القوات التركية تستهدف قوات مدعومة من واشنطن شمال سوريا

الإدارة الذاتية تطالب بقوات «حفظ سلام» على حدودها مع النفوذ التركي

TT

القوات التركية تستهدف قوات مدعومة من واشنطن شمال سوريا

قصفت القوات التركية ريف مدينة منبج شرق محافظة حلب، واستهدفت بمدفعيتها الثقيلة قرى زور مغار والمحسنلي واليالنلي والصيادة بالريف الشمالي الغربي للمنطقة، وهذه المناطق خاضعة لقوات «مجلس منبج العسكري»، التابعة لقوات «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن.
وقال القيادي شرفان درويش الناطق الرسمي للمجلس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن القصف التركي «مصدره القاعدة التركية المقابلة لقرية شيخ الناصر، وتقع 14 كيلومتراً شمال غربي منبج، واستُهدفت بعشرات قذائف المدفعية الثقيلة و(الهاون)، وطال قرية أم جلود شمالاً بالأسلحة المتوسطة والثقيلة»، مشيراً إلى أن القصف تسبب بحالة من الذعر والخوف بين سكان المنطقة، على اعتبار هذا الشريط الحدودي يُعد منطقة تماس وخطوط جبهة بين الجهات السورية المتحاربة؛ تسيطر عليها فصائل سورية وتركية غرباً، في حين تسيطر «قسد» على جهتها الشرقية، وهي مأهولة بالسكان والمدنيين، وتتعرض بشكل دائم للقصف التركي.
سياسياً، أكد «المجلس الوطني الكردي» المعارض، وهو تحالف كردي عريض يضم أحزاباً سياسية وشخصيات مستقلة وتيارات مدنية وشبابية، معارضته لأي هجوم تركي ضد أي منطقة سورية، وقال شلال كدو رئيس «حزب اليسار» الكردي، أحد الأحزاب المؤسسة للمجلس والقيادي في «الائتلاف السوري» المعارض، إن «المجلس يعارض الهجمات التركية على أي منطقة سورية، فالوضع في سوريا لا يُحلّ عن طريق الحرب، بل عبر مفاوضات السلام والحوار، والهجمات العسكرية من أي جهة تزيد الوضع تعقيداً».
واستبعد المسؤول الكردي حدوث عملية عسكرية تركية جديدة في مناطق شمال شرقي سوريا، لغياب موافقة الدول الكبرى، الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية، وتابع كدو حديثه ليقول: «أنقرة تبحث عن ضوء أخضر أميركي أو روسي، وهما بحاجة إلى تركيا بهذه المرحلة من الحرب الروسية على أوكرانيا»، متهماً بأن مصير المناطق الكردية الخاضعة لسيطرة «حزب الاتحاد الديمقراطي» وقوات «قسد»، ليزيد: «حزب الاتحاد لا يمتلك أي مشروع سياسي مع الجانب الأميركي، ومصير كردستان سوريا دون اعتراف سياسي تتحمل مسؤوليته هذه الجهات»، لافتاً إلى غياب التوافق والوحدة الكردية بين أحزاب الحركة السياسية، وأضاف: «لو كانت هنالك إدارة مشتركة بين (المجلس الكردي) وحزب الاتحاد والمكونات الأخرى، لما تصاعدت تلك التهديدات، نظراً لأن المجلس يُعدّ تحالفاً كردياً مقبولاً أكثر لدى الأطراف السورية».
من جهة أخرى، ناشدت «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، مجلس الأمن والدول الفاعلة بالملف السوري ضرورة نشر قوات «حفظ سلام»، على الحدود الفاصلة بين مناطق نفوذها شرق الفرات وتلك الخاضعة لسيطرة فصائل سورية مسلحة موالية لتركيا، وقالت في بيان نُشر على موقعها الرسمي، أمس، إن «وجود قوات دولية لحفظ السلام ومنع خرق اتفاقيات وقف إطلاق النار الموقعة بين الدول الضامنة سيكون رادعاً للتهديدات التركية»، وشددت على أنها ستقاوم بكل إمكانياتها عبر حق الدفاع المشروع «عن مكاسب شعبنا ومبادئ ثورته، ولن نقبل هكذا سياسات احتلالية من تركيا وسنستمر في الدفاع عن مناطقنا»، وحذرت من أن العملية التركية المزمع تنفيذها ستوفر المناخ من جديد لعودة تنظيم «داعش» المتطرف لتهديد الأمن والاستقرار في مناطقها وباقي سوريا: «نهيب بأبناء شعبنا بمختلف مكوناته تبني خيار المقاومة والعمل لتحرير المناطق المحتلة من تركيا، ومنعها من تمرير سياساتها العدوانية وإبادة حق الشعب السوري».
وكانت المدفعية التركية قد قصفت، بقذيفتين مدفعيتين، أمس، محيط قرية أم حوش بريف حلب الشمالي، الواقعة على بُعد مئات الأمتار من نقطة تمركز قوات النظام السوري.
ونقل شهود عيان ومسؤول مدني أن القذائف سقطت بين قريتي أم الحوش والوحشية، على بُعد أقل من ألف متر من نقطة عسكرية تتبع النظام، واستهدفت القوات التركية قرى سموقة وأم القرى وسد الشهباء بعشرين قذيفة مدفعية خلَّفت أضراراً مادية جسيمة، وهذه المناطق متداخلة السيطرة بين «قسد» وقوات النظام.
وفي جبهات ريف الرقة الشمالي، تعرضت قرى كوبرلك وجرن بريف تل أبيض لقصف مدفعي تركي مكثف، وشهدت أجواء ريف محافظة الحسكة الشمالي تحليق طائرة استطلاع تركية ضخمة وطائرات مسيرة (درون) على سماء بلدة تل تمر وناحية أبو راسين ومنطقة حوض زركان، وكثفت قصفها المدفعي والصاروخي على المناطق المحاذية لحدود التماس بين مناطق «قسد» والفصائل الموالية لتركيا، وسقطت عشرات القذائف وسط أبو راسين تسببت بإلحاق أضرار مادية كبيرة بمنازل سكانها واشتعال النيران في ممتلكات الأهالي، وطال القصف قرى تل الورد وخربة شعير والكوزلية والغيبش وسكر حمير وطويلة وتل جمعة وتل كيفجي الآشورية.
بالتزامن، قصفت طائرات حربية روسية مناطق نفوذ فصائل سورية مسلحة موالية لتركيا، وأطلقت صاروخ جو في أجواء منطقة عمليات «نبع السلام» بريف محافظة الحسكة الشمالي الغربي، كما حلقت طائرات روسية مقاتلة في أجواء مناطق نفوذ «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في سماء بلدتي عامودا والدرباسية غرباً، ثم اتجهت نحو ناحية أبو رأسين (زركان)، لتحلق فوق أجواء مناطق الفصائل الموالية لتركيا، وأطلقت صاروخ «جو - جو» على مناطق الفصائل، دون ورود معلومات عن خسائر تُذكر، بحسب قيادي بارز من «مجلس تل تمر العسكري»، وسكان محليين، و«المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وأقلعت طائرة حربية روسية ليل السبت - الأحد، من قاعدتها بمطار القامشلي المدني، وحلقت في أجواء مدينة منبج بريف حلب الشرقي، كما أطلقت 3 مروحيات حربية روسية 6 غارات جوية صاروخية على محور تل أبيض بريف الرقة الشمالي، فوق مناطق الفصائل، نهاية الأسبوع الماضي.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).