النواب المستقلون يدخلون طرفاً في معادلة «كسر الإرادات» في العراق

بارزاني يؤجل إطلاق مبادرته بانتظار موقف «الاتحاد الوطني»

خبراء أمس في موقع مقبرة جماعية تعود إلى تسعينات القرن الماضي قرب النجف جنوب العراق (أ.ف.ب)
خبراء أمس في موقع مقبرة جماعية تعود إلى تسعينات القرن الماضي قرب النجف جنوب العراق (أ.ف.ب)
TT

النواب المستقلون يدخلون طرفاً في معادلة «كسر الإرادات» في العراق

خبراء أمس في موقع مقبرة جماعية تعود إلى تسعينات القرن الماضي قرب النجف جنوب العراق (أ.ف.ب)
خبراء أمس في موقع مقبرة جماعية تعود إلى تسعينات القرن الماضي قرب النجف جنوب العراق (أ.ف.ب)

ينتظر الشارع العراقي مبادرة جديدة يطلقها النواب المستقلون يمكن أن تمثل حلحلة للأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ 7 أشهر، في ظل معلومات تحدثت عن خلافات برزت في اللحظات الأخيرة حالت دون إطلاقها حتى الآن.
ولم يعلن النواب المستقلون رسمياً فشل مبادرتهم التي أعلنوا، أول من أمس، أنها سوف تطلق، السبت، من داخل مبنى البرلمان بدلاً من يوم الخميس، لكنّ قسماً منهم أعلن أنه تم تشكيل لجنة لإنقاذ المبادرة، بينما التزم آخرون منهم الصمت دلالة على بروز خلافات بينهم بسبب ميل طرف منهم إلى «التحالف الثلاثي» (التيار الصدري وتحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني)، بينما يميل طرف آخر إلى «الإطار التنسيقي».
وفيما فشلت كل المبادرات السابقة التي طرحتها القوى التقليدية في التوصل إلى حل للأزمة التي تعيشها البلاد والناجمة عن عدم قدرتها على تشكيل حكومة بعد 7 أشهر على إجراء الانتخابات، في ظل معركة «كسر إرادات» بين القوى السياسية المتنافسة، فإن عدم قدرة النواب المستقلين على إطلاق مبادرتهم، بعد أن تم تأجيلها أكثر من مرة، يعني أن النواب المستقلين الذين كانت الآمال معقودة على ما تتضمنه مبادرتهم من حلول لأزمة الانسداد السياسي أصبحوا بدورهم جزءاً من عملية كسر الإرادات، طبقاً لما يراه مراقبون ومتابعون للشأن السياسي العراقي. وطبقاً للمعلومات المُسربة من اللقاءات والاجتماعات التي أُجريت خلال الفترة الماضية سواء بين النواب المستقلين أنفسهم أو بينهم وبين قوى سياسية أخرى، فإنهم كما يبدو قد انقسموا إلى ثلاثة أقسام... قسم منهم يؤيد تشكيل حكومة مستقلة بالفعل على ألا يشارك المستقلون فيها بأي منصب تنفيذي، لكنهم هم من يسهم إسهاماً فاعلاً في ترشيح أعضاء الوزارة بدءاً برئيس الوزراء والوزراء. في المقابل، هناك قسم آخر يفضل خيار «التحالف الثلاثي» بما في ذلك الانضمام إليه بهدف إكمال النصاب وتشكيل حكومة أغلبية وطنية. في حين يفضل قسم ثالث منهم الذهاب باتجاه حكومة التوافق التي يدعو لها «الإطار التنسيقي» الشيعي. وتفيد معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» بأن نواباً مستقلين يعتبرون أن هناك من بينهم من فضّل «التفكير بمصلحته الشخصية»، وهو ما يعني الحصول على موقع تنفيذي، بينما هناك من فكّر بمصلحة المذهب أو الطائفة، وبالتالي خضع للضغوط التي مورست على المستقلين خلال الأيام القليلة الماضية للسير مع إحدى القوى السياسية الكبيرة المتنافسة. يضاف إلى ذلك، طبقاً للمعلومات المُسربة، فإن بعض النواب المستقلين رأى أن الشرط الذي أدرج في مبادرة مطروحة ويقضي بعدم تسلم «التيار الصدري» أو «الإطار التنسيقي» أي وزارة من بين الوزارات الشيعية الـ12، في حين تبقى الوزارات السنية من حصة تحالف «السيادة» والوزارات الكردية من حصة الأحزاب الكردية، يمثّل ظلماً للأحزاب الشيعية الكبيرة.
إلى ذلك، أرجأ الزعيم الكردي مسعود بارزاني إطلاق مبادرته التي لم تعرف نصوصها بعد برغم تكرار الحديث عنها في الأوساط السياسية. وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، من مصدر كردي، فإن سبب تأجيل المبادرة يعود إلى ما يمكن تسميته «التفاهم الأخير» مع «الاتحاد الوطني الكردستاني» بشأن منصب رئيس الجمهورية، حيث تم إرسال وفد من «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني إلى السليمانية للقاء وفد «الاتحاد الوطني الكردستاني» برئاسة بافل طالباني. وفيما لم يعرف بعد ما إذا كان الحزبان أجريا مباحثات وما هي النتائج التي تم التوصل إليها، فإنه وطبقاً للمصدر الكردي، فإن «مبادرة بارزاني ستكون مرهونة بمخرجات اجتماع الحزبين الكرديين في السليمانية، ففي حال كانت النتائج إيجابية فإن بارزاني يطلق مبادرته التي يمكن أن يتبناها الاتحاد الوطني الكردستاني في حال صبت في مصلحته. أما في حال فشلت المباحثات بين الحزبين فإنها ستكون على الأرجح آخر مباحثات بين الحزبين ويمكن أن تشهد طلاقاً أبدياً بينهما، وفي هذه الحال لن يطلق بارزاني أي مبادرة لأنها لن تحقق أي هدف وتذهب سدى مثل سواها من المبادرات التي أطلقت مؤخراً».
واعتبر المصدر الكردي أن «حل الأزمة السياسية يتوقف على مسألة أساسية واحدة وهي تنازل الحزب الديمقراطي الكردستاني عن منصب رئيس الجمهورية للاتحاد الوطني الكردستاني لهذه الدورة البرلمانية فقط، ومن بعدها يجري التفاهم مجدداً على كيفية إدارة المناصب بين الحزبين في بغداد وأربيل». وأضاف أن «الزعيم الكردي مسعود بارزاني يمكن أن يكون، لو فعل ذلك حقاً (أي التنازل عن الرئاسة)، مفتاحاً حقيقياً لحل أزمة الانسداد السياسي في العراق، وبالتالي يعود هو زعيماً فاعلاً على صعيد تغيير المعادلات السياسية في البلاد، بالإضافة إلى أنه سيعيد الأكراد موحدين مرة أخرى بعد أن تحولت فرقتهم إلى مصدر شماتة لكثيرين في الأوساط السياسية».
على صعيد آخر، عثر في محافظة النجف في جنوب العراق على مقبرة جماعية تعود إلى تسعينات القرن العشرين، أخرج منها 15 جثماناً من أصل 100 يعتقد أنها دفنت فيها، على ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول، أمس (السبت). وعثر على المقبرة الجماعية أثناء إنشاء مجمع سكني جنوب مدينة النجف في أبريل (نيسان)، ويعود تاريخها إلى مرحلة الانتفاضة الشعبية في عام 1991 ضدّ صدّام حسين التي أسفرت عن مقتل نحو 100 ألف شخص.
وأمام مبانٍ قيد الإنشاء، شاهد صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية العظام والجماجم البشرية موزعة ومرقمة على الأرض.
وقال عبد الإله النائي، مدير مؤسسة الشهداء وهي مؤسسة حكومية معنية بفتح المقابر الجماعية، إن «في هذه المقبرة أكثر من مائة رفات. هذا عدد تقريبي ويمكن أن يكون العدد أكثر باعتبار أن مسرح الجريمة كبير جداً».
وأضاف خلال إحياء اليوم الوطني للمقابر الجماعية أن هذه المقبرة «تعود إلى ذكرى الانتفاضة في عام 1991... العشرات من المقابر الجماعية لم تكتشف حتى الآن».
وشهد العراق، منذ الحرب مع إيران في عام 1980، سلسلة من النزاعات. وتقول السلطات إنه بين عامي 1980 و1990، فقد أكثر من مليون شخص لا يعرف مصير غالبيتهم في ظلّ نظام صدام حسين الذي أسقطه الغزو الأميركي في عام 2003.
وترك تنظيم «داعش» الذي دحره العراق في عام 2017 خلفه أكثر من 200 مقبرة جماعية يعتقد أنها تضمّ ما يصل إلى 12 ألف جثمان، بحسب الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
TT

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)

على الرغم من مرور 3 أشهر على العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة المتضمَّنة في العملية الكبرى، فإن تلك القوات ما زالت تتكبد كثيراً من الخسائر البشرية والمادية، في ظل معارك عنيفة مع مسلحين من الفصائل الفلسطينية، اعتمدوا على تكتيكات أكثر قوة باستخدام حرب «العبوات الناسفة».

وفي غضون 3 أيام، قتل ضابطان و3 جنود؛ جميعهم من لواء «ناحال»، الذي انتقل منذ نحو أسبوعين من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع، لاستكمال مهمة جزء من فريق لواء «كفير» القتالي، وقوات أخرى.

فتاة فلسطينية تتفقد منزل عائلتها الذي دمرته غارة جوية إسرائيلية بمخيم اللاجئين في دير البلح وسط غزة الخميس (إ.ب.أ)

«حرب العبوات»

ووفق تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإن الضابطين والجنود الثلاثة قتلوا نتيجة تفجير عبوات ناسفة، وأُعلن مقتل الجنود الثلاثة، الأربعاء، جراء انفجار عبوة كبيرة جداً زُرعت على عمق أمتار قليلة في الأرض، وحين داست دبابة عليها انفجرت وانقلبت واحترق جزء منها، ما أدى لمقتل الجنود الثلاثة وإصابة 3 آخرين أحدهم في حالة خطرة.

ووصفت الصحيفة ما يجري في بيت حانون بـ«حرب العبوات»، فقد اعترف ضابط إسرائيلي بأن «خطر العبوات الناسفة هو محور القتال» في البلدة الواقعة بمحاذاة السياج الأمني شمال قطاع غزة.

وذكرت الصحيفة أنه منذ بداية العملية في بيت حانون نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قتل 10 ضباط وجنود إسرائيليين، مشيرةً إلى أن قوات الجيش تعمل هناك ضد كتيبة «حماس» المحلية، في جزء من العملية المتواصلة شمال قطاع غزة منذ 3 أشهر.

دخان فوق قطاع غزة جراء انفجارات الخميس (أ.ب)

وتحدثت عن اكتشاف مستودعات أسلحة وصواريخ وأنفاق قتالية لا تزال تستخدم من قبل المسلحين الفلسطينيين.

«كرّ وفرّ»

وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومين في شمال قطاع غزة يخوضون عمليات «كرّ وفرّ»، وإن هذا التكتيك اعتُمد منذ بدء العمليات في جباليا بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومن ثم في بيت لاهيا، وحتى بلدة بيت حانون، مؤكدةً أن المعارك ما زالت متواصلة في جميع تلك المناطق على الرغم من محاولات الاحتلال الإسرائيلي السيطرة عليها.

ووفق المصادر، فإن المقاومين يتنقلون بين تلك المناطق الثلاث، ويخوضون اشتباكات عنيفة، وفق ما لديهم من إمكانات عسكرية، مشيرةً إلى أنهم يستخدمون الأنفاق، التي لا يزال بعضها سليماً، لاستهداف القوات الإسرائيلية والوصول إلى أماكن تمركز الجنود وإطلاق النيران عليهم من مسافات قريبة، أو إطلاق قذائف مضادة للدروع.

زملاء وأقارب جندي قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (أ.ب)

ولفتت المصادر إلى أن كثيراً من العبوات الناسفة ومنها «البرميلية (الكبيرة جداً)» كانت مزروعة قبل دخول القوات الإسرائيلية إلى مناطق شمال قطاع غزة، وزِيد عدد العبوات الناسفة التي جُهزت للتفجير عن بعد في بلدة بيت حانون بعد دخول تلك القوات مخيم جباليا.

وتقول المصادر إن العبوات الناسفة الأربع التي انفجرت في بيت حانون، خلال الأيام الماضية وأدت لمقتل الضباط والجنود، هي من نوع «برميلية»، التي استُخدمت في بعضها صواريخ إسرائيلية لم تنفجر وأعيد تأهيلها وتفعيلها لتكون تفجيرية بشكل أكبر.

ووفقاً لـ«القناة 12» العبرية، فإن الجيش الإسرائيلي يحقق فيما إذا كانت العبوة التي انفجرت الأربعاء وأدت لمقتل الجنود الثلاثة، هي عبوة تحتوي مواد من مخلفات الجيش لم تنفجر سابقاً.

فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة الخميس (رويترز)

إجراءات إسرائيلية

ووفق القناة، فإنه يجري اتخاذ كثير من الإجراءات لاستخلاص الدروس بعد تكرار انفجار العبوات؛ منها استخدام جرافات «دي9 (D9)»، التي تجرّف الشوارع للكشف عن أي عبوات زُرعت، مؤكدةً أنه لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي أي معلومات استخباراتية عن العبوة التي انفجرت في الدبابة، وأن انفجارها كان كبيراً وغير عادي.

وتقول القناة إنه لو ثبت استخدام عناصر «حماس» أسلحة من مخلفات الجيش، فإن هذا سيكون التفسير الوحيد لتضرر الدبابة بشكل كبير جداً، واحتراق جزء منها، مشيرةً إلى أن المواد المتفجرة في قنابل وصواريخ الجيش الإسرائيلي قياسية، وإن انفجارها يسبب أضراراً أكبر بكثير.

ووفق المصادر الميدانية التي تحدثت لمراسل «الشرق الأوسط»، فإن «استخدام عبوات ناسفة من مخلفات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليس بالأمر الجديد، وإنما استُخدمت مرات عدة في سلسلة من العمليات التي نُفذت ضده في مناطق متفرقة من القطاع، وليس فقط شماله».

وتنفي المصادر الميدانية ما تدعيه مصادر عسكرية إسرائيلية من أن كثيراً من المسلحين يفرون من شمال قطاع غزة إلى الجنوب (إشارة إلى مدينة غزة)، ومن أن «حماس» تخلت عن تلك المناطق، بعد هروب قياداتها وعناصرها، ومن أنه قد يهرب مزيد منهم باستغلال الأمطار في الأيام المقبلة.

وتؤكد المصادر الميدانية أن هؤلاء «يتنقلون في إطار عمليات (الكر والفر)، التي تهدف بشكل أساسي لتوجيه ضربات للقوات الإسرائيلية باستخدام مجموعات بديلة تتنقل بين المناطق؛ للاستراحة والاستعداد للقتال من جديد، فتدخل بدلاً منها مجموعات تقاتل، وعند انسحابها تعود مجموعات كانت سابقاً في الميدان لتقاتل».

وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أنه خلال ما بين 3 و4 أسابيع «من الممكن استكمال العملية برمتها في شمال قطاع غزة؛ سواء في جباليا وفي بيت حانون»، كما ذكرت «القناة 12».