شاشة الناقد

مشهد من فيلم «الشمالي»
مشهد من فيلم «الشمالي»
TT

شاشة الناقد

مشهد من فيلم «الشمالي»
مشهد من فيلم «الشمالي»

‫The Mystery of Marilyn Monroe ‬‬
> لغز مارلين مونرو
> إخراج: إيما كوبر |Emma Cooper
> الولايات المتحدة (2022)
> تسجيلي‬ | عروض: نتفليكس
> وسط ★★
بعد 60 سنة على موتها، ما زالت مارلين مونرو الاسم الذي لا يُضاهى في عالم الأنوثة والشهرة حين تمتزجان في جسد واحد. مارلين مونرو عاشت حياتها القصيرة (رحلت عن 36 سنة) تبحث عن الثقة بالنفس. على الشاشة جسّدت أدواراً لا تكشف عن خفاياها هي إلا بالإيحاء في بعض الأحيان. أما في حياتها الفعلية كانت تحتاج إلى حماية نفسية وعاطفية عبر علاقاتها مع جون أف. كيندي وروبرت كيندي ولاحقاً آرثر ميلر من بين آخرين.
يبدأ فيلم إيما كوبر بصوت مونرو وهي تؤكد أن القليل من الحقيقة يخرج للناس. معظم ما ينتشر، كما تقول، هو الكذب. ولعل العبارة مستوحاة من ذلك الدور المزدوج على الشاشة. من ناحية كانت تجسّد شخصية المرأة السعيدة بأنثويّتها. في الواقع كانت تدرك لعنة الجمال عليها وكيف أن ما تريده من الحياة ومن الفن لم يكن أمراً سهل المنال.
يعد الفيلم بما لا يوفّره فعلياً أو جيّداً. العنوان الكامل للفيلم هو «لغز مارلين مونرو: الأشرطة غير المسموعة»، والمعني بذلك أشرطة التحقيقات التي أعادت النيابة العامّة في لوس أنجليس فتحها سنة 1982 لتبحث في الشبهات التي أدت إلى وفاتها. وهذه كان المؤلّف أنطوني سمرز وضعها في كتاب صدر سنة 1985.
بينما لا يأتي الفيلم بجديد فعلي يُنير مسائل غير معروفة (وبعضها منشور في تحقيقات صحافية وأخرى وردت في أفلام سابقة) نجده يميل دوماً لتعزيز شهادة المؤلّف أنطوني سمرز كما لو أن الغاية هي رفع شأنه أساساً. كلامه حول نفسه والمصاعب التي خاضها («عملي كان نوعاً من الدخول إلى عرين الأسد»!) وانفراداته في توثيق التحقيقات والمقابلات. دوره في كشف الغموض حول وفاة الممثلة كان يمكن له أن يأتي أقل وهجاً مما نراه لو أن المخرجة اعتمدت على مصادر أخرى.
في المقابل، حسنة الفيلم الأولى تتوزع في مسألتين: الفيلم محدد الهدف وجيد التنفيذ ويعرض لمشاهد خاصّة ومن أفلام ما يساعد من لا يعرف الكثير (أو شيء على الإطلاق) قيمة الممثلة الفنية أيضاً. تلك التي يمكن لنا أن نراها في معظم ما مثّلته حتى في أدوار قصيرة. كانت مونرو ممثلة جيّدة لكن الجميع شاهدها كأنثى فاتنة وفي ذلك كمنت معضلتها.

‫The Northman ‬‬
> الشمالي
> روبرت إيغرز | Robert Eggers
> بريطانيا (2022)
> حروب تاريخية‬ | عروض: تجارية
> جيد ★★★
حتى عام 2019. لم يثر المخرج روبرت إيغرز الكثير من الاهتمام. من شاهد له «الساحرة» (2015 ثم «القلب الواشي» (The Tell‪ - ‬Tale Heart) سنة 2008 لاحظ قدرة المخرة على توفير حكايات تمر سلسة وتثير الاهتمام ولو بمقدار محدود. مع «المنارة» (The Lighthouse) سنة 2019 دخل المخرج مرحلة جديدة مشغولة بتصميم مختلف. ‬
كان عليه إنجاز مشروع يحمل في طياته أجواء خاصة ويُنتج عنه عملاً يعكس تحديات تتطلب تأمين حكاية مختلفة في تضاريس جغرافية وإنسانية صعبة وملاحقة تفاصيل درامية وشخصية حول ثلاثة أشخاص حبيسو المنارة المُشيدة فوق جزيرة صغيرة قبالة ساحل بريطانيا وجدوا كنزاً واختلفوا عليه.
التحديات تكبر في فيلمه الجديد «الشمالي» لكن بالحجم أساساً. يجد إيغرز نفسه، وبعد النجاح النقدي الكبير لذلك الفيلم السابق، مطالباً بما هو أكثر وقعاً وتأثيراً. وبالبحث يختار حكاية حربية تاريخية خيالية حول أمير من الفايكنغ شاهد مقتل أبيه صغيراً بسيف أخيه فقرر الانتقام من حينها. عندما قويت عظامه واشتد ساعده وارتفعت درجات مهاراته القتالية انطلق لتحقيق رغبته واستعادة ملك والده.
الحكاية بحد ذاتها ليست جديدة أو مختلفة. في قدر منها هي حكاية هاملت من دون أن تكون مستوحاة عن سابق عهد وتصميم. لقاؤها مع نص ويليام شكسبير مثل لقاء «ذا إيطاليان جوب» مع «ذا غريت بانك روبري» من حيث كونهما يوفران حكايتين عن سرقتين كبيرتين. بذلك يمشي «الشمالي» بموازاة «هاملت» مع ما قد يلعب في مؤخرة الرأس من مقارنات.
العناية بالتفاصيل والسلوكيات والمرافق التاريخية في أوج هذا الفيلم. تدرك أن إيغرز صرف - خلال التخطيط على الورق ومن خلال تصاميم الفيلم ثم تنفيذه - عناية كبيرة للإحاطة بما يجلب حضور التاريخ في أيامنا الحالية. ليس هذا بالشيء السهل لكنه لا يكفي وحده لرفع الفيلم إلى مستوى أعلى من التقدير.
تتعلّق المشكلة التي يواجهها الفيلم ويواجهها المُشاهد بالضرورة بأن هناك فترة طويلة من الأحداث التي تقول أشياء كثيرة لكنها لا تترك وقعاً مهمّاً في الوقت ذاته. رحلة بطل الفيلم أملث (ألكسندر سكارسغارد) للانتقام من عدوّه الملك أورفاندل (إيثان هوك) تمشي طويلاً في ردهات الفيلم قبل أن تتحقق.
العنف هو مسألة أخرى. هناك الكثير منه ملقى في الواجهة من دون اكتراث ما إذا كان المُشاهد سيحب ما يراه أو ينتقده. وهو بالفعل أمر راجع للمتلقي في نهاية الأمر. العنف الماثل ليس رخيصاً، لكنه بحد ذاته ليس فنّا. كان مل غيبسون أتقنه والفيلم بأسره في Braveheart سنة 1995

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.