السعودية تعرض نموذجها الإصلاحي في «دافوس»

هيفاء بنت محمد لـ«الشرق الأوسط» : درّبنا 110 آلاف في مجال السياحة... والقطاع الخاص يلعب دوراً جوهرياً في تحقيق أهدافنا

حظيت الجلسة الخاصة باستعراض التقدّم السعودي المتحقق في مختلف القطاعات لتنويع الاقتصاد باهتمام واسع النطاق في منتدى «دافوس»
حظيت الجلسة الخاصة باستعراض التقدّم السعودي المتحقق في مختلف القطاعات لتنويع الاقتصاد باهتمام واسع النطاق في منتدى «دافوس»
TT

السعودية تعرض نموذجها الإصلاحي في «دافوس»

حظيت الجلسة الخاصة باستعراض التقدّم السعودي المتحقق في مختلف القطاعات لتنويع الاقتصاد باهتمام واسع النطاق في منتدى «دافوس»
حظيت الجلسة الخاصة باستعراض التقدّم السعودي المتحقق في مختلف القطاعات لتنويع الاقتصاد باهتمام واسع النطاق في منتدى «دافوس»

عرضت السعودية نموذجها الإصلاحي في المنتدى الاقتصادي العالمي، كاشفة النقاب عن التقدّم المحرَز في تحقيق أهداف «رؤية 2030»، واستعدادها للتربع على قائمة أكبر 15 اقتصاداً في العالم.
وفي جلسة حوارية بعنوان «آفاق السعودية»، الأربعاء، كشفت مساعد وزير السياحة الأميرة هيفاء بنت محمد، ووزراء الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم، والاستثمار خالد الفالح، والمالية محمد الجدعان، والاتصالات وتقنية المعلومات عبد الله السواحة، عن التقدّم المحرَز في مختلف القطاعات لتنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتعزيز المرونة.
63 مليون زائر
أكّدت الأميرة هيفاء بنت محمد، أن المملكة سجلت 63 مليون زيارة خلال العام 2021، ارتفاعاً من 41 مليوناً في 2018. وقالت خلال الندوة «عندما أطلقنا استراتيجية السياحة الوطنية في 2019، انطلقنا من 41 مليون زيارة في 2018 تشمل الزيارات الدينية، لنصل إلى 63 مليون زيارة في 2021». وأضافت «نحن لم نتعاف فحسب، بل حققنا زيادة مدفوعة بالسياحة المحلية».
ولفتت مساعدة وزير السياحة إلى أن السعودية احتلت المرتبة الثانية في تقرير المنتدى الاقتصادي حول التقدم السياحي، معتبرة القطاع من أبرز المجالات التي حققت فيها السعودية أداءً مميزاً، مشيدة بالتقدم المحرَز في بيئة الأعمال على وجه الخصوص. وقالت «تمكنّا من تعديل القرارات والسياسات، ونحن الآن بين أفضل 10 دول في بيئة الأعمال في قطاع السفر والسياحة».
واستشهدت بالتقدم المحرَز على مستوى تأشيرات الدخول واستحداث الرخص، وقالت «كان يتطلب الحصول على رخصة لمزاولة أي نشاط سياحي في السعودية أسبوعين في السابق. أما اليوم، فيتطلب 120 ثانية فقط عبر الإنترنت. أما التأشيرة الإلكترونية، فتتطلب 5 دقائق للحصول عليها، والأمر سيان لاستخراج تأشيرة عند الوصول».
وأكّدت الأميرة هيفاء، رداً على سؤال «الشرق الأوسط» حول هدف جذب 100 مليون زائر سنوياً بحلول 2030، أن قطاع السياحة يمر بتحول مستمر، لافتة إلى أن هدف 100 مليون يشمل الزائرين المحليين والدوليين. وقالت «أطلقنا التأشيرة الإلكترونية في عام 2019، ونشهد إصلاحات باستمرار ليس من منظور تنظيمي فحسب، بل من منظور البنية التحتية كذلك»، لافتة إلى مشاريع النقل العام، وافتتاح فنادق جديدة.
وعدّت الأميرة القطاع الخاص «جوهرياً»؛ «فنحن نعمل مع شركائنا وأصحاب المصلحة منذ البداية». وأشارت في هذا السياق إلى أن شركة «ماريوت» ستزيد استثماراتها في المملكة، في حين أعلنت مجموعة فنادق IHG أنها سترفع قيمة استثماراتها بنسبة 600 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقالت الأميرة، إن الوزارة تولي أهمية خاصة للوجهات السياحية ذات أولوية، وتعمل على الارتقاء بمستوى البنية التحتية اللازمة لخدمة رحلة الزائر.
إلى ذلك، توقّفت المسؤولة السعودية عند أهمية التدريب الذي يواكب الاستثمارات المتزايدة التي يشهدها قطاع السياحة السعودي، مشيرة إلى أن برامج التدريب بلغت 33 برنامجاً هذا العام، ارتفاعاً من 15 العام الماضي. وأوضحت «لقد عقدنا شراكات مع أفضل مدارس الضيافة في العالم، سواء كانت في أوروبا أو الولايات المتحدة أو في آسيا. وقمنا بتدريب 110 آلاف شخص حتى الآن. ونواصل توسيع برامج التدريب؛ إذ بلغ عدد المستفيدين منها في الربع الأول من هذا العام أكثر من 35 ألف شخص».
تنويع الاقتصاد
من جانبه، أكد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن الأمن الطاقوي لا يتعارض مع مكافحة التغير المناخي، لافتاً إلى أن الطلب على الطاقة سيستمر وفق تقديرات الخبراء وأن السعودية سترفع قدرات الإنتاج. وأضاف «آخر ما نرغب فيه هو التركيز على التغير المناخي دون ضمان أمن الطاقة والتطور الاقتصادي».
وعدّ الإبراهيم، أن إيرادات النفط تدعم جهود تنويع الاقتصاد السعودي التي تتواصل «بقوة»، مشيداً بتحقيق السعودية أعلى نمو فصلي في الناتج المحلي الإجمالي منذ 2011، خلال الربع الأول بمعدل 9.6 في المائة.
وكان الإبراهيم قد أكّد في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» على هامش أعمال «دافوس»، أن السعودية تولي اهتماماً خاصاً بتسريع معدلات نمو القطاع غير النفطي، باعتباره المؤشر الرئيسي لنجاح سياسات استدامة النمو وتنويع الاقتصاد. وقال «شهدنا تسجيل هذا القطاع نمواً بمعدل 4.7 في المائة العام الماضي، ونسعى للحفاظ على هذا النمو أو تجاوزه هذه السنة».
3 عوامل جذب
من جهته، وفي إطار جهود المملكة لاجتذاب الاستثمارات، قال وزير المالية، محمد الجدعان، إن السعودية وفّرت 3 عوامل أساسية للمستثمرين، هي المصداقية والقدرة على التنبؤ بالأحداث والشفافية.
وعدّ الجدعان، أن الإصلاحات التي طبقتها السعودية سمحت بالتقدم على صعيد القدرة على التنبؤ بالأحداث مقارنة بالسابق، فيما سيضمن عامل الشفافية إتاحة البيانات للجمهور للاطلاع عليها.
وتحدّث الجدعان عن «الصدمة الاقتصادية الثنائية» التي واجهتها السعودية، جرّاء أزمة «كورونا» والتراجع الكبير في أسعار النفط، مشيراً إلى أن الإصلاحات التي رافقت «رؤية 2030» والتي تخص تنويع الاقتصاد بشكل كبير «سمحت لنا بالحفاظ على انضباطنا المالي، رغم اتّخاذ قرارات صعبة قمنا بمشاركتها مع الجمهور والقطاع الخاص». وعدّ الجدعان، أن هذه الإجراءات نجحت في تعزيز الثقة.
استثمارات أجنبية مليارية
يرى وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أن الاستثمار الأجنبي المباشر هو المحفّز الأساسي لتعزيز إجمالي الاستثمارات، وجذب التكنولوجيا والمعرفة والشركاء العالميين. وقال، إن السعودية تسعى لرفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 5.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لافتاً إلى أنها قُدّرت بـ20 مليار دولار في 2021. إلى ذلك، كشف الفالح عن أن غالبية الاستثمارات التي تشهدها السعودية هي في قطاعات جديدة، كالتكنولوجيا والسياحة والنقل الكهربائي وغيرها.
وقال الفالح، إن السعودية ماضية في طريقها لتصبح ضمن أكبر 15 اقتصاداً في العالم، لافتاً إلى أنها تقدمت في العديد من المؤشرات المتعلقة بـ«رؤية 2030»، ومتوقّعاً أن يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 1.6 إلى 1.8 تريليون دولار، ارتفاعاً من ترليون دولار متوقعة هذا العام.
وتوقّف الوزير السعودي عند مشروع افتتاح مصنع شركة «لوسيد» المصنعة للسيارات الكهربائية في السعودية، والذي يتوقّع أن يشهد تجميع 150 ألف سيارة كهربائية في السعودية سنوياً. وكشف الفالح، عن أن هذا المصنع سيكون واحداً من ثلاثة مصانع ضخمة لتجميع السيارات في السعودية.
نهضة رقمية
قال عبد الله السواحة، وزير الاتصالات السعودي، إن بلاده قدّمت نموذجاً إصلاحياً يبعث على التفاؤل، في خضمّ الأزمات التي يواجهها العالم. وعدّ أن «رؤية 2030» سخّرت الموهبة والتكنولوجيا لتحسين وتعزيز الإنصاف والنمو والاستدامة.
فيما يخص الإنصاف وإغلاق الفجوة الرقمية، قال السواحة، إنه تمّت زيادة نسبة النساء في قطاع التقنية من 7 إلى أكثر من 29 في المائة، وهي نسبة تتجاوز المعدلات الأوروبية والأميركية.
بالنسبة للاستدامة، استشهد السواحة بتحقيق «أرامكو» و«سابك» أدنى كثافة كربونية في عمليات الإنتاج والنقل والتكرير.
أما فيما يخصّ النمو، فقال السواحة «بينما كان العالم يمرّ بأصعب سنة منذ 90 عاماً، صنّف المنتدى الاقتصادي العالمي السعودية في المرتبة الأولى عالمياً في مجال النهضة الرقمية».
ووصف الوزير النمو الذي حققته بلاده بـ«الهائل»، لافتاً إلى أن قطاع التكنولوجيا المالية وحده حقق نمواً بنسبة 200 في المائة.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

الخليج وزير الخارجية يستقبل مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

 استقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في مقر الوزارة بالرياض، الاثنين، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» كلاوس شواب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد 
جانب من انطلاق فعاليات المنتدى العالمي الاقتصادي في الرياض أمس (واس)

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، أمس (الأحد)، أعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، برعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، وبمشاركة دولية واسعة.

هلا صغبيني ( الرياض) مساعد الزياني ( الرياض )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبلاً أمير الكويت اليوم في الرياض (واس)

محمد بن سلمان يستعرض التطورات وتعزيز العلاقات مع مشعل الأحمد والسوداني

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع أمير الكويت ورئيس الوزراء العراقي كل على حدة وذلك على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي المنعقد في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاركون في حلقة نقاش جانبية خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض في 28 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

حزمة مشاريع عراقية جاهزة للتنفيذ تعرض خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض

قال مصدر حكومي مطّلع إن العراق سيقدم خلال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض حزمة من المشاريع الجاهزة للتنفيذ أمام كبريات الشركات المشاركة في المنتدى.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وعدد من المعنين بالتحضير للمنتدى (صفحة وزارة الاقتصاد والتخطيط على «إكس»)

تحضيرات اجتماع منتدى الاقتصاد العالمي في الرياض بين الإبراهيم وبرينده

ناقش وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغي برينده، التحضيرات الجارية للاجتماع الخاص بالمنتدى الذي سيُعقد في المملكة في…

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
TT

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

علا التصفيق في قاعة الجلسة العامة لمؤتمر «كوب 29»، في باكو، بعد إعلان الاتفاق على تمويل عالمي جديد بقيمة 300 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول الأكثر فقراً على التعامل مع آثار تغيُّر المناخ، رغم انتقادات الدول النامية التي رأت أنه غير كافٍ. وأشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بالاتفاق «التاريخي» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهِّداً بأن تواصل بلاده عملها، رغم موقف خلفه، دونالد ترمب، المشكك في تغيّر المناخ.

وعندما قرعت مطرقة رئيس مؤتمر المناخ، مختار باباييف، للاتفاق الجديد، امتلأت القاعة بالتصفيق. وقام بعض المندوبين بتحية الاتفاق وقوفاً في قاعة الجلسة العامة لمؤتمر «كوب 29».

رئيس مؤتمر «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية (أ.ب)

الاتفاق الذي جاء بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة يهدف إلى توفير قوة دافعة للجهود الدولية الرامية إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري في عام من المتوقَّع أن يكون الأكثر حرارة على الإطلاق. ومن شأنه توفير 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035، مما يعزِّز التزام الدول الغنية السابق بتوفير 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ بحلول عام 2020. وسوف تذهب هذه المبالغ إلى البلدان النامية التي تحتاج إلى الأموال اللازمة للتكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري في المستقبل، ودفع ثمن الأضرار الناجمة عن الطقس المتطرف الناتج عن تغيُّر المناخ.

الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

ورغم أن هذا المبلغ لا يقترب من المبلغ الكامل الذي طالبت به البلدان النامية (1.3 تريليون دولار)، فإنه يعادل 3 أمثال قيمة صفقة قيمتها 100 مليار دولار سنوياً من عام 2009، التي شارفت على الانتهاء.

ودعا الاتفاق الدول غير المتقدِّمة إلى تقديم مساهمات مالية لكن على أساس «طوعي»، وفق النص.

كذلك، يتضمن الاتفاق أمراً جديداً؛ إذ أصبح يمكن الآن احتساب التمويل المناخي الذي تساهم فيه البلدان غير المتقدمة عبر بنوك التنمية متعددة الأطراف، ضمن هدف الـ300 مليار دولار، وهو أمر لقي ترحيباً من الأوروبيين.

ضوء أخضر لائتمانات الكربون

توصَّلت الدول إلى اتفاق نهائي بشأن القواعد العامة لإطلاق أسواق تجارة الكربون، وذلك بعد ما يقرب من عقد من الزمان على اقتراحها لأول مرة. وسيسمح الاتفاق للدول والشركات بتداول أرصدة خفض انبعاثات الكربون لتعويض آثار الكربون.

وقال كيفن كونراد، رئيس وفد مجموعة من البلدان ذات الغابات الكثيفة، بما في ذلك بوليفيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية: «يمكن للأسواق المنظمة بشكل صحيح أن تصبح قوة من أجل الخير، وتبدأ في عكس إخفاقات السوق التي تسبب الدمار البيئي والجوي».

وقد أثارت ولادة السوق هتافات وتصفيقاً حاراً من قِبَل مفاوضي الأمم المتحدة في الجلسة الأولى من الجلسة العامة الأخيرة.

وستتمكن الدول والشركات من تداول الأرصدة التي من المفترَض أن تمثل طناً واحداً من ثاني أكسيد الكربون الذي تم توفيره أو إزالته من الغلاف الجوي، وذلك بموجب آليات تخضع لرقابة فضفاضة من قبل الأمم المتحدة ومصمَّمة لتجنب الحساب المزدوج لخفض الانبعاثات.

وجعل البلد المضيف أذربيجان من مسألة تجارة انبعاثات الكربون أولوية؛ حيث ضغطت بنجاح في اليوم الأول من القمة التي استمرَّت أسبوعين من أجل أن تتبنى الدول عنصراً أولياً من عناصر السوق العالمية.

ويضع الاتفاق الأساس لقمة المناخ العام المقبل، التي ستُعقَد في غابات الأمازون المطيرة في البرازيل؛ حيث من المفترض أن ترسم البلدان خريطة العقد المقبل من العمل المناخي.

صفقة في الاتجاه الصحيح

وقال بعض الوفود إن هذه الصفقة تسير في الاتجاه الصحيح، مع الأمل في تدفق المزيد من الأموال في المستقبل.

وأشاد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، بالنتيجة باعتبارها بوليصة تأمين للإنسانية رغم المفاوضات الشاقة.

وقال: «كانت رحلة صعبة، لكننا توصلنا إلى اتفاق. وسوف يعمل هذا الاتفاق على استمرار نمو طفرة الطاقة النظيفة وحماية مليارات الأرواح. ولكن مثل أي بوليصة تأمين، فإنها لن تنجح إلا إذا تم دفع الأقساط بالكامل وفي الوقت المحدد».

الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل مصفقاً (أ.ب)

كما أشاد المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ، فوبكه هوكسترا، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح، وأنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من ناحيته، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الاتفاق يشكل «أساساً» يمكن البناء عليه. وقال في بيان: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً من أجل التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء عليه».

ورحَّب وزير الطاقة البريطاني، إد ميليباند، بدوره في الاتفاق، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ»، وقال: «ليس هذا كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

أما وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية، أنييس بانييه روناشيه، فقد أعربت عن أسفها لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

«المجموعة العربية»

أما ممثل السعودية (متحدثاً نيابة عن المجموعة العربية) توفيق البراء، فقال: «ترى (المجموعة العربية) أننا بحاجة إلى مزيد من التأكيد على المبادئ الأساسية في جهود التخفيف، كجزء من عملنا في إطار اتفاقية باريس واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ».

أضاف: «تشمل هذه المبادئ المساواة والمسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة، فضلاً عن الإصرار على أهمية أن تقود الدول النامية هذه الجهود على الصعيد العالمي». وتابع: «يتضمن هذا أيضاً الاعتراف بالمسارات المختلفة التي تعكس الظروف والقدرات المختلفة لكل دولة، فضلاً عن أهمية احترام سيادة كل دولة، وكذلك الطموح في المساهمات المحدَّدة على المستوى الوطني، التي تشكل المحور والعمود الفقري لـ(اتفاقية باريس)، لأنها تعكس طموحات وتطلعات وظروف كل دولة... نحن بحاجة إلى تمكين البلدان من تحديد مساراتها الخاصة».

وختم قائلاً: «يجب علينا أيضاً أن ندرك أن حلاً واحداً لا يمكن أن يحل جميع التحديات المختلفة التي نواجهها بشكل جماعي أثناء تقدمنا في رحلة التنمية الخاصة بنا».

بايدن: الاتفاق تاريخي

وصف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، اتفاق «كوب 29» بأنه «نتيجة تاريخية أخرى»، مضيفاً أنه لا يمكن لأي أحد عكس التحول الجاري إلى الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة. وقال، في بيان أصدره الأحد، إن الاتفاق يُعدّ «هدفاً طموحاً» في مجال تمويل المناخ. وأضاف أن هذا الاتفاق سيساعد في جمع مستويات مختلفة من التمويل، وخلق أسواق للسيارات الكهربائية الأميركية ومنتجات أخرى صديقة للمناخ. وفي إشارة غير مباشرة إلى الرئيس المنتخَب دونالد ترمب، الذي تعهَّد بزيادة التنقيب عن النفط بمجرد توليه المنصب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، قال بايدن: «بينما قد يسعى البعض إلى إنكار أو تأجيل ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم، فإنه لا أحد يمكنه عكسها - لا أحد».

الدول النامية تنتقد

في المقابل، أثار الاتفاق حالة من الإحباط لدى الدول النامية المستفيدة منه، ووصفته بأنه غير كافٍ على الإطلاق؛ فقد أعرب رئيس مفاوضي المجموعة الأفريقية، علي محمد، عن أسفه على الالتزام المالي «الضعيف جداً والمتأخر جداً» في هذا الاتفاق، وقال إن «الالتزام بحشد مزيد من التمويل بحلول عام 2035 ضعيف جداً ومتأخر جداً وغامض جداً لناحية تنفيذه».

وأضاف: «نغادر باكو، ونحن نعلم أننا أحرزنا تقدماً في بعض المجالات، ولكن ما حققناه بعيد عما كنا نأمله».

أحد الحضور يتفاعل خلال الجلسة العامة الختامية (أ.ب)

كما قال إيفانز نجيوا من ملاوي (الذي يرأس مجموعات البلدان الأقل نمواً) إن الاتفاق بشأن تمويل المناخ في باكو «ليس طموحاً بما فيه الكفاية». وأضاف في الجلسة العامة: «هذا الهدف ليس ما كنا نأمله بعد سنوات من المناقشات».

وقالت ممثلة الوفد الهندي شاندني راينا في الجلسة الختامية للقمة بعد دقائق من التوقيع على الاتفاق: «يؤسفني أن أقول إن هذه الوثيقة ليست أكثر من مجرد خداع بصري. وفي رأينا لن تعالج ضخامة التحدي الذي نواجهه جميعاً».

تشارك شاندني راينا من الهند في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (رويترز)

وكان من المقرَّر أن تنتهي مفاوضات «كوب 29» يوم الجمعة، لكنها استغرقت وقتاً إضافياً حيث كافح ممثلو ما يقرب من 200 دولة للتوصل إلى توافق في الآراء.

وانقطعت المحادثات، يوم السبت، حيث انسحبت بعض البلدان النامية والدول الجزرية في إحباط. وقالت تينا ستيغ، مبعوثة المناخ في جزر مارشال: «نغادر بجزء صغير من التمويل الذي تحتاج إليه البلدان المعرضة لتغير المناخ بشكل عاجل. إنه ليس كافياً على الإطلاق، لكنه بداية».