الطقس يزيد آلام أسواق القمح العالمية

تحذيرات من مجاعات وقلاقل

ارتفعت العقود الآجلة للقمح الربيعي في أميركا لأعلى مستوى لها منذ عام 2008 (أ.ب)
ارتفعت العقود الآجلة للقمح الربيعي في أميركا لأعلى مستوى لها منذ عام 2008 (أ.ب)
TT

الطقس يزيد آلام أسواق القمح العالمية

ارتفعت العقود الآجلة للقمح الربيعي في أميركا لأعلى مستوى لها منذ عام 2008 (أ.ب)
ارتفعت العقود الآجلة للقمح الربيعي في أميركا لأعلى مستوى لها منذ عام 2008 (أ.ب)

ارتفعت العقود الآجلة للقمح الربيعي في مدينة مينيابوليس الأميركية إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2008، بسبب مخاوف من أن تتسبب الأمطار التي تسقط على السهول في شمال الولايات المتحدة وكندا في تأخير زراعة الحبوب التي تُستخدم في صنع الخبز وعجينة البيتزا.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء يوم الاثنين، بأن هذه الحبوب غير متوفرة بالفعل بعد تسجيل فترات طويلة من الجفاف، مما أضر بمحاصيل العام الماضي. ويراقب التجار توقعات الطقس من أميركا الشمالية إلى أوروبا والهند، بالإضافة إلى توقعات الإمدادات الروسية.
وقد تسببت موجة من الطقس الحار في خفض المحاصيل في الهند، وهي ثاني أكبر دولة منتجة في العالم، ما دفع الحكومة إلى التفكير في فرض قيود على الصادرات. وبحسب التوقعات المبكرة للمحللين، فإن المحاصيل في روسيا ستكون عند مستوى قياسي أو قريب من القياسي، بعد الظروف المناخية الملائمة. ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الصادرات، على الرغم من ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين في الوقت الذي يساور بعض التجار فيه القلق من استخدام الموانئ الروسية بسبب حرب أوكرانيا.
وتمتد المخاوف الخاصة بأسواق القمح على مستوى العالم، إذ قالت وزيرة التنمية الألمانية سفنيا شولتسه إن «الرسالة المريرة هي أننا مهددون بأكبر مجاعة منذ الحرب العالمية الثانية ستسفر عن ملايين القتلى»، مطالبة بوقف استخدام النباتات الغذائية ونباتات الأعلاف في إنتاج مواد الوقود الحيوي.
وفي تصريحات لصحيفة «بيلد آم زونتاغ» الألمانية يوم الأحد، قالت الوزيرة المنتمية إلى حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي إن السبب في ذلك هو الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية. وأوضحت أنه لا ينبغي في ظل هذه الخلفية استخدام القمح أو زيت النخيل أو بذور اللفت أو الذرة في إنتاج الوقود الحيوي؛ ليس في ألمانيا وحسب بل على المستوى الدولي أيضا، «فليس هناك أحد في العالم يريد من خلال تزوده بالوقود أن يكون مسؤولا عن تفاقم الجوع في العالم. يجب أن نتوقف عن وضع المواد الغذائية في خزان الوقود».
ومن جهة أخرى، أدان وزير الزراعة الألماني جيم أوزدمير الهجمات الروسية على الاقتصاد الزراعي خلال حربها في أوكرانيا. وقال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستولي بلا ضمير على احتياطيات القمح في أوكرانيا، مضيفا أن المزارعين سيضطرون لبيع الاحتياطيات بأسعار هزلية، أو سيأخذ «جنود بوتين» المخزونات ببساطة، وقال: «بالمناسبة، هناك ثلاث كلمات لوصف ذلك في دولة القانون: ابتزاز وسلب ونهب».
كما حذّر مسؤولان في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الجمعة من أن إفريقيا تواجه أزمة «غير مسبوقة» بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، خصوصا مع ارتفاع أسعار الغذاء والوقود.
وقال كبير الاقتصاديين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إفريقيا ريموند غيلبين خلال مؤتمر صحافي في جنيف بسويسرا: «هذه أزمة غير مسبوقة بالنسبة للقارة». وتحدث عن احتمالات لقلاقل نتيجة اعتماد العديد من الدول الإفريقية على روسيا وأوكرانيا في استيراد المواد الغذائية، وهما مصدران رئيسيان للقمح والذرة وبذور اللفت وزيت دوار الشمس.
من جانبها، أوضحت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة أهونا إيزياكونوا أن «بعض البلدان الإفريقية يستورد ما يصل إلى 80 بالمائة من القمح من روسيا وأوكرانيا. مع الاضطرابات التي تحدث الآن، هناك حال طوارئ بصدد التشكل».
وتساءلت إيزياكونوا المديرة الإقليمية لمكتب إفريقيا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: «أين تتجه هذه البلدان بين عشية وضحاها بحثًا عن سلع أساسية؟ وأشدد على أنها سلع أساسية».


مقالات ذات صلة

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس، وستلعب دوراً مضاعفاً، كما يقول وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف. ويضيف أن هيئة المساحة الجيولوجية سيكون لها دور محوري خلال الـ25 عاماً المقبلة في تمكين قطاع التعدين، مشدداً على أن هناك عزماً على استمرار مشروعات المسح الجيولوجي والاستكشاف وتوفير البيانات للمستثمرين، خصوصاً أن الهيئة أطلقت جملةً من المبادرات تهدف إلى تحويل قطاع التعدين ليصبح الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني.

كلام الخريف جاء خلال حفل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها، والذي انطلق تحت رعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، وافتتحه الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة، بحضور عدد من المسؤولين والشخصيات الاعتبارية.

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير مكة المكرمة خلال تكريم الشخصيات المشاركة ويبدو وزير الصناعة ورئيس هيئة المساحة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وفي ظل هذه النتائج والأرقام ونتائج المسح، سجَّلت السعودية تدفقاً كبيراً للاستثمار في قطاع التعدين، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» الوزير الخريف، قائلاً: «يوجد الآن كمٌّ كبيرٌ من طلبات الاستثمار في قطاع التعدين، وهناك عمل مع الجهات الحكومية الأخرى؛ لضمان التنسيق لتخصيص المواقع للمستثمرين»، موضحاً أنه في كل يوم يجري التوقيع لمواقع جديدة سواء لمستثمرين حاليين فيما يتعلق بالتوسع، أو مستثمرين جدد.

وأشار الوزير إلى أن «النتائج التي نحصل عليها من المسح الجيولوجي والبيانات والمنصة، جعلت السعودية من أهم الدول التي يُنظر لها من شركات الاستثمار في قطاع التعدين للتوسع؛ لضمان مستقبلها في إمدادات التعدين»، مؤكداً: «إننا نعمل على التدقيق في المعلومات التي تصلنا، ونأخذ عينات إضافية، ونركز على مناطق محددة توجد فيها ثروات أكثر، وهذا يرفع مستوى مصداقية السعودية من حيث البيانات».

ونُفذت مشروعات عملاقة للمسح الجيولوجي غطت أكثر من 85 في المائة من أراضي المملكة ما بين أعمال مسح جيوفيزيائي وجيوكيميائي باستخدام تقنيات حديثة. كما أن هناك البرنامج العام للمسح الجيولوجي، ومبادرة بناء قاعدة المعلومات الوطنية لعلوم الأرض، وفقاً للخريف، الذي قال إن المبادرات أسهمت في ارتفاع قيمة الموارد المعدنية غير المستغلة من 4.9 تريليون ريال في عام 2016، إلى 9.4 تريليون ريال مع بداية العام الحالي، 2024.

وزير الصناعة خلال إلقاء كلمته في حفل الهيئة الاثنين (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وخلال الحفل، دشّن نائب أمير منطقة مكة، شعار هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الجديد، الذي يعكس الهوية الجيولوجية للهيئة، ويفصح عن جهودها المستمرة في مسح مناطق المملكة وتعزيز الوعي الثقافي والبيئي، كما كرّم أعضاء اللجنة المؤسسة للهيئة، ورعاة الحفل.

وقال الخريف، إن هيئة المساحة الجيولوجية أنجزت أكثر من 500 مشروع متخصص في مجالات علوم الأرض، تتضمّن الخرائط الجيولوجية بمقاييس الرسم المختلفة، والاستكشاف المعدني، والمسح الجيوفيزيائي والجيوكيميائي والبحري، وأعمال مراقبة ورصد المخاطر الجيولوجية، والحد من آثارها، والدراسات والأبحاث التعدينية، كما اهتمت الهيئة منذ نشأتها بتنمية مواردها البشري؛ إيماناً منها بأنهم أساس نجاحها، فبفضل جهودهم وتفانيهم، إلى جانب خبراتهم العلمية والعملية، حققت الهيئة إنجازات نوعية حظيت بإشادة الجميع.

شهد حفل هيئة المساحة تكريماً من نائب أمير مكة المكرمة للرواد في الهيئة وعدد من الشخصيات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وأكد الوزير، في كلمته التي ألقاها بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس الهيئة، أن المملكة شهدت جهوداً وطنية حثيثة في مجال البحث والتنقيب عن الثروات المعدنية، وقد تكللت باكتشافات مهمة خلال الرُبع قرن الماضي، كان لها أثر كبير على مختلف الأصعدة، موضحاً أنه على صعيد قطاع التعدين، أسهمت هذه الاكتشافات في دعم الاستثمار وتطوير قطاع الثروة المعدنية، لا سيما مع اكتشاف عدد من المعادن الأساسية مثل الفوسفات والبوتاسيوم والذهب والفضة، بالإضافة إلى ركائز معدنية للمعادن الاستراتيجية، التي تكمن أهميتها في نمو القطاع وظهور شركات وطنية كبيرة مثل شركة «معادن».

وأضاف: «لم تقتصر إنجازات الهيئة على الاكتشافات المعدنية فحسب، بل امتدت لتشمل مجال المخاطر الجيولوجية، حيث أسهمت في توسيع شبكة الرصد الزلزالي لتعزيز قدرة المملكة في مراقبة النشاط الزلزالي، وإنشاء قاعدة بيانات (رواسي)، التي تضم آلاف التقارير والدراسات المتخصصة في المخاطر الجيولوجية، كما تشرفت الهيئة بالإشراف على استمرارية وديمومة مياه زمزم المباركة، وتعقيمها، والمحافظة على استدامتها، وأولت اهتماماً كبيراً بدرء مخاطر السيول، وإجراء كثير من الدراسات لتحديد المناطق المُعرَّضة للخطر، ودعم صنع القرار الحكومي بشأن إقامة المشروعات التنموية العملاقة».