> طوال مدة اعتكاف السيد مقتدى الصدر، عجز خصوم زعيم «التيار الصدري»، طوال شهر رمضان، عن تحريك المياه التي ركدت.
هؤلاء لم يتمكنوا، رغم كل المحاولات المبذولة، من إقناعه بالعدول عن قراره. وكذلك فشلوا في إقناع حلفائه بالتفاهم معهم بعيداً عن الصدر. ومن جانب ثانٍ، لم يتمكنوا من جمع النصف زائد واحد الذي من شأنه أن يمكِّنهم من الحديث معه من منطلق أكثر من الثلث المعطل.
العقدة الرئيسية التي حالت، ولا تزال تحول، دون قدرة الصدر على إعلان الكتلة الأكبر وتقديم مرشحه لرئاسة الوزراء (ابن عمه جعفر محمد باقر الصدر) - كما سبقت الإشارة - هي غالبية الثلثين التي اشترطتها المحكمة الاتحادية لانتخاب رئيس الجمهورية، الأمر الذي عقَّد المشهد السياسي، وأدخل العراق في مرحلة الفراغ الدستوري.
قوى «الإطار التنسيقي» حاولت خلال الفترة الماضية طرح أكثر من مبادرة، كما أنها أرسلت أكثر من وفد إلى حي الحنانّة في مدينة النجف (حيث مقر الصدر) بهدف التفاهم معه، إلا أنه أغلق بابه أمام المبادرات والوفود.
ظاهرياً، تبدو تعقيدات العملية السياسية في العراق على صعيد الانسداد السياسي، تعبيراً عن فشل القوى السياسية العراقية في حل أزمة تشكيل الحكومة. غير أن تحالف «إنقاذ وطن» (التحالف الثلاثي) - الذي يتزعمه الصدر - يرى أن إيران تقف إلى جانب قوى «الإطار التنسيقي»، نظراً لأن الصدر يريد تشكيل حكومة عراقية خالصة من دون تدخلات خارجية، وذلك طبقاً لما كان أبلغ به «الشرق الأوسط» سياسي عراقي قريب من أجواء «التحالف الثلاثي».
أضاف هذا السياسي الذي طلب إغفال اسمه أن «إيران والولايات المتحدة الأميركية توحدت مواقفهما حيال إفشال عزم الصدر على تشكيل حكومة عراقية دون تدخلات خارجية... طبقاً للشعار الذي يرفعه في كل التغريدات التي يعلن فيها الإصرار على تشكيل حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية».
وتابع هذا السياسي أن «كل المجريات التي حصلت خلال الفترة الماضية؛ من إفشال جلسات البرلمان لاختيار رئيس الجمهورية بدعوى الثلث المعطل، وكذلك التفسير الذي قدمته المحكمة الاتحادية العليا بضمان بقاء نصاب غالبية الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية أدت في النهاية إلى عرقلة إتمام الاستحقاقات الدستورية».
وحول ما إذا كانت المحكمة الاتحادية قد انحازت لأحد الفريقين في تفسيرها، قال السياسي العراقي إن «تفسير المحكمة الاتحادية، بصرف النظر إن كانت منحازة أم لا، صب في مصلحة قوى (الإطار التنسيقي)... ما دام النص الدستوري كان ينص على غالبية الثلثين بالجولة الأولى، ومن ثم الغالبية البسيطة بالجولة الثانية عند عجز أي من المرشحين عن تأمين نصاب غالبية الثلثين، وهي 220 نائباً من مجموع عدد أعضاء البرلمان البالغ عددهم 329 نائباً». وأكد السياسي العراقي أن «واشنطن ضغطت، عبر وفدها الأخير الذي زار أربيل أخيراً، على زعيم (الحزب الديمقراطي الكردستاني) بغرض العدول عن تقديم مرشحه لمنصب رئاسة الجمهورية... وهو ما يعني حصول توافق إيراني - أميركي بشأن ذلك».
من ناحية ثانية، حول اعتكاف الصدر الذي طال كثيراً، وما ترتب عليه من عجز خصومه عن تغيير المعادلة، قال الدكتور إحسان الشمري رئيس «مركز التفكير السياسي» في العراق لـ«الشرق الأوسط» إن «جزءاً من اعتكاف الصدر هو بمثابة اختبار لمدى تماسك شريكيه في التحالف الثلاثي، وهما (السيادة) و(الحزب الديمقراطي الكردستاني)». وأردف: «هناك مساران لما بعد مهلة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر: الأول يرتبط بإعادة تشكيل التحالفات السياسية، وهذا قد يكون متوقعاً بشكل كبير جداً، خصوصاً على شركاء الصدر، مع إمكانية ذهاب عدد من شركائه ليس على أساس الإعلان الرسمي، بل قد يكون بصفة انسحابات من أجل تشكيل تحالفات جديدة». وأضاف الشمري: «أما الثاني فيرتبط بما يمكن أن نسميه التوافق بين معظم القوى السياسية الحالية، بضمنها الصدر، لكنه يبقى احتمالاً ضعيفاً؛ كونه يمثل كسراً سياسياً للكتلة الصدرية». وأنهى الشمري كلامه بالقول: «ثمة ما يمكن عده سيناريو ثالثاً أو متوقعاً حصوله في حال استمرت عملية الانسداد السياسي... وهو أن الصدر قد يعمد إلى خيارات، منها أولاً إعلان المعارضة أو الذهاب إلى خيار المحكمة الاتحادية لغرض الحصول على طبيعة ما يجري، أو حل البرلمان».
طهران وواشنطن على الخط
طهران وواشنطن على الخط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة