تحت شعار «الأركان، رمز الصمود والتأقلم»، يحتفي المغرب اليوم (الثلاثاء)، بالذكرى الثانية لليوم العالمي لشجرة الأركان (تلفظ الكاف بثلاث نقط)، الذي أقر، قبل سنة، من طرف جمعية الأمم المتحدة، بمبادرة مغربية، وذلك تتويجاً لجهود المملكة في تثمين هذه الشجرة، باعتبارها تراثاً ثقافياً لا مادياً للإنسانية ومصدراً للتنمية المستدامة.
ويعد هذا الحدث، حسب المسؤولين المغاربة، مناسبة لتعبئة جميع الفعاليات على الصعيدين الوطني والدولي للمحافظة على هذا الموروث الطبيعي وتنمية مجاله الحيوي.
وتكمن أهمية النظام الإيكولوجي المتعلق بشجرة الأركان في دوره الفعال على مستوى الحد من التصحر والتأقلم مع التغيرات المناخية، وفي خصائصه المتميزة كنظام متكامل يوفر شروط التعايش المتوازن بين الإنسان وباقي المكونات الطبيعية من وحيش وغطاء نباتي.
ويتضمن برنامج الاحتفاء تنظيم لقاء رفيع المستوى برئاسة وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المغربي، بحضور ثلة من الشخصيات الوازنة، ضمنها السفير الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونائبة الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ونائب المدير العام لأولوية أفريقيا والعلاقات الخارجية لليونيسكو، والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ونائبة المدير العام لمنظمة الأغدية والزراعة للأمم المتحدة، والمدير التنفيذي للصندوق الأخضر للمناخ.
كما ستعطى على هامش هذا الحدث، الانطلاقة الرسمية للدورة السادسة للمؤتمر الدولي لـ«الأركان»، الذي يشكل موعداً لتقاسم نتائج البحث العلمي ومستجداته فيما يتعلق بتطوير مختلف حلقات سلسلة الأركان وتنمية مجالها الحيوي.
ملصق تخليد اليوم العالمي لشجرة الأركان
ويشكل إعلان الأمم المتحدة لليوم العالمي لشجرة الأركان اعترافاً دولياً بمجهودات المغرب الرامية لحماية وتثمين هذه الشجرة وتنمية مجالها الحيوي، لا سيما بعد إطلاق برنامج يروم تنمية غرس الأركان الفلاحي؛ كما يكرس الدور الفعال لسلسلة هذه الشجرة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛ علاوة على تسليطه الضوء على دور هذا القطاع في التمكين الاقتصادي للمرأة القروية وتعزيز الاقتصاد التضامني والتنمية البشرية من خلال دعم وإنعاش دور التعاونيات ومختلف التنظيمات المهنية الفاعلة في هذه السلسة الإنتاجية.
ويرى المسؤولون المغاربة أن حماية هذا التراث الثقافي تندرج في صميم أولويات البلد، فيما يأتي الاحتفاء باليوم العالمي لهذه الشجرة لتكريس جهود المغرب في هذا المجال، كما يشكل دعوة لتقاسم المعارف حولها والاحتفال بها رافعةً للتنمية السوسيو - اقتصادية المستدامة.
وأعلن اليوم العالمي لشجرة الأركان، بعد اعتماد الاقتراح الذي قدمه المغرب للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو القرار الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع من طرف الدول الأعضاء في نيويورك، حيث حاز المغرب بموجبه على دعم المجتمع الدولي لحماية هذا الموروث الطبيعي وتنمية مجاله الحيوي.
و«أركان» هي شجرة متعددة الأغراض والمنافع؛ كما أنها، حسبما جاء في تقرير على الموقع الرسمي للأمم المتحدة، «نوع متوطن من الأشجار الغابية يوجد في محمية بجنوب غربي المغرب»، وهي تنمو في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، كما أنها «نوع محدد للنظام البيئي للغابات الغني بالنباتات المستوطنة»، مع قدرة على «الصمود في بيئة قاسية في ظل ندرة المياه، وخطر التعرية والتربة الفقيرة».
وتشكل هذه الشجرة «ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة»، الشيء الذي يؤكد أهميتها الكبرى، نظراً «لتعدد استخداماتها وبوصفها وسيلة من وسائل الكسب، فضلاً عن دورها في زيادة المرونة وتحسين التكيف مع المناخ وتحقيق الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة - الاقتصادية والاجتماعية والبيئية - على المستوى المحلي»؛ فيما «تساهم الممارسات المتعلقة بها في التمكين الاقتصادي والإدماج المالي للمجتمعات المحلية، ولا سيما النساء اللائي يعشن في المناطق الريفية، عن طريق تعزيز فرص العمل والإسهام في تحقيق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر».
وفضلاً عن قرارها القاضي بإعلان العاشر من مايو (أيار) يوماً عالمياً لشجرة الأركان، فقد سبق لمنظمة اليونيسكو، في 2014، أن أدرجت الممارسات والدراية المتعلقة بشجرة الأركان ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، فيما سبق لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) أن اعترفت، في 21 ديسمبر (كانون الأول) 2018، بالنظام الزراعي الرعوي القائم على الأركان في المغرب باعتباره «مبادرة من مبادرات نظم التراث الزراعي المهمة عالمياً».
وتعد شجرة الأركان، التي ترتبط بها معارف ومهارات عديدة بحمولة ثقافية، موروثاً مغربياً خالصاً، إذ إنها تنبت بطريقة طبيعية في المغرب، فقط، في وقت تعمل دول أخرى، على استنساخها، عبر زراعتها في أراضيها. وهي تلعب دوراً أساسياً في حياة أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، في مناطق أغادير وتارودانت وتزنيت والصويرة (وسط غرب المغرب)، بشكل خاص، وهي مناطق معروفة بمناخها شبه الجاف؛ وتشكل غابات الأركان آخر حاجز أمام التصحر.
ولزيت الأركان، سواء على المستوى الغذائي أو الطب التقليدي، منافع معروفة بين سكان هذه المناطق المغربية منذ قرون، قبل أن تضيف الأبحاث العلمية منافع أخرى، ترتبط، أساساً، بالصناعات التجميلية.
وفي السنوات الأخيرة تزايد الطلب، بشكل لافت، على زيت الأركان في السوق الوطنية والعالمية. ودفعت الأهمية المتزايدة لشجرة الأركان أهل المناطق التي تعرف بها إلى خلق تعاونيات لإنتاج مشتقات الزيوت وتسويقها، مما أدى إلى تحسين مستوى عيش السكان، خصوصاً النساء. غير أن هذا المعطى ليس مدعاة للتفاؤل، كلياً، بالنظر إلى غياب طرق التدبير الجيد، فضلاً عن أن استفادة العاملين في التعاونيات تبقى محدودة، فيما ينعكس الجهد المبذول على مستوى الإنتاج والتسويق على الوسطاء، بشكل أكبر.
وتعرف الأركان بأنها شجرة معمرة يصل عمرها، أحياناً، إلى أكثر من قرنين من الزمن، ويتراوح طولها ما بين 8 و10 أمتار، ولها أوراق صغيرة، كما أن لها قدرة كبيرة على مقاومة الجفاف والصمود في وجه التصحر.
وثمار شجرة الأركان، بحجم ثمار الجوز، وهي تتكون من قشرة ليفية خارجية تحيط بنواة صلبة للغاية، لونها بني جذاب وقشرتها ناعمة، وبداخلها لوزة بحجم اللوز العادي. ويحتاج استخراج اللوزة جهداً شاقاً. وحين تكسر النواة ترمى القشور الخشبية وتسخن اللوزة، ومن ثم تطحن برحى يدوية مصنوعة خصيصاً لطحن نواة الأركان، وتؤخذ العجينة المطحونة بعد ذلك، وتُعصر باليد لاستخراج الزيــــت.
احتفاء مغربي وأممي باليوم العالمي لشجرة الأركان
احتفاء مغربي وأممي باليوم العالمي لشجرة الأركان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة