بايدن غاضب من تسريبات قد «تورط» بلاده في حرب مع روسيا

قادة «البنتاغون» قلقون من النقص في مخزونات الجيش الأميركي

بايدن أعلن مزيداً من المساعدات العسكرية لأوكرانيا (رويترز)
بايدن أعلن مزيداً من المساعدات العسكرية لأوكرانيا (رويترز)
TT

بايدن غاضب من تسريبات قد «تورط» بلاده في حرب مع روسيا

بايدن أعلن مزيداً من المساعدات العسكرية لأوكرانيا (رويترز)
بايدن أعلن مزيداً من المساعدات العسكرية لأوكرانيا (رويترز)

كشفت الحرب الأوكرانية عن معضلة كانت حتى وقت قريب لا تلقى اهتماماً كافياً من الدوائر العسكرية الأميركية، وتتعلق بمخزونات الأسلحة والإنتاج والإمداد السريع، في حالة وقوع صراع طويل الأمد، كالذي تتجه إليه أوكرانيا مع روسيا. في غضون ذلك، ورغم محاولة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الموازنة بين «هزيمة» روسيا لمنعها من تكرار هجومها على دول أخرى في المنطقة، وعدم التورط بشكل كبير في صراع، برزت أصوات تدعو إلى الحذر في كشف نوعية الدعم الذي تتلقاه أوكرانيا من الولايات المتحدة، بعد تسريبات تحدثت عن مساعدة معلومات استخباراتية أميركية كييف في قتل جنرالات الروس، وإغراق الطراد «موسكفا».
- مخزون البنتاغون
قال ويليام لابالانت، وكيل وزارة الدفاع لشؤون الاستحواذ والدعم، إن الحاجة «تتجاوز حقاً أي شيء رأيناه في الذاكرة الحديثة». وأضاف لابالانت خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون مساء الجمعة، أن الحلفاء الأوروبيين يرون الوضع نفسه، ويعملون جميعاً معاً لتوفير ما تحتاج إليه أوكرانيا. وكشف أن البنتاغون يعمل على توسيع نطاق تسليم الأسلحة والمعدات العسكرية المتاحة تجارياً إلى أوكرانيا، من خلال مشترياته من الطائرات من دون طيار والصواريخ الموجهة بالليزر، وغيرها من المعدات التي سيتم شحنها قريباً بقيمة 136 مليون دولار. وتابع بأن عديداً من الأنظمة التي استخدمها الأوكرانيون ضد الروس، مثل صواريخ «ستينغر» وصواريخ «جافلين»، جاءت من مخزونات الجيش ومشاة البحرية، وهو ما يفرض تجديد هذه المخزونات، بالقيمة نفسها. وعدّ النقص في مخزونات الجيش الأميركي مشكلة لم تكن متوقعة؛ خصوصاً أن التقديرات الأولى كانت تتوقع انهياراً سريعاً للجيش الأوكراني، وبالتالي يحدث صراع محدود قد لا يتطلب هذا النوع من التمويل والمعدات العسكرية؛ غير أن صمود الأوكرانيين قلب المعادلات، وها هي الحرب تتحول إلى حرب مديدة، وتتطلب استراتيجيات جديدة، مما وضع القادة العسكريين الأميركيين أمام تحديات لتعويض النقص في مخزونات الجيش، في ظل تصاعد التوترات الدولية التي قد تمتد إلى مناطق أخرى، وخصوصاً في آسيا ومنطقة المحيطين الهادئ والهندي.
- مساعدات جديدة
تعد الأسلحة والمعدات التي سيتم شراؤها من الشركات الأميركية مساعدة عسكرية منفصلة عن كميات الأسلحة الهائلة التي قدمتها الولايات المتحدة بالفعل لأوكرانيا من مخزونات البنتاغون الحالية. وقال لابالانت، إن وزارة الدفاع لديها 300 مليون دولار من التمويل الذي وافق عليه الكونغرس للإنفاق على المعدات العسكرية المتاحة تجارياً، وإن البنتاغون يتفاوض مع مقاولي الدفاع لإعادة إنتاج آلاف من صواريخ «ستينغر» وصواريخ «جافلين» التي تم توفيرها بالفعل لأوكرانيا من مخزوناته. وأوضح أن هذه المساعدات تشمل صواريخ 70 ملليمتراً بقيمة 22.6 مليون دولار، تُعرف باسم نظام أسلحة القتل الدقيق المتقدم، يمكن إطلاقها من طائرات الهليكوبتر، وطائرات من دون طيار إضافية من طراز «سويتش بليد» بقيمة 17.8 مليون دولار.
وقال مسؤولون إن البنتاغون سيشتري أيضاً طائرات استطلاع من دون طيار من طراز «بوما»، بقيمة 19.7 مليون دولار، وهو القرار الذي تم الإعلان عنه الشهر الماضي. وقال لابالانت: «نحن على اتصال بالشركات المصنعة كل يوم مع تطور متطلباتنا، وستواصل (إدارة بايدن) استخدام جميع الأدوات المتاحة لدعم القوات المسلحة الأوكرانية في مواجهة العدوان الروسي». وأضاف أن الأمر ليس مجرد أنظمة أسلحة وذخائر، فقد أرسلت وزارة الدفاع ما قيمته مليونا دولار من المناظير إلى أوكرانيا، و1.2 مليون دولار على شكل وجبات وحصص غذائية جاهزة للأكل، و4.9 مليون دولار من الإمدادات الطبية. وقال إن المسؤولين تلقوا أكثر من 300 رد من شركات الأسلحة، بعد إصدار طلب الشهر الماضي للحصول على معلومات حول الأسلحة المتاحة تجارياً، والتي قد تكون مفيدة لأوكرانيا.
وكان الرئيس بايدن قد أعلن أول من أمس (الجمعة) تخصيص مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، تشمل مدافع ورادارات، محذّراً من أن المبالغ المالية المرصودة لتزويد كييف بالأسلحة قد أشرفت على النفاد. ودعا بايدن الكونغرس لرصد مبالغ إضافية، وحثّه على الموافقة سريعاً على حزمة بـ33 مليار دولار التي طلبها الشهر الماضي أيضاً. وبينما يدرس الكونغرس هذا الطلب الذي يشمل 20 مليار دولار من المساعدة الأمنية التكميلية لأوكرانيا، قال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، إن هذه الحزمة «ستحافظ على الأرجح على دعم الولايات المتحدة لكييف للأشهر الخمسة المقبلة». وأوضح كيربي، في بيان أول من أمس الجمعة، أن وزارة الدفاع وافقت على سحب رئاسي إضافي تاسع للمساعدة الأمنية بقيمة تصل إلى 150 مليون دولار، للمعدات من مخزوناتها، منذ أغسطس (آب) 2021. وتشمل هذه الحزمة 25 ألف طلقة مدفعية من عيار 155 ملليمتراً، و3 رادارات مضادة للمدفعية، ومعدات التشويش الإلكترونية، والمعدات الميدانية، وقطع الغيار. وقال كيربي إنه تم تصميم هذه الحزمة لتلبية الاحتياجات الأوكرانية الحرجة في مواجهة الهجوم الروسي الحالي على شرق أوكرانيا.
- غضب رئاسي
من جهة أخرى، أثار تسريب المعلومات عن دور الاستخبارات العسكرية الأميركية في مساعدة الأوكرانيين على استهداف جنرالات الجيش الروسي في جبهات القتال، رغم النفي الرسمي له، والتسريب الجديد عن الدور الذي لعبته أيضاً في إغراق الطراد الروسي «موسكفا»، غضب الرئيس بايدن. وبحسب تقرير في صحيفة «نيويورك تايمز»، فقد استدعى بايدن مدير المخابرات الوطنية، ومدير الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، ووزير الدفاع: «ليوضح بأقوى لغة أن هذا النوع من التسريبات الفضفاضة هو عمل طائش يجب أن يتوقف فوراً، قبل أن ينتهي بنا المطاف إلى حرب غير مقصودة مع روسيا». وأضاف التقرير أن كبار المسؤولين الأميركيين أوضحوا أن هذه التسريبات لم تكن جزءاً من أي استراتيجية مدروسة، وكان بايدن غاضباً بشأنها؛ لأنها قد تشير إلى أننا «لم نعد في حرب غير مباشرة مع روسيا؛ بل نتجه نحو حرب مباشرة، ولم يقم أحد بإعداد الشعب الأميركي أو الكونغرس لذلك».
وبحسب المسؤولين الأميركيين، فإن هذا الأمر خطير بشكل مضاعف؛ لأنه من الواضح لهم بشكل متزايد أن سلوك بوتين لا يمكن التنبؤ به كما كان في الماضي، ما قد يدفعه إلى الرد بطرق يمكن أن تؤدي إلى توسيع نطاق هذا الصراع بشكل خطير.


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.