نقص الحبوب ينذر بموجة جوع في اليمن

TT

نقص الحبوب ينذر بموجة جوع في اليمن

في وقت يتزايد فيه أعداد الجوعى اليمنيين مع اتساع رقعة الفقر وتضاؤل فرص العيش وانقطاع الرواتب التي انعكست سلباً على حياة الملايين، دقَّت كبرى البيوت التجارية ولأول مرة منذ سنوات ما بعد الانقلاب الحوثي ناقوس الخطر، محذرة من مجاعة وشيكة قد تجتاح البلاد، نتيجة ارتفاع أسعار القمح العالمية، والتناقص الكبير في المخزون.
وأصدرت «مجموعة هائل سعيد أنعم» (مستورد رئيسي للقمح في اليمن) تحذيراً من مجاعة محتملة قد تعم أرجاء البلاد، نتيجة الانقطاع غير المسبوق لإمدادات القمح العالمية الناتج عن تداعيات الصراع بأوكرانيا. وحذرت أيضاً من تفاقم أسعار القمح العالمية بصورة أكبر، بسبب حظر تصدير القمح الهندي الذي دخل حيز التنفيذ.
جاء ذلك بالتوازي مع تحذيرات أممية من أن الوضع الغذائي في اليمن كارثي، ونحو 25.5 مليون نسمة من إجمالي سكان اليمن البالغ 30 مليون باتوا يعيشون تحت خط الفقر، وبحاجة ماسة إلى الدعم أكثر من أي وقت مضى. وطالبت المجموعة، في بيان بتدخل دولي عاجل تجنباً للمزيد من الكوارث الإنسانية، داعية المنظمات الدولية والإقليمية إلى وضع حلول مبتكرة لضمان وصول إمدادات القمح الكافية إلى المجتمع اليمني.
وقال نبيل هائل سعيد، العضو المنتدب للمجموعة في منطقة اليمن: «إنه خلال هذه الفترة من عدم الاستقرار العالمي، اتخذت المجموعة خطوات لضمان الحصول على السلع الأساسية، حتى نتمكن من الاستمرار بتوفير الغذاء والسلع الأساسية بأسعار معقولة إلى اليمنيين، وشمل ذلك الاستفادة من اتفاقية قرض بقيمة 75 مليون دولار أميركي مع مؤسسة التمويل الدولية، التي سمحت بتوفير رأس المال العامل بصورة سريعة في مواجهة ارتفاع أسعار القمح لتأمين إمدادات كافية من هذا الغذاء الأساسي اليومي لليمن».
وأضاف أن «الأوقات العصيبة تتطلب اتخاذ إجراءات جريئة، ونحن على استعداد للعمل جنباً إلى جنب مع شركائنا الدوليين والإقليميين للمساعدة بوضع آليات الطوارئ للاستجابة لأزمة الأمن الغذائي في اليمن، التي ستمكن القطاع الخاص من تمويل واردات القمح بشكل فوري، لافتاً إلى أنه «دون تدخل عاجل، يوجد خطر فوري وأكيد يتمثل في عدم قدرتنا على منع موجة الجوع الشديد من اجتياح البلاد ودفع مئات الآلاف إلى المجاعة».
ورغم سلسلة التحذيرات والنداءات المطالبة بسرعة وضع حلول ومقترحات عاجلة لتجنب نقص إمدادات القمح إلى اليمن، تواصل الميليشيات الحوثية، عبر حكومتها غير المعترف بها، تجاهلها المتعمَّد لحجم تلك الكارثة المحتملة، مع استمرار وضعها للعراقيل أمام العمل الإغاثي.
وبحسب مصادر مطلعة في صنعاء، أصدرت الميليشيات تعليمات جديدة لأتباعها في العاصمة المحتلة تحضهم على وقف أعمال وتحركات عديد من المؤسسات المحلية العاملة في المجال الإنساني والخيري في عدة مدن تحت سيطرتها.
وجاءت تلك التعليمات، عقب قيام بعض المنظمات أخيراً بعملية بحث وحصر ميدانية للحالات الإنسانية الأشد احتياجاً للمساعدات الطارئة في أحياء عدة بنطاق العاصمة صنعاء.
وكانت الأمم المتحدة قدرت أن نحو ثلثي سكان اليمن يعتمدون على الحماية والمساعدات الإنسانية في ظل الحرب التي تشهدها البلاد منذ نحو سبع سنوات، بفعل جريمة الانقلاب الحوثية.
وقال منظمة الهجرة الدولية في تغريدة على «تويتر» إن الأمم المتحدة تقدر أن ما لا يقل عن 20 مليون شخص، أو شخصين من كل ثلاثة أشخاص، يعتمدون على الحماية والمساعدة الإنسانية، مضيفة أنها بحاجة إلى 159 مليون دولار للوصول إلى 4.6 مليون شخص هذا العام، لاستمرار تدخلاتها المنقذة للحياة.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أكد مرصد حقوقي دولي أن اليمنيين يكافحون يومياً تجنباً لخطر المجاعة التي ما زالت تهدد الملايين منهم جراء الحرب التي تشهدها البلاد لعامها الثامن تباعاً.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: «‏يعاني اليمنيون بفعل النزاع المستمر أزمة إنسانية صعبة تمسّ جوانب حياتهم كافة»، مضيفاً: «لا يستطيع غالبيتهم الوصول إلى الخدمات الأساسية».
ولفت إلى أن اليمنيين «يكافحون يومياً من أجل عدم الانزلاق إلى خطر المجاعة الذي يتهددهم طوال الوقت».
وكان منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد غريسلي، حذر، مطلع مايو (أيار) الحالي، من انهيار عملية الإغاثة الإنسانية باليمن في حال عدم الحصول على التمويل الكافي، مشيراً إلى أنهم يحتاجون إلى 4.3 مليار دولار لمساعدة 17 مليون يمني جراء تفاقم الأزمة.
وقال غريسلي، في بيان له، إن «الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن حقيقة ويتعين علينا التصدي لها على وجه السرعة».
وأشار إلى أن الأرقام هذا العام صادمة؛ إذ يحتاج أكثر من 23 مليون شخص (نحو ثلاثة أرباع سكان اليمن) إلى المساعدة، وهذا يمثل زيادة بنحو ثلاثة ملايين شخص عن العام السابق (2021)، ويواجه ما يقارب 13 مليون شخص مستويات حادة للمساعدة.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».