سعى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لإقناع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو بضرورة تخلي أنقرة عن معارضتها انضمام كل من فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في وقت دفع فيه زعماء هذين البلدين الإسكندنافيين إلى تسريع هذه العملية مع الحصول على ضمانات أمنية في المرحلة الانتقالية.
واجتمع بلينكن مع جاويش أوغلو في المقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك، حيث قدم وزير الخارجية التركي إشارات وصفت بأنها «متضاربة»، إذ أكد دعم بلاده لسياسة «الباب المفتوح» في الحلف الدفاعي الغربي وتفهمها لرغبة فنلندا والسويد في الانضمام إليه عقب حرب أوكرانيا، لكنه كرر مطالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بمعالجة مخاوف تركيا الأمنية بشأن الدولتين المرشحتين. وقال: «كانت تركيا تدعم سياسة الباب المفتوح لحلف شمال الأطلسي حتى قبل هذه الحرب. ولكن فيما يتعلق بهاتين الدولتين المرشحتين، لدينا أيضاً مخاوف أمنية مشروعة من أنها كانت تدعم المنظمات الإرهابية، وهناك أيضاً قيود على تصدير المنتجات الدفاعية» إلى تركيا. وأضاف: «نتفهم مخاوفهم الأمنية، لكن المخاوف الأمنية لتركيا يجب أن تلبى أيضاً وهذه مسألة يجب أن نواصل مناقشتها مع الأصدقاء والحلفاء، بما في ذلك الولايات المتحدة».
وفي وقت لاحق، كثف جاويش أوغلو انتقاداته أمام الصحافيين في نيويورك، فاتهم استوكهولم ليس فقط بدعم الجماعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، ولكن أيضاً بتقديم الأسلحة للمقاتلين الأكراد في سوريا. وقال إن «الجميع يقولون إنه يجب تلبية مخاوف تركيا، لكن هذا لا يجب أن يكون بالكلمات فحسب، بل يجب تنفيذه». وجاءت تصريحاته في وقت يحاول فيه المسؤولون الأميركيون تحديد مدى جدية إردوغان تجاه هذه المسألة، وما قد يتطلبه الأمر لحمله على التراجع. في غضون ذلك، يتجاهل المسؤولون الأميركيون بشكل أساسي تعليقات إردوغان في بياناتهم العامة. أما بلينكن، فلم يأت على ذكر شكاوى إردوغان بشأن فنلندا والسويد، لكنه شدد على أن واشنطن ستعمل على ضمان نجاح عملية توسيع الناتو. وفي تأكيده على حساسية الدبلوماسية الدقيقة المطلوبة للتعامل مع حليف «متمرد» داخل تحالف يضم 30 عضوا يعتمد على الإجماع، رفض المسؤولون الأميركيون التعليق على موقف تركيا. ولم يشر بيان مشترك صدر بعد اجتماع الأربعاء بين بلينكن جاويش أوغلو إلى فنلندا أو السويد على الإطلاق، كما لم يذكر الناتو سوى بإشارة عابرة. وجاء في البيان المكون من ست جمل فقط أن الرجلين التقيا «لإعادة تأكيد تعاونهما القوي كشريكين وحلفاء في الناتو»، والتزاما «بتعميق التعاون الثنائي من خلال حوار بناء ومفتوح». وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أفاد مراراً أنه «ليس لنا أن نتحدث باسم الحكومة التركية» عندما سئل عن موقف تركيا.
وكان ينظر إلى اعتراض أنقرة في البداية، في واشنطن وعواصم الناتو الأخرى، على أنها تشتيت بسيط يسهل حله لعملية توسيع الحلف في أعقاب حرب أوكرانيا، إلا أن تصريحات إردوغان تجاه فنلندا والسويد أصبحت تجتذب مزيداً من القلق. وحتى إذا تم التغلب عليها، فإن اعتراضات تركيا، وهي الدولة الوحيدة من بين أعضاء الناتو الـ30 التي أبدت تحفظات على التوسع حتى الآن، قد تؤخر انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف لعدة أشهر، ولا سيما إذا حذت دول أخرى حذوها في السعي إلى الحصول على تنازلات مقابل أصواتها.
وكان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ قال الأحد الماضي إن «تركيا أوضحت أن نيتها ليست منع العضوية». وأعرب بلينكن ووزراء خارجية آخرون، وبينهم نظيرته الألمانية أنالينا برايبوك، عن ثقتهم المطلقة في أن كل أعضاء الناتو، بما في ذلك تركيا، سيرحبون بالوافدين الجديدين. وتتعلق شكاوى تركيا أيضاً بإسقاطها من برنامج تطوير الطائرات المقاتلة المتقدم «إف 35» بعد شراء نظام دفاع جوي روسي من طراز «إس 400».
وتضغط تركيا على الولايات المتحدة لبيعها مقاتلات «إف 16» جديدة أو على الأقل لتجديد أسطولها الحالي. وفي حين أنهما لا علاقة لهما بمسألة توسيع الناتو، فإن القرارات الخاصة بأي منهما يمكن أن تساعد في إقناع إردوغان بالتخلي عن اعتراضاته. وقال جاويش أوغلو إن مناقشاته بشأن هذه المسألة كانت «إيجابية» لكنه لم يقدم تفاصيل.
إشارات تركية «متضاربة» حول عضوية فنلندا والسويد في «الناتو»
بلينكن سعى لإقناع نظيره التركي... وعبّر عن ثقته في نجاح توسّع الحلف
إشارات تركية «متضاربة» حول عضوية فنلندا والسويد في «الناتو»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة