أوروبا تستعد لمواجهة «طويلة الأمد» مع روسيا

توقعت أن تفتح موسكو جبهات متفرقة في عدد من البلدان المجاورة لأوكرانيا

رئيسة المفوضية الأوروبية تلقي كلمة في بروكسل حول النزاع الروسي ـ الأوكراني 27 أبريل (أ.ف.ب)
رئيسة المفوضية الأوروبية تلقي كلمة في بروكسل حول النزاع الروسي ـ الأوكراني 27 أبريل (أ.ف.ب)
TT

أوروبا تستعد لمواجهة «طويلة الأمد» مع روسيا

رئيسة المفوضية الأوروبية تلقي كلمة في بروكسل حول النزاع الروسي ـ الأوكراني 27 أبريل (أ.ف.ب)
رئيسة المفوضية الأوروبية تلقي كلمة في بروكسل حول النزاع الروسي ـ الأوكراني 27 أبريل (أ.ف.ب)

يفيد تقرير داخلي وضعه خبراء دائرة الدراسات الاستراتيجية التابعة للمجلس الأوروبي بأن «الحرب الدائرة في أوكرانيا مرشّحة للاستمرار أشهراً عديدة، وربما سنوات، وأن روسيا تخطط لفتح جبهات أخرى متفرقة في عدد من البلدان المجاورة التي تعيش فيها أقليات ناطقة بالروسية أو مجموعات عرقية أو دينية متعاطفة مع موسكو أو على ارتباط تاريخي بها».
ويوصي التقرير، الذي اطّلعت عليه «الشرق الأوسط»، بالاستعداد لمواجهة طويلة الأمد ينتظر أن تلجأ فيها روسيا إلى استخدام جميع الأسلحة الاقتصادية والمخابراتية والسيبرانية التي في متناولها، لكنه يستبعد تنفيذ موسكو تهديداتها باستخدام أسلحة غير تقليدية، مثل الأسلحة التكتيكية النووية أو البيولوجية.
ويحذّر التقرير من أن إطالة الحرب، وما تستتبعه من مواصلة تزويد أوكرانيا بالمساعدات العسكرية والتداعيات التي ستنشأ عن العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على موسكو والتدابير الانتقامية التي ستتّخذها روسيا، فضلاً عن تفاقم أزمة النزوح والهجرة، ستضع الاتحاد الأوروبي أمام مشهد بالغ التعقيد، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، خصوصاً إذا نجحت موسكو في ضرب وحدة الموقف بين الدول الأعضاء بواسطة «سلاح الغاز» والقوى السياسية المتعاطفة معها في بلدان الاتحاد.
ويستند واضعو التقرير إلى معلومات مستقاة من «مصادر روسية موثوقة» للإشارة إلى أن موسكو تحضّر لإجراء استفتاء شعبي منتصف الشهر الجاري في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك حول انضمام هاتين «الجمهوريتين» إلى الاتحاد الروسي، فضلاً عن استفتاء آخر في مقاطعة خيرسون الواقعة جنوب أوكرانيا، التي كانت أولى المناطق التي سيطرت عليها القوات الروسية في بداية الاجتياح. ويشير التقرير إلى أن هذه الخطوات تأتي في سياق المخطط الذي وضعته موسكو لتقسيم أوكرانيا إلى ما تسمّيه «مناطق محررة»، تكون تحت سيطرتها المباشرة أو تنضمّ إلى روسيا.
وتجدر الإشارة إلى أن موسكو كانت تعتزم إجراء الاستفتاء أواخر أبريل (نيسان) الماضي، لكن تعثّر الحرب الروسية دفع إلى تأجيل هذا الاستحقاق، علماً بأن فلاديمير بوتين كان أعلن في بداية الأزمة أنه لا يعترف بحدود عام 2014 لمنطقة «دونباس»، بل بحدودها التاريخية.
ويشير التقرير إلى أنه إذا كان الوضع العسكري في دونيتسك ولوغانسك يميل إلى صالح القوات الروسية، ليس من المؤكد أن الكرملين سيتمكّن من إحكام السيطرة بشكل كامل على هاتين المنطقتين في غضون أسبوعين من الآن لتنظيم الاستفتاء. يضاف إلى ذلك أن سيطرة القوات الروسية على خيرسون تتعرّض لهجوم مضاد مستمر من القوات الأوكرانية لاستعادتها، وليس مستبعداً أن تفلح في هذا المسعى إذا وصلتها المساعدات اللازمة في الوقت المناسب.
ويعتبر الخبراء الأوروبيون أن ثمّة مشكلة أخرى ستواجه روسيا إذا نجحت في ضمّ هذه المناطق المدمّرة بسبب المعارك الضارية التي تدور فيها، حيث إنها ستتحوّل إلى عبء كبير في ظل العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها الدول الغربية على موسكو. وينطبق الشيء نفسه على منطقة «ترانسنيستريا» التي تعيش فيها أقلية ناطقة بالروسية، والتي تشهد منذ أيام اضطرابات تنذر بوصول النزاع إليها.
الأهداف الروسية في «خيرسون» ليست واضحة بعد بالنسبة لخبراء الدائرة الأوروبية للدراسات الاستراتيجية، الذين يميلون إلى الاعتقاد بأن موسكو قد تعلن ضمّ المدينة والمناطق المحيطة بها في الجنوب الأوكراني إلى شبه جزيرة القرم، من غير أن تمرّ في مرحلة إعلانها «جمهورية مستقلة». ويذكر أن ميخائيل شيريميت، النائب عن شبه جزيرة القرم في البرلمان الروسي «دوما»، دعا في العاشر من الشهر الماضي إلى إحياء ولاية القرم التي تشمل أيضاً مدينة خيرسون ومحيطها، والتي كانت أعلنتها الإمبراطورة كاترين الثانية في عام 1744.
إلى جانب ذلك، يتوقّف المحللون الأوروبيون عند التصريحات التي أدلى بها مؤخراً عضو مجلس الشيوخ الروسي أندريه كليموف، نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية الذي وضع قانون ضم شبه جزيرة القرم إلى الاتحاد الروسي في عام 2014، الذي قال إن موسكو جاهزة لدمج كل الشعوب التي ترغب في الانضمام إلى الاتحاد، مؤكداً أن «عددها أكثر بكثير مما يتوهّم الغرب أو تروّج له وسائل الإعلام الغربية».
وكان كليموف صرّح بأن «العملية العسكرية الخاصة» التي تقوم بها القوات الروسية «كانت ستصل إلى خواتيمها لو أن الغرب سمح لأوكرانيا بإجراء مفاوضات طبيعية معنا وتوقّف عن تزويد كييف بالأسلحة والمرتزقة والمعلومات المخابراتية وكل أنواع المساعدات التقنية والعسكرية على مدار الساعة»، مؤكداً أنه «من الصعب جداً إطفاء النار بصبّ الزيت عليها».


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.