الفحوص الجماعية أصبحت روتيناً مع استمرار انتشار «كوفيد» في بكين

الفحوص الجماعية أصبحت روتيناً مع استمرار انتشار «كوفيد» في بكين
TT

الفحوص الجماعية أصبحت روتيناً مع استمرار انتشار «كوفيد» في بكين

الفحوص الجماعية أصبحت روتيناً مع استمرار انتشار «كوفيد» في بكين

اصطفّ ملايين في بكين من أجل جولة جديدة من فحوص «كوفيد 19» أمس، فيما أصبح روتيناً يومياً، في حين تجاهد العاصمة الصينية لاحتواء تفشٍ صغير، لكنه عنيد، للفيروس، وتجنب إجراءات إغلاق طويلة الأمد، مثل التي طُبقت في شنغهاي.
وقال مسؤولون من مدينة شنغهاي، المركز التجاري في البلاد، التي أجرت 63 مليون فحص «بي سي آر» و126 مليون فحص سريع، الأسبوع الماضي، على سكانها، البالغ عددهم 25 مليون نسمة، إن المدينة ستواصل كذلك إجراء الفحوص يومياً في الأيام المقبلة، حسبما أوردت «رويترز».
وستصبح الفحوص الدورية جزءاً من تفاصيل الحياة اليومية في كثير من المدن الصينية حيث تأمل السلطات أن يساعد ذلك في رصد وعزل حالات الإصابة، في وقت مبكر، لتجنب إجراءات إغلاق شاملة وفرض قيود على الحركة.
وتُحدث القيود الصارمة الرامية لاحتواء «كوفيد 19» في بكين وشنغهاي وعشرات المدن الأخرى في مختلف أرجاء الصين ضغطاً نفسياً على السكان، وتؤثر على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتعطل سلاسل الإمدادات العالمية والتجارة الدولية.
وأغلقت بكين صالات الألعاب الرياضية وأماكن الترفيه، وحظرت تناول الطعام داخل المطاعم، وأوقفت عشرات من مسارات الحافلات، ونحو 15 في المائة من خطوط مترو الأنفاق، حتى الشركات التي ما زالت مفتوحة تعاني.
وقال الحلاق سونغ، الذي طلب عدم نشر اسمه كاملاً، إن الناس «تخشى أن تظهر أعراض غير طبيعية على تطبيقاتهم الصحية»، مشيراً إلى برامج مراقبة إلكترونية يتعين على جميع السكان استخدامها.
وأضاف: «إلى الشمال منّا هناك مراكز تجارية ومكاتب أغلقت، والتطبيقات قد تصنفهم مخالطين إذا ما جاءوا».
وقال سونغ إنه سيبقي صالونه للحلاقة مفتوحاً قدر الإمكان، لكنه لا يعرف إلى متى سيستطيع ذلك.
وتضاعف الصين بوادر الدعم للنشاط، في سعيها لتحريك نمو يعاني من تبعات القيود الصحية، من دون التخلي عن استراتيجيتها المكلفة في مكافحة الوباء. وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ تعهد في مؤتمر عبر الهاتف مع مسؤولين آخرين بدعم «أكبر عدد ممكن من أرباب الأعمال»، خاصة أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة، ليتمكن العاملون من البقاء في وظائفهم.
وبلغ معدل البطالة في الصين 5.8 في المائة في مارس (آذار)، وهو أعلى معدل منذ مايو (أيار) 2020، وبلغ المعدل مستوى قياسياً عند 6 في المائة في 31 مدينة كبيرة. كما أثّر الإغلاق في شنغهاي والقيود التي فُرضت في أماكن أخرى في أبريل (نيسان) كذلك على سوق العمل منذ ذلك الحين.
وقالت مسؤولة في «مكافحة الأمراض» في بكين إن العاصمة الصينية سجلت 39 إصابة جديدة منقولة محلياً بـ«كوفيد 19» خلال الساعات الـ24 المنتهية في الساعة الثالثة عصراً بالتوقيت المحلي أمس (الأحد).
وقالت بانغ شينغ هوه، نائبة رئيس مركز الوقاية من الأمراض والسيطرة عليها في بلدية بكين، في إفادة صحافية، إن المدينة شهدت ما مجموعه 727 إصابة بفيروس كورونا منذ 22 أبريل.
في شنغهاي، قالت الحكومة المحلية، في بيان، أمس، إن المدينة سجلت 8 وفيات جديدة بـ«كوفيد 19» في 7 مايو، انخفاضاً من 13 في اليوم السابق. كما سجلت المدينة 3760 إصابة محلية جديدة بفيروس كورونا بدون أعراض في 7 مايو، مقابل 3961 في اليوم السابق.
وبلغ عدد الإصابات المؤكدة التي ظهرت عليها أعراض 215، انخفاضاً من 253 في اليوم السابق.
في هونغ كونغ، سجلت السلطات إجمالي 266 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا، وهو أقل عدد للإصابات اليومية في المدينة منذ 4 فبراير (شباط)، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ.
وقالت السلطات الصحية، في إفادة صحافية، إنه تم اكتشاف 112 حالة من هذه الإصابات من خلال الفحوص المعملية، كما تم اكتشاف 154 حالة عن طريق الفحوص السريعة للكشف عن الأجسام المضادة.
وسجلت المدينة حالتي وفاة جديدتين مرتبطتين بالفيروس.
يأتي ذلك بعد أن كانت أعداد الإصابات قد وصلت إلى ذروتها وسجلت أكثر من 50 ألف حالة أثناء تفشي موجة «أوميكرون» في مارس.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟