سريلانكا تعين رئيساً جديداً للحكومة... والاحتجاجات تتواصل

يواجه تحديات لتشكيل حكومة وحدة وطنية وتجنب انهيار اقتصادي وشيك بعد رفض المعارضة الانضمام إلى فريقه

عانى السريلانكيون على مدى أشهر من النقص الحاد في الغذاء والوقود والأدوية وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر بعد ان انفقت الدولة احتياطاتها من العملات الأجنبية اللازمة لدفع ثمن الواردات الحيوية(ا.ف.ب)
عانى السريلانكيون على مدى أشهر من النقص الحاد في الغذاء والوقود والأدوية وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر بعد ان انفقت الدولة احتياطاتها من العملات الأجنبية اللازمة لدفع ثمن الواردات الحيوية(ا.ف.ب)
TT

سريلانكا تعين رئيساً جديداً للحكومة... والاحتجاجات تتواصل

عانى السريلانكيون على مدى أشهر من النقص الحاد في الغذاء والوقود والأدوية وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر بعد ان انفقت الدولة احتياطاتها من العملات الأجنبية اللازمة لدفع ثمن الواردات الحيوية(ا.ف.ب)
عانى السريلانكيون على مدى أشهر من النقص الحاد في الغذاء والوقود والأدوية وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر بعد ان انفقت الدولة احتياطاتها من العملات الأجنبية اللازمة لدفع ثمن الواردات الحيوية(ا.ف.ب)

ما زال مئات المحتجين مرابطين خارج مكتب رئيس الوزراء السريلانكي الجديد رانيل ويكريميسينغه في العاصمة كولومبو، رغم تحذيرات رئيس البنك المركزي من أن اقتصاد الجزيرة على بُعد أيام فقط من «الانهيار التام»، ما لم يتم تعيين حكومة جديدة على وجه السرعة. وجاءت التحذيرات بعد أن عانى السريلانكيون على مدى أشهر من النقص الحاد في الغذاء والوقود والأدوية وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر، وبعد أن أنفقت سريلانكا احتياطياتها من العملات الأجنبية اللازمة لدفع ثمن الواردات الحيوية.
وبدأ رئيس الوزراء مساعيه لتشكيل حكومة وحدة وطنية لكن تعيينه أخفق في استرضاء المحتجين المناهضين للحكومة الذين يطالبون باستقالة الرئيس بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة في البلاد.
وعين الرئيس غوتابايا راجاباكسا، السياسي المعارض المخضرم ويكريميسينغه رئيساً لوزراء الجزيرة في وقت متأخر الخميس، بعد أسبوع من الاشتباكات العنيفة التي خلفت تسعة قتلى وأكثر من 300 مصاب.
واستقال الشقيق الأكبر للرئيس ماهيندا راجاباكسا من منصب رئيس الوزراء يوم الاثنين، مع تصاعد العنف، ويقيم حالياً في قاعدة عسكرية. وأعادت قوات الأمن والجيش فرض النظام على نحو واسع، ودخل حظر تجول في جميع أنحاء البلاد حيز التنفيذ معظم أيام الأسبوع.
وكان المبعوثان الهندي والياباني في كولومبو من بين أول من اتصل، الجمعة، بويكريميسينغه بعد توليه مهامه رسمياً. ويُنظر إلى رئيس الوزراء الجديد على أنه مؤيد للغرب وإصلاحي ليبرالي وقد يسهل ذلك مفاوضات الإنقاذ مع صندوق النقد الدولي وأطراف أخرى. وتتصارع الهند والصين على النفوذ في سريلانكا، ذات الأهمية الاستراتيجية، التي تقع على ممرات الشحن الرئيسية بين آسيا وأوروبا، ويمول البلدان مشروعات بنية تحتية كبرى في سريلانكا.
وقال شامالاج شيفاكومار، وهو واحد من مئات يقيمون في موقع احتجاج في مدينة كولومبو الرئيسية، كما نقلت عنه «رويترز»: «سنوقف هذا النضال عندما يحصل شعبنا على العدالة... بغض النظر عمن يعينونه رئيساً للوزراء لن نوقف هذا النضال». ويواجه ويكريميسينغه تحديات لتشكيل حكومة وحدة وطنية وتجنب انهيار اقتصادي وشيك، بعد رفض نواب المعارضة الانضمام إلى فريقه ومطالبتهم بتنظيم انتخابات جديدة.
ويؤكد ويكريميسينغه البالغ من العمر 73 عاماً أن لديه ما يكفي من التأييد لأداء مهام منصبه، واقترح على العديد من النواب الانضمام إليه، لكن ثلاثة أحزاب معارضة قالت إن توليه رئاسة الوزراء يفتقر إلى الشرعية. ويكريميسينغه هو النائب الوحيد من الحزب الوطني المتحد في برلمان البلاد، وسيعتمد على الأحزاب السياسية المتنافسة لتشكيل الحكومة. ويشغل تحالف يقوده راجاباكسا نحو 100 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 225، بينما تسيطر المعارضة على 58 مقعداً، وباقي الأعضاء مستقلون.
ورفض النائب المعارض هارشا دي سيلفا، علناً، عرضاً لتولي مسؤولية وزارة المالية، وقال إنه سيدفع بدلاً من ذلك باتجاه استقالة الحكومة. وقال في بيان: «الناس لا يطلبون ألعاباً وصفقات سياسية... يريدون نظاماً جديداً يصون مستقبلهم». وقال دي سيلفا إنه ينضم إلى «نضال الشعب» للإطاحة بالرئيس غوتابايا راجاباكسا، ولن يدعم أي تسوية سياسية يبقى بموجبها في الحكم.
منذ أسابيع، خرجت مظاهرات ضخمة تطالب بتنحي راجاباكسا بسبب سوء إدارته للأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
وينتمي دي سيلفا إلى حزب قوى الشعب الموحدة وهو أكبر مجموعة معارضة فردية في البرلمان، ويبدو أنها منقسمة حول مسألة دعم ويكريميسينغه. لكن رئيس الفصيل الذي كان يحتمل أن ينشق عنه هارين فرناندو قال، الجمعة، إنه سيبقى ضمن الحزب.
وصرّح فرناندو لوكالة الصحافة الفرنسية: «لن أؤيد حكومة ويكريميسينغه». كما أشار حزبان صغيران إلى أنهما لن ينضما إلى حكومة وحدة وطنية. إذ قال التحالف الوطني التاميل إن راجاباكسا «فقد شرعيته تماماً» بتعيين ويكريميسينغه رئيس الوزراء السابق لخمس مرات الذي تولى المنصب مؤخراً في عام 2019. في غضون ذلك، قالت جبهة التحرير الشعبية اليسارية إن تنظيم انتخابات وطنية جديدة هو السبيل الوحيد للخروج من المأزق الحالي.
وقالت أنورا ديساناياكي، رئيسة الحزب، للصحافيين في كولومبو: «لا يمكننا حل الأزمة الاقتصادية بوجود حكومة غير شرعية. نطالب بانتخابات جديدة». ولكن من غير المرجح أن تكون الحكومة التي تعاني ضائقة مالية قادرة على تحمل تكاليف الاقتراع أو حتى طباعة بطاقات الاقتراع في وقت أدى النقص في الورق إلى تأجيل امتحانات المدارس. ومن المقرر تنظيم الانتخابات البرلمانية في أغسطس (آب) 2025.
وحذر ويكريميسينغه، الخميس، من أن الأزمة يمكن أن تزداد سوءاً في الأشهر المقبلة، وناشد المجتمع الدولي مساعدة بلاده. وقال: «نريد أن نعيد الأمة إلى وضع يحصل خلاله شعبنا على ثلاث وجبات في اليوم من جديد».
استقال ماهيندا راجاباكسا شقيق الرئيس من منصبه كرئيس للوزراء، الاثنين، بعد أن هاجم أنصاره المتظاهرين المناهضين للحكومة الذين كانوا يحتجون سلمياً. والتقى ويكريميسينغه، الجمعة، السفير الهندي لدى سريلانكا في أول اتصال معلن له مع حكومة أجنبية منذ تعيينه.
وقالت السفارة الهندية في كولومبو، في تغريدة على تويتر: «ناقشا التعاون المستمر من أجل الانتعاش الاقتصادي والاستقرار في سريلانكا من خلال العمليات الديمقراطية».


مقالات ذات صلة

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

الاقتصاد طابور طويل أمام وزارة الهجرة السريلانكية للحصول على جوازات سفرهم خارج البلاد التي تعاني من إفلاس (إ.ب.أ)

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان الأربعاء إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعياً إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد في ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا أنني لست هنا لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه لدى وصوله لإلقاء كلمة أمام البرلمان في كولومبو (أ.ف.ب)

رئيس سريلانكا يتوقع البقاء في حالة إفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعيًا إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا انني لست هناك لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». وأضاف «إذا واصلنا خطة (الإصلاحات) يمكننا الخروج من الإفلاس بحلول 2026». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
العالم الرئيس السريلانكي رانيل ويكريمسينغه خلال العرض العسكري (أ.ب)

الرئيس السريلانكي يدعو إلى التفكير في «الأخطاء» الماضية

بينما تمر البلاد بأزمة كبيرة، دعا الرئيس السريلانكي، رانيل ويكريمسينغه، خلال عرض عسكري بمناسبة مرور 75 عاماً على استقلال البلاد، إلى التفكير في «الأخطاء والإخفاقات» الماضية. ومنذ انتهاء الاستعمار البريطاني في 1948، قضت الدولة الجزيرة جزءاً كبيراً من تاريخها في حرب مع نفسها.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد صورة أرشيفية تظهر مسار قاطرات تنقل مواد تعدينية من مدينة الجبيل السعودية (غيتي)  -   نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي

سريلانكا تتطلع للاستفادة من تجربة التعدين السعودية

شدد المهندس نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي على آفاق التعاون بين كولمبو والرياض بمختلف المجالات، وقطاع التعدين على وجه التحديد، متطلعا إلى تعزيز التعاون مع السعودية بقطاع التعدين، والاستفادة من تجارب المملكة في تطوير الصناعة المعدنية وقوانين وأنظمة المعادن، والمواكبة، والنهوض بإمكانات بلاده المعدنية. ودعا نصير السعوديين للاستثمار بالقطاع في بلاده، وإقامة مشاريعهم الاستكشافية والقيمة المضافة للإنتاج التعديني في البلدين، مشيرا إلى أن بلاده بدأت حقبة جديدة في التنمية الاقتصادية والنمو، وفي طريقها لتجاوز التحديات التي أفرزت انهيارا اقتصاديا وضائقة مالية. وشدد نصير في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «على ا

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
العالم عناصر من جيش سريلانكا (أرشيفية - إ.ب.أ)

سريلانكا تخفض جيشها بنحو الثلث لخفض الإنفاق

قال وزير الدفاع السريلانكي، اليوم الجمعة، إن بلاده ستخفض قوام جيشها بما يصل إلى الثلث، إلى 135 ألفاً بحلول العام المقبل، وإلى 100 ألف بحلول عام 2030، فيما تحاول البلاد، التي تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ أكثر من سبعة عقود، خفض الإنفاق. وقال بريميتا باندارا تيناكون في بيان: «الإنفاق العسكري هو في الأساس نفقات تتحملها الدولة، التي تحفز بشكل غير مباشر وتفتح مجالات للنمو الاقتصادي عن طريق ضمان الأمن القومي وأمن السكان».

«الشرق الأوسط» (كولومبو)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.