انتقلت الحرب الإيرانية الإسرائيلية الخفية إلى درجة أعلى من المصارحة، يتحدث فيها مسؤولون كبار من الجانبين بشكل علني عن التهديد بتصعيد سياسة الاغتيالات وعمليات التفجير على اختلافها. وبعد أن نشرت إيران قائمة بأسماء مسؤولين إسرائيليين مرشحين للاغتيال، نشر مسؤولون إسرائيليون تلميحات حول عمليات اغتيال وتفجير حصلت في الأسابيع الأخيرة على الأراضي الإيرانية، بواسطة خلايا عسكرية إسرائيلية عملت من داخل الأراضي الإيرانية.
وقالت مصادر أمنية في تل أبيب، أمس الاثنين، إن إسرائيل تأخذ بكل جدية التهديدات الإيرانية. ولذلك، قامت بتشديد تحذيراتها للمواطنين الإسرائيليين من السفر إلى تركيا وغيرها من الدول المحيطة بإيران، تحسباً من محاولات عملاء «الحرس الثوري» الإيراني لاستهدافهم للثأر من اغتيال العقيد في «فيلق القدس»، صياد خدائي، الذي تتهمه إسرائيل بقيادة الوحدة 804 المسؤولة عن التخطيط لاغتيالات ضد إسرائيليين في الخارج.
واغتيل خدائي أمام منزله في قلب طهران في 22 مايو (أيار)، وتنسب عملية اغتياله إلى جهات إسرائيلية. وجاء في بيان صادر عن «شعبة محاربة الإرهاب» في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أنه «منذ عدة أسابيع، وبشكل أكبر منذ اتهام إيران لإسرائيل بموت ضابط في الحرس الثوري، الأسبوع الماضي، يتزايد التخوف في جهاز الأمن من محاولات إيرانية لاستهداف غايات إسرائيلية في أنحاء العالم. وفي هذه الأثناء، يشدد مجلس الأمن القومي وجهاز الأمن، التحذير من السفر إلى تركيا، ويوضح أن مستوى الخطر مرتفع تجاه الإسرائيليين في هذه الدولة في هذه الأيام».
وتابع البيان أنه «وفقاً لجهات في جهاز الأمن، فإن هذه التحذيرات تأتي على خلفية تهديد حقيقي تجاه إسرائيليين في المنطقة التركية. مستوى التهديد ارتفع في دول أخرى لها حدود مع إيران. ولذلك، على مواطني إسرائيل الحفاظ على تيقظ والحرص على قواعد الحذر المطلوبة في أي رحلة إلى أي واحدة من هذه الدول».
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، أول من أمس إن طهران «ستدفع الثمن بالكامل» على التحريض على مهاجمة الإسرائيليين.
في طهران، اتهم قائد «الحرس الثوري»، اللواء حسين سلامي أمس، إسرائيل بالوقوف خلف اغتيال خدائي. وقال سلامي، في تصريحات أول من أمس الأحد، وأوردها موقع «سباه نيوز»، أمس، إن خدائي قضى «على يد أشقى الأشقياء، أي الصهاينة، وسوف نثأر له».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن سلامي قوله إن «العدو من قلب البيت الأبيض وتل أبيب، تعقب (خدائي) لأشهر وسنوات من بيت إلى بيت ومن زقاق إلى زقاق حتى تمكن من قتله».
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي عن مسؤول استخبارات لم تسمه، قوله إن إسرائيل أبلغت واشنطن بأنها هي من قامت باغتيال الضابط. وأضاف المسؤول أن تل أبيب أبلغت واشنطن أن الاغتيال هدفه تحذير لإيران لوقف عمليات وحدة سرية ضمن «فيلق القدس» الموكل العمليات الخارجية في الحرس. وكشف التلفزيون الرسمي الإيراني أن خدائي كان من كوادر «فيلق القدس» الموكل العمليات الخارجية في الحرس، وهو من مواليد عام 1972 في محافظة أذربيجان الشرقية بشمال غربي إيران. وأوضح أنه كان «معروفاً» في سوريا.
وكان الرئيس إبراهيم رئيسي، قد لوح بـ«حتمية الثأر» للاغتيال، وهو أبرز استهداف معلن لشخصية إيرانية على أراضي منذ 2020 حين قتل مسؤول الأبعاد العسكرية والأمنية في الملف النووي الإيراني محسن فخري زاده برصاص استهدف موكبه قرب طهران. بالمقابل، نشرت تقارير إسرائيلية تفيد بأن خدائي «كان مسؤولاً عن التخطيط لهجمات ضد أهداف إسرائيلية وعمليات خطف إسرائيليين في الخارج أحبط الموساد بعضها».
بعد أيام من اغتيال صياد خدائي، أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية الخميس مقتل مهندس وإصابة آخر جراء «واقعة» قبل ذلك بيوم في وحدة أبحاث تابعة لها في منطقة بارشين جنوب شرقي طهران، والتي تضم مجمعاً عسكرياً يشتبه بأنه سبق أن شهد اختبارات تفجير على صلة بالملف النووي.
وحسب محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رونين بيرغمان، المعروف بعمق علاقاته بالمصادر الأمنية، فإن «الحادث الذي وقع في منطقة بارشين قرب العاصمة طهران التي تضم مجمعاً عسكرياً، الأربعاء الماضي، والذي أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأنه جرى خلاله استهداف بطائرات مسيرة، واغتيال خدائي، وعمليات أخرى تمت في قلب طهران ومناطق أخرى من إيران، «يعكسان تغييراً في الاستراتيجية، ولو بشكل جزئي، ينعكس فيه مفهوم قتالي أشد عنفاً تجاه إيران». وأكد أن مثل هذا التغيير في السياسة الإسرائيلية هو فقط من صلاحيات رئيس الحكومة، نفتالي بنيت.
وقام بيرغمان بالتوضيح أن «هذا التغيير الاستراتيجي الإسرائيلي بدأ في أعقاب محاولة إيرانية لشن هجوم على إسرائيل بطائرتين مسيرتين، في شهر فبراير (شباط) الماضي». وقال: «إسرائيل ترد في العادة على حدث كهذا بغارات ضد أهداف إيرانية في سوريا. لكن بعد 24 ساعة من إطلاق المسيرتين، قصفت طائرات مسيرة منشأة صنع وإطلاق طائرات مسيرة في كرمنشا، التي انطلقت منها المسيرتان اللتان تم إسقاطهما، ودمرت مئات الطائرات المسيرة الإيرانية. وإذا كانت إسرائيل تقف خلف هذه العملية، فإن هذا الرد يعتبر من نوع آخر مختلفاً بحدته وأبعاده».
وكانت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» قد نشرت أول من أمس قائمة من خمسة رجال أعمال إسرائيليين ممن كانوا مسؤولين كباراً سابقين في الأجهزة العسكرية، وضعتهم في خانة المرشحين للاغتيال، بدعوى أنهم متورطون في أعمال تخريب في إيران، وقد نشرت أسماءهم وصورهم وتفاصيل دقيقة عن حياة كل منهم وعائلاتهم وعنوان السكن الدقيق لهم، والخمسة هم: الجنرال عاموس مالكا، الرئيس السبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي «أمان»، وعمير مفينتال، المؤسس والمدير العام في شركة السايبر «سايلوس»، وغال غانوت، المدير السابق لشركة السايبر «أناليزا» وعينبال أرئيلي، مؤسسة شركة الهايتك «سينسيسيس»، وعمير ميلتسر، أحد كبار الخبراء في الحرب الإلكترونية الدفاعية.
تبادل للتهديدات الإسرائيلية والإيرانية بتوسيع عمليات الثأر
محللون يتحدثون عن تغيير استراتيجي في سياسة العمليات على أرض طهران
تبادل للتهديدات الإسرائيلية والإيرانية بتوسيع عمليات الثأر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة