وصلت كريستينا نوفيتسكا إلى بودابست قادمة من كييف بعد أسبوع من الغزو الروسي لبلادها وهي على عجلة من أمرها لمغادرة المجر التي لا يدعم رئيس وزرائها فيكتور أوربان أوكرانيا خلافاً للإجماع الأوروبي في هذا الملف.
وقالت مصممة الأزياء البالغة من العمر 39 عاماً والتي التقت بها وكالة الصحافة الفرنسية في «Workshop» وهو مركز للاجئين افتتحه أحد سكان العاصمة: «أحب هذا البلد وشعبه لكنني أعرف رأي الحكومة فينا».
طوال رحلتها التي امتدت على ألفي كيلومتر وقطعتها مع ابنتها البالغة من العمر عامين، عبر مولدوفا ورومانيا، تروي كريستينا التضامن مع أوكرانيا الذي شعرت به، إلى أن وصلت إلى الحدود المجرية. وأضافت: «لم نلق أي ابتسامة من حرس الحدود»، آملة أن تتمكن من الانتقال قريباً إلى وجهة تلقى فيها ترحيباً أكبر.
منذ بداية النزاع لم يكف رئيس الوزراء القومي المعادي صراحة للمهاجرين لكنه مستعد لدعم الذين يواجهون أوضاعاً صعبة عند حدوده، عن الإشادة بالاستقبال الذي خصه لآلاف اللاجئين الأوكرانيين، أكثر من 620 ألفاً، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة. ومع ذلك يغادر معظمهم بسرعة: فقط 20 ألفاً منهم طالبوا بوضع «الحماية المؤقتة» للوصول إلى الخدمات الصحية وفقاً للبيانات الرسمية.
وفي هذا المركز الضخم الذي تديره الدولة في بودابست، يشعر المتطوعون بالملل. ففي صفوف اللاجئين القلائل، تنوي آنا شوماك (53 عاماً) المغادرة في اليوم التالي «إلى ألمانيا ثم كندا» حيث لديها «أقارب».
ويعتبر وجود الأقارب واللغة المشتركة وفرص العمل عوامل رئيسية في اختيار البلد لبدء حياة جديدة فيه، وفقاً لمنظمات غير حكومية. لكن شأنها في ذلك شأن كريستينا، تشعر أنيا يلينا بأنه غير مرحب بها وتقول: «الأوكرانيون يشعرون بعدم الارتياح هنا»، على حد قول مصممة الرقص المتحدرة من كييف.
- هجوم كلامي على زيلينسكي
تقول الشابة البالغة 25 عاماً والتي التحقت بشقيقها في بودابست وتريد العودة إلى أوكرانيا «في أقرب فرصة» إن «المشكلة تتمثل في تأييد أوربان لروسيا، واللاجئون يتحدثون باستمرار عن أنه لا يريد مساعدة أوكرانيا».
وخلال فترة حكمه المستمرة منذ 12 عاماً، أصبح فيكتور أوربان قريباً من فلاديمير بوتين. ورغم تصويته منذ بداية النزاع لصالح العقوبات إلى جانب شركائه في الاتحاد الأوروبي، حرص على «البقاء خارج الحرب» وجعل بلاده تغرد خارج السرب الأوروبي. وبرفضه تسليم أسلحة لأوكرانيا وعرقلة مشروع الحظر الأوروبي على النفط الروسي، أراد المسؤول المجري البالغ من العمر 58 عاماً إثبات تميزه؛ حتى أنه هاجم كلامياً الرئيس فولوديمير زيلينسكي عندما طلب منه الأخير «اختيار معكسره». وتساهم وسائل الإعلام الموالية للحكومة في إشاعة هذه الأجواء من خلال التقليل من شأن فظائع الحرب التي ترتكب في أوكرانيا ودعم خط الكرملين. ونتيجة لذلك، تظهر استطلاعات الرأي قلة تعاطف الرأي العام المجري مع مصير الأوكرانيين. وخلافاً لبولندا أو جمهورية التشيك، لم يتم تنظيم أي مظاهرة ضخمة دعماً لأوكرانيا في بودابست.
- نظام لجوء في حالة متردية
وأججت الحرب خلافات قديمة بين كييف وبودابست التي تندد منذ سنوات بالتمييز والاندماج اللغوي القسري للشتات المجري في أوكرانيا. وبالإضافة إلى هذه التوترات، تشير المنظمات غير الحكومية إلى تداعيات السياسة التي يتبعها فيكتور أوربان منذ سنوات. وفي ظل حكمه انتهجت المجر سياسة انطوائية، وأقامت حواجز عند حدودها وأبعدت المهاجرين، وفرضت قيوداً على تقديم طلبات اللجوء في السفارات في الخارج.
ومع أنها شرعت أبواباً في شمال شرقي البلاد أمام الأوكرانيين وخففت القواعد المطبقة بشأنهم، لكن في الجنوب لا تزال الحدود من صربيا وكرواتيا مغلقة. لقد تم «تدمير» نظام اللجوء لإثناء اللاجئين عن القدوم على حد قول أنيكو باكوني من لجنة هلسنكي المجرية. ويضيف: «الخبرة التي كان يتمتع بها موظفو الهجرة أو المترجمون الفوريون على سبيل المثال لم تعد موجودة». وتوضح: «لكن اللاجئين بحاجة إلى الاطمئنان لمستقبلهم. فهم يحتاجون إلى مجموعة من الخدمات لمساعدتهم على الاندماج وجعل المجر ديارهم الجديدة».
اللاجئون الأوكرانيون لا يشعرون بالترحيب في المجر
دعم أوربان لبوتين جعل بودابست تغرّد خارج السرب الأوروبي
اللاجئون الأوكرانيون لا يشعرون بالترحيب في المجر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة