شاشة الناقد: حرب ومجرم

لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
TT
20

شاشة الناقد: حرب ومجرم

لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)

‫ISRAEL PALESTINE ON SWEDISH TV 1958-1989 ★ ★ ☆‬

تاريخ القضية الفلسطينية على الشاشة السويدية

حسب المخرج السويدي غوران أوغو أولسن فإن هذا الفيلم استغرق 5 سنوات قبل إتمامه. 200 دقيقة من أرشيف التلفزيون السويدي الذي تابع الوضع الفلسطيني- الإسرائيلي منذ وثيقة هرتزل وتأييد بريطانيا لها حتى عام 1989 الذي كانت القضية ما زالت تبرح مكانها ما بين نازحين فلسطينيين وسُلطة إسرائيلية حاكمة.

يعرض المخرج مراحل مختلفة، بما فيها مرحلتا الحروب الصعبة التي خاضتها بعض الدول العربية، كما تلك العمليات الفدائية التي قام بها الفلسطينيون في ميونيخ وسواها. هذه التغطية الموسّعة تشمل الدور الذي لعبه ياسر عرفات خلالها والمحاولات الجادة أحياناً لإيجاد حلٍّ ما لقضية شعبين. أحدهما نزح من قراه ومدنه والآخر نزح إليها واحتلها.

كثيرٌ ممّا يعرضه الفيلم مرّ، مثل تاريخ في الأفلام الوثائقية المنتجة في الغرب (وبعض ما أُنتج في سوريا والعراق والأردن ولبنان في السبعينات والثمانينات). لذلك ليس هناك جديدٌ يُضاف فعلياً إلّا لمن فاتته تلك الأفلام ويتطلّع إلى عمل يستعرضها كاملة. هذا هو الدور المُناط بالفيلم الذي يوفّر أسبابه.

نقطتا اهتمام هنا، الأولى أنه مؤلّف من وثائقَ استخرجها أولسن من أرشيف ضخم للتلفزيون السويدي (SVT) وانكبّ عليها فحصاً ومحصاً حتى ألَّف هذا الفيلم الذي يُعيد الاعتبار لنوعٍ من العمل الصّحافي والريبورتاجات التلفزيونية في تلك الفترة. الثانية أن الفيلم يقف على الحياد غالباً، لكنه لا يُخفي أحياناً تعاطفاً مع الفلسطينيين في مشاهد عدّة تحيط بما عانوه.

* عروض مهرجان ڤينيسيا.

DON’T MOVE ★ ★ ★‬

تشويق يسود رغم ثغرات حكايته

الطلب بعدم الحركة موجه إلى بطلة الفيلم (كيلسي أسبيل). شابة خطفها مجرم (فين ويتروك) وحقنها بما يشلّ حركتها. تستطيع أن ترى وترمش وبالكاد تحرّك أصابع يديها لكنها، في غالب أحداث الفيلم، حبيسة هذه التركيبة التي وضعها المخرجان برايان نيتو وآدم شيندلر بعناية وبإخراج جيدٍ إلى حدٍ مقبول.

كيلسي أسبيل في «لا تتحركي» (هامرستون ستديوز)
كيلسي أسبيل في «لا تتحركي» (هامرستون ستديوز)

ينطلق الفيلم من لحظات حاسمة. تقف بطلته على حافة جبلٍ تفكّر بإلقاء نفسها بعدما فقدت ابنها الصبي. يُنقذها الرجل نفسه الذي يريد قتلها. بذلك، المرأة التي كادت أن تنتحر هي نفسها التي باتت تصارع من أجل بقائها حيّة.

يختفي من الفيلم التبرير المطلوب للطريقة التي يتّبعها القاتل للتخلص من ضحاياه. إذا كان سيقتلهن لماذا لا يفعل ذلك مباشرة؟ هناك مفارقات أخرى كانت تتطلّب سدّ ثغرات، واحدة منها، أن المرأة تنطق لأول مرّة منذ اختطافها بعد دقائق من اكتشاف شرطي للحالة المريبة. لم تستطع أن تنطق بالكلمة المأثورة «Help» حينها، لكنّها نطقت بعد دقائق قليلة وتكلّمت بلا عناء. لو نطقت بها في الوقت المناسب لما تغيّر المشهد لأن المجرم سيقتل الشرطي في جميع الأحوال، ولكان الفيلم استفاد من تبريرٍ أقوى لشكوك رجل الأمن.

* عروض منصّات.

ذكرياتي مليئة بالأشباح ★★

الحرب السورية في ذكريات الذين عانوا

يتبع هذا الفيلم التسجيلي السوري، من إخراج أنَس زواهري، سلسلة الأفلام التي تناولت الحرب، مثل «آخر رجال حلب» و«العودة إلى حمص» و«لأجل سما»، التي دارت في مرحلة ما عُرف بـ«ثورة الربيع» قبل أكثر من 15 سنة. يختلف عنها بأنه لا يتقرّب من الجماعات التي حاربت الحكومة ويشيد بها، لكنه - في الوقت نفسه - بعيدٌ عن أن يصفّق لنظام أو يشيد به.

«ذكرياتي مليئة بالأشباح» (ويند سينما)
«ذكرياتي مليئة بالأشباح» (ويند سينما)

إنه عبارة عن ذكريات عدد من المتحدّثين وحكاياتهم خلال الحرب التي دارت حول وفي مدينة حمص خلال تلك السنوات. يوفّر صور دمار الأحياء ومقابلات مع أصحاب تلك الذكريات وهم ينبشون في ماضٍ قريب وما يحمله من آلام نفسية وعاطفية على خلفية ذلك الدمار. يختار الفيلم أن نستمع لأصوات أصحاب الذكريات في حين تتولّى الكاميرا تصويرهم صامتين ينظرون إليها أو بعيداً عنها. هذا بالطبع لجانب صور الأحياء والمباني والشوارع التي لا تعجّ بالحياة كسابق عهدها.

معظم ما يسرده الفيلم من ذكريات لا يُضيف جديداً ولا ينبش عميقاً. هو وصف مؤلم لحالات يمكن تقدير مصادر أحزانها وأسبابها، لكن الإخراج يختار أن يمضي في خطٍ غير متصاعدٍ ولا يتجنّب تكرار السّرد بالوتيرة نفسها (ولو بذكريات مختلفة). طبعاً لا يتوخّى المرء فيلماً يسرد ما هو حزين ومؤلم بفرح وغبطة أم بإثارة، لكن اعتماد توالي تلك الذكريات يؤدّي بعد سماعها إلى استقبالٍ يبدأ مثيراً للفضول وينتهي فاتراً.

* عروض مهرجان الجونة‫‫

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

الفيلم المصري «سنووايت» يُراهن على جمهور الخليج

يوميات الشرق لقطة من فيلم «سنووايت» (الشركة المنتجة)

الفيلم المصري «سنووايت» يُراهن على جمهور الخليج

يُراهن صناع الفيلم المصري «سنووايت» على عرضه بالصالات السينمائية بالخليج وتحقيقه نجاحاً عقب طرحه الشهر الماضي في مصر إذ تنطلق العروض من السعودية نهاية الأسبوع.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان اللبناني جورج خباز والممثلة الألمانية هانا شيغولا في فيلم «يونان» المرشّح لجائزة الدب الذهبي (إنستغرام)

جورج خبَّاز و«يونان» ينافسان على «الدب الذهبي»

يسافر الفنان اللبناني جورج خباز بعد أيام إلى برلين للمشاركة في مهرجانها السينمائي، حيث ينافس فيلم «يونان» الذي أدَّى بطولته على جائزة «الدب الذهبي» العريقة.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق إليان أغلقت الأدراج على مشروعات أفلامها (الشرق الأوسط)

المخرجة اللبنانية إليان الراهب: لا أحب الأفلام الروائية

قالت المخرجة اللبنانية إليان الراهب، إن أعمالها الوثائقية تحمل طابعاً سياسياً، وإن الأفلام الوثائقية قامت بالتأريخ للحرب الأهلية.

انتصار دردير (الإسماعيلية (مصر))
يوميات الشرق الممثلة ديمي مور تتلقى جائزة أفضل ممثلة خلال توزيع جوائز اختيار النقاد «كريتيكس تشويس» في لوس أنجليس (رويترز)

ديمي مور تفوز بجائزة «اختيار النقاد»... وتقترب من الأوسكار

فازت ديمي مور بجائزة أفضل ممثلة خلال توزيع جوائز اختيار النقاد «كريتيكس تشويس» الجمعة في لوس أنجليس.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق فيلم «The Seven Dogs» يتم تصويره في استوديوهات الحصن بالسعودية (حساب المستشار تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)

كواليس تصوير «The Seven Dogs» تحظى باهتمام في مصر

حظيت كواليس تصوير فيلم «The Seven Dogs» باهتمام في مصر، وتصدر اسم الفنان المصري كريم عبد العزيز مؤشرات البحث بموقع «غوغل» في مصر، الجمعة.

داليا ماهر (القاهرة )

نماذج لأفلام عن السُّلطة والقضايا الشائكة

جون هيرت في «1984» (ڤيرجن)
جون هيرت في «1984» (ڤيرجن)
TT
20

نماذج لأفلام عن السُّلطة والقضايا الشائكة

جون هيرت في «1984» (ڤيرجن)
جون هيرت في «1984» (ڤيرجن)

يكاد لا يخلو فيلم من حتمية المواجهة بين إنسان وآخر أو بين إنسان وظروف أو بينه وبين أي نوع من المخاطر خيالية كانت أو واقعية. في الحقيقة، هناك خيط رابط بين ألوف الأفلام، منذ بدء التاريخ، التي تتحدّث عن السّطوة أو السُلطة أو القوّة الطاغية رمزية كانت أو طبيعية أو مجتمعية.

حتى تلك التي لا تبدو موجهّة لتصوير صراع الفرد ضد الآخر (قد يكون متمثلاً في رحلة رجل وحيد في قارب أو متسلق جبال أو صراعه مع الظروف الصعبة أو غزاة من الأرض أو من كواكب أخرى) هي في حقيقتها عن مجابهة أو أكثر ضد ذلك الآخر أدمياً كان أو غير آدمي.

توم كروز في «تقرير الأقلية» (توتنتيث سنتشري فوكس)
توم كروز في «تقرير الأقلية» (توتنتيث سنتشري فوكس)

قاتل مقنّع

في أفلام الغرب الأميركي (القديم منه والحديث) تيمة واسعة الانتشار حول الغريب الذي يصل إلى البلدة ليكتشف أن هناك شريراً يمتلك الكلمة الفاصلة فيما يخص كل شيء فيها. الغالب هنا أن الشرير هو من طبقة أعلى من طبقة باقي قاطني البلدة. هو شخص جشع يُقاتل ويقتل في سبيل السيادة على البلدة أو المقاطعة لأن ذلك سيزيد من دخله.

يتبدَّى ذلك، على سبيل المثال فقط، في فيلم مارتن سكورسيزي الأخير «قتلة فلاور مون» (2023) حيث يعمد صاحب المصرف للجريمة ليؤمن وراثة أغنياء من غير البيض. في «Shane» لجورج ستيڤنز (1953) مشروع استيلاء على الأراضي الزراعية يتصدَّى له غريب (آلان لاد) دفاعاً عن المزارعين. في «غير المُسامَح» (Unforgiven) لكلينت إيستوود (1992)، المواجهة بين فلاَّح فقير (إيستوود) سيقوم بمهمَّة قتل مدفوعة الأجر وبين شريف البلدة (جين هاكمن) الذي يمثِّل السُلطة.

ويمكن الذهاب بعيداً إلى مغامرات «زورو» لأنها تقوم على هذا النحو من السُلطة يواجهها مقاتل مقنَّع هدفه مساعده العامَّة من الناس.

لا غِنى عن معاينة أدب ويليام شكسبير والأفلام التي حُقّقت عنه (بالمئات). إنه الصراع على السُلطة لكن بين مالكيها، كما الحال في «هاملت» و«ماكبث» و«الملك لير». وهي حتى في «روميو وجولييت» حيث العاشقين غير متساويين اجتماعياً وفي «تاجر البندقية» حيث المُرابي هو بمثابة الدولة العميقة في مفهوم اليوم.

والدولة العميقة موجودة في فيلمين من السبعينات لمخرج واحدٍ هو آلان ج. باكولا وهما «كل رجال الرئيس» (All the President‪’‬s Men) في 1976، وخصوصاً «مشهد المنظر» (A Parallax View) حيث يكتشف الصحافي وجود نظامٍ داخل النظام الأميركي يُدير البلاد.

لكن الأمر لا يحتاج إلى أفلام تعالج وضعاً فعلياً أو أفلام ذات دلالات واضحة لكي يُصوّب السّهم إلى السُلطة. قد يكون الوضع في نطاق المخلوقات الفضائية التي تزور الأرض لحكم من عليها كما في «حرب العالمين» (War of the World) بنسختي بايرون هاسكين (1957) أو ستيڤن سبيلبرغ (2005). أولهما يتبع تياراً من أفلام الخيال العلمي عن مخلوقات تريد استعمار هذا الكوكب من بينها (It Came from Outer Space) «جاء من الفضاء الخارجي» لجاك أرنولد (1953)، و«ناهشو الجسد» (Invasion of the Body Snatchers) لدون سيغل (1956).

نظرة إلى سلسلة «ستار وورز» (وعلى الأخص ثلاثيّتها الأولى) تأتي بنماذج عن الصراع ضد السُّلطة المتمثِّلة بشخصية «دارث ڤيدر». في فيلم سبيلبرغ الجيد «The Minority Report» في 2002 حكاية تقع في المستقبل حيث النظام الذي يحكم الولايات المتحدة، حسب الفيلم، يُسيطر على كل همسة وحركة يأتي بها الفرد.

وارن بيتي في «مشهد المنظر» (براماونت).
وارن بيتي في «مشهد المنظر» (براماونت).

توقعات أورويل

على أن ما تبديه بعض الأفلام كقراءات خلفية (أو بين اللقطات) هو واضح للعيان في أفلام أخرى. رواية جورج أورويل «1984» هي عن العالم وقد أصبح محكوماً بنظام فاشي. ليس أن ذلك حدث في الثمانينات كما توقع أورويل، لكن سبر غور الكيفية التي تُدار بها حياتنا اليومية الحاضرة حيث أجهزة المراقبة ترصد الناس في البيوت والشوارع والمعلومات التي تختزنها أجهزة الكمبيوتر والهواتف الجوَّالة وتتصرف بها على هواها.

نشوء الفاشية الإيطالية معبَّر عنه في أكثر من فيلم، من بينها عملان للمخرج برناردو برتولوتشي هما «1900» عن رجلين (جيرارد ديبارديو وروبرت دي نيرو) وُلد كلُ واحد منهما في جانب مواجه للآخر سياسياً. أحدهما اعتنق الفاشية والآخر ثار ضدها، و«الملتزم» (1970) حيث ينتمي بطل الفيلم جان - لوي ترتينيا للنظام الذي يطلب منه تصفية أعدائه.

وهناك مخرجون إيطاليون عديدون عاينوا تيمات الصراع ضد الفاشية (ممثلة بوضوح أو مغلَّفة) كما حال المخرجين باولو وڤيتوريو تاڤياني في «ليلة النجوم السائرة» (Night of the Shooting Stars) في 1982، وفيلم إيتوري سكولا «يوم خاص» (1970)، وأعمال سابقة لروبرتو روسيليني وڤيتوريو دي سيكا.

ولا نزال نتلقَّف كل عام أفلاماً معادية للنازية على غرار (The Zone Of Interest) «منطقة الاهتمام» لجوناثان غلازر في عام 2023.

هذا التيار المعادي للنازية يسير على خطِ أعمالٍ فنية قيِّمة مثل «مَفيستو» لإستفان شابو (1981) و«حياة الآخرين» (The Lives of the Others) لفلوريان هنكل ڤون دونرسمارك (1996). قبلهما وجَّه تشارلي شابلن رسالته المعادية للنازية في «الدكتاتور العظيم» (1940) وذلك قبل دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية.