زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القوات التابعة لبلاده على الخطوط الأمامية في منطقة خاركيف بشمال شرقي البلاد، أمس الأحد، وذلك تزامناً مع احتدام المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية في إقليم دونباس.
وتمثل الزيارة أول ظهور رسمي له خارج منطقة كييف، منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط). ونقل موقع مكتب الرئيس على الإنترنت عنه قوله للجنود: «أنتم تخاطرون بحياتكم من أجلنا جميعاً ومن أجل بلادنا»، مضيفاً أنه أثنى عليهم ومنحهم هدايا. وكتب زيلينسكي في منشور مرافق لمقطع فيديو عن زيارته عبر تطبيق «تلغرام»: «2229 منزلاً مدمّراً في خاركيف وفي المنطقة. سنرمم وسنعيد الإعمار وسنعيد الحياة إلى خاركيف وكافة المدن والقرى الأخرى؛ حيث أتى الشرّ». وظهر زيلينسكي في المشاهد وهو يتفقد الدمار والسيارات المحطّمة على جانب طريق، مرتدياً بزة لونها كاكي، وسترة واقية من الرصاص، برفقة مساعدين وجنود مسلّحين.
وجاءت زيارة زيلينسكي مع احتدام المعارك الضارية في شرق أوكرانيا للسيطرة على إقليم دونباس؛ حيث تهدد القوات الروسية مدينتي سيفيرودونيتسك وجارتها ليسيتشانسك، بعد إعلان موسكو السيطرة على بلدة ليمان الاستراتيجية. وأعلن الحاكم الأوكراني لمنطقة لوغانسك سيرغي غايداي أنّ «الوضع يزداد سوءاً في ليسيتشانسك»، وقال عبر «تلغرام» إنّ «قذيفة روسيّة سقطت على مبنى سكني وقتلت فتاة على الفور، ونُقل 4 مصابين إلى المستشفيات». وشرح غايداي مستحضراً تدمير سينما وإلحاق أضرار بـ22 مبنى، أنّ المدينة شهدت أمس «يوماً صعباً».
وتشدد القوات الروسية الطوق على دونباس، لا سيما حول سيفيرودونيتسك؛ حيث «شن العدو عمليات هجومية» وفق ما جاء في تقرير صدر أمس الأحد عن رئاسة أركان الجيش الأوكراني.
وأكد رئيس بلدية سيفيرودونيتسك، أولكسندر ستريوك، أن «الروس استقدموا وسائل كثيرة لاقتحام المدينة، لكن لا يمكنهم القيام بذلك حتى الآن» مضيفاً: «نعتقد أن المدينة ستقاوم». وأشار إلى تفاقم الوضع الصحي في المدينة التي كان يسكنها مائة ألف نسمة قبل الحرب. وكتب مساء السبت على «تلغرام»، أن «القصف المتواصل» يجعل من الصعب إيصال إمدادات إلى المدينة، ولا سيما مياه الشرب، في حين أن الكهرباء مقطوعة عنها منذ أكثر من أسبوعين، مضيفاً أن «مركز المساعدة الإنسانية» فيها، علق نشاطه.
وأكدت وزارة الدفاع الروسيّة في بيان، أنّ قواتها دمّرت باستخدام صواريخ بعيدة المدى وعالية الدقة ترسانة مهمّة للجيش الأوكراني في منطقة دنيبرو (جنوب شرق). وبحسب البيان، استهدفت روسيا بصواريخ من الطراز نفسه خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية نظام دفاع جوي أوكراني بالقرب من ميكولايف، في منطقة دونيتسك، ومحطة رادار بالقرب من خاركيف، وخمسة مستودعات ذخيرة قرب سيفيرودونيتسك.
وحوّلت روسيا والقوات الانفصالية التابعة لها تركيزها الرئيسي على تطويق ليسيتشانسك وسيفيرودونيتسك، لإحكام سيطرتها على دونباس. وكان غايداي قد أفاد في وقت سابق بأن «الجيش الروسي ببساطة يدمّر سيفيرودونيتسك»؛ مشيراً إلى أنه دخل ضواحي المدينة؛ حيث تكبد «خسائر فادحة»، بينما تواصل القوات الأوكرانية محاولاتها لطرد الروس من فندق. وجاء ذلك رداً على مسؤول في شرطة «جمهورية» لوغانسك الانفصالية الموالية لروسيا، أعلن في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الروسيّة «ريا نوفوستي» الجمعة، أن «مدينة سيفيرودونيتسك محاصرة حالياً» والقوات الأوكرانية مطوقة فيها. كذلك أعلن زعيم جمهورية الشيشان الروسية رمضان قديروف، مساء السبت، على «تلغرام»، أن «سيفيرودونيتسك تحت سيطرتنا التامة... تم تحرير المدينة».
وإلى الغرب، أكدت وزارة الدفاع الروسيّة السبت السيطرة على بلدة ليمان، التي تشكّل معبراً نحو مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك الكبريين في دونباس، بعدما أعلن الانفصاليون الموالون لموسكو الجمعة «السيطرة التامة» على ليمان «بدعم» من القوات الروسية.
وكان زيلينسكي قد أقر في وقت سابق بأن «الوضع في هذه المنطقة من دونباس صعب جداً» في ظل القصف المدفعي والصاروخي المركز عليها؛ لكنه أضاف: «إذا كان المحتلون يعتقدون أن ليمان وسيفيرودونيتسك ستصبحان لهم فهم مخطئون. دونباس ستكون أوكرانية». وبعد فشل هجومها على كييف وخاركيف (شمال شرق) في بداية الحرب، ركزت القوات الروسية هجومها على شرق أوكرانيا، بهدف معلن هو السيطرة على حوض دونباس الغني بالمناجم والخاضع جزئياً منذ 2014 لسيطرة الانفصاليين المدعومين من موسكو.
في غضون ذلك، وصلت أسلحة غربية متطورة إلى القوات الأوكرانية، إذ أعلنت الإذاعة العامة البولندية أمس، نقلاً عن مصدر حكومي، أن بولندا قدمت 18 مدفعاً من نوع «هاوتزر» ذاتي الحركة طراز «إيه إتش إس كراب» في الوقت الذي تحاول فيه كييف صد هجوم روسي كبير في دونباس. وكانت أوكرانيا قد طلبت من الغرب أن يقدم لها مزيداً من الأسلحة الأبعد مدى لتغيير مسار الحرب. والحد الأقصى الذي تصل إليه قذائف المدفع «إيه إتش إس كراب» هو 40 كيلومتراً. وذكرت الإذاعة أن بولندا دربت أيضاً مائة من رجال المدفعية الأوكرانيين على تشغيل مدافع «هاوتزر». وذكر وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، السبت، أن أوكرانيا بدأت في تلقي صواريخ «هاربون» المضادة للسفن من الدنمارك، ومدافع «هاوتزر» ذاتية الحركة من الولايات المتحدة.
وأعلنت وسائل إعلام أميركية أن واشنطن تستعد لتسليم قاذفات صواريخ متعددة بعيدة المدى، من طراز «MLRS M 270» إلى كييف التي تطالب بها للتصدي للقصف الروسي المركز. ولم يؤكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي التقارير الصحافية عن إرسال هذه الآليات الحديثة، البالغ مدى نيرانها 300 كيلومتر؛ لكنه أكد أن الولايات المتحدة ستواصل مساعدة أوكرانيا على «الانتصار في ساحة المعركة». كما تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بمواصلة دعم أوكرانيا «بما في ذلك المساعدة في تأمين المعدات التي تحتاج إليها»، في اتصال هاتفي السبت مع زيلينسكي، كما ذكر مكتبه.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد شدد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز السبت، على «خطورة مواصلة إغراق أوكرانيا بأسلحة غربية، محذراً من مخاطر زعزعة أكبر للوضع ومفاقمة الأزمة الإنسانية»، وفق الكرملين.
وبعد أكثر من 3 أشهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا (في 24 فبراير)، طلب الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني من الرئيس الروسي خلال الاتصال الهاتفي، الدخول في «مفاوضات مباشرة جدية» مع نظيره الأوكراني، وإطلاق سراح 2500 مقاتل أوكراني كانوا متحصنين في مجمع أزوفستال الصناعي في ماريوبول (جنوب شرق) وسلموا أنفسهم إلى القوات الروسية.
من جهته، أكد بوتين، حسبما أفاد الكرملين، أن روسيا تبقى «منفتحة على استئناف الحوار» مع كييف لتسوية النزاع المسلح، في حين أن مفاوضات السلام مع أوكرانيا متوقفة منذ مارس (آذار).
وفي شأن ذي صلة، أكد بوتين خلال اتصاله مع نظيريه الفرنسي والألماني، استعداد بلاده للمساعدة في تصدير الحبوب من أوكرانيا «بلا قيود». وأفاد الكرملين في بيان صدر في ختام المكالمة، بأن «روسيا مستعدة للمساعدة في إيجاد حلول من أجل تصدير الحبوب بلا قيود، بما في ذلك الحبوب الأوكرانية الآتية من المرافئ الواقعة على البحر الأسود». وقال بوتين إن الصعوبات المتصلة بالإمدادات الغذائية سببها «سياسة اقتصادية ومالية مغلوطة من جانب الدول الغربية، إضافة إلى العقوبات على روسيا».
وفي ماريوبول التي تعرضت للقصف الروسي على مدى 3 أشهر، ودمرت بالكامل قبل أن تسقط الأسبوع الماضي، أعلنت وكالة الأنباء الروسيّة «تاس» السبت، نقلاً عن هيئة إدارة المواني الموالية لروسيا، دخول أول سفينة شحن إلى ميناء المدينة الواقعة في جنوب شرقي أوكرانيا. وعلّقت البحريّة الأوكرانيّة على «فيسبوك»، واصفة الإعلان بأنّه «تلاعب»؛ لأنّ مجموعات السفن الروسيّة «تواصل منع الملاحة المدنيّة في مياه البحر الأسود وبحر آزوف، متجاهلة قوانين الملاحة الدوليّة».
الرئيس الأوكراني في شرق البلاد للمرة الأولى منذ بدء الحرب
وصول مزيد من الأسلحة الغربية إلى كييف وسط احتدام المعارك في دونباس
الرئيس الأوكراني في شرق البلاد للمرة الأولى منذ بدء الحرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة