فولكر: مهمتي إعادة الأوضاع في السودان للمسار الانتقالي

«قلق شديد» لمجلس الأمن إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في دارفور

فولكر بيرتس يواجه صعوبات لمهمته في السودان
فولكر بيرتس يواجه صعوبات لمهمته في السودان
TT

فولكر: مهمتي إعادة الأوضاع في السودان للمسار الانتقالي

فولكر بيرتس يواجه صعوبات لمهمته في السودان
فولكر بيرتس يواجه صعوبات لمهمته في السودان

أبدى مجلس الأمن قلقه الشديد إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في إقليم دارفور، وذلك خلال تقديم رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) الألماني بيرتس فولكر، تقريره الدوري عن المشاورات التي أجراها في الأشهر الماضية، والذي جدد التأكيد على أن مهمة بعثته هـي العمل على إعادة الأوضاع في السودان إلى المسار الانتقالي.
وأكد فولكر، في تصريحات صحافية محدودة شاركت فيها «الشرق الأوسط» اليوم، شعور مجلس الأمن بالمسؤولية عن الأوضاع بسبب موافقته على إنهاء مهمة البعثة المشتركة لحفظ السلام في دارفور المعروفة اصطلاحاً بـ«يوناميد»، وأن بعثته «يونيتامس» ليست بديلاً عنها، لأنها «بلا جيش ولا بوليس».
وجدد فولكر التأكيد على أن مهمة بعثته هـي العمل على إعادة الأوضاع في السودان للمسار الانتقالي، وتكوين حكومة يقودها المدنيون، والتوافق على دستور انتقالي، وتسمية رئيس وزراء أو رئيسة وزراء بالتوافق، وآليات الاختيار. ووصف «ما حدث في السودان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) بأنه «انقلاب عسكري». وأضاف أن كلاً من المجتمعين الدولي والإقليمي صنفا الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بأنها «انقلاب عسكري» وفقا للقانون.
وتلخيصا لجهود بعثته، أوضح فولكر أنها كانت تنوي عقد «لقاء تحضيري»، بيد أنه لم يحدث لعدم توفير المناخ المواتي للمحادثات الحقيقية، وقال: «طلبنا من المكون العسكري باعتباره الشق الأقوى إجراءات لتحسين البيئة المناسبة للتفاوض، وهو اتخذ خطوات مثل إطلاق سراح القادة السياسيين، وبعض النشطاء لكن ما زال هناك بعض النشطاء في السجون... ما زلنا نأمل من المكون العسكري رفع حالة الطوارئ، أو على الأقل البدء في إجراءات ما قبل حالة الطوارئ، لتهيئة المناخ، لكن مثلما اتخذ الشق العسكري بعض الخطوات، على الشق المدني اتخاذ خطوات مماثلة».
وقطع فولكر بأن المناخ السياسي غير ملائم لعقد لقاءات مباشرة بين الفرقاء السودانيين، وأن اللاعبين الأساسيين رفضوا الجلوس مع بعض الأطراف على طاولة واحدة، واشترطوا الحديث معهم عبر الميسرين في الآلية الثلاثية، لذلك قررت الآلية حواراً غير مباشر.
وحصر فولكر مهمة بعثته في تجميع الأفكار المتفق عليها بين الفرقاء، وتقديمها لهم، بيد أن البعض اقترح تقديم الأفكار في شكل «ورقة»، وقال: «هذا الأمر صعب لأننا كلما انتظرنا طويلاً ستزيد الأمور تعقيداً، فالبلاد تعيش أزمة سياسية ولا يوجد تقدم اقتصادي، والأوضاع الأمنية تزداد تدهوراً في دارفور والمناطق الأخرى».
وأوضح أن التوتر الأمني يتزايد باضطراد في السودان، ولا يقتصر على الأوضاع في دارفور، بل هناك توتر في كل المعسكرات بما في ذلك القوات الأمنية وفصائل اتفاق جوبا.
وأشار ممثل الأمين العام إلى جانب إيجابي في الأوضاع السياسية بالبلاد، تتمثل في تحول الخطاب السياسي إلى خطاب أقل حدة بين كل الأطراف، إذ «نستطيع تلمس جدية من كل الأطراف تجاه الحوار، أو قبولهم بمبدأ النقاش للخروج من الأزمة».
وأوضح أن المكون العسكري أدرك عدم إمكان الاستغناء عن المدنيين، بما في ذلك القوى التي تم إبعادها عن السلطة «قوى إعلان الحرية والتغيير».
وأكد استمرار جهود بعثته على مساعدة السودانيين للوصول لحلول، وقال: «سأذهب إلى نيويورك عطلة نهاية الأسبوع لتقديم تقريري الدوري لمجلس الأمن، وسيكون تقريري علنياً كما هو دائماً، وسيتناول الأوضاع العامة في السودان».
وكشف عن إجراء مشاورات مع أكثر من 100 جهة، بينها الحزب الشيوعي وحزب الأمة، وعدد من الأكاديميين والشخصيات العامة «أظننا نجحنا، رغم أن التفاوض المباشر قد أثبتت الأيام عدم نجاحه».
وبشأن الانتقادات الموجهة له، بل المطالبات بإبعاده، قال: «بعضها اتهمنا بأني أساعد الانقلابيين... لكننا نتفاوض مع كل من له تأثير على الأحداث من كل الأطراف، ويهمنا الوصول لحلول مستدامة» مع أن البعض غير راضٍ عن المفاوضات ولا سيما الحرية والتغيير المجلس المركزي، وأن المكون العسكري لا يفضل الجلوس المباشر مع الأحزاب.
وأكد استمرار نقاش بين السودان ومجلس الأمن بشأن تجديد مهمة البعثة بالمهام نفسها، أو إجراء تعديلات على مهمتها، «لكن هذا يحتاج لنقاش أطول، وأتوقع أن يتم الاتفاق في غضون الأسبوعين المقبلين... وفي كل الأحوال علي تنفيذ المهمة التي تصدر عن مجلس الأمن».
وقال فولكر إن الأزمة السياسية لا تقتصر على الصراع بين المدنيين والعسكريين، بل هناك صراعات بين كل مكونات الفاعلين، وأضاف: «هناك أزمة بين العسكريين، والعسكريين والمدنيين، ولو لم تكن هناك أزمة بين العسكريين، لما كانت هناك أزمة بينهم والمدنيين... هناك اختلافات داخل المكون العسكري، واختلافات كثيرة بين الأطراف المدنية المتعددة، وحتى هناك صراعات بين مجموعة سلام جوبا، لو كان مجرد صراع بين المكون العسكري والمدنيين لكان الحل أسهل، المسألة أكثر تعقيداً».
وتوقع فولكر أن تؤثر الحرب في أوكرانيا على الأوضاع في السودان، واحتمال تأثيرها على المناقشات داخل مجلس الأمن، وقال: «المناقشات داخل مجلس الأمن تتأثر بالأوضاع الجيوسياسية... قلت في الإحاطة التي قدمتها لمجلس الأمن إن نجاح البعثة يعتمد على وجود روح توافقية في مجلس الأمن، وإن أي تجاذب دولي سينعكس على الأوضاع في السودان كما حدث في سوريا... دعونا ننتظر، فإذا وافقوا على التمديد للبعثة سيكون ذلك خطوة نحو تنفيذ مهامها في السودان».
وأشار إلى أن كلا من المجتمعين الدولي والإقليمي صنفا الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بأنها «انقلاب عسكري» وفقاً للقانون.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

تشهد العلاقات المضطربة على مرّ التاريخ بين فرنسا والجزائر خضّات جديدة، إثر توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا، بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف كاتب جزائري - فرنسي في العاصمة الجزائرية، وهو ما يجعل البعض يرى أن العلاقة بين البلدين وصلت فعلاً إلى «نقطة اللاعودة».

سلطات فرنسا شنت حملة توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق بسبب رسائل كراهية نشروها (أ.ب)

وأوقفت السلطات في باريس مؤخراً ثلاثة مؤثرين جزائريين للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب، ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا ضد معارضين للنظام الجزائري. أحدهم أوقف الجمعة في ضواحي غرونوبل، بعد نشره مقطع فيديو، تم حذفه في وقت لاحق، يحث المتابعين على «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحسب لقطة مصورة من شاشة لوزير الداخلية برونو ريتايو.

وزير الداخلية الفرنسية برونو ريتايو (أ.ب)

ونشر هذا الرجل: «أنا معك يا زازو»، مخاطباً مؤثراً جزائرياً آخر، يدعى يوسف أ، المعروف باسم «زازو يوسف»، كان قد أوقف قبل ساعات قليلة بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد «معارضي النظام الحالي في الجزائر»، بحسب القضاء الفرنسي. ونشر الشخص الثالث، الذي تم اعتقاله على تطبيق «تيك توك»: «اقتلوه، دعوه يتعذب»، في إشارة إلى متظاهر جزائري معارض للنظام. وفتح القضاء أيضاً تحقيقات ضد اثنين آخرين من المؤثرين الفرنسيين الجزائريين، بسبب فيديوهات تنشر الكراهية. وقال المعارض الجزائري، شوقي بن زهرة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «العشرات» من مستخدمي وسائط التواصل الجزائريين، أو مزدوجي الجنسية «نشروا محتوى معادياً على الإنترنت».

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

كان لدى يوسف أ. أكثر من 400 ألف متابع على تطبيق «تيك توك»، وقد حذفت المنصة حسابه منذ ذلك الحين.

* اتهام الجزائر بالتحريض

اتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه «الظاهرة»، والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، «يستقبل أيضاً مؤثرين» جزائريين. وردت مؤسسة مسجد باريس على هذه التصريحات «التشهيرية»، التي أدلى بها «مدون مغمور»، واعتبرتها جزءاً من «حملة افتراء غير محتملة»، لكنها أكدت على «دورها البناء في العلاقات بين البلدين». وحسب العديد من المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا، الذين التقتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن غيرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، موقفها من قضية الصحراء، التي كانت مسرحاً لنصف قرن من الصراع بين المغرب وجبهة «البوليساريو»، المدعومة من الجزائر. ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي انحاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أن مستقبل الصحراء يكمن «في إطار السيادة المغربية»، وساعد ذلك في التقارب مع الرباط، واندلاع أزمة جديدة مع الجزائر، التي لم تعد تقيم علاقات دبلوماسية مع جارتها منذ أغسطس (آب) 2021.

الجزائر اعتبرت موقف الرئيس ماكرون من الصحراء المغربية «خيانة» لها (أ.ف.ب)

في صيف 2022، بدأ الرئيس الفرنسي خطوة «للتقارب» مع الجزائر بشأن «قضايا الذاكرة»، ومسألة «الماضي الاستعماري»، المرتبطة بحرب الاستقلال التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن موقفه من الصحراء اعتبرته الجزائر «خيانة»، كما لاحظ ريكاردو فابياني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية. سبب آخر من أسباب التوتر هو مصير الكاتب الفرنسي - الجزائري، بوعلام صنصال (75 عاماً)، الذي يقبع في السجن في الجزائر منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهمة المساس بأمن الدولة، وهو في وحدة العناية الصحية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

* امتعاض جزائري

بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها الكاتب صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة، في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر. وكان الرئيس الفرنسي اعتبر الاثنين أن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مطالباً بالإفراج عن الكاتب المحتجز «بطريقة تعسفية تماماً».

الروائي المسجون في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

ومباشرة بعد ذلك، عبرت وزارة الخارجية الجزائرية عن استغرابها من «التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة». ووصفتها بـ«التدخل السافر وغير المقبول في شأن جزائري داخلي». في هذا السياق، أشار مدير «مركز الدراسات العربية والمتوسطية» في جنيف، حسني عبيدي، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى «نقطة اللاعودة». وأعرب عن أسفه لأن «تصريحات ماكرون القاسية وغير المألوفة» من شأنها «تعزيز دعاة القطيعة التامة بين البلدين، وتكشف عن فشل الرئيس (الفرنسي) في سياسته حيال الجزائر». أما كريمة ديراش، الباحثة في «المركز الوطني الفرنسي» للبحث العلمي في باريس، فقد اعتبرت أننا «أمام رئيس دولة فرنسي لا يعرف كيف يتصرف»، و«يترك انفعالاته تتغلب عليه ولا يحترم القواعد»، وأمام سلطة جزائرية «حساسة جداً تجاه كل ما يصدر عن الدولة الفرنسية». وشدّدت على أنه رغم هذه «المناوشات» المتكررة بانتظام، تظل العلاقة الفرنسية - الجزائرية «متينة» من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، مضيفة بسخرية أن فرنسا والجزائر «ثنائي يتنازع بانتظام».