«فيند» Fiend... إدمان على النكهات الغريبة والعجيبة

الشيف كريس ديني يثبت مهاراته في مطعمه الجديد في برتوبيللو رود

الشيف كريس ديني  -  من ابتكارات الشيف ديني المميزة
الشيف كريس ديني - من ابتكارات الشيف ديني المميزة
TT

«فيند» Fiend... إدمان على النكهات الغريبة والعجيبة

الشيف كريس ديني  -  من ابتكارات الشيف ديني المميزة
الشيف كريس ديني - من ابتكارات الشيف ديني المميزة

«بورتوبيللو رود» شارع سياحي من الدرجة الأولى، لا بد أن تزوره في كل مرة تخطط فيها للمجيء إلى لندن، أسواق لبيع الملابس، وأخرى لبيع المأكولات، محلات عصرية، حيوية، موسيقى، ومواقع لتصوير أشهر الأفلام السينمائية، منها «نوتينغ هيل» لجوليا روبرتس وهيو غرانت، وحالياً من بين أكثر المناطق اللندنية التي تنتشر فيها المطاعم الجديدة من نوعها، وكان آخرها افتتاح مطعم «فيند» Fiend، والاسم يعني بالعربية «مدمن»، فعندما تأكل في هذا المطعم ستدمن على النكهات والمذاق الغريب والعجيب الذي يشتهر بخلقه الشيف البريطاني كريس ديني، الحائز على إعجاب نقاد الطعام في لندن، وعلى رأسهم الناقدة فاي ماشلير، المعروفة بصلابتها وقساوة نقدها وكلماتها.
افتتح كريس ديني مطعمه الجديد في يوليو (تموز) عام 2021 بعد النجاح الذي حققه في مطعمه «108 Garage» في المنطقة نفسها، ليقفل أبوابه بسبب مجيء الجائحة، على الرغم من نجاحه الذي وقف وراءه إبداع الشيف كريس ديني، الذي وصفه جايلز كورين بالطاهي الذي تصادف مثله مرة أو مرتين كل 10 سنوات، وهذا الوصف له معانٍ كثيرة تدل على مهارة الطاهي الذي يتميز بأسلوب غريب في مطبخه.
المطعم مؤلف من طابقين، في الطابق العلوي تتوزع الطاولات بعضها بالقرب من بعض، مع إنارة مريحة وخافتة، وتوجد طاولات لا يتعدى عددها 4 طاولات مقابل المطبخ مباشرة، يطلق عليها اسم طاولات الطاهي، ومنها تشاهد الحركة الدائمة في المطبخ أثناء الطهي وتحضير الطعام وطريقة تقديمه إلى أن يصل إلى طاولات الزبائن. اللافت بالمطبخ النظافة، وحركة العاملين الخفيفة، الأطباق رائعة من حيث الشكل، ويعتمد الشيف كريس على الألوان فيها، وعلى النكهات الغريبة، وعلى الخضار الذي يستطيع من دون أي تكلف تحويلها إلى نكهات كاملة ودسمة، مثل البنجر الأبيض والبروكولي وغيرهما من الخضار التي لم تحصل بعد على حقها في المطبخ، وعادة ما تقدم لتكون رفيقة للأطباق الرئيسة.

هناك لائحتا طعام، الأولى حسب الطلب «لا كارت»، والثانية لائحة التذوق، فمقابل مبلغ 70 جنيهاً إسترلينياً يمكنك تذوق أطباق اللائحة بأحجام أصغر، وهي فكرة جميلة إذا كنت تزور المطعم لأول مرة، فبهذه الطريقة تتعرف إلى الأطباق، وتسجل أسماء المأكولات المفضلة، وفي جميع الأحوال وفي نهاية العشاء تقوم النادلة بإعطائك مغلفاً فيه أسماء الأطباق والمشروبات التي تناولتها لكي تبقى ذكرى جميلة.
في الطابق السفلي، تجد لوحات فنية على الجدران، وتتوزع الأرائك، وتقدم لائحة طعام أخرى تعتمد على الأطباق الصغيرة، أو ما يعرف بالـ«نيبلز»، وعادة ما تكون هناك موسيقى حية.
المعروف عن الشيف كريس ديني أنه يتوق للحصول على نجمة ميشلان، ويشتهر بمقولته: «إذا لم أحصل على نجمة ميشلان في يوم من الأيام فسأقوم بعمل مثير وقد تنفجر رأسي».
المأكولات لذيذة وخفيفة بنفس الوقت، ولا بد من تجربة خبز البريوش مع «تشيكن بارفيه» أو «باتيه الدجاج» بالإضافة إلى طبق لحم الواغو أو سمك «ريد ماليت» كما يجب ترك مساحة لا بأس بها للحلوى، وجربنا الكريم كراميل، وشوكولاته مع الفستق والبرتقال.
نجح الشيف كريس في مزج الخضار معاً مكوناً نكهة جديدة وغير مسبوقة، تماماً مثلما فعل في طبق السليرياك الذي مزجه بالتفاح والفجل الأبيض، وكانت النتيجة أكثر من رائعة.
وبما أننا حظينا بطاولة مميزة مقابل المطبخ، تعرفنا على المجهود الذي يبذله الطاهي مع فريق عمله في مطبخه، والنظام الذي يتمتع به العاملون، بدءاً من تحضير الطعام، وانتهاء بتنظيف المطبخ الذي يستغرق نحو الساعة من الزمن. والجميل في هذه التجربة هو تمكنك من التكلم إلى الطاهي والتقاط الصور الخاصة والجلوس على مقربة من الروائح الجميلة التي تأتي إليك قبل مجيء الطعام إلى الطاولة.

ديكور بسيط ومريح في الوقت نفسه

مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.