«مراكب البرلس» تسبح في عوالم الصيادين وحكاياتهم الممتدة

الفنان عبد الوهاب عبد المحسن مؤسس «ملتقى البرلس» (الشرق الأوسط)
الفنان عبد الوهاب عبد المحسن مؤسس «ملتقى البرلس» (الشرق الأوسط)
TT

«مراكب البرلس» تسبح في عوالم الصيادين وحكاياتهم الممتدة

الفنان عبد الوهاب عبد المحسن مؤسس «ملتقى البرلس» (الشرق الأوسط)
الفنان عبد الوهاب عبد المحسن مؤسس «ملتقى البرلس» (الشرق الأوسط)

على متن مراكب خشبية صغيرة، ترك عدد من الفنانين حكاياتهم المرسومة على سطحها، وهي نتاج مشاركتهم في فعاليات الدورة الثامنة من «ملتقى البرلس للرسم على الجدران والمراكب»، وهو الحدث الفني السنوي الذي يجمع فنانين تشكيليين من مختلف الأجيال، للتعبير الحُر على سطح تلك المراكب الخشبية المصنوعة محلياً، في تقليد فني سنوي ارتبط بمدينة البرلس الساحلية منذ 8 سنوات.
وانتقلت تلك المراكب أخيراً إلى غاليري «آزاد» بالقاهرة؛ حيث يمكن هناك التجوّل بين أعمال معرض «مراكب البرلس» والاقتراب من تلك المراكب الخشبية وهي مُعلقّة على الجدران في تجربة بصرية وفنية مُغايرة.
و«تلك المراكب هي نتاج الدورة الأخيرة من (ملتقى البرلس) التي شارك فيها 40 فناناً قاموا بالرسم والتعبير الفني على سطح 50 مركباً خشبياً»؛ حسبما يقول الفنان التشكيلي عبد الوهاب عبد المحسن، مؤسس «ملتقى البرلس الدولي للرسم على الجدران والمراكب»، في كلمته لـ«الشرق الأوسط».
وتظهر على أحد المراكب وجوه نوبية، ملامح لعائلات وحكايات حبّ تحمل معها حنيناً للنوبة، مرسومة بألوان نيلية مُشتقة من حياة الجنوب. وعلى مركب آخر يمكن الاقتراب من تفاصيل الورود المُتناثرة على السطح الخشبي للمركب. وهنا مركب آخر مُرصّع بحروف عربية، وعلى سطح أحد المراكب يُطل وجه فتاة جميلة بأقراط شعبية، ونقوش هندسية تستلهم تراث الحُلي التقليدي. وإلى جانب التصوير والرسم المباشر على المراكب، بعد معالجة الألوان لتتناسب مع السطح الخشبي، يمكن الاقتراب من توظيف بعض الفنانين لعنصر الخزف لتطعيم الخشب بمشاهد بارزة، وإضفاء طابع نحتي مُجسد، يضيف لحكايات المراكب بُعداً يحيلنا لحياة الصيادين في البحيرات.
وتقوم فكرة الملتقى على استضافة عدد مختلف من الفنانين بمدينة البرلس الساحلية؛ حيث يقومون بالرسم الحُر على المراكب وجدران البيوت في المدينة، في استلهام ومعايشة لروح وطبيعة البرلس الهادئة، بالأسلوب الخاص بكل فنان الذي يتراوح ما بين موتيفات تعبيرية، وسيريالية، وشعبية، وأخرى مستوحاة من مفردات الطبيعة المحيطة كالطيور والأسماك.
وعادة ما يواكب «ملتقى البرلس» ترحيباً ومشاركة من أهالي تلك المدينة الذين اعتادوا على استقبال الفنانين على مدار فعاليات الملتقى، حتى تتحول المدينة على مدار أيامه إلى متحف مفتوح، وصولاً لعرض المراكب التي تم رسمها على مدار أيام الملتقى في قاعة عرض خاصة في القاهرة، كتتويج لفعاليات الدورة.
ولعل أجواء «كورونا» التي كانت مُقيِّدة للحركة التفاعلية للأنشطة الفنية العام الماضي، قد حجَّمت حريّة وحركة الفنانين في البرلس خلال العامين الأخيرين، «كانت أجواء (كورونا) لا تزال تُخيّم على الدورة الأخيرة للملتقى، ما جعلنا نكتفي برسم جداريات رمزية بالمدينة، حفاظاً على استمرارية انعقاد دورات الملتقى، بالإضافة إلى رسم 50 مركباً من جانب الفنانين المصريين المشاركين»، كما يقول الدكتور عبد الوهاب عبد المحسن، ويضيف: «نستعد حالياً لتنظيم الدورة التاسعة من الملتقى عقب الانتهاء من المعرض الحالي، وسط مشاركة أوسع هذا العام».
والبرلس مدينة صغيرة تقع بمحافظة كفر الشيخ (شمال دلتا مصر)، وتشتهر بوجود بحيرة البرلس داخل حدودها التي تتصل مباشرة بالبحر الأبيض المتوسط. ويعد صيد الأسماك من أشهر أنشطتها الاقتصادية، ما جعل اختيار الرسم على المراكب الخشبية تحديداً أحد أبرز سمات هذا الملتقى التشكيلي.
ويستمر معرض «مراكب البرلس» في عرضه الفني واستقباله للجمهور، حتى 25 مايو (أيار) الحالي.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».