اليمن يدعو لردع خروق الميليشيات... وواشنطن تحض على التزام الهدنة

TT

اليمن يدعو لردع خروق الميليشيات... وواشنطن تحض على التزام الهدنة

مع تصاعد خروق الميليشيات الحوثية للهدنة الأممية الهشة في شهرها الثاني، شددت الحكومة اليمنية على أهمية ردع هذه الانتهاكات، وذلك غداة استهداف الميليشيات مواقع مدنية في مدينة تعز بالطيران المسير، فيما حضت الولايات المتحدة عبر سفارتها على التزام الهدنة ووفاء كل الأطراف بتعهداتها.
وإذ يسود يقين لدى الشارع السياسي اليمني بأن الميليشيات الحوثية لن تجنح للسلام إلا بالضغط عليها عسكريا، طالب مصدر حكومي مسؤول، الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، بـ«التحرك الجاد والحقيقي لردع الانتهاكات والخروق الحوثية المستمرة والمتصاعدة للهدنة منذ اللحظات الأولى لدخولها حيز التنفيذ».
وبحسب بيان رسمي «أشار المصدر إلى تصاعد وتيرة الاعتداءات الحوثية السافرة التي بلغت ذروتها في استهداف إدارة أمن ‎تعز بالطيران المسير، الأربعاء، ما أدى إلى إصابة 10 أشخاص بينهم مدنيون وأضرار مادية وهلع بين الأطفال والأسر التي تحتفل بعيد الفطر في الحديقة المجاورة».
ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية عن المصدر الحكومي تأكيده أن «الخروق الحوثية المتكررة للهدنة الأممية يضع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لجديتها في الضغط على ميليشيا الحوثي للاستجابة لجهود السلام».
وأوضح المصدر أن استمرار الاعتداءات الإرهابية الحوثية وعدم احترامها للهدنة الإنسانية التي ترعاها الأمم المتحدة منذ اللحظات الأولى لدخولها حيز التنفيذ، وتنصلها عن تنفيذ الالتزامات القائمة بموجبها وفي مقدمها رفع الحصار عن تعز، تمثل نهج وسلوك الميليشيا وداعميها في تقويض كل فرص السلام والحل السياسي للأزمة اليمنية. وشدد المصدر على ضرورة رفع الحصار بشكل فوري عن محافظة تعز بموجب بنود الهدنة.
في غضون ذلك، دعت الولايات المتحدة الأميركية الأطراف اليمنية إلى الوفاء بتعهداتهم فيما يتعلق بالهدنة الإنسانية، وصولا إلى فك الحصار عن تعز وإعادة تسيير الرحلات التجارية من مطار صنعاء، وهي الخطوات التي حال تعنت الميليشيات الحوثية دون تنفيذها رغم مرور أكثر من شهر على سريان الهدنة.
وقالت القائمة بأعمال السفير الأميركي لدى اليمن كاثي ويستلي في بيان على «توتير» «ندعم بقوة الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في اليمن، والتي هي فرصة لتخفيف المعاناة وتعتبر خطوة مهمة لجهود السلام».
وفي حين شددت في بيانها على العمل بما يخدم مصالح الشعب اليمني أكدت أن بلادها تنضم إلى الدعوات الدولية لجميع الأطراف للوفاء بالتزاماتهم بشأن الهدنة، بما في ذلك من خلال تخفيف سنوات من الظروف الشبيهة بالحصار التي خلقت كارثة إنسانية لمئات الآلاف من الناس في تعز، وإعادة فتح مطار صنعاء.
وغداة الهجوم الحوثي بالطيران المسير على تعز، أفادت المصادر الرسمية بأن اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان (حكومية مستقلة) نفذت نزولاً ميدانياً إلى حي العرضي بمديرية صالة والذي شهد صباح ثالث أيام عيد الفطر المبارك، سقوط عدد من الضحايا الجرحى نتيجة تعرض المساحة التي تجمع كلية الآداب وحديقة جاردن سيتي وإدارة أمن تعز ومبنى النادي الأهلي للقصف بمقذوفات محملة بطائرة مسيرة نفذتها ميليشيات الحوثي.
ونقلت وكالة «سبأ» أن فريق اللجنة، عاين آثار الاستهداف على أجزاء من الشارع والساحات التي سقطت عليها مقذوفات الطائرة المسيرة وتصوير اتجاهات الشظايا، والأضرار الكبيرة التي أحدثتها على السيارات والمركبات والجدران، إضافة لتحريز عدد من بقايا المقذوفات، والاستماع لأقوال عدد من المواطنين الذين شهدوا عملية وسقوط المقذوفات أثناء وجودهم جوار المتحف الوطني وكلية الآداب وإدارة الأمن وفي حديقة الأطفال.
ووثق الفريق الحقوقي «حالة الرعب والفزع التي صاحبت القصف الذي يأتي في إطار فترة الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة لمدة شهرين قابلة للتمديد»، كما انتقل الفريق إلى كل من المستشفى الجمهوري ومستشفى الثورة والتقى بعدد من الضحايا الجرحى وقام بفحص واستلام كشوف الجرحى والتقارير الطبية.
إلى ذلك، جدد رئيس هيئة الأركان العامة، قائد العمليات المشتركة في الجيش اليمني الفريق الركن صغير بن عزيز، أمس (الخميس) التأكيد على أن الميليشيات الحوثية لن تلتزم الهدنة وليست حريصة على السلام.
تصريحات بن عزيز جاءت - بحسب المصادر الرسمية - خلال تفقده أحوال المقاتلين من الجيش الوطني، في المنطقة العسكرية الثالثة، حيث «أشاد بصمود منتسبيها في مختلف الجبهات مثمنا تضحياتهم في معركة الدفاع عن الجمهورية، والهوية العربية»، مؤكدا أن تلك التضحيات ستتوج بالنصر المبين على قوى الشر، وفق تعبيره.
وبحسب ما أفاد به الإعلام العسكري حض بن عزيز «على المزيد من اليقظة، وشحذ الهمم، والاستعداد للمعركة الفاصلة، التي سينتصر فيها اليمنيون، ويحررون عاصمتهم الحبيبة صنعاء، من قبضة الميليشيا الكهنوتية».
وقال إن طريق النصر وتحقيق الأهداف في المجتمعات يبدأ عندما يدرك كل فرد واجباته ومسؤولياته ويؤديها مستشعراً للأمانة الملقاة على عاتقه، ويستحث الخطى ويشحذ العزائم والهمم. مع تحذيره «من ثقافة التبرير للأخطاء والتقصير في الأعمال».
وفيما يتعلق بخروق الميليشيات الحوثية المستمرة للهدنة الأممية منذ اليوم الأول لإعلانها، أكد رئيس الأركان اليمني أن الميليشيات «تثبت كل يوم أنها لا يمكن أن تعيش إلا وسط الحروب والدمار، والمتاجرة بدماء اليمنيين تنفيذا لأجندة إيران».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.