لقاحات كورونا ليست السبب... أبرز الشائعات حول «جدري القردة»

مريض بجدري القردة بالكونغو (رويترز)
مريض بجدري القردة بالكونغو (رويترز)
TT
20

لقاحات كورونا ليست السبب... أبرز الشائعات حول «جدري القردة»

مريض بجدري القردة بالكونغو (رويترز)
مريض بجدري القردة بالكونغو (رويترز)

منذ أن بدأت حالات الإصابة بجدري القردة في الظهور في أوروبا، تمت مشاركة عدد هائل من المعلومات المزيفة حول الفيروس على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، في موقف شبيه إلى حد كبير بما حدث بعد تفشي فيروس «كورونا».
وتطرقت شبكة «بي بي سي» البريطانية إلى بعض هذه الشائعات المنتشرة عن «جدري القردة» على الإنترنت، وهي كما يلي:

* الحكومات ستفرض إغلاقاً جديداً
من أشهر الشائعات المنتشرة حول جدري القردة عبر الإنترنت هي إمكانية فرض الحكومات قيوداً جديدة على الحركة مثل تلك التي تم فرضها بعد انتشار «كورونا».
فقد شارك الكثير من رواد مواقع التواصل منشورات عن ضرورة الاستعداد «لعمليات إغلاق ضد جدري القردة».
وفي حين أن المخاوف من تفشي مرض جدري القردة مفهومة، يقول العلماء إن هذا الفيروس ليس مثل «كورونا»، وتوقعوا أن يكون انتشاره محدوداً.

ونظرا لوجود لقاحات وعلاجات متاحة بالفعل لجدري القردة، فإن تفشيه غالباً ما سيكون أصعب بكثير من «كورونا»، هذا بالإضافة إلى ظهور الأعراض على الأشخاص بعد وقت قصير من تلقي العدوى مما يسهل اكتشافهم وعزلهم.
لذا فإن القيود مثل عمليات الإغلاق أو التطعيمات الجماعية «لن تكون حقاً وسيلة للتصدي لهذا المرض»، كما يقول البروفسور بيتر هوربي، مدير مركز علوم الأوبئة بجامعة أكسفورد.
وبدلاً من ذلك، يتم حالياً توجيه تدابير العزل واللقاحات إلى الأشخاص المصابين بالعدوى أو المخالطين لهم.
وأكدت روزاموند لويس، المسؤولة في برنامج الطوارئ التابع لمنظمة الصحة العالمية، أنه لا توجد حاجة لحملات تطعيم جماعية، كما أوصت منظمة الصحة بعدم فرض أي قيود على السفر.

* جدري القردة تم إطلاقه من مختبر بيولوجي
تلك الشائعة التي تم الترويج لها مراراً خلال تفشي «كورونا»، لقت صداها أيضاً مع جدري القردة، حيث روّجت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي ومنافذ الأخبار في أوكرانيا وروسيا والصين والولايات المتحدة على وجه الخصوص لفكرة أن جدري القردة تم تسريبه من داخل مختبر لاستخدامه كسلاح بيولوجي.
وتقول عالمة الوراثة فاطمة توخمافشان إنه من الممكن تحديد منشأ الفيروس ومصدر انتشاره من خلال تسلسل الحمض النووي الخاص به.

وأضافت: «التسلسلات الجينية التي لدينا حتى الآن للفيروس تعود جميعها إلى سلالة جدري القردة التي تنتشر بشكل شائع في غرب أفريقيا. هذا يخبرنا أن هذا ليس شيئاً مصنوعاً في مختبر».
ويقول البروفسور هوربي: «كان هناك عدد قليل من الحالات في المملكة المتحدة في عامي 2018 و2021، وانتشار أكبر في الولايات المتحدة أيضاً في عام 2021، كل منها جلبه مسافرون بشريون أو حيوانات مستوردة. لذلك من المعقول تماماً أن هذا هو بالضبط ما حدث هذه المرة، وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً إلى حد بعيد. أما بالنسبة لفكرة أن جدري القردة هرب من المختبر فلا يوجد أي أساس على الإطلاق لهذا الادعاء».

* التفشي كان مخططاً له
هناك من يزعمون على الإنترنت أن تفشي جدري القردة الحالي كان مخططاً له بشكل متعمد -حيث أشار الكثيرون بإصبع الاتهام إلى الملياردير الأميركي والمؤسس المشارك لشركة «مايكروسوفت» بيل غيتس، أو كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة أنتوني فاوتشي.
ويتم تداول هذه الشائعة على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام الروسية، وعلى موقع التواصل الاجتماعي الصيني «ويبو».

وتشير الادعاءات إلى ورشة عمل أقامتها «مبادرة التهديد النووي (NTI)» الأميركية، المختصة بالأمن البيولوجي، في شهر مارس (آذار) 2021 وطُلب فيها من المشاركين تحديد كيفية الاستجابة لسيناريو خيالي عن انتشار جائحة عالمية مميتة، تتضمن سلالة غير عادية من فيروس جدري القردة، حول العالم.
وردت «مبادرة التهديد النووي» على هذه الشائعة بقولها إن «المخاطر التي يشكلها جدري القردة موثقة جيداً منذ سنوات، كما أن الحالات آخذة في الازدياد، مما يجعل اختيار هذا الفيروس خصوصاً في هذه الورشة أمراً طبيعياً».

* جدري القردة نتج عن لقاحات «كورونا»
يشير بعض الشائعات المنتشرة على مواقع التواصل إلى فكرة أن لقاح «أسترازينيكا» يستخدم عينة من الفيروس المسبب لنزلات البرد التي تصيب الشمبانزي، وبالتالي فإنه يمكن أن يكون قد تسبب في إصابة الأشخاص بجدري القردة.
ومع ذلك، فإن جدري القردة ناتج عن فيروس مختلف تماماً عن ذلك الموجود في لقاح «أسترازينيكا»، ويُعتقد في الواقع أنه يوجد في الغالب في القوارض، وليس القردة.

وروجت شائعات أخرى لفكرة أن لقاحات «كورونا» تقوم بتثبيط المناعة بطريقة ما، مما يجعل متلقي اللقاح أكثر عرضة للإصابة بعدوى أخرى.
وهذا الادعاء ليس له أساس في الواقع. فاللقاحات تحفز جهاز المناعة لديك، مما يجعله أكثر فاعلية في استهداف أي مرض أو عدوى.


مقالات ذات صلة

أرباح «المطاحن الرابعة» ترتفع 19.7 % وتتجاوز 45 مليون دولار في 2024

الاقتصاد صورة من داخل إحدى شركات المطاحن بالمدينة المنورة غرب السعودية (الهيئة العامة للأمن الغذائي)

أرباح «المطاحن الرابعة» ترتفع 19.7 % وتتجاوز 45 مليون دولار في 2024

ارتفع صافي ربح شركة «المطاحن الرابعة» بنسبة 19.7 في المائة ليبلغ 171 مليون ريال (45.6 مليون دولار) في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي أفراد من الجيش السوري يتجمعون وهم يتجهون نحو اللاذقية للانضمام إلى القتال ضد فلول الأسد في حلب (رويترز) play-circle

سوريا: تجدد الاشتباكات بين قوات الأمن و«الفلول» بريف اللاذقية

قالت وزارة الداخلية السورية، اليوم (الأحد)، إن إدارة الأمن العام أرسلت تعزيزات إضافية إلى منطقة القدموس بريف طرطوس.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف (إرنا) play-circle

قاليباف: التصريحات الأميركية الأخيرة «مجرد خداع لنزع سلاح إيران»

قال رئيس البرلمان الإيراني، الأحد، إن طهران لا تنتظر أي رسالة من واشنطن، معرباً عن الاعتقاد أن رفع العقوبات ممكن من خلال تقوية إيران وتحييد العقوبات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الأميركي دونالد ترمب في المكتب البيضاوي (رويترز)

أكثر من نصف الفرنسيين والألمان والبريطانيين يعتقدون أن ترمب «ديكتاتور»

يصف أكثر من نصف الفرنسيين والألمان (59 %) والبريطانيين (56 %) دونالد ترمب بـ«الديكتاتور».

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية مظاهرة بمناسبة «اليوم العالمي للمرأة» في إسطنبول (أ.ب)

اعتقال 200 امرأة في تركيا بعد مظاهرة بمناسبة «يوم المرأة العالمي»

أفاد منظمون بأن الشرطة التركية اعتقلت نحو 200 امرأة في إسطنبول، مساء السبت، إثر خروج مسيرة ليلية بمناسبة يوم المرأة العالمي شاركت فيها نحو 3 آلاف امرأة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».