نتنياهو يصد الضغوط ويعلن تأييد حل الدولتين شرط الاعتراف بالدولة يهودية

مندوب أوروبي خاص في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية يقيم في القدس

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يصافح مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني في القدس (رويترز)
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يصافح مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني في القدس (رويترز)
TT

نتنياهو يصد الضغوط ويعلن تأييد حل الدولتين شرط الاعتراف بالدولة يهودية

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يصافح مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني في القدس (رويترز)
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يصافح مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني في القدس (رويترز)

أفادت مصادر دبلوماسية في إسرائيل، بأن الاتحاد الأوروبي قرر تعيين مبعوث جديد له «للمساعدة على تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني»، وقالت إن هذا المبعوث سيقيم بشكل دائم في القدس الغربية. واعتبرت هذا: «دليلا على جدية الاتحاد الأوروبي في دفع التسوية، وعلى نيته ممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية بشكل خاص، وكذلك على الفلسطينيين. وقد حاول المسؤولون الإسرائيليون صد هذه الضغوط بواسطة نقل الكرة إلى الملعب الفلسطيني. فقال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إنه لم يغير رأيه في تأييد حل الدولتين، لكنه وضع شرطا تعجيزيا، هو «الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل دولة يهودية».
وكانت إسرائيل شهدت بداية تدفق مسؤولين أوروبيين عليها خلال الأسبوع، فحضرت مسؤولة العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، ووزير الخارجية النرويجي، بورغ براندا، ومن المتوقع أن يصل وزراء ثلاث دول أخرى. وقد حاولوا التأكيد على أنهم لا يمارسون ضغوطا بل يقدمون نصائح لإسرائيل.
ووفقا لمصادر إسرائيلية عدة، حذر الوزير النرويجي براندا، رئيس الحكومة نتنياهو، خلال اجتماعهما في القدس، الليلة قبل الماضية، من أن الضغط الدولي على إسرائيل في الموضوع الفلسطيني، سيتزايد بعد التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران في نهاية حزيران المقبل. وفي ضوء حقيقة عودة الاهتمام الدولي إلى الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ستكون هناك حاجة إلى مبادرة سياسية من جانب الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وحرصت المصادر الإسرائيلية على التأكيد على أن اللقاء بين نتنياهو وبراندا، الذي استغرق نحو ساعة ونصف الساعة، كان وديا، فلم يلجأ براندا إلى استخدام لهجة تهديد وإنما لهجة النصح لإسرائيل التي يعتبر صديقا لها. ورد نتنياهو على براندا قائلا: «إنا أصغي إلى أقوالك بشكل واضح وعميق».
وأبلغ وزير الخارجية النرويجي، رئيس الحكومة الإسرائيلية، بأنه إذا كان يطمح إلى استئناف المفاوضات فسيكون عليه الموافقة على الأقل، على أحد شروط الرئيس الفلسطيني محمود عباس التي طرحها في إطار خطاب ألقاه في ذكرى النكبة، وتضمنت وقف البناء في المستوطنات، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذي اعتقلوا قبل اتفاقيات أوسلو، وإجراء مفاوضات متواصلة لمدة سنة تنتهي بتحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال حتى نهاية 2017.
وقال نتنياهو في لقائه مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، موغيريني: «أريد التعبير مجددا عن التزامي بالسلام الذي ينهي الصراع مع الفلسطينيين مرة وإلى الأبد. موقفي لم يتغير. أنا لا أدعم حل الدولة الواحدة، ولا أعتقد أن هذا يعتبر حلا. أنا أدعم رؤية الدولتين للشعبين وقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتعترف بالدولة اليهودية». وقال نتنياهو إن إسرائيل اتخذت في الأشهر الأخيرة خطوات لتسهيل حياة الفلسطينيين وإنها تنوي مواصلة هذه الخطوات.
وفي الوقت ذاته، ساد شعور بالقلق من نشر مضمون المبادرة الفرنسية لتسوية الصراع وفق جدول زمني ينهي الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية. وقالت مصادر مقربة من نتنياهو إن هذه المبادرة، التي تنسب لوزير الخارجية الفرنسي، لورين فابيوس، تشجع الفلسطينيين على البقاء بعيدا عن المفاوضات. وتهدد حدود إسرائيل وأمنها، لأنها تتحدث عن حدود 1967 ولا تأخذ بالاعتبار التغيرات في المنطقة، وتعتمد على مجلس الأمن وتتجاهل الأطراف.
وأما الوزير سيلفان شالوم، الذي يتولى ملف التفاوض مع الفلسطينيين، والتقى أمس مع مسؤولة الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، فانتقد المبادرة الفرنسية بشكل موارب، ودعا الدول الأوروبية إلى «اتخاذ موقف متزن تجاه إسرائيل»، وكرر رفض إسرائيل خطوات فلسطينية أحادية الجانب. وأكد شالوم على ضرورة استئناف المسيرة السياسية وإشراك دول المنطقة المعتدلة فيها والقيام بخطوات لبناء الثقة.
وكان لافتا أن رئيس المعارضة الإسرائيلية، يتسحاق هيرتسوغ، الذي ينتقد سياسة نتنياهو في تجميد عملية السلام، التقى موغيريني، وأعرب لها عن «خيبة أمل إسرائيل من موقف بعض القادة الأوروبيين الذين يؤيدون بشكل شبه تلقائي الموقف العربي، ويلقون على إسرائيل باللائمة بسبب الجمود السياسي الراهن». كما انتقد هيرتسوغ المجتمع الدولي لعدم قيامه بمنع نقل عشرات الآلاف من الصواريخ من إيران إلى منظمة حزب الله في لبنان.
وهاجم وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، الذي يجلس حاليا في صفوف المعارضة، سياسة فرنسا وكذلك نتنياهو الذي يخون ناخبيه، حسب رأيه. وقال: في بيان عمّمه على وسائل الإعلام: «نتنياهو تكلم بلهجة أخرى قبيل الانتخابات. فتحدث عن رفضه الدولة الفلسطينية، واليوم يغير جلده من جديد ويكذب على نفسه وعلى ناخبيه وعلى الأوروبيين، عندما يتحدث عن هذا الحل غير الواقعي».
من جهة ثانية، تحدّث رئيس الدولة رؤوفين ريفلين، في اللقاء الذي جرى أمس، في مكتبه مع موغيريني، عن دعم إسرائيل مشاريع إعادة إعمار غزة، كما وأعرب عن أمله في استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وقال: «إعمار غزة هو خطوة مهمة لإعادة بناء الثقة بين الطرفين. يجب تعزيز إعادة إعمار غزة في أقرب وقت ممكن. فهو يُشكل مصلحة إسرائيلية ليس أقل مما هو مصلحة العالم كله. بإمكاننا أن نجلب ازدهارا حقيقيا إلى غزة يمكنه منح سكانها أملا يبدأ في التأسيس لبناء خطوات الثقة». وقد هنّأ الرئيس الوزيرة موغيريني على مجيئها، وأشار إلى أنّه يُقدّر مساهمتها الكبيرة في المساعدة على استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.
وشكرت موغيريني، من جهتها، الرئيس الإسرائيلي على «الالتزام الشخصي برسالة السلام والأمل وقيادة الشعب الإسرائيلي بحكمة، مع فهم الوضع المعقّد في المنطقة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.