ينتظر الشارع العراقي مبادرة جديدة يطلقها النواب المستقلون يمكن أن تمثل حلحلة للأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ 7 أشهر، في ظل معلومات تحدثت عن خلافات برزت في اللحظات الأخيرة حالت دون إطلاقها حتى الآن.
ولم يعلن النواب المستقلون رسمياً فشل مبادرتهم التي أعلنوا، أول من أمس، أنها سوف تطلق، السبت، من داخل مبنى البرلمان بدلاً من يوم الخميس، لكنّ قسماً منهم أعلن أنه تم تشكيل لجنة لإنقاذ المبادرة، بينما التزم آخرون منهم الصمت دلالة على بروز خلافات بينهم بسبب ميل طرف منهم إلى «التحالف الثلاثي» (التيار الصدري وتحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني)، بينما يميل طرف آخر إلى «الإطار التنسيقي».
وفيما فشلت كل المبادرات السابقة التي طرحتها القوى التقليدية في التوصل إلى حل للأزمة التي تعيشها البلاد والناجمة عن عدم قدرتها على تشكيل حكومة بعد 7 أشهر على إجراء الانتخابات، في ظل معركة «كسر إرادات» بين القوى السياسية المتنافسة، فإن عدم قدرة النواب المستقلين على إطلاق مبادرتهم، بعد أن تم تأجيلها أكثر من مرة، يعني أن النواب المستقلين الذين كانت الآمال معقودة على ما تتضمنه مبادرتهم من حلول لأزمة الانسداد السياسي أصبحوا بدورهم جزءاً من عملية كسر الإرادات، طبقاً لما يراه مراقبون ومتابعون للشأن السياسي العراقي. وطبقاً للمعلومات المُسربة من اللقاءات والاجتماعات التي أُجريت خلال الفترة الماضية سواء بين النواب المستقلين أنفسهم أو بينهم وبين قوى سياسية أخرى، فإنهم كما يبدو قد انقسموا إلى ثلاثة أقسام... قسم منهم يؤيد تشكيل حكومة مستقلة بالفعل على ألا يشارك المستقلون فيها بأي منصب تنفيذي، لكنهم هم من يسهم إسهاماً فاعلاً في ترشيح أعضاء الوزارة بدءاً برئيس الوزراء والوزراء. في المقابل، هناك قسم آخر يفضل خيار «التحالف الثلاثي» بما في ذلك الانضمام إليه بهدف إكمال النصاب وتشكيل حكومة أغلبية وطنية. في حين يفضل قسم ثالث منهم الذهاب باتجاه حكومة التوافق التي يدعو لها «الإطار التنسيقي» الشيعي. وتفيد معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» بأن نواباً مستقلين يعتبرون أن هناك من بينهم من فضّل «التفكير بمصلحته الشخصية»، وهو ما يعني الحصول على موقع تنفيذي، بينما هناك من فكّر بمصلحة المذهب أو الطائفة، وبالتالي خضع للضغوط التي مورست على المستقلين خلال الأيام القليلة الماضية للسير مع إحدى القوى السياسية الكبيرة المتنافسة. يضاف إلى ذلك، طبقاً للمعلومات المُسربة، فإن بعض النواب المستقلين رأى أن الشرط الذي أدرج في مبادرة مطروحة ويقضي بعدم تسلم «التيار الصدري» أو «الإطار التنسيقي» أي وزارة من بين الوزارات الشيعية الـ12، في حين تبقى الوزارات السنية من حصة تحالف «السيادة» والوزارات الكردية من حصة الأحزاب الكردية، يمثّل ظلماً للأحزاب الشيعية الكبيرة.
إلى ذلك، أرجأ الزعيم الكردي مسعود بارزاني إطلاق مبادرته التي لم تعرف نصوصها بعد برغم تكرار الحديث عنها في الأوساط السياسية. وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، من مصدر كردي، فإن سبب تأجيل المبادرة يعود إلى ما يمكن تسميته «التفاهم الأخير» مع «الاتحاد الوطني الكردستاني» بشأن منصب رئيس الجمهورية، حيث تم إرسال وفد من «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني إلى السليمانية للقاء وفد «الاتحاد الوطني الكردستاني» برئاسة بافل طالباني. وفيما لم يعرف بعد ما إذا كان الحزبان أجريا مباحثات وما هي النتائج التي تم التوصل إليها، فإنه وطبقاً للمصدر الكردي، فإن «مبادرة بارزاني ستكون مرهونة بمخرجات اجتماع الحزبين الكرديين في السليمانية، ففي حال كانت النتائج إيجابية فإن بارزاني يطلق مبادرته التي يمكن أن يتبناها الاتحاد الوطني الكردستاني في حال صبت في مصلحته. أما في حال فشلت المباحثات بين الحزبين فإنها ستكون على الأرجح آخر مباحثات بين الحزبين ويمكن أن تشهد طلاقاً أبدياً بينهما، وفي هذه الحال لن يطلق بارزاني أي مبادرة لأنها لن تحقق أي هدف وتذهب سدى مثل سواها من المبادرات التي أطلقت مؤخراً».
واعتبر المصدر الكردي أن «حل الأزمة السياسية يتوقف على مسألة أساسية واحدة وهي تنازل الحزب الديمقراطي الكردستاني عن منصب رئيس الجمهورية للاتحاد الوطني الكردستاني لهذه الدورة البرلمانية فقط، ومن بعدها يجري التفاهم مجدداً على كيفية إدارة المناصب بين الحزبين في بغداد وأربيل». وأضاف أن «الزعيم الكردي مسعود بارزاني يمكن أن يكون، لو فعل ذلك حقاً (أي التنازل عن الرئاسة)، مفتاحاً حقيقياً لحل أزمة الانسداد السياسي في العراق، وبالتالي يعود هو زعيماً فاعلاً على صعيد تغيير المعادلات السياسية في البلاد، بالإضافة إلى أنه سيعيد الأكراد موحدين مرة أخرى بعد أن تحولت فرقتهم إلى مصدر شماتة لكثيرين في الأوساط السياسية».
على صعيد آخر، عثر في محافظة النجف في جنوب العراق على مقبرة جماعية تعود إلى تسعينات القرن العشرين، أخرج منها 15 جثماناً من أصل 100 يعتقد أنها دفنت فيها، على ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول، أمس (السبت). وعثر على المقبرة الجماعية أثناء إنشاء مجمع سكني جنوب مدينة النجف في أبريل (نيسان)، ويعود تاريخها إلى مرحلة الانتفاضة الشعبية في عام 1991 ضدّ صدّام حسين التي أسفرت عن مقتل نحو 100 ألف شخص.
وأمام مبانٍ قيد الإنشاء، شاهد صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية العظام والجماجم البشرية موزعة ومرقمة على الأرض.
وقال عبد الإله النائي، مدير مؤسسة الشهداء وهي مؤسسة حكومية معنية بفتح المقابر الجماعية، إن «في هذه المقبرة أكثر من مائة رفات. هذا عدد تقريبي ويمكن أن يكون العدد أكثر باعتبار أن مسرح الجريمة كبير جداً».
وأضاف خلال إحياء اليوم الوطني للمقابر الجماعية أن هذه المقبرة «تعود إلى ذكرى الانتفاضة في عام 1991... العشرات من المقابر الجماعية لم تكتشف حتى الآن».
وشهد العراق، منذ الحرب مع إيران في عام 1980، سلسلة من النزاعات. وتقول السلطات إنه بين عامي 1980 و1990، فقد أكثر من مليون شخص لا يعرف مصير غالبيتهم في ظلّ نظام صدام حسين الذي أسقطه الغزو الأميركي في عام 2003.
وترك تنظيم «داعش» الذي دحره العراق في عام 2017 خلفه أكثر من 200 مقبرة جماعية يعتقد أنها تضمّ ما يصل إلى 12 ألف جثمان، بحسب الأمم المتحدة.
النواب المستقلون يدخلون طرفاً في معادلة «كسر الإرادات» في العراق
بارزاني يؤجل إطلاق مبادرته بانتظار موقف «الاتحاد الوطني»
النواب المستقلون يدخلون طرفاً في معادلة «كسر الإرادات» في العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة