مطور من ذوي الهمم يصمم لوحة مفاتيح لـ«الآيفون» و«الآيباد»

حسن حطاب قال إنه يعمل على تسهيل الكتابة واستخدام الرموز التعبيرية وإنشاء الاختصارات

تطبيق لوحة المفاتيح الكبيرة (الشرق الأوسط)
تطبيق لوحة المفاتيح الكبيرة (الشرق الأوسط)
TT

مطور من ذوي الهمم يصمم لوحة مفاتيح لـ«الآيفون» و«الآيباد»

تطبيق لوحة المفاتيح الكبيرة (الشرق الأوسط)
تطبيق لوحة المفاتيح الكبيرة (الشرق الأوسط)

«الحاجة أم الاختراع. وقد كنتُ في حاجة إلى لوحة مفاتيح تساعدني في أجهزتي ومعرفة ما أكتبه. وبدلاً من انتظار شخص ما للقيام بذلك، قمتُ بذلك بنفسي. أنا بعيد جداً عن أن أكون واحداً من بين أفضل المبرمجين، ومع ذلك، فقد نجحتُ في إنجاز ذلك بغضون أشهر قليلة، من دون وجود مطورين آخرين. وهناك دائماً ميزة يدعمها أو سيأتي ويدعهما أحد التطبيقات في (الاب ستور)». بهذه الكلمات بدأ المطور الإماراتي حسن حطاب قصة تطوير تطبيقه «بي كيه كيه».
تطبيق «بي كيه كيه»، أو ما يعرف بلوحة المفاتيح الكبيرة، هو تطبيق يعمل على تصميم لوحة مفاتيح داخلية بالحجم المناسب للمستخدمين في أجهزة الهاتف المحمول «الآيفون»، وأجهزة الحاسب اللوحي «آيباد»، إضافة إلى سهولة استخدامه، مع التحكم بمقاس الحروف والرموز التعبيرية، وإنشاء الاختصارات بشكل سهل؛ مما يعطي مرونة كبيرة في الكتابة، ويسمح برؤية ما يكتب بشكل واضح.
وعن فكرة التطبيق، قال حطاب لـ«الشرق الأوسط»، «إنها قصة طويلة. أولاً، أنا كفيف رسمياً، ولا أستطيع أن أرى كثيراً من دون استخدام (آيفون) ككاميرا لتكبير الأشياء، أو (ماك) لتكبير المستندات أو الاستماع إليها من خلال ميزة التعليق الصوتي (فويس أوفر)، ولطالما أحببت جهاز (الآيباد)، وأردت استخدامه من دون أجهزة إضافية (لوحة مفاتيح خارجية)، ولكن للأسف لم يكن ذلك ممكناً لأنني لا أشعر بلوحة المفاتيح الافتراضية على جهاز (آيباد)؛ ولأنني وجدت الأحرف صغيرة جداً على المفاتيح». وأضاف «عندما أعلنت (أبل) عن إمكانية دمج لوحات مفاتيح مُخصصة في نظام التشغيل (آي أو إس 8)، أسرعت بالمشاركة وبدأت بتعلّم طريقة تطوير لوحة مفاتيح تكون أسهل لي»، وقال «احتجت إلى بعض الوقت لمعرفة ما يناسبني والميزات المهمة التي يجب أن تشملها لوحة المفاتيح».
وأكد حطاب قائلاً «استغرقت بعض الوقت للتفكير في خطة وفي الميزات الأساسية التي يجب أن تشملها لوحة المفاتيح، ولكنني انشغلت في وظيفتي ذات الدوام الكامل. بعد ذلك بأشهر عدة، أخذت إجازة وركزّت على تطوير لوحة المفاتيح. ابتكرت إصداراً من (بيغ كيز كيبورد) (لوحة المفاتيح الكبيرة)، يعمل فقط على أجهزة آيباد، ووضعت فيه الكثير من الميزات الأساسية التي نتوقعها من لوحة مفاتيح».

                                                                                             حسن حطاب
وتابع حطاب «لكنني سرعان ما أدركت أنه يجب أن يدعم أجهزة
الآيفون أيضاً، فركزّت على جعل تطبيق (بيغ كيز كيبورد) يعمل على أجهزة (الآيفون) بجميع مقاساتها، وقد حقق الأمر نجاحاً كبيراً. استغرقت نحو 18 شهراً منذ البدء في تصميمات (بيغ كيز) (المفاتيح الكبيرة)، ومن ثم العمل على العروض التجريبية، والاختبار، وإضافة دعم (الآيفون)، وصولاً إلى أول إصدار من التطبيق».
وزاد حطاب «جاءني إلهام تصميم التطبيق، عندما أردتُ استخدام الرموز التعبيرية (الايموجي) بسهولة لأنها كانت صغيرة جداً بالنسبة لي. وثانياً، لتمكيني من استخدام جهاز (الآيباد) دون الاعتماد على حافظة تضم لوحة مفاتيح». مشيراً إلى أن تأثير التطبيق المقدر على التحكم في حجم الحروف وعلى رؤية الاقتراحات أو التصحيح باستخدام التصحيح التلقائي يجعل الأمور سهلة. كما أن القدرة على رؤية الرموز التعبيرية تُغيّر قواعد اللعبة.
وعن دعم «أبل» للتطبيق واستخدام تقنية معينة، قال حطاب «بالنسبة لي (أبل) تدعم المطورين بطرق عدة، وذلك من خلال تطوير النظام التي تطلقها في كل فترة مما يساعدنا كمطورين على تحديث تطبيقاتنا لتوفير تجربة مستخدم أفضل لمستخدمينا، بالإضافة إلى ذلك، فإن تحديثات الأمان والخصوصية التي توفرها (أبل) والتي لا تتواجد في المنصات الأخرى».
ويقول حطاب «تربطني علاقات وثيقة مع فريق المطورين في (أبل)، وهم يدعمونني منذ البداية، وهذه العلاقة لا تزال مستمرة حتى بعد إنجاز التطبيق، فقد عملت أخيراً مع المختصين في (أبل) على إضافة لوحة المفاتيح العربية للتطبيق، وحصلت على الدعم اللازم لجعل هذه الخطوة حقيقة لأنها كانت من ضمن خططي منذ وقت طويل».
وأكد حطاب، أن الوصول إلى العديد من ميزات تسهيلات الاستخدام، هو أمر رائع في نظام «آي أو إس»، كما يُسهّل برنامج «إكس كود»، دعم جميع المستخدمين ذوي الإعاقات البصرية، وذلك من خلال تجنب أي نهج مختلط، وتمكنتُ من تطوير تطبيق موثوق به، ولا يتطلب أشهراً عدة من العمل، كل عام، لدعم أحدث إصدار من «آي أو إس». وقال «أعلم أن بعض المطورين قد يصابون بالذعر في كل مرة يكون هناك تحديث لنظام التشغيل، ولكن هذا ليس هو الحال مع (بيغ كيز)، وتطبيقاتي الأخرى التي طورتها في (إكس كود)».
وأكد، أنه تأخر في إصدار لوحة المفاتيح العربية؛ وذلك بسبب فرضية أن الأمر سيستغرق أشهراً حتى تكتمل، وقال «أعلم كيف تختلف لوحات المفاتيح العربية عن اللاتينية. إلا أنني فوجئت عندما تمكنت من إكمال هذا العمل في غضون أيام قليلة. أنا سعيد جداً بالنتائج».
وعن الموضوعات الثلاثة الأولى التي تحتاج إلى التفكير عند إنشاء تطبيق، وإمكانية أي شخص إنشاء تطبيق، قال حطاب «أولاً، حدّد العملاء، فكّر مثل المستخدم الفعلي، أو ابحث عنه، واطلب دعمه لاختبار الفكرة، واكتشف ما إذا كان التطبيق موجوداً بالفعل في (أبل ستور)، وإذا لم يكن موجوداً، فهذا رائع. ولكن إذا كان موجوداً بالفعل في (أبل ستور)، فاختبره واكتشف ما إذا كانت فكرتك يمكن أن تكون أفضل، أو تُوفّر ميزات أفضل، وفي الواقع، يمكن لأي شخص أن يكون مطوراً؛ إذ تعمل (أبل) على تسهيل التطوير وتيسيره، خصوصاً مع واجهة المستخدم للبرمجة بلغة سوفت».
وعن سلوك المستخدم واحتياجاته، وإمكانية تكييف التطبيق لمواكبتها، يقول حطاب «أحرص على مواكبة التطورات وأواصل إضافة الميزات الجديدة لإبقاء المجتمع سعيداً وداعماً، وأحتاج إلى أن أقدم لهم الدعم لأحصل بالتالي على دعمهم”، مؤكداً أنه ليس من الصعب تطوير تطبيق، وأن الأمر أسهل في هذه الأيام»، وتابع «قم بالأمر فقط، ولا تُفكر وتقول لا أعرف كيف أفعل ذلك».
ويقول حطاب عن مؤتمر «أبل» المقبل وتأثيره على المطورين، إنّه فرصة لإضافة ميزات مذهلة إلى تطبيقاته أو لإنشاء تطبيق جديد. ويتابع «إنها فكرتي عنه منذ أن أعلنوا دعمهم للوحات مفاتيح الجهات الخارجية في نظام التشغيل (آي أو إس8) (حسبما أذكر)»، مشيراً إلى أنه يخطط لإضافة المزيد من اللغات، وتوفير دعم أفضل للتصحيح التلقائي والتنبؤ والبحث. كذلك هناك العديد من الميزات التي يمكنني إضافتها، وسرعان ما سيتمكن المستخدمون من تنزيل التطبيق مجاناً، والاشتراك للحصول على ميزات إضافية. كما أن لدي بعض الأفكار للتطبيقات الجديدة، وربما سترون بعضها قريباً».


مقالات ذات صلة

«أدنوك» لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز» بـ1.2 مليار دولار

الاقتصاد «أدنوك» لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز» بـ1.2 مليار دولار

«أدنوك» لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز» بـ1.2 مليار دولار

وقَّعت «أدنوك للغاز» الإماراتية اتفاقية لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز غاز آند باور المحدودة»، التابعة لشركة «توتال إنرجيز» الفرنسية، تقوم بموجبها بتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أسواق مختلفة حول العالم، وذلك لمدة ثلاث سنوات. وحسب المعلومات الصادرة، فإنه بموجب شروط الاتفاقية، ستقوم «أدنوك للغاز» بتزويد «توتال إنرجيز» من خلال شركة «توتال إنرجيز غاز» التابعة للأخيرة، بالغاز الطبيعي المسال وتسليمه لأسواق تصدير مختلفة حول العالم. من جانبه، أوضح أحمد العبري، الرئيس التنفيذي لـ«أدنوك للغاز»، أن الاتفاقية «تمثل تطوراً مهماً في استراتيجية الشركة لتوسيع نطاق انتشارها العالمي وتعزيز مكانتها كشريك مفضل لت

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الخليج مكتوم وأحمد نجلا محمد بن راشد نائبين لحاكم دبي

مكتوم وأحمد نجلا محمد بن راشد نائبين لحاكم دبي

‏عيّن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء، بصفته حاكماً لإمارة دبي نجليه الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً أولاً لحاكم إمارة دبي، وتعيين الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً ثانياً لحاكم الإمارة، على أن يمارس كلٌ منهما الصلاحيات التي يعهد بها إليه من قبل الحاكم. وتأتي خطوة التعيين للمزيد من الترتيب في بيت الحكم في إمارة دبي، وتوزيع المهام في الوقت الذي يشغل فيه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولاية العهد لحاكم دبي ورئيس المجلس التنفيذي. ويشغل الشيخ مكتوم إضافة إلى منصبه الجديد منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية في الإمارات، والن

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
يوميات الشرق الإماراتي سلطان النيادي أول عربي يسير خارج محطة الفضاء الدولية

الإماراتي سلطان النيادي أول عربي يسير خارج محطة الفضاء الدولية

سجل الإماراتي سلطان النيادي، إنجازاً عربياً جديداً كأول رائد فضاء عربي يقوم بالسير في الفضاء، وذلك خلال المهام التي قام بها أمس للسير في الفضاء خارج المحطة الدولية، ضمن مهام البعثة 69 الموجودة على متن المحطة، الذي جعل بلاده العاشرة عالمياً في هذا المجال. وحملت مهمة السير في الفضاء، وهي الرابعة لهذا العام خارج المحطة الدولية، أهمية كبيرة، وفقاً لما ذكره «مركز محمد بن راشد للفضاء»، حيث أدى الرائد سلطان النيادي، إلى جانب زميله ستيفن بوين من «ناسا»، عدداً من المهام الأساسية. وعلّق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على «تويتر»، قائلاً، إن النيادي «أول

«الشرق الأوسط» (دبي)
الخليج حاكم دبي يعيّن مكتوم بن محمد نائباً أول وأحمد بن محمد ثانياً

حاكم دبي يعيّن مكتوم بن محمد نائباً أول وأحمد بن محمد ثانياً

أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء، بصفته حاكماً لإمارة دبي، مرسوماً بتعيين نجليْه؛ الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً أول للحاكم، والشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً ثانياً، على أن يمارس كل منهما الصلاحيات التي يُعهَد بها إليه من قِبل الحاكم. تأتي خطوة التعيين للمزيد من الترتيب في بيت الحكم بالإمارة وتوزيع المهام، في الوقت الذي يشغل فيه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولاية العهد للحاكم ورئيس المجلس التنفيذي. والشيخ مكتوم بن محمد، إضافة إلى تعيينه نائباً أول للحاكم، يشغل أيضاً نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية الإماراتي، وال

«الشرق الأوسط» (دبي)
يوميات الشرق «فلاي دبي» توضح ملابسات اشتعال طائرتها بعد إقلاعها من نيبال

«فلاي دبي» توضح ملابسات اشتعال طائرتها بعد إقلاعها من نيبال

أعلنت سلطة الطيران المدني في نيبال، اليوم (الاثنين)، أن رحلة «فلاي دبي» رقم «576» بطائرة «بوينغ 737 - 800»، من كاتماندو إلى دبي، تمضي بشكل طبيعي، وتواصل مسارها نحو وجهتها كما كان مخططاً. كانت مصادر لوكالة «إيه إن آي» للأنباء أفادت باشتعال نيران في طائرة تابعة للشركة الإماراتية، لدى إقلاعها من مطار كاتماندو النيبالي، وفق ما نقلت وكالة «رويترز». وأشارت «إيه إن آي» إلى أن الطائرة كانت تحاول الهبوط بالمطار الدولي الوحيد في نيبال، الذي يبعد نحو 6 كيلومترات عن مركز العاصمة. ولم يصدر أي تعليق من شركة «فلاي دبي» حول الحادثة حتى اللحظة.

«الشرق الأوسط» (كاتماندو)

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
TT

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية، لشحن جوالاتهم وأجهزتهم البسيطة.

ومع دخول فصل الشتاء، زادت معاناة السكان في ظل البرد والغيوم الكثيفة ما حرم أصحاب الطاقة الشمسية من شحن مستلزماتهم، مثل الجوالات والبطاريات التي كان يعتمدون عليها لتشغيل التلفزيون أو الأجهزة الكهربائية.

ويقول وائل النجار الذي يعيش في حي النصر بمدينة غزة، إنه يملك ألواحاً عدة للطاقة الشمسية من أجل شحن البطاريات والجوالات للمواطنين الذين لا يتوانون في انتظاره أمام منزله منذ ساعات الصباح الباكر لشحن أجهزتهم من أجل استخدامها خصوصاً في ساعات الليل. ويوضح النجار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الغزيين في ظل الأجواء الشتوية وغياب الشمس خلال الأيام الماضية باتوا يعيشون ظروفاً صعبة، بعدما توقف عنهم المصدر الوحيد المتبقي للكهرباء، مضيفاً أن بعضهم، وخصوصاً في منطقة جباليا، لا يجد حتى الإنارة البسيطة. وتابع النجار: «خلال اليومين الماضيين، أمضى السكان لياليهم من دون كهرباء، كان مشهداً قاسياً يطبق تصريحات قادة الاحتلال بإعادة سكان غزة إلى العصر الحجري».

نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

«وضع لا يطاق»

بدورها، تقول فاطمة شاهين، النازحة من مخيم جباليا إلى حي النصر، أحد الأحياء الراقية في قطاع غزة قُبيل الحرب، إنها تعيش مع عائلتها المكونة من 16 فرداً في محل تجاري فارغ بعدما عجزت عن إيجاد مكان لعائلتها: «لكن في اليومين الأخيرين عانينا كثيراً من فقدان أبسط شيء في الحياة، وهو مصباح حتى أتمكن من رؤية زوجي وأبنائي». وتابعت فاطمة: «وصلنا إلى حال لا يطاق أبداً، حتى جوالاتنا البسيطة لم نستطع شحنها بعد أن رفض صاحب الطاقة الشمسية القريبة منا شحن أي جوالات أو بطاريات بسبب الأجواء الماطرة. في العادة، نعتمد على شحن بطاريتين أو بطارية بالحد الأدنى، للإنارة ليلاً، ومشاهدة التلفزيون لساعة أو ساعتين في أفضل الأحوال، لكن منذ أن نزحنا لم يعد يتوفر لدينا أي تلفزيون، والآن بالكاد نستطيع فقط إنارة المكان الذي نوجد فيه، حتى أن جوالاتنا التي نعتمد فيها على تشغيل إضاءتها لم نعد نستطيع شحنها لنتدبر أمورنا ليلاً».

فتاة فلسطينية تجلس وسط ركام مبنى مدمر بفعل القصف الإسرائيلي غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

«أسعار باهظة»

يُذكر أنه بعد يوم واحد فقط من هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قطعت إسرائيل خطوط الكهرباء التي تزود بها القطاع، ثم بعد أيام قامت طائرات حربية بقصف أهداف رئيسة لشركة الكهرباء، وكذلك محيط المحطة ما تسبب في أعطال كبيرة فيها، كما منعت إدخال الوقود لتشغيلها، ما أدى لتوقفها نهائياً وخروجها عن الخدمة، ليصبح قطاع غزة بأكمله من دون كهرباء. وأدت الحرب إلى تهافت الغزيين المقتدرين على شراء ألواح الطاقة الشمسية، ما رفع أسعارها بشكل كبير، حيث كان سعر الواحد يصل 700 شيقل فقط (نحو 200 دولار)، أما حالياً فيصل سعره إلى أكثر من 13 ألف شيقل (نحو 3500 دولار).

فلسطينية تتحدث عن المعاناة أمام خيمتها التي غمرتها المياه الناجمة عن ارتفاع منسوب مياه البحر والأمطار في خان يونس جنوب قطاع غزة الاثنين (رويترز)

خيام غارقة في المياه

ويقول التاجر جمال أبو ناجي إن «ارتفاع أسعار الطاقة بشكل جنوني كان بسبب فهم السكان أن الحرب ستطول، وأنهم سيحتاجونها لتدبير أمور حياتهم، لكنهم لم يدركوا حجم الدمار الذي سيلحق بمنازلهم، ولذلك دفع الكثير منهم أموالاً طائلة من دون أن يستفيدوا من شراء الطاقة الشمسية، خصوصاً أن الاحتلال أوقف إدخال كل مشتقات الوقود، وبذلك توقفت المولدات الكهربائية عن العمل، ولم يبق هناك أي مصدر للكهرباء سوى الطاقة الشمسية». وأوضح أبو ناجي أن الاحتلال تعمد استهداف الطاقة الشمسية الموجودة لدى المطاعم والمخابز والشركات وحتى المستشفيات والأماكن الحيوية، ثم استهدف ما بقي منها على أبراج سكنية وخدماتية، واستهدف الألواح التي كانت على كثير من المنازل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا أسهم في زيادة سعرها، ولم تعد متوفرة حالياً سوى بالحد الأدنى وبأسعار باهظة لا يستطيع أحد شراءها.

ولم تكن الحال أفضل بالنسبة لسكان جنوب قطاع غزة، وكذلك بالنسبة للنازحين إليه بأعداد كبيرة، حيث حُرموا خلال اليومين الماضيين من إنارة خيامهم، ومن شحن جوالاتهم، وأُجبر على المبيت باكراً جداً ومن دون أي وسائل تدفئة في ظل هذه الأجواء الباردة، والأمطار التي ضاعفت أزماتهم، وتسببت في غرق كثير من الخيام.

وتعرضت الخيام في منطقة شواطئ مواصي خان يونس ورفح جنوب القطاع، وكذلك قبالة شواطئ دير البلح والزوايدة وسط القطاع، للغرق بمياه الأمطار من جهة ومياه البحر من جهة أخرى، بعد أن أصبح منسوب البحر عالياً بشكل كبير، كما تضاعفت معاناة آخرين على بُعد عشرات ومئات الأمتار من شواطئ البحر، بعد أن اقتلعت الرياح خيامهم.

عائلة فلسطينية تجلس وسط الركام الناجم عن القصف الإسرائيلي في غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

«نريد وقف الحرب»

وتقول آلاء حرب، النازحة من حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة إلى مواصي خان يونس: «تعرضت خيمتنا للغرق، ولم يكن لدينا أي مصدر إنارة نستطيع من خلاله تحديد أماكن تسرب المياه، قبل أن يتدخل أحد الجيران ويأتي بجواله ويضيء لنا المكان، لنفاجأ أن مياه البحر غمرتنا تماماً، والأمطار كانت تتسرب من الجوانب العليا للخيمة». وأضافت: «لا نعرف ما نفعل، تعبنا من كل شيء، وما بقيت لنا قدرة على استيعاب ما يحدث، نريد العودة إلى بيوتنا، نريد وقف الحرب، كفى معاناة». وتابعت بكلمات غلبت عليها الحرقة: «نعيش منذ يومين من دون كهرباء، ولا نرى أي شيء، حتى جوالاتنا مغلقة ولا نستطيع التواصل مع باقي أقاربنا في شمال القطاع حتى نعرف أخبارهم ونطمئن عليهم ويطمئنوا علينا. حياتنا صارت جحيماً».

بدوره، قال سامح مطاوع، إنه يملك لوحين من الطاقة الشمسية، لكنه لم يستطع حتى شحن بطارياته بسبب الطقس الغائم، وهذا الأمر حرمه حتى من أن تكون لديه إنارة في خيمته ليلاً، الأمر الذي تسبب في خوف أطفاله من العتمة التي واجهوها على مدار يومين من الأجواء الماطرة. وأضاف مطاوع: «فصل الشتاء في بداياته، ومن الواضح أن معاناتنا ستكون أكبر مما كنا نتوقع، ولا أحد يهتم لأمرنا، ولذلك كثير منا بات يفضل الموت على البقاء حياً».