«بنات أفكاري» يناقش «تناقضات» المرأة برؤية سريالية

معرض قاهري لخضر مصطفى يضم 43 عملاً فنياً

جسّد عطاء المرأة اللامحدود
جسّد عطاء المرأة اللامحدود
TT

«بنات أفكاري» يناقش «تناقضات» المرأة برؤية سريالية

جسّد عطاء المرأة اللامحدود
جسّد عطاء المرأة اللامحدود

ما بين السريالية بما تجسده من أحلام وأفكار متنوعة، والتجريدية بكل ما تتضمنه من خيال وعناصر تم إعادة تصويرها بأشكال تختلف عن الواقع، قدم الفنان التشكيلي المصري خضر مصطفى، مجموعة أعماله الفنية الجديدة عبر معرض بعنوان «بنات أفكاري»، الذي تحتضنه حالياً قاعة زياد بكير، بدار الأوبرا المصرية (وسط القاهرة).
يسلط المعرض الضوء على سيكولوجية المرأة وتجسيد كل ما تحمله من تناقضات ومشاعر إنسانية كالحب والحنان والتمرد والغضب وغيرها من الحالات وانفعالاتها المختلفة، إلى جانب تصويره لمجموعة من القضايا الإنسانية العامة، وذلك من خلال 40 لوحة زيتية و3 قطع نحتية، يقول خضر مصطفى لـ«الشرق الأوسط»، «اخترت التركيز على عالم المرأة موضوعاً لعدد كبير من اللوحات لما تحمله من معانٍ جمالية وقيم إنسانية كبيرة، فهي جزء مهم من المجتمع، وهي تمثل جمال الحياة ذاتها»، لافتاً إلى أن الحياة لا يمكن تخيلها من دون المرأة.
أحاط الفنان المرأة في لوحاته بهالة سريالية محطماً القيود الفيزيقية للمشهد، ومن ثم أعاد ترتيبه من جديد في بناء حدسي ثري لا يخلو من مؤثرات الأسطورة الشعبية، يتابع قائلاً: «تعبر الغالبية العظمى من الأعمال عن أحاسيس المرأة، وقد حاولت ترجمة هذه المشاعر بلغة تشكيلية تسكنها البهجة والتطلع إلى السعادة، مازجاً ما بين الألوان الساخنة والباردة لعكس الصراع الداخلي المستمر داخل الأنثى، وللسبب نفسه تنقلت ما بين الأسلوبين، السريالي والتجريدي».
بعض الأعمال تعكس صورة المرأة بسريالية طاغية معتمدة على اللاوعي والعقل الباطن، وكأنه انتقل بها إلى عوالم أخرى لا تسكنها سوى الأحلام والخيال، وأحياناً الرومانسية الحالمة، يقول: «الأحلام تعبير عن مكنونات الإنسان ومكبوتاته، فهي تجسد ما يدور داخله في اليقظة، ولذلك فإن بعض أعمالي حتى تلك التي تمثل فيها المرأة دور البطولة هي تجسيد للإنسانية كلها، لا الأنثى وحدها».
ويواصل قائلاً: «إن الصراعات في اليقظة تواجه الإنسان بقوة أثناء النوم في شكل الأحلام، والأحلام هي الداعم أو العنصر الرئيسي للسريالية كما هو معروف». ويرى أن «الأحلام تحتمل أكثر من معنى، فهناك المعنى الباطن، والمعنى الرومانسي، وأعتقد أن ترجمة الأحلام إلى الواقع في حالة تشكيلية جميلة هي التي تُعلي من قيمة الفن السريالي، وهي التي تضفي في النهاية طابعاً حداثياً على اللوحة تخرجها من الحالة الكلاسيكية القديمة إلى آفاق جديدة جميلة، ولأن المرأة أكثر ميلاً للرومانسية والأحلام والغموض فقد اخترت ما يتفق معها ويشبهها تماماً وهي السريالية».


ويتابع خضر مصطفى قائلاً: «قد شاهدنا ذلك في أعمال كبار الفنانين السرياليين، في مقدمتهم سلفادور دالي، وبالنسبة لي من المهم للغاية التعبير من خلال السريالية لأنها الأنسب والأكثر قدرة على الوصول باللوحات إلى المعاني المقصودة، كما أن السريالية جزء من شخصيتي، وحتى من قبل أن أتعمق في هذا الجانب كنت أراها جسراً رومانسياً جميلاً يبعث على الحياة والخيال، وهو أمر بالنسبة لي مشوق للغاية؛ لأنني أحب أن تتضمن لوحاتي دوماً شيئاً من البهجة والتجديد والابتكار».
في السياق ذاته، تتمتع اللوحات بألوان صارخة قوية، وعن ذلك يقول: «استخدمت في المعرض الألوان الزيتية الصادحة؛ لأن الزيت له بصمة في مشواري الفني؛ فهو بطبيعته لين طيع، سهل التعديل والتغيير، ويكسب اللوحات المعاني التي أريدها».
إلى هذا يتضمن المعرض أيضاً العديد من اللوحات التجريدية، بعضها تصعب قراءته إلا للمتخصصين، وبعضها الآخر يمكن للشخص العادي فهمها بسهولة، بما تتضمنه من شخوص وعناصر، ومن ذلك لوحة يصارع فيها الإنسان مشكلاته وأوجاعه، ويبدو كما لو أنه يقاوم الغرق، بينما تبدو السماء ملبدة بالغيوم، وتعبر لوحات أخرى عن الإنسان حين يتجرأ ويسير عكس التيار، إذ يظهر حشد من الناس يسيرون في الطريق، بينما يسير أحد الشخوص وحده في الطريق المقابل له، مؤمناً أنه الطريق الصحيح.
وفي إطار حرصه على التنوع، جاء عملان من منحوتاته الثلاثة بأسلوب تجريدي معبرين عن الرجل والمرأة معاً، بينما تمتع العمل الثالث بتجريدية خالصة.
للفنان معارض فردية سابقة، وشارك في العديد من المعارض الجماعية، وله الكثير من التكريمات الرسمية وغير الرسمية، كما كان يرأس تحرير مجلة «مبدعون» المتخصصة في الفن التشكيلي، وإلى جانب التصوير الزيتي، فإن له العديد من أعمال النحت والمجالات الفنية الأخرى، مثل جذوع الأشجار. والفنان خضر مصطفى هو مؤسس مبادرة «لوحة لكل حي»، التي تضم مجموعة متميزة من الفنانين المصريين، وذلك لنشر الفن التشكيلي في المدارس والنوادي الرياضية والجامعات، بهدف الوصول بالفن التشكيلي إلى الجميع.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

طريقة بسيطة لإبعاد الأطفال عن الشاشات

المساحات الخضراء توفر للأطفال فرصة للعب والنشاط البدني بعيداً عن الشاشات (معاهد الصحة الوطنية الأميركية)
المساحات الخضراء توفر للأطفال فرصة للعب والنشاط البدني بعيداً عن الشاشات (معاهد الصحة الوطنية الأميركية)
TT

طريقة بسيطة لإبعاد الأطفال عن الشاشات

المساحات الخضراء توفر للأطفال فرصة للعب والنشاط البدني بعيداً عن الشاشات (معاهد الصحة الوطنية الأميركية)
المساحات الخضراء توفر للأطفال فرصة للعب والنشاط البدني بعيداً عن الشاشات (معاهد الصحة الوطنية الأميركية)

توصلت دراسة أميركية إلى أن توفر المساحات الخضراء في الأحياء طريقة بسيطة يمكن أن تسهم بشكل كبير في تقليل وقت الشاشة لدى الأطفال.

وأوضح الباحثون من جامعة ميتشغان أن البرامج الهادفة لإبعاد الأطفال عن الشاشات تكون أكثر فاعلية في الأحياء التي تحتوي على مساحات خضراء مثل الغابات، والحدائق العامة، والمناطق المفتوحة، ونشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Health and Place).

وأصبحت زيادة وقت الشاشة لدى الأطفال مشكلة شائعة تؤثر سلباً على صحتهم البدنية والعقلية. ويقضي العديد من الأطفال ساعات طويلة يومياً في مشاهدة التلفاز أو استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية؛ ما يؤدي إلى تقليل نشاطهم البدني وزيادة فرص الإصابة بالسمنة. كما أن هذه العادة تؤثر على نوعية النوم، حيث يعاني الأطفال الذين يفرطون في استخدام الشاشات من صعوبة في النوم أو نوم غير مستقر.

وعلاوة على ذلك، تشير الدراسات إلى أن زيادة وقت الشاشة يمكن أن تؤدي إلى تأخر في النمو الاجتماعي والمعرفي للأطفال، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب.

واعتمدت الدراسة على بيانات من «دراسة المجتمعات الصحية» في الولايات المتحدة التي تركز على سلوكيات الأطفال المتعلقة بالسمنة، حيث قام الباحثون بتحليل معلومات عن الأحياء المجتمعية للأطفال ودرسوا الوصول إلى المساحات الخضراء في تلك المناطق.

وتمت مقارنة فاعلية البرامج التي تهدف إلى تقليل وقت الشاشة بين الأحياء التي تحتوي على مساحات خضراء والأحياء التي تفتقر إليها. كما تم قياس تأثير هذه البرامج على سلوكيات الأطفال فيما يتعلق بوقت الشاشة والنشاط البدني.

وفقاً للدراسة، فإن نحو ثلثي الأطفال بين 6 و17 عاماً يتجاوزون الحد الموصى به أقل من ساعتين يومياً لوقت الشاشة. وتهدف بعض البرامج لتقليل وقت الشاشة من خلال توفير برامج تعليمية قائمة على المجتمع وتطوير المهارات للآباء، أو فرص النشاط البدني المجانية للأطفال.

الأطفال الذين يفرطون في استخدام الشاشات يعانون من صعوبة النوم (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب النتائج، يعد الوصول إلى هذه المساحات عاملاً مهماً في نجاح برامج تقليل وقت الشاشة، حيث توفر هذه الأماكن للأطفال فرصة للعب والنشاط البدني بعيداً عن الشاشات.

وقالت الباحثة الرئيسة للدراسة من جامعة ميتشغان، الدكتورة إيان مارشال لانغ، إن عدم توفر المساحات الخضراء قد يؤدي إلى بيئة غير مشجعة تقلل من فاعلية البرامج الهادفة للحد من وقت الشاشة.

وأضافت عبر موقع الجامعة أن هذه النتائج تبرز أهمية اتخاذ خطوات لمعالجة الفجوات في الوصول إلى المساحات الخضراء بين المناطق المختلفة، مع ضرورة العمل على توفير بيئات أكثر عدلاً وصحة للأطفال من خلال الاستثمار في المساحات الخضراء في جميع الأحياء.

وأشارت إلى أن تحسين البيئة المحيطة بالأطفال عبر توفير المساحات الخضراء يمكن أن يكون حلاً فعالاً لتقليل وقت الشاشة وتعزيز الأنشطة البدنية؛ ما يعود بالفائدة على صحة الأطفال.