الحكومة المغربية تصادق على مرسوم يعزز مكانة الطب الشرعي

بعد أن أصبح عدد الأطباء الممارسين في مجموع البلاد لا يتعدى 13

عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (ماب)
عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (ماب)
TT

الحكومة المغربية تصادق على مرسوم يعزز مكانة الطب الشرعي

عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (ماب)
عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (ماب)

صادق مجلس الحكومة المغربية على مشروع مرسوم يهدف إلى تدارك النقص المسجل في المغرب على مستوى عدد الأطباء الشرعيين الحاصلين على شهادات التخصص بالمغرب.
وحسب بيان للحكومة، صدر أمس، فإن المرسوم يحمل في جوهره أحكاماً تنظيمية وتطبيقية، تحدد تألیف وكيفيات سير اللجنة الخاصة المكلفة التصديق على التكوينات، التي يتوفر عليها الأطباء العاملون بالمكاتب الجماعية لحفظ الصحة (مراكز صحية في المدن)، وفي المرافق الصحية التابعة لقطاع الصحة، والتصديق على التكوين الذي استفادوا منه.
وينص هذا المرسوم على تركيبة اللجنة الخاصة ومهامها وشكليات انعقادها، وتحديد مسطرة المصادقة على تأهيل الأطباء العاملين في مكاتب حفظ الصحة، والمرافق الصحية التابعة لقطاع الصحة. ويرمي إلى اعتماد تدابير تشريعية ومؤسساتية جديدة قصد تعزيز آليات العدالة الجنائية، خصوصاً ما يرتبط منها بمجال النهوض بقطاع الطب الشرعي.
وحسب البيان؛ فإن المرسوم يأتي بعد دخول القانون المتعلق بتنظيم ممارسة مهام الطب الشرعي حيز التنفيذ منذ تاريخ 19 مارس (آذار) 2020، ويهدف إلى تنزيل مقتضيات المادتين «37» و«38» من القانون المذكور على النحو الذي سيمكن من تجاوز معوقات الوضعية الراهنة التي يتسم بها الطب الشرعي، مشيراً إلى أن «أغلب الممارسين مهام الطب الشرعي بالمغرب لا يتوفرون على أي تكوين تخصصي معترف به» في هذا المجال، «رغم مراكمتهم تجربة مهمة من خلال العمل بالمكاتب الجماعية لحفظ الصحة، وبالمرافق الصحية التابعة لقطاع الصحة».
ويعرف المغرب نقصاً كبيراً في الأطباء المختصين في الطب الشرعي، حيث لا يتعدى عددهم 13 طبيباً؛ حسب أرقام لوزارة العدل، ومعظم هؤلاء يشتغلون في مستشفيات بالمدن الكبرى. ولتغطية هذا النقص؛ يجري تكليف أطباء ليس لهم اختصاص في الطب الشرعي القيام بعمليات التشريح، مع ما يطرحه ذلك من إِشكاليات قانونية وطبية.
وصدر قانون جديد للطب الشرعي في المغرب يهدف إلى تطوير آليات العدالة الجنائية، بعد مشاورات بين وزاراتي العدل والصحة وإدارة الدفاع الوطني ورئاسة النيابة العامة (الادعاء العام)، وممثلي الأطباء، يرمي إلى توحيد ممارسة مهام الطب الشرعي، والرفع من مستوى العاملين فيه بهدف تشجيع الإقبال على هذا التخصص في كليات الطب المغربية. ونص هذا القانون على أن الطبيب الممارس للطب الشرعي يعدّ مساعداً للقضاء، ويقوم بمهام؛ منها الفحص السريري للأشخاص المصابين جسمانياً وعقلياً بغرض وصف الإصابات، وتحديد طبيعتها وأسبابها، مع تحديد تاريخ حدوثها والوسيلة المستعملة، وتحرير تقارير أو شهادات طبية.
كما يبدي الطبيب الشرعي الرأي الفني في الوقائع المعروضة على القضاء، والمتصلة بمجال اختصاصه، وفحص أو أخذ عينات الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي)، أو المحتفظ بهم لتحديد طبيعة الإصابات اللاحقة بهم وسببها وتاريخها، ويقوم أيضاً بمعاينة وفحص وتشريح الجثث والأشلاء لبيان طبيعة الوفاة، وسببها وتاريخها وتحديد هوية المتوفى؛ ناهيك بحضور عملية استخراجها ومعاينتها، إضافة إلى رفع العينات العضوية على الأجسام، وإبداء الرأي بشأنها إلى القضاء، وإعطاء التفسير الطبي لها.
ويتمتع الطبيب الممارس الطب الشرعي بالحماية القانونية أثناء مباشرته مهامه، مقابل إلزامه بواجب كتمان السر المهني والتقيد بقواعد الحياد والتجرد والنزاهة والشرف. وتعتزم وزارة العدل تكوين مزيد من الأطباء الشرعيين العاملين بمكاتب الصحة في مختلف الأقاليم، بمعدل 300 طبيب سنوياً، وتسليمهم شهادة معترفاً بها تمكنهم من ممارسة الطب الشرعي، وهو ما سيرفع عدد الأطباء المزاولين هذه المهام إلى 1500 طبيب في غضون السنوات المقبلة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.