يواجه منتخب إيطاليا، بطل أوروبا، نظيره الأرجنتيني بطل أميركا الجنوبية، اليوم (الأربعاء)، على ملعب ويمبلي في لندن، في لقاء أطلق عليه تسمية «فيناليسيما».
وتأتي هذه المواجهة كجزء من مذكرة تفاهم متجددة بين الاتحاد الأوروبي (يويفا)، ونظيره الأميركي الجنوبي (كونميبول)، حتى عام 2028، والتي ستشهد إقامة نسختين أخريين.
وبعد نحو 11 شهراً على الانتصار القاري الذي حققته على الإنجليز في معقلهم، تعود إيطاليا إلى ملعب «ويمبلي» مجدداً لمواجهة ليونيل ميسي ورفاقه في المنتخب الأرجنتيني، باحثة عن شيء من المعنويات بعد فشل التأهل إلى نهائيات كأس العالم للمرة الثانية توالياً.
في المقابل، حظيت الأرجنتين بحق تمثيل «كونميبول» في هذه المباراة، بعدما أنهت انتظاراً دام 28 عاماً من أجل إحراز لقب بطولة كبرى، وذلك بتتويجها بـ«كوبا أميركا» على حساب البرازيل المضيفة بنتيجة 1 - صفر في يوليو (تموز) الماضي.
وفي ملعب ويمبلي ستعاود الطليان مشاعر متباينة، حيث كان هناك ظن بأن التتويج القاري في يوليو الماضي بالفوز على البلد المضيف بركلات الترجيح بعد التعادل 1 - 1 في الوقتين الأصلي والإضافي، هو نهاية لخيبة فشل التأهل إلى مونديال روسيا 2018 وبدء حقبة قد تقودها للفوز باللقب العالمي الأول منذ 2006 والخامس في تاريخها. لكن رجال المدرب روبرتو مانشيني الذين رفعوا الكأس الأوروبية هم ذاتهم الذين تذوقوا مرة أخرى مرارة الفشل في التأهل لمونديال 2022 بعد كابوس تكرر بإنهائهم التصفيات خلف سويسرا ثم بإقصائهم من نصف نهائي المسار الثالث للملحق الأوروبي بالسقوط القاتل في باليرمو أمام مقدونيا الشمالية (صفر - 1)، في سيناريو لم يكن يحلم به أكثر المتشائمين.
حتى ميسي أشار إلى أنه لا يمكنه أن يستوعب ما حصل، قائلاً: «من الجنون أن تفوز إيطاليا بكأس أوروبا ولا يمكنها المشاركة في المونديال... إيطاليا أحد أعظم المنتخبات في تاريخ المونديال». وأضاف: «كان من الممكن أن تكون إيطاليا أحد أبرز المرشحين للفوز بكأس العالم في قطر، والجميع يخشى مواجهتها».
مانشيني ما زال متحمساً لتكملة المشوار مع إيطاليا (أ.ف.ب)
ورغم الانتقادات الكثيرة التي طالته بعد كارثة باليرمو، كان مانشيني عازماً على مواصلة المشوار موضحاً: «ما زلت شاباً وهدفي الفوز بكأس أوروبا (تحقق الصيف الماضي) وكأس العالم. هدف الفوز بكأس العالم قد تأجل بعض الشيء (حتى 2026)... ما زلت متحمساً وأستمتع بعملي».
والآن وقبل التفكير بكأس أوروبا المقبلة عام 2024، أو كأس العالم بعدها بعامين، سيكون مانشيني أمام فرصة التكفير عن ذنبه من خلال قيادة بلاده إلى الفوز بما أطلق عليها مباراة الـ«فيناليسيما» والتغلب على ميسي ورفاقه.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقام فيها هذه المباراة بين بطلي أوروبا وأميركا الجنوبية، إذ أقيمت في مناسبتين سابقاً عام 1985 حين فازت فرنسا على أوروغواي، ثم توجت الأرجنتين بقيادة أسطورتها الراحل دييغو مارادونا في النسخة الثانية على حساب الدنمارك عام 1993. ويؤكد مانشيني: «ما زلنا نشعر بخيبة الإقصاء من تصفيات المونديال، كانت ضربة كبيرة، لكن علينا أن نبدأ من جديد».
لكن البدء من جديد لا يخصّ قطب الدفاع وقائد المنتخب جورجيو كيليني، الذي اختار هذه المباراة كي يقول وداعاً لـ«أتزوري»، بعدما كان يمني النفس بأن يسدل الستار على مسيرته الدولية الطويلة نهاية العام في المونديال القطري.
وستكون المواجهة ضد الأرجنتين الرقم 117 والأخيرة في مسيرته الدولية، ويأتي وداع المنتخب بعد رحيله عن يوفنتوس في نهاية الموسم الماضي، من دون أن يكشف عن وجهته المستقبلية، لكن المرجح أن تكون الدوري الأميركي.
ويودع ابن الـ37 عاماً المنتخب الإيطالي بحسرة عدم تمكنه من تحقيق النجاح معه في كأس العالم، إذ لم يكن ضمن التشكيلة التي توجت بطلة عام 2006، ثم خرج من الدور الأول لمونديالي جنوب أفريقيا 2010 والبرازيل 2014، قبل اختبار كابوس عدم التأهل لمونديالي روسيا 2018 وقطر 2022.
وعلّق مانشيني على قرار اعتزال كيليني دولياً بالقول: «لقد اتخذ قراره ويجب احترامه. من الطبيعي أن يسلك طريقاً آخر».
كيليني المتوج بطلاً لأوروبا يعود لويمبلي في آخر ظهور له بقميص إيطاليا (رويترز)
سيخسر المنتخب الإيطالي قطباً في دفاعه الشهير الذي ضم في فترة معينة ليوناردو بونوتشي وأندريا بارزاغلي أمام قطب آخر أسطورة هو حارس المرمى جانلويجي بوفون.
لطالما جسّد كيليني صفات المدافع الإيطالي الصلب الذي يهابه جميع المنافسين بسبب تميزه بالقوة البدنية الهائلة والتدخلات الصارمة، لكنهم كانوا يشيدون به على أنه مدافع نظيف والدليل على ذلك نيله بطاقتين حمراوين فقط في 430 مباراة خاضها بالدوري الإيطالي.
وقال كيليني الذي يُطلق عليه لقب «كينغ كونغ» بسبب لكمه بطنه لدى احتفالاته، في تصريحات عام 2020: «أستطيع أن أكون أبله، لكني لست قذراً إطلاقاً على الرغم بأنني ألحقت الأذى بمنافسين في بعض الأحيان».
بدأ مسيرته في صفوف ليفورنو في الدرجات الدنيا عام 2000 واستمر في صفوفه أربعة مواسم قبل أن ينضم إلى نادي فيورنتينا لموسم واحد، ومنه إلى يوفنتوس الذي أمضى معه 17 عاماً.
وسيستغل الإيطاليون المباراة أمام الأرجنتين لتكريم كيليني الذي توج معهم على الملعب نفسه بكأس أوروبا «أبطال ويمبلي» لكن من دون تشيرو إيموبيلي، وفيديريكو كييزا أو دومينيكو بيراردي للإصابة، لكن بمشاركة أحد أبرز نجوم البطولة القارية ليوناردو سبيناتسولا الذي استدعاه مانشيني إلى التشكيلة.
وأصيب ظهير روما بتمزق في أوتار الركبة خلال فوز منتخب بلاده على بلجيكا 2 - 1 في ربع نهائي كأس أوروبا، ولم يعاود اللعب حتى وقت سابق من هذا الشهر.
وسيستفيد مانشيني من المباريات الأربع المقبلة في يونيو ضمن دوري الأمم (ضد ألمانيا مرتين والمجر وإنجلترا)، ليبدأ عملية جديدة من البناء واستقدام وجوه جديدة في محاولة لإعادة الحياة والمعنويات لمنتخب في الحضيض.
من جهة الأرجنتين، يبدأ أبطال أميركا الجنوبية رحلة الاستعداد لمونديال قطر المقرر بين 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، و18 ديسمبر (كانون الأول)، ضمن مجموعة تضم السعودية والمكسيك وبولندا.
وسيحرص ميسي على أن يثبت لزميله في باريس سان جيرمان، كيليان مبابي، بأن مستوى كرة القدم في أميركا الجنوبية ليس بعيداً عن مستوى القارة العجوز، بعدما صرح الأخير الأسبوع الماضي، بأن كرة القدم في أميركا الجنوبية «ليست متقدمة بسبب نقص القوة لدى اللاعبين لتقديم مباريات عالية المستوى طوال الوقت».
ورأى مهاجم إنتر الإيطالي لاوتارو مارتينيز الذي سجل هدف فوز الأرجنتين بـ«كوبا أميركا» 2021 على البرازيل، أن هذه التعليقات «غير عادلة»، قائلاً: «سعيد للغاية بما نحن عليه»، لا سيما أن الغالبية العظمى من الدوليين الأرجنتينيين يلعبون في أوروبا، وبعضهم معروف جيداً للإيطاليين مثل مارتينيز، وباولو ديبالا (زميل كيليني في يوفنتوس حتى هذا الموسم)، وخواكين كوريا (إنتر) أو نيكولاس غونزاليس (فيورنتينا).
صحيحٌ أن الفريق الذي يدربه ليونيل سكالوني، لم يلتقِ بمنتخب أوروبي منذ أكثر من عامين ونصف العام (2 - 2 ضد ألمانيا في أكتوبر/ تشرين الأول 2019)، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية الفترة التي يمرّ بها وسلسلة المباريات الـ31 المتتالية من دون هزيمة (21 فوزاً و10 تعادلات)، ما يجعله قريباً من الرقم الذي حققته إيطاليا بالذات (سلسلة من 37 مباراة متتالية توقفت في أكتوبر بالخسارة أمام إسبانيا 1 - 2 في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية).