باشاغا في مرمى «النيران الصديقة»

باشاغا عقب احتفالية معايدة بمناسبة عيد الفطر أقامتها حكومته بمجمع قاعات واغادوغو بمدينة سرت يوم 4 مايو (المكتب الإعلامي لحكومة الاستقرار)
باشاغا عقب احتفالية معايدة بمناسبة عيد الفطر أقامتها حكومته بمجمع قاعات واغادوغو بمدينة سرت يوم 4 مايو (المكتب الإعلامي لحكومة الاستقرار)
TT

باشاغا في مرمى «النيران الصديقة»

باشاغا عقب احتفالية معايدة بمناسبة عيد الفطر أقامتها حكومته بمجمع قاعات واغادوغو بمدينة سرت يوم 4 مايو (المكتب الإعلامي لحكومة الاستقرار)
باشاغا عقب احتفالية معايدة بمناسبة عيد الفطر أقامتها حكومته بمجمع قاعات واغادوغو بمدينة سرت يوم 4 مايو (المكتب الإعلامي لحكومة الاستقرار)

يواجه فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية الجديدة، على غير المتوقع، انتقادات حادة متسارعة من بعض الموالين لمعسكر شرق ليبيا الداعم له في مواجهة خصمه عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.
ومثل مقال لباشاغا، في صحيفة «ذا تايمز» البريطانية، قبل أن ينفي صحته لاحقاً، بداية لتحول في المواقف ضده وظهورها إلى العلن، وإبداء عديدين حالة من الاعتراض على سياسته الخارجية، لجهة تعامله مع شركاء ليبيا التقليديين من بينهم روسيا. واستهل الصحافي محمود المصراتي، الموالي للقيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي، هذا التوجه المتحفظ والرافض لموقف باشاغا، متسائلاً عما إذا كان الأخير «تشاور مع حلفائه في إقليم (برقة) ومنهم المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والجيش وقائده العام المشير خلفية حفتر، قبل أن يكتب هذا المقال، أم لا؟».
وفوجئ الليبيون وخصوصاً حلفاء باشاغا بمقال له منشور في صحيفة «ذا تايمز» يطالب فيه المسؤولين البريطانيين بدعم بلاده في مواجهة تدخل موسكو، متحدثاً عن تواجد آلاف من «مرتزقة فاغنر» الروسية في ليبيا منذ عام 2014، ما وضعه في مرمى «النيران الصديقة». وقال لهم «أنتم أصدقائي؛ وإذا كنتم تريدون أن يقاوم شريك في أفريقيا روسيا، فإن حكومتي مستعدة للعمل معكم، إنها شريككم الوحيد القادر على ذلك»، ما أثار استغرب سياسيين بشرق ليبيا.
ومناط الغضب من باشاغا، وفقاً لسياسيين موالين لـ«الجيش الوطني» تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أنه أوحى في المقال المنسوب له باعتماد الجيش على عناصر «فاغنر» منذ 8 أعوام، «على عكس الحقيقة»، مشيرين إلى أن «(عملية الكرامة) التي أطلقتها القيادة العام في 2014 اعتمدت بشكل مباشر على أفراد الجيش والقوات المساندة من أبناء الليبيين وليس سواهم».
غير أنه بعد مضي 24 ساعة على نشر المقال، منتصف الأسبوع، تبرأ باشاغا منه، وقال عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «فوجئت بمقال منسوب لي منشور على جريدة (ذا تايمز) الإنجليزية»، «وأتمنى من هذه الجريدة العريقة والمحترمة تحري الدقة لتفادي التورط في نشر مقالات مكذوبة».
وزاد المصراتي من لومه لباشاغا، في تسجيل مصور، وقال له: «أتيت إليها بحكومة مكونة من 38 وزيراً، واليوم تعد الإنجليز بالتعاون معهم لإخراج (الفاغنر) الروس من ليبيا وأفريقيا؛ وأنت لم تستطع إخراج الدبيبة من طريق السكة»، في إشارة إلى مبنى رئاسة الوزراء لحكومته في طريق السكة بالعاصمة طرابلس. كما سارع جمال شلوف رئيس ‏مؤسسة «سلفيوم» الليبية للدراسات والأبحاث‏، للتعبير عن استيائه من مقالة باشاغا (التي تم نفيها)، وقال «إن لم يصدر تكذيب أو تعديل أو اعتذار عن كلامه هذا؛ فسيكون وقتها لكل حادث حدث وليس مجرد حديث».
وكانت اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» ممثلو القيادة العامة أعلنت عن البدء في إخراج 300 «مرتزق» أجنبي متواجدين في مناطق سيطرة الجيش الوطني.
وفي مطلع مايو (أيار) الجاري، نقلت وسائل إعلام محلية وإيطالية وأميركية عن سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، قوله إن وجود «فاغنر» في ليبيا جاء «على أساس تجاري»، حيث جرت دعوة الشركة الأمنية الخاصة «من قبل السلطات في طبرق».
يشار إلى أن حكومة باشاغا أدت اليمين أمام مجلس النواب بطبرق (شرقي ليبيا) مطلع مارس (آذار) الماضي، لكنها لم تتمكن، حتى الآن، من دخول العاصمة، بسبب رفض حكومة «الوحدة»، تسليم مهامها إلا لحكومة منتخبة. ويدعمها في ذلك المجلس الأعلى للدولة الذي يرى تأجيل النظر في تغيير الحكومة لحين البت في قاعدة دستورية تفضي لإجراء الانتخابات المؤجلة منذ نهاية العام الماضي.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).