اليسار يطرق أبواب السلطة في كولومبيا

إيفان دوكي دعا إلى انتقال حكم منظم وسط مخاوف من اندلاع أعمال عنف

شرطي يفتش ناخباً خارج مكتب اقتراع في بوغوتا، 29 مايو (أ.ف.ب)
شرطي يفتش ناخباً خارج مكتب اقتراع في بوغوتا، 29 مايو (أ.ف.ب)
TT

اليسار يطرق أبواب السلطة في كولومبيا

شرطي يفتش ناخباً خارج مكتب اقتراع في بوغوتا، 29 مايو (أ.ف.ب)
شرطي يفتش ناخباً خارج مكتب اقتراع في بوغوتا، 29 مايو (أ.ف.ب)

أدلى الكولومبيون، الأحد، بأصواتهم في انتخابات رئاسية تجري تحت شعار التغيير، فيما يتصدر السباق غوستافو بيترو، ليصبح في حال فوزه أول رئيس يساري في تاريخ البلاد الحديث.
وافتتح الرئيس المحافظ المنتهية ولايته إيفان دوكي، الذي لا يمكنه الترشح لولاية جديدة، عملية الاقتراع رسمياً عبر الإدلاء بصوته في مركز اقتراع مجاور للمقر الرئاسي في بوغوتا، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ودعي نحو 39 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في 12 ألف مركز اقتراع لاختيار رئيسهم الجديد من بين ستة مرشحين، والأوفر حظاً بينهم هو السيناتور اليساري رئيس بلدية بوغوتا السابق غوستافو بيترو، الذي سيشكل فوزه، في حال حصل، زلزالاً سياسياً في بلد يسيطر فيه المحافظون على الحكم منذ عقود. وقال الرئيس دوكي للصحافيين بعد الإدلاء بصوته، «اليوم نحن الكولومبيين، نتوجه إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في هذه الانتخابات الرئاسية. أدعو جميع الكولومبيين إلى التصويت بحماسة وفرح، إلى التصويت بدون كراهية، بدون أحكام مسبقة، بدون تحيز». وأضاف: «لدينا واحدة من أقدم الديمقراطيات في هذا النصف من الكرة الأرضية. لدينا واحدة من الديمقراطيات الأكثر صلابة، وهي صلبة، لأن كل أربعة أعوام لدينا انتقال منظم».
وجرت الانتخابات في أجواء من التوتر السياسي الشديد، بعد أربع سنوات لم تشهد إصلاحات كبرى وطغت عليها الجائحة وركود اقتصادي وتظاهرات حاشدة في المدن وتفاقم العنف من قبل الجماعات المسلحة في الأرياف. وكشفت التظاهرات التي أطلقتها لجنة الإضراب الوطني في ربيع 2021 وقمعتها الشرطة بعنف، مدى الإحباط الشعبي، لا سيما بين الشبان، في مواجهة الفقر وعدم المساواة والفساد المستشري.
في المناطق الريفية، تصاعدت أعمال العنف مع تزايد سيطرة رجال العصابات والجماعات المسلحة المرتبطة بالاتجار بالمخدرات على المجتمعات المحلية، ما يقوض الإنجازات القليلة لاتفاق السلام الموقع عام 2016 مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك).
ونجح غوستافو بيترو، وهو مقاتل سابق تحول إلى الاشتراكية الديمقراطية، في الاستفادة من التعطش إلى «التغيير» الذي جعل منه شعار حملته. وأعلن بيترو خلال مناظرة أخيرة الجمعة: «هناك في نهاية المطاف خياران: إما نبقى على ما لدينا، الفساد والعنف والجوع، وإما نحدث تغييراً للمضي نحو السلام والتقدم المنتج وديمقراطية تتسم بالشفافية»، داعياً المواطنين إلى توحيد صفوفهم «من أجل الحياة»، وهو شعار آخر لحملته.
وهي ثالث مرة يخوض بيترو (62 عاماً) انتخابات رئاسية، ويرى العديد من الناشطين في ائتلافه اليساري «الميثاق التاريخي» الذي تصدر الانتخابات التشريعية في مارس (آذار) الماضي، أن هذه الانتخابات ستكون فاصلة. ويخوض بيترو الانتخابات مع مرشحته لنيابة الرئاسة فرانسيا ماركيز، وهي ناشطة من أجل حقوق النساء ومناهضة للعنصرية فرضت نفسها كإحدى الظواهر الطاغية في هذه الانتخابات.
في المقابل، فإن المرشح المحافظ فيديريكو غوتيريث، الرئيس السابق لبلدية ميديين (شمال غرب) الذي حصل على 27 في المائة من الأصوات، يقدم نفسه على أنه مدافع عن الكولومبيين «العاديين»، واعداً بإحلال «النظام والأمن».
وبعد اعتماده خطاباً تقليدياً يقوم على التنديد بـ«الشيوعية»، تبنى غوتيريث الذي يلقبه أنصاره بـ«فيكو»، شعار التغيير، مؤكداً أنه مرشح «المنطق». وقال خلال المناظرة، الجمعة، «ما أريده هو توحيد كولومبيا، لأنها بحاجة إلى تغيير. لكن هذا التغيير يجب أن يقودنا بالطبع إلى بر الأمان بدون أن يعرض البلد للخطر». وحرص خلال الحملة على النأي بنفسه من الرئيس المنتهية ولايته، ومن المركز الديمقراطي الحاكم بزعامة الرئيس السابق ألفارو أوريبي (2002 - 2010) الغارق في نزاعات قانونية.
ويواجه غوتيريث منافسة شديدة من المرشح المستقل رودولفو هيرنانديث، وهو رجل أعمال يبلغ 77 عاماً يعتمد خطاباً شعبوياً يندد بالفساد. ومن المقرر أن تجري الدورة الثانية في 19 يونيو (حزيران) في حال لم ينجح بيترو في إحراز غالبية 50 في المائة من الدورة الأولى.
وخيم استقطاب شديد على الحملة الانتخابية، وتخللتها تهديدات بالقتل موجهة إلى بيترو ومرشحته لمنصب نائبة الرئيس، ما حتم تأمين حماية متواصلة لهما بواسطة حاجز من الدروع المضادة للرصاص.
وحذرت بعثة مراقبة الانتخابات، وهي ائتلاف من المنظمات غير الحكومية، من أن الأيام الأخيرة كشفت عن «مستوى مرتفع من العنف والتضليل الإعلامي... على شبكات التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام». وبعد حصول تباينات قبل فرز الأصوات في الانتخابات التشريعية على حساب معسكره، أبدى بيترو مخاوفه الجمعة حيال «عدم وجود ضمانات» للانتخابات الرئاسية، لا سيما فيما يتعلق ببرنامج تعداد الأصوات، الذي لم يتم الكشف عنه في الوقت المناسب، على الرغم من تعليمات القضاء والحكومة. وكرر الجمعة: «لدينا شكوك»، مشدداً على احتمال حصول «تزوير».
وأعلن «الميثاق التاريخي» إرسال حوالي 69 ألف ناشط للإشراف على عمليات التصويت، مقابل 61500 ناشط من جانب «فيكو». كما تم نشر أعداد كبيرة من المراقبين الدوليين، من بينهم عناصر من بعثة منظمة الدول الأميركية والاتحاد الأوروبي الذي دعا إلى «الاعتدال والمسؤولية».
من جانبها، نشرت الحكومة 220 ألف عنصر إضافي من الجيش والشرطة في كل أنحاء البلاد، ما يرفع العدد الإجمالي إلى 300 ألف عنصر مكلفين ضمان الأمن خلال الانتخابات، يشرف عليهم 690 ألف مراقب.


مقالات ذات صلة

زعيم المعارضة الفنزويلية: كولومبيا هددت بترحيلي

الولايات المتحدة​ زعيم المعارضة الفنزويلية: كولومبيا هددت بترحيلي

زعيم المعارضة الفنزويلية: كولومبيا هددت بترحيلي

قال رئيس المعارضة الفنزويلية، خوان غوايدو، إن كولومبيا هددت بترحيله بعدما فرَّ من الملاحقة إلى بوغوتا، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، أمس (الخميس). وذكر غوايدو أن صوته «لم يكن مسموحاً بسماعه» في كولومبيا، حيث استضاف الرئيس جوستافو بيترو قمة دولية الأسبوع الحالي، في محاولة لحل الأزمة السياسية الفنزويلية. وقال غوايدو للصحافيين في ميامي إنه كان يأمل في مقابلة بعض مَن حضروا فعالية بيترو، لكن بدلاً من ذلك رافقه مسؤولو الهجرة إلى «مطار بوغوتا»، حيث استقل طائرة إلى الولايات المتحدة. وقامت كولومبيا بدور كمقرّ غير رسمي لسنوات لرموز المعارضة الفنزويلية الذين خشوا من قمع حكومة الرئيس نيكولاس مادورو

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)
أميركا اللاتينية بسبب «الآراء الهجومية» للرئيس... بيرو تسحب سفيرها لدى كولومبيا بصورة نهائية

بسبب «الآراء الهجومية» للرئيس... بيرو تسحب سفيرها لدى كولومبيا بصورة نهائية

أعلنت بيرو، أمس (الأربعاء)، أنها «سحبت بصورة نهائية» سفيرها لدى كولومبيا، متّهمة بوغوتا بالتدخل في شؤونها الداخلية بعد شهر من استدعاء سفيرها لدى المكسيك للأسباب نفسها. وقالت وزارة الخارجية البيروفية، في بيان، إن هذه الخطوة جاءت بعد «تدخل متكرر والآراء الهجومية» للرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بيترو حول الأزمة السياسية التي تمر بها بيرو بعد الإطاحة بالرئيس اليساري بيدرو كاستيو وسجنه في ديسمبر (كانون الأول). وأضافت الوزارة أن هذه التصريحات «أدت إلى تدهور خطير في العلاقة التاريخية للصداقة والتعاون والاحترام المتبادل التي كانت قائمة بين بيرو وكولومبيا». وخلال القمة الإيبيرية - الأميركية التي عُقد

«الشرق الأوسط» (ليما)
أميركا اللاتينية الرئيس الكولومبي يرى أن بلاده تتحمل جزءاً من المسؤولية في اغتيال رئيس هايتي

الرئيس الكولومبي يرى أن بلاده تتحمل جزءاً من المسؤولية في اغتيال رئيس هايتي

رأى الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو أن بلاده تتحمل جزءاً من المسؤولية في اغتيال الرئيس الهايتي جوفينيل مويز في عام 2021 على أيدي مرتزقة كولومبيين، معلناً أنه سيزور هايتي؛ في محاولة لإيجاد مَخرج للأزمة العميقة في هذا البلد. وقال الرئيس اليساري لوسائل إعلام في جمهورية الدومينيكان، حيث يشارك في قمة أيبيرية – أميركية: «أودّ الذهاب إلى هايتي، إنها مسألة تتحمّل فيها كولومبيا مسؤولية جزئية، أولاً لأن هايتي ساعدتنا في الماضي لكي نصبح دولة، وثانياً لأن الذين قتلوا الرئيس الهايتي كانوا مرتزقة من كولومبيا، ما أطلق أسوأ أزمة تشهدها هايتي في تاريخها». ولم يحدّد بيترو موعداً لزيارته المحتملة.

«الشرق الأوسط» (سانتو دومينغو)
أميركا اللاتينية الشرطة الكولومبية تلجأ لممارسات دينية لمكافحة الجريمة

الشرطة الكولومبية تلجأ لممارسات دينية لمكافحة الجريمة

لجأ قائد الشرطة الكولومبية مع شرطيين آخرين إلى ممارسات طرد الأرواح الشريرة والصلوات في جهودهم لمكافحة العصابات وكبار زعمائها من أمثال بابلو إسكوبار، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأكد الجنرال هنري سانابريا من مكتبه المليء بالرموز الدينية المسيحية، أن هذه الممارسات الدينية ساعدت الشرطة لأكثر من 50 عاماً من النزاع المسلح. وذكّر خصوصاً بالعمليات التي أفضت إلى القضاء على تاجر الكوكايين بابلو إسكوبار عام 1993، وعلى القائد العسكري للقوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) الملقب «مونو خوخي» عام 2010، وقائد المتمردين المسلحين ألفونسو كانو عام 2011. وقال سانابريا في مقابلة مع مجلة «سيمانا»، إن «وجود الشي

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)
أميركا اللاتينية شعار برنامج الدردشة الآلي «تشات جي بي تي» (أ.ف.ب)

في كولومبيا... جدل بعد استعانة قاضٍ بـ«تشات جي بي تي» لإصدار حكم

أثار قاضٍ ضجة في كولومبيا مع إعلانه أنه استخدم برنامج الدردشة الآلي، «تشات جي بي تي»، القائم على الذكاء الصناعي للحكم في قضية تتعلق بطفل مصاب بالتوحد، بحسب ما أفادت به مصادر متطابقة، أمس (الخميس)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقال القاضي خوان مانويل باديلا في تصريحات لإذاعة محلية: «هذا يفتح آفاقاً هائلة، اليوم قد يرتبط الأمر ببرمجية (تشات جي بي تي)، لكن في غضون ثلاثة أشهر يمكن الاعتماد على أي بديل آخر لتسهيل صياغة النصوص القانونية التي يمكن للقاضي الاستناد إليها». وشدد على أن «الهدف ليس استبدال القضاة». وفي حكم صدر في 30 يناير (كانون الثاني)، بتّ القاضي في طلب إحدى الأمهات لإعفاء ابنها ال

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

ريو دي جانيرو تحت تدابير أمنية مشددة بمناسبة «قمة العشرين»

جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
TT

ريو دي جانيرو تحت تدابير أمنية مشددة بمناسبة «قمة العشرين»

جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)

بمناسبة انعقاد قمّة «مجموعة العشرين»، تحوّلت ريو دي جانيرو القلب النابض بالسياحة وعذوبة الحياة في البرازيل إلى حصن خاضع لحماية مشدّدة في ظلّ انتشار الشرطيين والعسكريين بكثرة وكاميرات المراقبة بالآلاف.

وتستقبل «المدينة الرائعة» قادة العالم الذين يجتمعون الاثنين والثلاثاء في مقرّ متحف الفنون الحديثة في قلب واحة خضراء تطلّ على جبل باو دي أسوكار الشهير. لكن ريو المعروفة بشواطئها ومناظرها الطبيعية الخلّابة بين المحيط والجبل، لم تسلم من شرّ أعمال العنف. وخلال النصف الأوّل من العام، شهدت ثاني المدن البرازيلية الأكثر تعداداً للسكان 1790 جريمة قتل على الأقلّ، أي ما يعادل جريمة واحدة كلّ ساعتين ونصف الساعة، بحسب معطيات مجموعة «مونيتور دا فيولنسيا».

ويعدّ تنظيم حدث من هذا القبيل في قلب ريو «تحدّيا بالفعل»، حسبما أقرّ رئيس اللجنة البلدية المنظمة لقمّة العشرين لوكاس باديليا.

واستند الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى مرسوم حول ضمان إنفاذ القانون والنظام الذي يسمح بحشد الجيش في ظروف أمنية استثنائية. ونشر نحو 25 ألف جندي وشرطي في أنحاء المدينة كافة، بما في ذلك في الموانئ والمطارات. وتمركزت مركبات عسكرية مدرّعة في محيط متحف الفنون الحديثة على مقربة من وسط المدينة. ويقع المتحف بالقرب من مطار سانتوس دومونت المستخدم عادة للرحلات الداخلية الذي أغلق خلال القمّة الممتدّة على يومين.

ونُشر أكثر من 5 آلاف كاميرا لمراقبة الشوارع، فضلاً عن مسيرّات ومروحيات. وتبرز هذه الآلية الأمنية بشدّة بالقرب من الفنادق، حيث تقيم الوفود المقدّر عددها بنحو خمسين، التي تنطلق منها المواكب الرسمية. ويتألّف موكب الوفد الصيني الذي نزل في فندق عند سفح تلّة مطلّة على المحيط من 25 مركبة على الأقلّ. وتتولّى سفن تابعة للقوّات البحرية مراقبة الشاطئين الأكثر شهرة في ريو؛ كوباكابانا وإيبانيما، اللذين قُيّد النفاذ إليهما.

وبغية تيسير حركة السير في المدينة التي تضمّ 6 ملايين نسمة، أعلنت البلدية يومي انعقاد القمّة، الاثنين والثلاثاء، عطلة رسمية.

وبات للسكان ستة أيام عطلة على التوالي، إذ إن الجمعة 15 والأربعاء 20 نوفمبر (تشرين الثاني) هما أصلاً من العطل الرسمية. وأغلقت المؤسسات الإدارية والمصارف والمدارس أبوابها، في حين تبقى الحانات والمطاعم مفتوحة بمناسبة الحدث. وحذّر رئيس البلدية إدواردو باييس من أن «ريو لن تشهد فترة طبيعية»، داعياً السكان إلى «التعاون».