تزايد الترجيحات بركود أميركي وشيك

رغم الإنكار الرسمي للإدارة

متسوقون في أحد محال التجزئة في ولاية نيوجيرسي الأميركية (رويترز)
متسوقون في أحد محال التجزئة في ولاية نيوجيرسي الأميركية (رويترز)
TT

تزايد الترجيحات بركود أميركي وشيك

متسوقون في أحد محال التجزئة في ولاية نيوجيرسي الأميركية (رويترز)
متسوقون في أحد محال التجزئة في ولاية نيوجيرسي الأميركية (رويترز)

رغم الإنكار الرسمي للإدارة الأميركية، واستبعاد وزيرة الخزانة جانيت يلين أن تدخل الولايات المتحدة في حالة ركود بينما ترفع معدلات الفائدة بوتيرة سريعة لمواجهة التضخم، تتزايد توقعات الخبراء ومراكز الاستثمار حول قابلية الاقتصاد الأكبر عالمياً للدخول في دائرة الخطر.
وقال معهد ويلز فارغو للاستثمار إنه عدّل توقعاته الاقتصادية بما يجعل من ركود معتدل في الولايات المتحدة السيناريو الأساسي المتوقع في نهاية 2022 وأوائل 2023، استناداً إلى بيانات اقتصادية.
وخفضت وحدة البحوث ببنك ويلز فارغو أيضاً توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي حتى نهاية 2022 إلى 1.5 في المائة، من 2.2 في المائة، وقلصت توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية 2023 إلى انكماش قدره 0.5 في المائة، من نمو 0.4 في المائة. كما أبقت على تقديرها لتضخم أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة لعام 2022 بدون تغيير عند 7.7 في المائة.
وبدوره، قال محمد العريان الخبير الاقتصادي والرئيس التنفيذي السابق لشركة بيمكو العملاقة للاستثمار إن الاقتصاد الأميركي لن يتمكن من تجنب الركود التضخمي، وإن الأسواق على استعداد لمواجهة خطر التضخم المرتفع المصحوب بركود الاقتصاد.
ونقلت بلومبرغ عن العريان القول إنه في حين يمكن أن تتجنب الولايات المتحدة الركود «فإن الركود التضخمي لا يمكن تجنبه... نحن نرى تراجع معدل النمو ونرى استمرار ارتفاع معدل التضخم».
وأرجع العريان مسؤولية تدهور الموقف الاقتصادي إلى تعامل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) مع ارتفاع الأسعار في 2021، حيث كان المجلس يرى أن التضخم سيتلاشى في لحظة ما. وأضاف أن المجلس تخلى بعد ذلك عن نظرية «التضخم المؤقت» ويشدد الآن السياسة النقدية، حيث قال جيروم باول رئيس المجلس إن أسعار الفائدة ستستمر في الارتفاع حتى يظهر دليل «واضح ومقنع» على تراجع التضخم.
وقال العريان إن مجلس الاحتياطي بدأ أخيراً يتعامل مع التطورات على الأرض «لكن ما زال أمامه الكثير ليفعله». وأضاف أن الركود التضخمي هو أسوأ شيء يواجه البنوك المركزية، وبخاصة لأن البنك المركزي يجد نفسه أمام هدفين متعارضين وهما ضرورة تحفيز الاقتصاد بتبني سياسة اقتصادية مرنة، وكبح جماح الأسعار بتشديد السياسة النقدية. وأشار إلى أنه «كان يمكن تجنب هذا الركود التضخمي لو كان مجلس الاحتياطي قد تخلى عن نظرته للتضخم المرتفع باعتباره مؤقتاً» في العام الماضي.
ورغم هذه التوقعات، استبعدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين الأربعاء أن تدخل الولايات المتحدة في حالة ركود بينما ترفع معدلات الفائدة بوتيرة سريعة لمواجهة التضخم، لكنها حذّرت من المخاطر الاقتصادية على أوروبا جرّاء الحرب في أوكرانيا.
وقالت يلين خلال مؤتمر صحافي قبيل اجتماع لوزراء مال دول مجموعة السبع في ألمانيا: «لا أتوقع حقا بأن تدخل الولايات المتحدة في حالة ركود». وأضافت أن أوروبا «أكثر عرضة وبالطبع أكثر انكشافا في جبهة الطاقة» في وقت ترتفع الأسعار بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وأضافت أنه بالطبع «البيئة الحالية محفوفة بالمخاطر، سواء من حيث التضخم أو الانكماش الاقتصادي المحتمل»، لكن «لدينا في الوقت الراهن زخم كبير للانتعاش الاقتصادي»، مع «معدل بطالة منخفض جدا».
وشهد الاقتصاد الأميركي انتعاشا اقتصاديا قويا بعد جائحة كوفيد، لا سيما بفضل حزم إنعاش الاقتصاد الفيدرالية المكثفة. لكن في الأشهر الأخيرة، أدى التضخم والاضطرابات التي حدثت في سلاسل التوريد العالمية الناجمة خصوصا عن الحرب في أوكرانيا وانتشار فيروس كورونا في الصين، إلى عرقلة هذا الزخم.
في غضون ذلك، قال باتريك هاركر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا الأربعاء إنه يتوقع أن يقرر البنك المركزي الأميركي زيادتين أخريين بمقدار نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة قبل أن يتحول إلى زيادات بربع نقطة مئوية إلى أن يتغلب على «محنة» التضخم. ومع وصول التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى في 40 عاماً، يكثف الفيدرالي مساعيه لكبح الطلب على السلع والعمالة وتخفيف ضغوط الأسعار في نهاية المطاف بجعل الاقتراض أكثر تكلفة.
وفي وقت سابق هذا الشهر، رفع المركزي الأميركي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار نصف نقطة مئوية، وهي أكبر زيادة في أكثر من عقدين. وقال جيروم باول رئيس المجلس إن زملاءه في اللجنة صانعة السياسة النقدية يساندون بشكل عام زيادتين أخريين للفائدة بالقدر نفسه في الاجتماعين القادمين لمجلس الاحتياطي.


مقالات ذات صلة

بعد فوز ترمب... مطالب عربية بميزات تنافسية بسبب توترات المنطقة

الاقتصاد ترمب يتحدث على شاشة بقاعة تداول بورصة «دويتشه» في فرانكفورت بألمانيا (أ.ب)

بعد فوز ترمب... مطالب عربية بميزات تنافسية بسبب توترات المنطقة

«الشرق الأوسط» استطلعت آراء خبراء اقتصاديين من عدة دول عربية حول رؤيتهم لأهم الإجراءات التي تجب مراعاتها من رئيس الولايات المتحدة للمنطقة العربية.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد عرض خطاب مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب في فلوريدا على شاشة في لاس فيغاس (أ.ف.ب)

ترمب في خطاب النصر: سنساعد بلادنا على التعافي

شدّد ترمب على أهمية أولويات إدارته المقبلة، قائلاً: «سنبدأ تقليص الديون وتقليل الضرائب».

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
الاقتصاد لوحة تحمل اسم «وول ستريت» خارج «بورصة نيويورك»... (رويترز)

ارتفاع قوي لمؤشرات الأسهم الأميركية مع ترقب نتائج الانتخابات

ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بشكل قوي يوم الثلاثاء مع انتظار المتداولين نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية الحاسمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد عاملة في مخبز بسوق ريدينغ ترمينال في فيلادلفيا (رويترز)

نشاط قطاع الخدمات الأميركي يتسارع لأعلى مستوى له في أكثر من عامين

تسارع نشاط قطاع الخدمات الأميركي بشكل غير متوقع في أكتوبر إلى أعلى مستوى له في أكثر من عامين، مع تعزيز في التوظيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد العلم الأميركي يرفرف بينما يغادر أحد الناخبين مركز اقتراع بعد الإدلاء بصوته في ديربورن بولاية ميشيغان (أ.ب)

5 تحديات اقتصادية تنتظر ترمب بعد عودته للبيت الأبيض

من طبيعة الحملات الانتخابية أن يتحول السياسيون بغض النظر عن مواقفهم الأولية إلى الخطاب الشعبوي حيث يقدمون وعوداً كبيرة ويتجنبون التطرق إلى التفاصيل السياسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يخفّض بنك إنجلترا الفائدة مجدداً اليوم؟

مبنى بنك إنجلترا يظهر محاطاً بالزهور في لندن (رويترز)
مبنى بنك إنجلترا يظهر محاطاً بالزهور في لندن (رويترز)
TT

هل يخفّض بنك إنجلترا الفائدة مجدداً اليوم؟

مبنى بنك إنجلترا يظهر محاطاً بالزهور في لندن (رويترز)
مبنى بنك إنجلترا يظهر محاطاً بالزهور في لندن (رويترز)

من المرجح أن يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة للمرة الثانية فقط هذا العام في قرار ستطغى عليه تداعيات موازنة المملكة المتحدة وفوز دونالد ترمب في الانتخابات.

ويتوقع خبراء الاقتصاد والمتداولون أن يمضي البنك المركزي قدماً في خفض سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 4.75 في المائة بعد تباطؤ سريع غير متوقع في التضخم، وفق «بلومبرغ».

ومع ذلك، فإن مسار تكاليف الاقتراض بعد اجتماع يوم الخميس أصبح موضع شك بسبب الأحداث في الداخل والخارج، مما تسبب في تقلب رهانات الأسعار في الأسواق المالية.

في الأسبوع الماضي، أعلنت المستشارة راشيل ريفز عن واحدة من أكبر عمليات التخفيف المالي منذ عقود، وكشفت عن زيادة في الاقتراض من المرجح أن تجبر بنك إنجلترا على توقع ارتفاع التضخم في السنوات المقبلة.

وكان لدى بنك إنجلترا ما يقرب من أسبوع لـ«مضغ» أول مجموعة من خطط الضرائب والإنفاق لوزيرة المالية الجديدة، والتي يُعتقد أنها سترفع التضخم، وكذلك النمو الاقتصادي العام المقبل. إذ من المتوقع أن ترتفع أسعار المستهلك بنسبة 2.6 في المائة في عام 2025، وفقاً لتوقعات مكتب مسؤولية الموازنة، وهو أعلى بكثير من هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى الموازنة، وفق «رويترز».

كان هذا التوقع سبباً كبيراً وراء تراجع المستثمرين عن رهاناتهم على تخفيضات أسعار الفائدة المتكررة العام المقبل.

وقال جيمس سميث، الخبير الاقتصادي في الأسواق المتقدمة في «آي إن جي»: «إن الموازنة لن تغير قرار البنك بخفض أسعار الفائدة مرة أخرى هذا الأسبوع». وأضاف: «لكنها تشكك في وجهة نظرنا الراسخة منذ فترة طويلة بأن خفض أسعار الفائدة سوف يتسارع من الآن فصاعداً». وتابع: «الخطر هو أن يحدث هذا في وقت لاحق، ويقرر البنك الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير مرة أخرى في ديسمبر (كانون الأول)».

وسيكون بنك إنجلترا أيضاً أول البنوك المركزية الكبرى التي تتفاعل مع فوز ترمب في الانتخابات الأميركية، وهو الفوز الذي يهدد بإرسال موجات صدمة عبر الاقتصاد العالمي من خلال حرب تجارية متجددة.

وتوقع خبراء الاقتصاد أن يكون هناك إجماع شبه كامل في لجنة السياسة النقدية المكونة من تسعة أعضاء لصالح خفض أسعار الفائدة. وفي حين كانت النتيجة خمسة إلى أربعة لصالح أول خفض لأسعار الفائدة منذ الوباء في أغسطس (آب)، وجد استطلاع أجرته «بلومبرغ» أن خبراء الاقتصاد يميلون إلى أغلبية ثمانية إلى واحد لصالح التخفيف هذه المرة. وإذا حدث هذا الانقسام في الأصوات، فمن المتوقع أن تكون كاثرين مان الصقر الوحيد المعارض للخفض بعد تحذيرها مؤخراً من أن البنك المركزي البريطاني ربما بدأ في تخفيف السياسة قبل الأوان. ومع ذلك، يتوقع أكثر من ثلث خبراء الاقتصاد الذين شملهم الاستطلاع أن ينضم إليها المزيد في التصويت لصالح عدم التغيير.