رغم الحصار المحكم... آخر المقاتلين الأوكرانيين يقاومون في «آزوفستال»

الدخان يتصاعد من مصنع «آزوفستال» في ماريوبول (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد من مصنع «آزوفستال» في ماريوبول (إ.ب.أ)
TT

رغم الحصار المحكم... آخر المقاتلين الأوكرانيين يقاومون في «آزوفستال»

الدخان يتصاعد من مصنع «آزوفستال» في ماريوبول (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد من مصنع «آزوفستال» في ماريوبول (إ.ب.أ)

على الرغم من تضاؤل كمية الذخيرة والغذاء والظروف المعيشية القاسية، ما زال آخر المقاتلين الأوكرانيين المتحصنين في مصنع «آزوفستال» يكافحون بينما يشدد الجيش الروسي حصاره على جيب المقاومة الأخير هذا في مدينة ماريوبول (جنوب - شرق).
وروت يفغينيا تيتارينكو، الممرضة العسكرية التي ما زال زوجها العضو في كتيبة آزوف وزملاؤه في المصنع، تفاصيل عن الحياة في الداخل والقتال الدائر.
وقالت تيتارينكو التي تمكنت من البقاء على اتصال مع أقاربها في الداخل إن «عدداً كبيراً من الجنود في حالة خطيرة... إنهم جرحى وليس لديهم دواء». وأضافت أن «الغذاء والماء ينقصان أيضاً»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وكتب زوجها ميخايلو في رسالة نصية قصيرة، تمكنت الوكالة الفرنسية من قراءتها: «سأقاتل حتى النهاية».
وباتت ماريوبول بأكملها تقريباً منذ أسابيع تحت سيطرة القوات الروسية. ولم يفلت منها سوى مجمع مصانع الصلب الضخمة في آزوفستال الذي يقصفه الجيش الروسي بلا هوادة، إلى جانب هجمات كبيرة على الأرض في بداية المعارك العنيفة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1522170491271712768
وتروي يفغينيا (34 عاماً) أن «المقاتلين ودّعوا زوجاتهم... قال أحدهم لزوجته: لا تبكِ، سنعود إلى المنزل مهما حدث، حياً أو ميتاً». وأضافت أن احتمال إجلائهم ضئيل جداً.
وتتحدث الممرضة عن حالة فوضى في أقبية المصنع حيث يقاتل الجنود بينما يقومون أيضاً بنقل مدنيين وجثث عبر متاهة الأنفاق التي تعود إلى الحقبة السوفياتية.
ويتم لف الجثث في أكياس بلاستيكية وتتعفن بسبب توقف أنظمة التبريد. لكن أفراد كتيبة آزوف يريدون خصوصاً ألا تقع هذه الجثامين بأيدي القوات الروسية. وقالت: «يحملون معهم الجثث في كل مكان تقريباً».
وأضافت تيتارينو: «إنهم يستحقون أن يتم إجلاؤهم (...) الأحياء والجرحى والموتى».
وأعلنت كييف (السبت) أنه تم إجلاء كل المدنيين والأطفال وكبار السن الذين تحصنوا مع الجنود، مما يطرح تساؤلات عن مصير الجنود الآن.
وهربت يفغينيا من ماريوبول في 24 فبراير (شباط) يوم الغزو الروسي عندما كانت هذه المدينة الساحلية الجنوبية قد بدأت تتعرض للقصف.
وأنشأ كتيبة آزوف في 2014 في بداية الصراع ضد الموالين لروسيا، مسلحون من اليمين المتطرف قبل دمجها بسرعة في الحرس الوطني.
وأوضح دافيتي سليمانشفيلي، أحد أفراد الكتيبة، الذي أصيب بنيران دبابة خلال قتال شوارع في ماريوبول وبُترت ساقه اليسرى، أن «العلاج صعب جداً في هذه الظروف»، وتحدث عن نقص المنشآت الصحية الأساسية والمعدات الطبية والتدفئة. وتم إجلاؤه من «آزوفستال» جواً في سيناريو أشبه بأفلام هوليوود. فقد تمكنت ثلاث مروحيات أوكرانية من خداع صواريخ روسية لنقل عدة جرحى. وقال: «كانت معجزة» و«لم أرَ ذلك سوى في الأفلام».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1522927982280679430
وعلى الرغم من الرعب في موقع «آزوفستال»، يجد البعض أن الوجود في الخارج أمر لا يحتمل.
وقالت رولانا بوندارينكو (54 عاماً) إن لديها عشرات الأصدقاء من أعضاء كتيبة آزوف ما زالوا موجودين داخل «آزوفستال». وكانت مع ابنها من أوائل الذين انضموا إلى الكتيبة في 2014.
ومنذ ذلك الحين علمت رولانا أن ابنها قُتل في منتصف أبريل (نيسان). وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية في اتصال هاتفي من ألمانيا، حيث تعيش منذ عام لأسباب طبية: «وضعوه في كيس أسود وجثمانه يتعفن». وأضافت: «إنه ليس الوحيد في هذا الوضع... هناك مئات مثله!».
لكن حتى بعد فقدان ابنها، تواصل رولانا دعمها بقوة للمقاتلين الأوكرانيين الباقين الذين يواجهون قوة نيران المدفعية والطائرات الروسية. وهي ترسل كل يوم رسائل نصية مزينة برموز تعبيرية لرفع الروح المعنوية للمقاتلين الذين يحاولون من جانبهم، مواساتها عبر الحديث عن فخرهم وصمودهم أكثر من معاناتهم.
وقالت رولانا محذرةً إن بعضهم فقدوا «بين 15 و20 كيلوغراماً» بينما هناك نقص كبير في المواد الغذائية. وأضافت متنهدة: «أتمنى لو كنت إلى جانبهم الآن». وتابعت: «إذا متُّ هناك فسأكون مع عائلتي».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».