مصريون يكسرون موجة الغلاء ببهجة شراء ملابس العيد

وسط زحام لافت في أسواق القاهرة

شارع الموسكي وقد ازدحم بالمشترين (تصوير: عبد الفتاح فرج)
شارع الموسكي وقد ازدحم بالمشترين (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصريون يكسرون موجة الغلاء ببهجة شراء ملابس العيد

شارع الموسكي وقد ازدحم بالمشترين (تصوير: عبد الفتاح فرج)
شارع الموسكي وقد ازدحم بالمشترين (تصوير: عبد الفتاح فرج)

اجتاحت حمى الشراء أسواق العاصمة المصرية القاهرة، والمدن الكبرى، في تجاهل واضح لموجة التضخم التي تسببت في ارتفاع أسعار الملابس بشكل لافت مقارنة بالأعوام الماضية، بالإضافة إلى تجاوز تداعيات وباء كورونا وإجراءاته الاحترازية، إذ عادت مشاهد الزحام مجدداً للواجهة بشكل يوازي ما كانت عليه قبل تفشي الجائحة، ورغم اختلاف أذواق مشتري الملابس، وتنوع طلباتهم، فإن إصرارهم على الحفاظ على بهجة العيد كان قاسما مشتركا بينهم جميعا، في ظل الزحام وارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان.
مروة محمود، ربة منزل، تقيم في حي حدائق القبة بالقاهرة، تحكي عن جولتها الشرائية لملابس العيد لطفليها ( 7 و12 سنة) قائلة: «كنت أقوم بشراء طقمين من الملابس لكل واحد منهما، من أجل العيد، أحدهما للبيت وآخر للخروج، لكني هذا هذا العام اكتفيت بشراء طقم واحد جديد للبيت لكل منهما»، وتضيف لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «بدأت جولتي منذ منتصف شهر رمضان بين عدد من المحلات، التي اعتدت على الشراء منها ، فلفت نظري أن الخصومات التي كانت تسبق فترة موسم العيد ضعيفة جداً، وأن الملابس في حد ذاتها ليست بالتميز الذي تستحق عليه هذه الزيادة في الأسعار، ووجدت أن طقما واحدا من ملابس الخروج يعادل 600 جنيه (الدولار الأميركي يعادل 18.6 جنيه مصري)، فقررت أن أكتفي بشراء ملابس منزلية جديدة فقط، خصوصاً أن سعرها أقل، ليناموا بها عشيّة العيد، ويشعروا بأنهم في استقباله بزي جديد».

زحام في منطقة العتبة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترتفع حمى شراء الملابس مع مواسم الأعياد، لاسيما مع انتصاف شهر رمضان، إلا أن هذا العام كان ارتفاع أسعارها ملحوظاً لدى الكثيرين، خصوصاً أن العيد يتزامن مع طرح تشكيلة الملابس الصيفية الجديدة بعد انتهاء الموسم الشتوي، وحسب شعبة للملابس الجاهزة بالغرف التجارية، ، فإن زيادة تقدر بـ20 في المائة ارتبطت بطرح الملابس الصيفية مؤخرا.
وعلى الرغم من تلك الزيادة، فإن حالة الحرص على شراء مستلزمات العيد بما في ذلك الملابس والكعك، تجعل الكثير في العائلات في محاولة لتحقيق توازن بين ميزانية الأسرة وإدخال مباهج العيد للبيت، ما يجعل هناك تبادلا لخبرات الشراء بين أفراد العائلة الواحدة، وترشيحا لأماكن تتيح البضائع بأسعار أقل نسبياً، لعل أشهرها منطقة وسط البلد والعتبة ووكالة البلح التي تعد من مراكز بيع الملابس في وسط مدينة القاهرة، والتي تسودها حالة زحام لافتة قبيل عيد الفطر.
وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار النسبي للملابس فإنه حسب آية عبد القادر، صاحبة ومديرة أحد محلات ملابس الأطفال في مدينة من أكتوبر(غرب القاهرة)، فإن معدل الشراء هذا العام على الرغم من ارتفاع الأسعار النسبي، أعلى من معدله العامين الماضيين بسبب الركود الذي حلّ على شراء الملابس بسبب أزمة كورونا «تتراوح أسعار أطقم وفساتين الأطفال في المحل ما بين 300 و700 جنيه تقريبا» على حد قولها.
وتقول عبد القادر لـ«الشرق الأوسط» إن زهوة العيد خلال العامين الماضيين قد تأثرت بسبب البقاء في البيوت، ما جعل كثيرا من الأسر تتردد في شراء ملابس جديدة للأطفال في وقت كان هناك تقليص للزيارات العائلية والنزهات بسبب الإجراءات الاحترازية، وتضيف «أعرض وأبيع ملابس من إنتاج مصانع محلية وليست مستوردة، وعلى الرغم من ذلك فإن ارتفاع تكلفة مستلزمات الصناعة نفسها مع ارتفاع أسعار الدولار الأخيرة، تؤثر على السعر النهائي لسعر الجُملة، وبالتالي على السعر النهائي الذي أقوم كتاجرة بعرضه في المحل، وبالتالي يشعر المستهلك والزبون بارتفاع الأسعار، عما كانت عليه قبل عام مثلاً».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».