«بوكو حرام» و«جيش الرب للمقاومة»... تهديدان مستمران للسلام والتنمية في أفريقيا

(تقرير اخباري)

ورشة عمل تدريبية لضحايا بوكو حرام نظمتها مجموعة استشارية للألغام في معسكر جوبيو بنيجيريا 6 مايو (رويترز)
ورشة عمل تدريبية لضحايا بوكو حرام نظمتها مجموعة استشارية للألغام في معسكر جوبيو بنيجيريا 6 مايو (رويترز)
TT

«بوكو حرام» و«جيش الرب للمقاومة»... تهديدان مستمران للسلام والتنمية في أفريقيا

ورشة عمل تدريبية لضحايا بوكو حرام نظمتها مجموعة استشارية للألغام في معسكر جوبيو بنيجيريا 6 مايو (رويترز)
ورشة عمل تدريبية لضحايا بوكو حرام نظمتها مجموعة استشارية للألغام في معسكر جوبيو بنيجيريا 6 مايو (رويترز)

تشكل جماعات متطرفة، مثل «بوكو حرام» في نيجيريا و«جيش الرب للمقاومة» في أوغندا، تهديداً خطيراً للسلام في القارة الأفريقية، لا سيما مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي توفر أرضاً خصبة لتجنيد عناصر جدد، وسط استغلال مثل تلك الجماعات لاحتياجات السكان.
ويقول الدكتور درامان شابي بوكو، وهو محاضر في العلاقات الدولية والسلام والأمن والدراسات الجيوسياسية ويركز بشكل خاص على أفريقيا والصين في جامعة باراكو ببنين، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، إن جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا و«جيش الرب للمقاومة» في أوغندا يشكلان تهديداً خطيراً للسلام والأمن والتنمية الأفريقية والدولية أيضاً.
وخرج كل من «جيش الرب للمقاومة» و«بوكو حرام» من الجزء الشمالي من أوغندا ونيجيريا، مستغلين افتقار المنطقة إلى التعليم، والفقر الجماعي والبطالة، والافتقار إلى الفرص الاقتصادية للشباب، وغياب الاحتياجات الأساسية.
وتمثل أفريقيا قارة استراتيجية للدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة. وتقدم الولايات المتحدة الدعم الاستراتيجي والمالي لنيجيريا وأوغندا لتحييد وهزيمة الجماعات المسلحة من غير الدول في أفريقيا.
وأدت الاستجابة الوطنية والإقليمية والدولية ضد «بوكو حرام» في نيجيريا و«جيش الرب للمقاومة» في أوغندا إلى تحسين جهود مواجهة التهديدات الأمنية في الدولتين. لكن وفقاً لمارتن غريفيث، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن الوضع لا يزال «خطيراً جداً جداً ومهدداً للغاية».
ولم ينخفض عدد عناصر جيش الرب للمقاومة بعد، ولا يزال التنظيم نشطاً ليس فقط في أوغندا، ولكن أيضاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان والسودان.
وفي عام 2021، كما ذكرت قناة «فرنس 24»، نفذت هذه الجماعة 42 هجوماً في العام الماضي، ما أسفر عن مقتل 31 شخصاً، فضلاً عن فرض السيطرة على 192 منطقة حدودية نائية بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
ويرى الدكتور درامان شابي بوكو أن على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن تكرر رسمياً دعمها لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية وتعزيز الديمقراطية، والحفاظ على تمويل متواضع لدعم الانتخابات من خلال تشجيع الجهود التي يبذلها «معهد الجمهورية الدولية» و«المعهد الديمقراطي الوطني» والمنظمات غير الحكومية الأخرى لمراقبة الحملات الانتخابية والاقتراع وفرز الأصوات وما بعد الانتخابات.
كما يجب على إدارة بايدن أيضاً حث الحكومتين النيجيرية والأوغندية على تعزيز وتشجيع السلام والديمقراطية في بلديهما. ويجب على المسؤولين الأميركيين تحديد حكام الولايات الذين يقدمون نموذجاً للحكم الرشيد والإعلان عن جهودهم. كما يجب على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مواصلة استراتيجيتها للعمل حصرياً مع حكومات الولايات التي لديها سجل جيد من الإنجازات. بالإضافة إلى ذلك، يقول شابي بوكو إنه يجب على الولايات المتحدة توسيع نطاق «برنامج فولبرايت»، وبرامج زمالة همفري، وبرامج التبادل الأخرى مع نيجيريا وأوغندا لتسليط الضوء على التزامهما بالديمقراطية وتعزيزه وبناء القدرة القيادية القوية للمجتمع المدني في نيجيريا وأوغندا. ومن المهم أيضاً تيسير السفر بين المواطنين النيجيريين الشماليين والأوغنديين والولايات المتحدة. وهذا من شأنه أن يشجع هذه الدول على إعطاء الأولوية للتعليم، لأن معظم الأفارقة يحلمون بالسفر إلى الولايات المتحدة.
ويجب على إدارة بايدن توجيه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وغيرها من الوكالات الأميركية ذات الصلة لاستكشاف المساعدات التقنية، التي يمكن أن تقدمها الولايات المتحدة للوكالات والمؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية العاملة في القطاعات الإنسانية والأمنية لمعالجة الاحتياجات والتحديات الفورية التي قد تهدد عمليات السلام والأمن في أفريقيا.
وينبغي للوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن تشجع وتيسر تنسيق جهودها من خلال توفير المناسبات والأماكن التي تجتمع فيها قيادتها.
ويضيف شابي بوكو أنه يجب على الولايات المتحدة أيضاً أن تعمل على دعم تعزيز آليات منع نشوب الصراعات والأمن المجتمعي على الصعيدين المحلي ومستوى الولايات لمساعدة المجتمعات المحلية على منع نشوب الصراعات والتوترات الناشئة في بورنو وكادونا (في نيجيريا) ومنطقة جولو (في أوغندا) وحلها، وإعادة تأهيل البنية التحتية المدنية والخدمات الأساسية لتعزيز شرعية الحكومة والاستجابة لاحتياجات المواطنين، ودعم إعادة إدماج المقاتلين السابقين، والميليشيات المدنية، وأولئك المرتبطين بالجماعات المتمردة، فضلاً عن التماسك الاجتماعي على المستوى المحلي على نطاق أوسع، مع رؤية طويلة الأجل نحو الوئام الاجتماعي والمصالحة.
وتعد ولاية كانو واحدة من 36 ولاية في نيجيريا وتقع في المنطقة الشمالية من البلاد. وهذه الولاية ذات الأغلبية المسلمة هي واحدة من 12 ولاية في نيجيريا تعمل بموجب الشريعة الإسلامية ضمن الإطار القانوني للدستور النيجيري. ووفقاً لمجلس العلاقات الخارجية، تحتاج الولايات المتحدة إلى وجود دبلوماسي في الشمال لفهم وتشكيل التطورات في تلك المنطقة المضطربة، خصوصاً مع اقتراب انتخابات عام 2023.
وينبغي لكل من القادة النيجيريين والأوغنديين التركيز على المسؤوليات الأخلاقية لقوات الأمن لحماية مواطنيهم بأي ثمن. ومن المهم بدء وتعزيز التعاون والتآزر بين القوات المدنية وقوات الشرطة العسكرية التي لا تزال حيوية لنجاح مهام هذه القوات. ومن المهم أيضاً تزويد قوات الأمن الأفريقية بمرتبات معقولة، يمكن أن تحفزها بشكل أفضل وتحد من الفساد.
وعلى الحكومتين النيجيرية والأوغندية توفير معدات عسكرية حديثة ومناسبة ودقيقة لقوات الأمن للقضاء على «بوكو حرام» و«جيش الرب للمقاومة».
وأخيراً، يقول شابي بوكو إن دعم المناطق الشمالية في نيجيريا وأوغندا يمكن أن يمنع ظهور الجماعات الإرهابية في المستقبل، ويجعل من الصعب على هذه الجماعات تجنيد أعضاء جدد. والواقع أن «بوكو حرام» و«جيش الرب للمقاومة» يجندان بسهولة الشباب الأميين والفقراء. ويجب على الولايات المتحدة تقديم الدعم المالي والسياسي لهذه الجهود.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».