اختراق رصاصات جسده النحيل، وكيف تم تخيط عشرات القطب ثم رفع فكي أسنانه، حيث خسر الفك العلوي من طاقم أسنانه نتيجة الإصابة التي تعرّض لها كادت تودي بحياته، وبلهجة عراقية وكلمات مبعثرة يصعب فهمها حاول الشاب تماسك نفسه ليتابع حديثه ليقول «محاولة قتلي لأنني أعمل في منظمة قريبة من بوابة المخيم، والتهمة أنني متعاون مع قوى الأمن الداخلي وهذه التهمة يلصقونها من قِبل خلايا (داعش) لكل من هم ضد تكفير التنظيم». وأشار إلى أن إدارة المخيم والمنظمات الإنسانية العاملة تسجل محاولات اغتيال بشكل متوسط من 3 إلى 5 حالات.
أما ناصر العواد، المتحدر من مدينة دير الزور شرقي سوريا ويقيم في مخيم الهول منذ أربع سنوات بعد اشتداد العمليات القتالية في مسقط رأسه، فتحدث كيف قُتل صديقه وجاره وتعرّض هو لثلاث طلقات الشهر الماضي استهدفت رأسه. وكانت تبدو آثارها واضحة، بعدما جاءت مجموعة ملثمة يلبسون الرداء الأسود وأخذوهم عند منتصف الليل. ويقول لـ«الشرق الأوسط» «قالوا إنهم رجال التنظيم (داعش) وتهمتنا التعاون مع الأجهزة الأمنية داخل المخيم، توسلت إليهم وقلت لهم أنا أعمل سائقاً مدنياً بمكتب الإغاثة بالمخيم وصديقي موظف بالمكتب نفسه»، لكن الجماعة قتلوا صديقه. أردوه قتيلاً أمام عينيه، في حين أصابوه بثلاث طلقات اخترقت إحداها رأسه، لكنه نجا بأعجوبة «لم أعلم ماذا حدث لنا لثاني يوم بعدما فُقت من التخدير وأنا في غرفة العمليات، وحتى اليوم تأتيني كوابيس لحظة مقتل صديقي».
وبحسب إحصاءات وسجلات إدارة المخيم، بلغ عدد الذين قُتلوا في المخيم منذ تأسيسه 148 شخصاً، في حين وصلت عدد عمليات الاغتيال إلى 103 حالات، من بينها ناصر وهاني، كما شهد المخيم مقتل 18 حالة منذ بداية العام الحالي وإصابة 13 آخرين، على الرغم من الجهود المكثفة لقوى الأمن الداخلي وحملاتها الأمينة الدقيقة للحد من وقوعها، كما أقدمت خلايا يشتبه بتعاملها مع «داعش» إحراق 23 خيمة بشكل متعمد منذ بداية العام وتهديد وترهيب قاطني تلك الخيام المخيم، في حين سجلت 13 حادثة احتراق خلال العام الفائت.
وعثرت قوى الأمن منتصف الشهر الماضي على جثة عراقي خمسيني من عمره مقتولاً عن طريق الشنق بظروف غامضة في القطاع الأول المخصص للعراقيين، ومعظم هذه العمليات الإرهابية تسجل ضد مجهول واشتكت اللاجئة العراقية هتوف (35 سنة) تدهور الأوضاع الأمنية في هذا المخيم، وأعربت عن أنهم يعانون الأمرّين، العيش وسط الخوف والرعب والحرمان من إمكانية العودة لبلدها، لتقول «حقيقة بخوف ورعب وما نعرف في الليل من سينقض علينا، وإذا هناك مافيا وعصابات وخلايا نائمة تتواجد كلها في المخيم، لا نعرف العدو من الصديق»، ومع مضي الأيام والأسابيع متثاقلة على هذه اللاجئة وأسرتها، حيث فقدت الأيام معناها، تنتظر بفارغ الصبر السماح بالعودة إلى مسقط رأسها، وإلى عائلتها المشتتة، ولقاء أهلها، وتضيف قائلة «الوضع هنا سيئة للغاية ويزداد سوءا كلما وقعت جريمة قتل أو حالة اعتداء ومحاولة قتل أحدهم، أقول في قرارة نفسي أنا أو زوجي الحالة التالية».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

في خضم المعارك ضد «الفصائل»... الأسد يصدر مرسوماً بإضافة 50 % إلى رواتب العسكريين

صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
TT

في خضم المعارك ضد «الفصائل»... الأسد يصدر مرسوماً بإضافة 50 % إلى رواتب العسكريين

صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)

أوعز الرئيس السوري بشار الأسد، (الأربعاء)، في مرسوم رئاسي، بإضافة نسبة 50 في المائة إلى رواتب العسكريين، في خطوة تأتي في خضم تصدي قواته لهجمات غير مسبوقة تشنها فصائل مسلحة في شمال محافظة حماة.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، نشرت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» نص المرسوم الذي يفيد بـ«إضافة نسبة 50 في المائة إلى الرواتب المقطوعة النافذة بتاريخ صدور هذا المرسوم... للعسكريين»، ولا تشمل الزيادة مَن هم في الخدمة الإلزامية أو المتقاعدين.

وجاء ذلك في وقت يخوض فيه الجيش السوري مواجهات شرسة ضد الفصائل المسلحة، تقودها «هيئة تحرير الشام»، جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بـ«تنظيم القاعدة»، في ريف حماة الشمالي، لصد محاولات تقدمها إلى مدينة حماة. وكانت الفصائل المسلحة تمكنت من السيطرة على غالبية أحياء مدينة حلب، التي باتت بكاملها خارج سيطرة الجيش السوري للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في عام 2011. واستنزفت الحرب عديد وعتاد الجيش السوري الذي خسر في سنوات النزاع الأولى، وفق خبراء، نصف عديده الذي كان مقدراً بـ300 ألف، جراء مقتلهم في المعارك أو فرارهم. ويضمّ الجيش السوري إجمالاً ثلاث مجموعات رئيسة، وهم: المتطوعون في السلك العسكري، وهم المستفيدون من مرسوم الأسد، والملتحقون بالخدمة العسكرية الإلزامية، والمكلفون بالخدمة الاحتياطية. وكان الجيش السوري أعلن في يوليو (تموز) أنه يعتزم تسريح عشرات الآلاف من الخدمة الاحتياطية حتى نهاية العام الحالي، ومثلهم العام المقبل. وجاء التصعيد العسكري غير المسبوق وهو الأعنف منذ سنوات، بعد أكثر من 13 عاماً على بدء نزاع مدمر استنزف مقدرات الاقتصاد، وانهارت معه العملة المحلية، وبات أكثر من ربع السوريين يعيشون في فقر مدقع، وفق البنك الدولي. ولطالما شكّل الالتحاق بالخدمتين الإلزامية والاحتياطية هاجساً رئيساً لدى الشباب السوريين الذين يرفضون حمل السلاح، خصوصاً بعد اندلاع النزاع الذي أدى إلى مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وأسفر عن نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها.