«الشرق الأوسط» في مهرجان كان ـ 7 : أفلام كبيرة تتسرب إلى «فينيسيا» في ليلة جوائز «كان»

المهرجان يسدل ستارته بعد عودته المعمعة بكل ما أوتي من قوة

«بينوتشيو» لغويلرمو دل تورو
«بينوتشيو» لغويلرمو دل تورو
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان ـ 7 : أفلام كبيرة تتسرب إلى «فينيسيا» في ليلة جوائز «كان»

«بينوتشيو» لغويلرمو دل تورو
«بينوتشيو» لغويلرمو دل تورو

مع ختام الدورة الخامسة والسبعين من مهرجان «كان» السينمائي وإعلان النتائج مساء اليوم في حفل منتظر، يسدل المهرجان الأشهر ستارته على تجربة العودة إلى معمعة المهرجانات الكبيرة بكل ما أوتي من قوّة وشهرة واتصالات.
جهد كبير واكب هذا المهرجان الذي كان عليه أن يؤكد أنه ما زال الأول على هذا الكوكب من بعد غياب ثم عودة قلقة في العام الماضي. وهذا ليس صعباً تأكيده. لقد تحوّل المهرجان الفرنسي منذ سنوات بعيدة إلى حفل كبير يوزّع اهتماماته ما بين أجنحة العمل السينمائي المختلفة. هو للسينما الفنية وسينما المؤلف، وهو للسينما التجارية الكبيرة كما الصالات للعروض المتسابقة صوب الجوائز الأولى. وهو أيضاً سوق الأفلام الذي يرتع فيها المشترون والبائعون ويعيش تحت قببها أصحاب المؤسسات المختلفة حول العالم.
لكن الواقع هو أن المهرجان لم يعد ذلك الحدث الفني الفعلي الذي كان له منذ عقود. من ناحية غاب أساتذة الإخراج الكبار، ومن ناحية انجرف في توسيع قاعدة العلاقات العامة التي تفيد منهجه الجديد كمهرجان لكل شيء سينما.

- سهرة سينمائية
كل شيء، بما فيه الفن، لكن ليس تماماً كما لو كان الفن في صلبه. نعم أفلام كثيرة تعرض فيه وكلها تنتهج حالات وأساليب غير تجارية، لكن وجودها في هذا المحفل هو غرض تجاري بحد ذاته. غرض يفيد صانعي الأفلام إعلامياً سواء فازوا بالجوائز أم لا. يفيد الرغبة في التميّز وتسجيل حضور في التاريخ. يفيد المهرجان من حيث استعادة زبائنه المفضلين وإضافة جدد فوقهم.
وبما أن جل المعروض مرتبط تجارياً بصفقات الإنتاج والتوزيع فإن المرء ينتقل من اسم شركة إنتاج وتوزيع إلى اسم آخر ليكتشف أن كل ما يراه هو فرنسي مشترك أو فرنسي بالكامل. إذا لم يكن (كحال أفلام لديزني سبق عرضها هنا أو كحال فيلم توم كروز الجديد «توب غن: مافيريك») فإن السبب يعود إلى أن الفيلم المختار لتمضية سهرة سينمائية كبيرة أكبر من أن يتم تجاهله.
هذا الوضع لا يغيب عن المهرجانات المنافسة. أو - بالأحرى - عن المهرجانين المنافسين برلين وفينيسيا. إذا بدأ الفيلم المعروض على شاشاتهما تجد هناك حرية أكبر من تلك المتوفرة في المهرجان الفرنسي. حرية الانتقاء تبعاً للجودة بصرف النظر عن منتجيها.
المسألة، منذ سنوات عدة، أن مهرجان فينيسيا الإيطالي يمنح الناقد والمشاهد العادي قاعدة أعرض من العروض وحرية أكبر في الاختيارات. ليس هناك من رابط تسويق، لكن البزنس موجود على نحو فالت لا يعرقل المنحى الفني الكامل للمهرجان. الأفلام تأتي بسبب قيمتها الفنية وليس تبعاً لعقود مسبقة. الإنتاجات ليست مشتركة دوماً بين إيطاليا وسواها. القادمون إلى هناك، وهم في ازدياد، يغرفون من شعبية السينما وليس من شعبية الاحتفال ذاته.

من فيلم وس أندرسن «مدينة مذنبات»

- عودة صاحب روما
هذا العام كل الدلائل تشير إلى أن الدورة المقبلة من المهرجان الإيطالي ستعزز من هذه القيمة. مدير المهرجان ألبرتو باربيرا كتوم بشأن ما يقوم باختياره من أفلام، وهو كان ذكر في العام الماضي أن العديد مما عرضه مهرجان «كان» سبق وعرض عليه لكنه آثر عدم اختياره.
والناتج أن الدورة الماضية حفلت كالعادة بالأعمال المهمّة. ليس أن «كان» لم يحفل بها، لكن الحديث هنا عن تحرر المهرجان الإيطالي من القيود التي تقيد حركة المهرجان الفرنسي أكثر مما يجب.
على سبيل المثال، تعتزم أكبر شركتين للعروض المنزلية، وهما «أمازون» و«نتفليكس»، القيام بغارة كبيرة على الدورة المقبلة لمهرجان فينيسيا (تحمل الدورة الرقم 79 وتنطلق في الحادي والثلاثين من أغسطس (آب) وحتى العاشر من سبتمبر (أيلول). أرسلت «أمازون» عدداً من الأعمال التي تود عرضها في فينيسيا. أحدها الفيلم الجديد للإيطالي لوكا غوادانينو «عظام وكل شيء» (Bones and All) الذي هو اللقاء الثاني بين المخرج الإيطالي والممثل تيموثي شالامات بعد (ناديني باسمك).
أما «نتفليكس» فلديها أكثر من اشتراك مؤكد أحدها الفيلم الجديد لأليخاندرو غونزاليز إيناريتو الذي كان فيلمه «روما» فاز بذهبية المهرجان الإيطالي سنة 2018 وتوجه بعد ذلك ليتلقف جوائز الأوسكار في العام التالي. الفيلم الجديد عنوانه «باردو» الذي يجوب في المجتمع المكسيكي اليوم من جوانب شتى (كما يذكر السطر الوحيد المتوفر حوله حتى الآن).
سيجاوره على الأغلب الفيلم الجديد (للمكسيكي الآخر) غوليرمو دل تورو وعنوانه «بينكويو» مع كيت بلانشت وتيلدا سونتن وإيوان مكروغر. الفيلم من نوع الأنيميشن مع تصوير حي وهو الثاني المأخوذ عن رواية كارلو كولودي الشهيرة. الثاني من إخراج روبرت زميكيس وما زال طي التصوير.
للممثلة كيت بلانشت فيلم آخر قد يرى النور على شاشة «فينيسيا» هو Tar، كذلك الحال بالنسبة لتيلدا سونتن التي شوهد لها في كان «ثلاثة آلاف سنة من الشوق». فيلم سونتن الجديد عنوانه «الابنة الأبدية» لجوانا هوغ. أيضاً في جعبة «نتفليكس» «السبّاحون» لسالي الحسيني (حول حكاية مهاجر سوري) وفيلمان أحدهما لنواه بامبوخ («ضوضاء بيضاء») والثاني لسباستيان ليلو تحت عنوان «المتجول».
هذا الأخير من بطولة الممثلة الجديدة فلورنس بوف التي سنراها في فيلم آخر متوجه إلى فينيسيا وهو «لا تقلق يا حبيبي» للمخرجة أوليفيا وايلد.

- احتمالات أخرى
خارج ما ستوفره «نتفليكس»، أفلام عديدة أخرى من بينها الفيلم الجديد لوز أنرسن الذي اعتاد تفضيل مهرجان «كان» على سواه. ما يبدو ماثلاً أنه قرر نقل عتاده إلى المهرجان الإيطالي، إذ يشارف الآن على الانتهاء من تصوير فيلمه الجديد «مدينة مذنبات». وهو إن لحق بموعد «فينيسيا» فسيحضر مصحوباً بعدد وفير من أبطال الفيلم منهم مارغوت روبي وسكارلت جوهانسن وأدريان برودي وبل موراي.
المخرج الإيراني جعفر باناهي، المحكوم عليه بعدم العمل، لا يزال يجد طرقاً لتنفيذ أفلامه ولديه جديد وصلت نسخته إلى مكتب مدير المهرجان باربيرا قبل أيام. الفيلم «لا دبب» ويقال عنه إنه فيلم رومانسي (بذلك يختلف عن الأفلام الاجتماعية والسياسية التي اعتاد باناهي عليها).
والمخرج الفرنسي فلوريان زلر، الذي نال شهرته عبر فيلم «أب» (بطولة أنطوني هوبكنز) قد ينطلق إلى مدينة الغندول بفيلمه الجديد «الابن» (مع هيو جاكمان وأنطوني هوبكنز أيضاً. والأميركي دارن أرونوفسكي متحمس لقبول فيلمه الجديد «الحوت» مع برندان فريزر في البطولة.
وأخيراً وليس آخراً. ومن بين المحتشد بانتظار قرار باربيرا وفريقه فيلم يدور حول فضيحة هارفي ونستاين بعنوان «هي قالت» لماريا شرادر.


مقالات ذات صلة

«نورة»... من «كان» إلى صالات السينما بالرياض

يوميات الشرق انطلاق عرض فيلم «نورة» في صالات السينما بالرياض (تصوير: تركي العقيلي)

«نورة»... من «كان» إلى صالات السينما بالرياض

وسط مشاركة كبيرة من نجوم العمل ونخبة الفنانين والنقاد والمهتمين، شهدت صالات السينما في الرياض، الأربعاء، العرض الافتتاحي الخاص للفيلم السعودي «نورة».

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «نورة» حقق إنجازاً غير مسبوق للسينما السعودية (مهرجان البحر الأحمر)

عرض فيلم «نورة» بصالات السينما السعودية والعالمية 20 يونيو

أعلنت «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» عرض فيلم «نورة» في صالات السينما السعودية والعالمية بتاريخ 20 يونيو المقبل، بعد نجاحه اللافت خلال مهرجان «كان» السينمائي.

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما المخرج الأميركي شون بيكر الحاصل على السعفة الذهبية في مهرجان «كان» السينمائي عن «أنورا» (إ.ب.أ)

فيلم «أنورا» للأميركي شون بيكر يفوز بالسعفة الذهبية في مهرجان «كان»

حصل المخرج الأميركي شون بيكر البالغ (53 عاماً)، السبت، على السعفة الذهبية في مهرجان «كان» السينمائي عن «أنورا»، وهو فيلم إثارة في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (كان)
سينما «أنواع اللطف» (مهرجان كان)

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان (7): ساعات قبل ختام دورة «كان» الحافلة

في الساعة السابعة مساء بتوقيت فرنسا، يوم السبت، يبدأ حفل توزيع جوائز الدورة الـ77 من مهرجان «كان»، الذي انطلق في 14 مايو (أيار) الحالي.

محمد رُضا (كان)
سينما «هورايزن: ملحمة أميركية» (وورنر).

شاشة الناقد: أفلام عن الحروب والسلطة

HORIZON‪:‬ AN AMERICAN SAGA ★★★☆ إخراج: كيڤن كوستنر | وسترن | الولايات المتحدة | 2024 لجون فورد وهنري هاثاوي وجورج مارشال، فيلم وسترن مشترك حققوه سنة 1962 من…


شاشة الناقد: حرب ومجرم

لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
TT

شاشة الناقد: حرب ومجرم

لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)

‫ISRAEL PALESTINE ON SWEDISH TV 1958-1989 ★ ★ ☆‬

تاريخ القضية الفلسطينية على الشاشة السويدية

حسب المخرج السويدي غوران أوغو أولسن فإن هذا الفيلم استغرق 5 سنوات قبل إتمامه. 200 دقيقة من أرشيف التلفزيون السويدي الذي تابع الوضع الفلسطيني- الإسرائيلي منذ وثيقة هرتزل وتأييد بريطانيا لها حتى عام 1989 الذي كانت القضية ما زالت تبرح مكانها ما بين نازحين فلسطينيين وسُلطة إسرائيلية حاكمة.

يعرض المخرج مراحل مختلفة، بما فيها مرحلتا الحروب الصعبة التي خاضتها بعض الدول العربية، كما تلك العمليات الفدائية التي قام بها الفلسطينيون في ميونيخ وسواها. هذه التغطية الموسّعة تشمل الدور الذي لعبه ياسر عرفات خلالها والمحاولات الجادة أحياناً لإيجاد حلٍّ ما لقضية شعبين. أحدهما نزح من قراه ومدنه والآخر نزح إليها واحتلها.

كثيرٌ ممّا يعرضه الفيلم مرّ، مثل تاريخ في الأفلام الوثائقية المنتجة في الغرب (وبعض ما أُنتج في سوريا والعراق والأردن ولبنان في السبعينات والثمانينات). لذلك ليس هناك جديدٌ يُضاف فعلياً إلّا لمن فاتته تلك الأفلام ويتطلّع إلى عمل يستعرضها كاملة. هذا هو الدور المُناط بالفيلم الذي يوفّر أسبابه.

نقطتا اهتمام هنا، الأولى أنه مؤلّف من وثائقَ استخرجها أولسن من أرشيف ضخم للتلفزيون السويدي (SVT) وانكبّ عليها فحصاً ومحصاً حتى ألَّف هذا الفيلم الذي يُعيد الاعتبار لنوعٍ من العمل الصّحافي والريبورتاجات التلفزيونية في تلك الفترة. الثانية أن الفيلم يقف على الحياد غالباً، لكنه لا يُخفي أحياناً تعاطفاً مع الفلسطينيين في مشاهد عدّة تحيط بما عانوه.

* عروض مهرجان ڤينيسيا.

DON’T MOVE ★ ★ ★‬

تشويق يسود رغم ثغرات حكايته

الطلب بعدم الحركة موجه إلى بطلة الفيلم (كيلسي أسبيل). شابة خطفها مجرم (فين ويتروك) وحقنها بما يشلّ حركتها. تستطيع أن ترى وترمش وبالكاد تحرّك أصابع يديها لكنها، في غالب أحداث الفيلم، حبيسة هذه التركيبة التي وضعها المخرجان برايان نيتو وآدم شيندلر بعناية وبإخراج جيدٍ إلى حدٍ مقبول.

كيلسي أسبيل في «لا تتحركي» (هامرستون ستديوز)

ينطلق الفيلم من لحظات حاسمة. تقف بطلته على حافة جبلٍ تفكّر بإلقاء نفسها بعدما فقدت ابنها الصبي. يُنقذها الرجل نفسه الذي يريد قتلها. بذلك، المرأة التي كادت أن تنتحر هي نفسها التي باتت تصارع من أجل بقائها حيّة.

يختفي من الفيلم التبرير المطلوب للطريقة التي يتّبعها القاتل للتخلص من ضحاياه. إذا كان سيقتلهن لماذا لا يفعل ذلك مباشرة؟ هناك مفارقات أخرى كانت تتطلّب سدّ ثغرات، واحدة منها، أن المرأة تنطق لأول مرّة منذ اختطافها بعد دقائق من اكتشاف شرطي للحالة المريبة. لم تستطع أن تنطق بالكلمة المأثورة «Help» حينها، لكنّها نطقت بعد دقائق قليلة وتكلّمت بلا عناء. لو نطقت بها في الوقت المناسب لما تغيّر المشهد لأن المجرم سيقتل الشرطي في جميع الأحوال، ولكان الفيلم استفاد من تبريرٍ أقوى لشكوك رجل الأمن.

* عروض منصّات.

ذكرياتي مليئة بالأشباح ★★

الحرب السورية في ذكريات الذين عانوا

يتبع هذا الفيلم التسجيلي السوري، من إخراج أنَس زواهري، سلسلة الأفلام التي تناولت الحرب، مثل «آخر رجال حلب» و«العودة إلى حمص» و«لأجل سما»، التي دارت في مرحلة ما عُرف بـ«ثورة الربيع» قبل أكثر من 15 سنة. يختلف عنها بأنه لا يتقرّب من الجماعات التي حاربت الحكومة ويشيد بها، لكنه - في الوقت نفسه - بعيدٌ عن أن يصفّق لنظام أو يشيد به.

«ذكرياتي مليئة بالأشباح» (ويند سينما)

إنه عبارة عن ذكريات عدد من المتحدّثين وحكاياتهم خلال الحرب التي دارت حول وفي مدينة حمص خلال تلك السنوات. يوفّر صور دمار الأحياء ومقابلات مع أصحاب تلك الذكريات وهم ينبشون في ماضٍ قريب وما يحمله من آلام نفسية وعاطفية على خلفية ذلك الدمار. يختار الفيلم أن نستمع لأصوات أصحاب الذكريات في حين تتولّى الكاميرا تصويرهم صامتين ينظرون إليها أو بعيداً عنها. هذا بالطبع لجانب صور الأحياء والمباني والشوارع التي لا تعجّ بالحياة كسابق عهدها.

معظم ما يسرده الفيلم من ذكريات لا يُضيف جديداً ولا ينبش عميقاً. هو وصف مؤلم لحالات يمكن تقدير مصادر أحزانها وأسبابها، لكن الإخراج يختار أن يمضي في خطٍ غير متصاعدٍ ولا يتجنّب تكرار السّرد بالوتيرة نفسها (ولو بذكريات مختلفة). طبعاً لا يتوخّى المرء فيلماً يسرد ما هو حزين ومؤلم بفرح وغبطة أم بإثارة، لكن اعتماد توالي تلك الذكريات يؤدّي بعد سماعها إلى استقبالٍ يبدأ مثيراً للفضول وينتهي فاتراً.

* عروض مهرجان الجونة‫‫

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز