دعوات صريحة في إسرائيل لاغتيال السنوار والعاروري

بعد عملية إلعاد... عباس يستنكر ويحذّر من استغلالها لمزيد من القمع

إسرائيليون ينقلون جثمان أحد القتلى في عمليات هجوم الطعن في إلعاد لدفنه في بتاح تكفا مع اثنين آخرين (أ.ب)
إسرائيليون ينقلون جثمان أحد القتلى في عمليات هجوم الطعن في إلعاد لدفنه في بتاح تكفا مع اثنين آخرين (أ.ب)
TT

دعوات صريحة في إسرائيل لاغتيال السنوار والعاروري

إسرائيليون ينقلون جثمان أحد القتلى في عمليات هجوم الطعن في إلعاد لدفنه في بتاح تكفا مع اثنين آخرين (أ.ب)
إسرائيليون ينقلون جثمان أحد القتلى في عمليات هجوم الطعن في إلعاد لدفنه في بتاح تكفا مع اثنين آخرين (أ.ب)

في وقت كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بأوسع عملية انتشار وتقتحم عشرات البلدات في الضفة الغربية بحثاً عن منفذي عملية إلعاد، وكان مئات المستوطنين المتطرفين ينفذون عمليات انتقام ضد الفلسطينيين الأبرياء، أُطلقت دعوات صريحة في الصحافة العبرية من جنرالات سابقين وخبراء وصحافيين، لاغتيال كل من يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، وصالح العاروري، رئيس حركة حماس في الضفة الغربية، بادعاء أن نشاطاتهما وتصريحاتهما العلنية تشكل إلهاماً وتحريضاً مباشراً على تنفيذ العمليات ضد إسرائيل.
ونشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية الشريط الذي يظهر فيه السنوار في مطلع الأسبوع، وهو يدعو الفلسطينيين في جميع المناطق المحتلة، بمن في ذلك المواطنون العرب في إسرائيل، بحمل السكاكين والسواطير والخروج إلى البلدات اليهودية وتنفيذ عمليات.
وقال معلق الشؤون الأمنية والعسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أمس (الجمعة): «من الواضح أن هناك علاقة مباشرة بين الخطاب الأخير للسنوار، وعملية الليلة الماضية في إلعاد. وحتى لو كان على إسرائيل خوض معركة في غزة، نتيجة أي إجراء عسكري ستتخذه لجعل السنوار ورجاله يدفعون الثمن، فهذا الثمن يستحق عناء المعركة... إلى أن يأتي الوقت الذي يدفع فيه السنوار وقادة حماس في غزة ثمناً مؤلماً على تحريضهم، فإن الموجة الحالية من العمليات ستستمر، يجب إزاحة السنوار عن الساحة لا لمعاقبته فقط، بل لردع غيره».
وقال محلل ومراسل الشؤون العسكرية في موقع «والا» العبري أمير بوخبوط، إن الذي حدث جاء مطابقاً لخطاب السنوار بتنفيذ العمليات بالبلطات.
ودعا قائد فرقة غزة السابق ومسؤول شعبة العمليات السابق في جيش الاحتلال، الجنرال يسرائيل زيف، إلى تصفية السنوار حتى لو كان الثمن اندلاع مواجهة حربية جديدة. وقال زيف، في مقابلة إذاعية، أمس (الجمعة)، إن السنوار حرّض على تنفيذ العمليات الأخيرة، ومن بينها الدعوة لحمل البلطات لقتل اليهود، وبالتالي فقد «تحول إلى حلقة من حلقات تنفيذ العملية ودمه مهدور... تجب المبادرة لمفاجأة (حماس) بالتوقيت المريح للكيان ليس غداً صباحاً؛ ولكن ربما بعد أسبوعين». وقال عضو الكنيست إيتمار بن غفير، أحد غلاة المتطرفين في المعارضة: «على طائرات سلاح الجو الآن إلقاء صواريخ على منزل يحيى السنوار الذي دعا لشن هجمات بالسلاح والفؤوس، واغتياله، هذه هي الطريقة التي يتم بها القضاء على الإرهاب».
وكانت عملية إلعاد نُفذت في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، عندما تمكّن شابان فلسطينيان من اختراق الحصارات والإغلاقات العسكرية للضفة الغربية، ودخول مدينة استيطانية تسكنها غالبية من المتدينين اليهود، تدعى إلعاد. وهي واحدة من ثلاث مستوطنات أقيمت للمتدينين على الخط الأخضر، بيتار عيليت قرب بيت لحم وموديعين عيليت بينهما. وهي تقوم على أراضي الضفة الغربية المحاذية للحدود مع إسرائيل. وكان يحمل كل منهما ساطوراً وسكيناً، وراحا يطعنان ويضربان كل من يلقيانه. وقُتل في العملية ثلاثة إسرائيليين وأصيب ثلاثة آخرون بجراح خطيرة، وجميعهم من المدنيين. وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها تشتبه بوجود منفذين اثنين؛ أحدهما يحمل فأساً، والآخر فأساً وسكيناً.
ونشرت الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك)، قبيل فجر أمس (الجمعة)، اسمي المشتبهين بتنفيذ العملية وصورتيهما. وبحسبهما، فإن المشتبه فيهما هما أسعد يوسف الرفاعي (19 عاماً) وصبحي عماد أبو شقير (20 عاماً)، وكلاهما من قرية رمانة في محافظة جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، وكانا قد اشتغلا في هذه البلدة قبل أشهر عدة من دون تصاريح.
وبحسب مصادر أمنية، فإن الشرطة والمخابرات والجيش وحرس الحدود، أعلنت حالة استنفار قصوى وانتشرت في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس وحتى البلدات الإسرائيلية العربية لاعتقال المشبوهين ومَن ساندهم. وقد اعتقلت عماد أبو شقير، والد أحد المشتبهين، في قرية جديدة – المكر قرب مدينة عكا، حيث يعمل في ورش إسرائيلية.
وعقد رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، جلسة مشاورات أمنية، فجر أمس، بمشاركة وزراء الخارجية والدفاع والأمن الداخلي وقادة الشرطة والجيش و«الشاباك» و«الموساد» ومسؤولين أمنيين آخرين، تقرر عقبها تمديد الإغلاق المفروض على الضفة الغربية وقطاع غزة، منذ الأربعاء الماضي، حتى يوم الأحد المقبل، واستمرار تعزيز قوات الجيش الإسرائيلي عند خط التماس وداخل الضفة الغربية. وقال بنيت، في أعقاب الجلسة، إن إسرائيل ستلقي القبض على «الإرهابيين ومحيطهم».
وأفادت مصادر فلسطينية بأن تصرفات جنود الاحتلال بدت هستيرية خلال الحواجز التي نصبتها والإجراءات القمعية التي اتخذتها. وروت أن مواطنين من قرية دير أبو مشعل، القريبة من إلعاد، أصيبا في الرأس، بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، ووصلا إلى المستشفى الاستشاري بمدينة رام الله، وحالتهما مستقرة. ووقعت، أمس، عشرات الاعتداءات من الجنود الإسرائيليين على بلدات فلسطينية، وحطمت السيارات وزجاج البيوت وحتى المساجد. وفي الوقت نفسه، قامت عدة مجموعات من المستوطنين باعتداءات جماعية على فلسطينيين وبلدات فلسطينية.
وكانت هذه العملية قوبلت بغضب شديد في الشارع الإسرائيلي وبفرح عارم في الشارع الفلسطيني.
ففي إسرائيل، تمت مهاجمة الحكومة على أنها لا تبادر إلى عملية اجتياح تسقط حكم «حماس» واتهام الجيش والمخابرات بالإهمال والتقصير. واعتبر الإسرائيليون العملية نتاج تحريض سياسي من السلطة الفلسطينية ودعاة المساجد.
وفي مناطق السلطة الفلسطينية، استنكر الرئيس محمود عباس العملية، وقال إن «قتل المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يؤدي إلا إلى المزيد من تدهور الأوضاع في الوقت الذي نسعى فيه جميعاً إلى تحقيق الاستقرار ومنع التصعيد». وحذّر من «استغلال هذا الحادث المدان للقيام باعتداءات ورد فعل على شعبنا الفلسطيني من قبل المستوطنين وغيرهم». وقال إنه يستنكر مجدداً الاعتداءات المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية التي خلقت أجواء التوتر وعدم الاستقرار.
وأشار عباس إلى أن دوامة العنف تؤكد أن السلام الدائم والشامل والعادل هو الطريق الأقصر والسليم لتوفير الأمن والاستقرار للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وشعوب المنطقة.
ومع أن جميع الفصائل الفلسطينية رحّبت بالعملية واعتبرتها «عملية بطولية جاءت رداً على العمليات العدوانية في الأقصى»، فإنها دخلت في حالة استنفار شامل خوفاً من عمليات انتقام.
عالمياً، أدان وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن «بشدّة» الهجوم «المروّع» في إلعاد، قائلاً: «لقد كان هجوماً مروعاً استهدف رجالاً ونساءً أبرياء»، معتبراً أنّ الاعتداء كان «شنيعاً خصوصاً في وقتٍ كانت إسرائيل تحتفل بذكرى تأسيسها». وأضاف أنّ الولايات المتحدة تقف «بحزم» إلى جانب حلفائها الإسرائيليين.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان إن الولايات المتحدة تشعر بـ«الذهول» جرّاء الهجوم. وأضاف: «على جري العادة، نقف إلى جانب إسرائيل في وقتٍ تُواجه هذا التهديد الإرهابي».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.