«أنشودة العطش» عمل فني سعودي يستعيد علاقة واحات الأحساء بعيون الماء

عمل «أنشودة العطش» لمحمد الفرج في الباحة الخارجية للمعرض
عمل «أنشودة العطش» لمحمد الفرج في الباحة الخارجية للمعرض
TT

«أنشودة العطش» عمل فني سعودي يستعيد علاقة واحات الأحساء بعيون الماء

عمل «أنشودة العطش» لمحمد الفرج في الباحة الخارجية للمعرض
عمل «أنشودة العطش» لمحمد الفرج في الباحة الخارجية للمعرض

تمثل الأرض وطن الإنسان الكبير، وتجسد أنماط الحياة تفسيرات ملونة لعلاقة الإنسان مع الأشياء والأشخاص من حوله، يعمل فيها الوقت ضمن سياق من التطور الدائم؛ الذي يأخذ تعبيرات مختلفة ومتعددة، وبفعل الوقت نفسه، وفي وعائه الزمني العريض، تضمر الرابطة الوظيفية، ويبقى أثر من الانطباع والتأثير، والسرد المضمر في انتباهات الذاكرة المستعادة.
يحكي عمل «أنشودة العطش»، عن العيون الكثيرة التي تزخر بها منطقة الأحساء شرق السعودية، وقد أخذ بعضها يجف، والماء ينحسر فيها ويقل، وتمثل الأنابيب التي تستخدم لسحب المياه من العيون المتهالكة، والواحات التي أخذت في الضمور، شاهداً على حكاية هذه العلاقة العتيقة.
يتحدث إلى «الشرق الأوسط» محمد الفرج صاحب العمل ويقول «حاولت العمل عليها بطريقة تجعلها تتفاعل مع الهواء، وتصدر صوتاً يعبر عن الخواء، بما يشبه حشرجات الموت، وقطع المعدن الصغيرة التي تستخدم لربط الأنابيب ووصلها ببعض، تعطي الزائر فرصة النقر على سطح الأنابيب، والمشاركة في أنشودة العطش».
سعف النخيل الذي يلف بعض الأنابيب مثل أمل معلق بقشة، إذا مر بها الهواء تصدر حفيفاً يشبه النحيب، وهو عزاء من الذاكرة، لعلاقة طالما كانت سبب الحياة وأداة البقاء، فيما تمثل اليوم، وأمام هذا المشهد القاسي من انحسار الماء وجفاف العيون، ما يوصف بهزيمة الريف.

«تعاودني خيالات» يجمع 11 فناناً من ثقافات متعددة بأعمالهم الفنية المختلفة

تعبر الأطوال المتفاوتة للأنابيب عن مراحل في عمر البئر، إذ تكون أول الأمر سخية، تتفجر بالماء، ولا يتطلب الأمر الكثير من الحفر في أعماقها لبلوغ مستوى الماء، ثم بمرور الوقت، تضن البئر بالماء، ويحفر المزارع بعيداً في أعماقها لاستنزافها إلى آخر قطرة، حتى توشك على الجفاف وتؤذن بالرحيل.
محمد الفرج القادم من بلدة القرين في الأحساء شرق السعودية، اتصلت طفولته وصباه ببئر أم سبعة، وهي نبع مائي عذب، يقدر دفقها بعشرين ألف جالون في الدقيقة، وسميت بعين أم سبعة لأنها ترفد 7 مجاري مائية لتغذية الواحات وسقي المزارع المجاورة، ويطلق عليها محلياً «الثبارة السبعة».
في عمله الآخر «أحافير المعرفة» المصنوع من كرب النخيل أو نهاية سعف النخلة، ملقاة على الأرض مثل بقايا عظام، تشبه النخلة الإنسان في وجوه كثيرة، وتمثل اليوم رمزاً ثقافياً ووظيفة رمزية للمجتمعات العربية، بعد انتهاء أدوارها العملية، وتحيط بها قطع من أبيات الشعر والعبارات الشعبية وحكايات من الموروث المحلي، التي رافقت الإنسان ورسمت محددات شخصيته الاجتماعية والسلوكية.
وشارك الفرج في العديد من المعارض المحلية والخارجية، كما أن له تجارب متعددة في إطار الفنون البصرية، واستثمر دراسته في الهندسة الميكانيكية لفهم العلاقات بين الأشياء والمفاهيم والأشخاص، وقد انعكس ذلك في ابتكار تعبيراته الفنية التي حولها إلى أعمال تحفز التفكير وتعيد تعريف موقفنا من الأشياء.
يشارك الفرج بأعماله، في معرض «تعاودني خيالات» الذي ينظمه معهد مسك للفنون في صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون بالرياض، كمساحة للإبداع تجمع تحت سقفها 11 فناناً من ثقافات مختلفة بأعمالهم الفنية التي تناقش سؤال التغيرات البيئية التي يشهدها العالم.
وتعد الأعمال المشاركة في هذا المعرض نافذة على عالم يحبس فيه الفنان لحظات معرضة للزوال نظراً للظروف البيئية المحيطة، وتحملنا إلى عالم يعيد لنا تعريف الأرض التي نمشي عليها، ويرسم لنا خرائط نفهم من خلالها معنى الوطن والذاكرة.

عمل للفنانة زهرة الغامدي مكون من 19 ألف قطعة جلدية مصنوعة يدوياً

 


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
TT

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة»، حيث تصدر الفيلم شباك التذاكر بعد اليوم الثامن لعرضه في مصر، محققاً إيرادات تقارب الـ45 مليون جنيه (الدولار يساوي 50.78 جنيه مصري).

وينافس «الحريفة 2» على إيرادات شباك التذاكر بجانب 7 أفلام تعرض حالياً في السينمات، هي: «الهوى سلطان»، و«مين يصدق»، و«اللعب مع العيال»، و«وداعاً حمدي»، و«المخفي»، و«الفستان الأبيض»، و«ولاد رزق 3» والأخير تم طرحه قبل 6 أشهر.

وأزاح فيلم «الحريفة 2» الذي تقوم ببطولته مجموعة من الشباب، فيلم «الهوى سلطان»، الذي يعدّ أول بطولة مطلقة للفنانة المصرية منة شلبي في السينما، وكان يتصدر إيرادات شباك التذاكر منذ بداية عرضه مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويعد الجزء الثاني من الفيلم «الحريفة» هو التجربة الإخراجية الأولى للمونتير المصري كريم سعد، ومن تأليف إياد صالح، وبطولة نور النبوي، وأحمد بحر الشهير بـ«كزبرة»، ونور إيهاب، وأحمد غزي، وخالد الذهبي، كما يشهد الفيلم ظهور مشاهير عدة خلال الأحداث بشخصياتهم الحقيقية أو «ضيوف شرف» من بينهم آسر ياسين، وأحمد فهمي.

لقطة من فيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي اجتماعي شبابي، حول المنافسة في مسابقات خاصة بكرة القدم، كما يسلط الضوء على العلاقات المتشابكة بين أبطال العمل من الشباب.

الناقدة الفنية المصرية مها متبولي ترجع سبب تصدر فيلم «الحريفة 2» لإيرادات شباك التذاكر إلى أن «أحداثه تدور في إطار كوميدي»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الشباب الذين يشكلون الفئة الكبرى من جمهور السينما في حاجة لهذه الجرعة المكثفة من الكوميديا».

كما أكدت متبولي أن «سر الإقبال على (الحريفة 2) يعود أيضاً لتقديمه حكاية من حكايات عالم كرة القدم المحبب لدى الكثيرين»، لافتة إلى أن «هذا العالم يمثل حالة خاصة ونجاحه مضمون، وتاريخ السينما يشهد على ذلك، حيث تم تقديم مثل هذه النوعية من قبل وحققت نجاحاً لافتاً في أفلام مثل (الحريف) و(رجل فقد عقله)، من بطولة عادل إمام، وكذلك فيلم (سيد العاطفي)، من بطولة تامر حسني وعبلة كامل».

ونوهت متبولي إلى أن الفنان أحمد بحر الشهير بـ«كزبرة» يعد من أهم عوامل نجاح الفيلم؛ نظراً لتمتعه بقبول جماهيري كبير، مشيرة إلى أن «السينما المصرية بشكل عام تشهد إقبالاً جماهيرياً واسعاً في الموسم الحالي، وأن هذه الحالة اللافتة لم نلمسها منذ فترة طويلة».

وتضيف: «رواج السينما وانتعاشها يتطلب دائماً المزيد من الوجوه الجديدة والشباب الذين يضفون عليها طابعاً مختلفاً عبر حكايات متنوعة، وهو ما تحقق في (الحريفة 2)».

الملصق الترويجي لفيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

وأوضحت أن «الإيرادات اللافتة للفيلم شملت أيام الأسبوع كافة، ولم تقتصر على يوم الإجازة الأسبوعية فقط، وذلك يعد مؤشراً إيجابياً لانتعاش السينما المصرية».

وبجانب الأفلام المعروضة حالياً تشهد السينمات المصرية طرح عدد من الأفلام الجديدة قبيل نهاية العام الحالي 2024، واستقبال موسم «رأس السنة»، من بينها أفلام «الهنا اللي أنا فيه» بطولة كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني، و«بضع ساعات في يوم ما» بطولة هشام ماجد وهنا الزاهد، و«البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بطولة عصام عمر، و«المستريحة»، بطولة ليلى علوي وبيومي فؤاد.