أشادت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم، بأداء الفنانة إسعاد يونس، لدورها في الحلقة 25 من مسلسل «الاختيار»، مؤكدة أن هذا العمل يقدم توثيقاً لفترة مهمة من تاريخ مصر يجهل البعض تفاصيلها.
وقالت الوزيرة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «جسدت إسعاد يونس شخصيتها بأسلوب رائع شكلاً ومضموناً»، منوهة بأنها علمت فقط باختيار يونس لأداء شخصيتها، ومن ثَم فوجئت بها أثناء مشاهدتها المسلسل، مؤكدة أن «يونس أجادت التعبير عنها، وتحدثت بالتحدي نفسه الذي كانت عليه خلال لقائها مع وزير الثقافة في عهد الإخوان».
واستعادت عبد الدايم تلك الأيام التى عاشتها، قائلة: «منذ بداية تولى الإخوان الحكم، كان في داخلنا جميعاً رفض لهم، فقد كنا خائفين أن (تروح منا مصر)، أنا شخصياً كان كل هدفي بصفتي رئيسة لدار الأوبرا أن أحافظ عليها، إذ كانت بمثابة بيتنا الذي نغلقه في وجه أي محاولة اعتداء، لأن أهدافهم كانت في (سكة ثانية)، وأخذنا على عاتقنا مهمة التصدي لأي محاولة لتغيير هويتها، كنا نعقد اجتماعات يومية، ولا يمر يوم من دون نشاط داخل الأوبرا».
وأضافت عبد الدايم قائلة: «لم نقم بإلغاء عرض أو وقف عروض رغم المظاهرات التي كانت تقع على مسافة قريبة منا في ميدان التحرير، وجاء حضور الجمهور ليساندنا ويعضدنا، قلنا لن نترك المكان وسنظل به حتى آخر نفس في عمرنا، لن نسمح لهم بأخونة الأوبرا والسيطرة عليها، ورغم أننا كنا نواجه باعتذار فرق أجنبية عن المجيء، كانت هناك دول تتضامن معنا وترسل فرقها الفنية».
جانب من مشاهد الاعتراض على وزير الثقافة الإخواني
وبشأن قرار إقالتها من رئاسة الأوبرا، الذي فجر غضب المثقفين في مصر، تقول الوزيرة: «أصدر وزير الثقافة الإخواني قرار إقالتي بعد ساعات قليلة من لقائي به، ورفض فنانو الأوبرا تقديم عروضهم التي بدأت بوقف عرض أوبرا عايدة، واعتصامهم داخل دار الأوبرا، في ظل مخاوف سيطرة الإخوان عليها، حتى لا توجه في اتجاهات أخرى، مثلما أفصح وزيرهم بشكل واضح كما جاء في المسلسل».
وذكرت عبد الدايم: «أن الأمور كانت تتسارع، وأصبح هدفنا جميعاً الخلاص من حكم الإخوان، والتصدي لمحاولات أخونة الدولة، وطمس هوية مصر الثقافية، كان هدفنا حماية بلدنا، وكنا على قلب رجل واحد لهذا الهدف، لذلك كانت ثورة 30 يونيو من أعظم أيام التاريخ الحديث، لأننا استعدنا هويتنا المصرية خلالها».
وأشادت الوزيرة المصرية بمسلسل «الاختيار» مشيرة إلى أنه يقدم توثيقاً صادقاً لتاريخ مصر وسردا لوقائع وتفاصيل تغيب عن الكثيرين، وفي ذلك تقول: «هناك أجيال تعرف أنه حدثت ثورة في 30 يونيو، لكن يغيب عنهم ما قبل ذلك، وما الذي أوصلنا إليها، وماذا وقع من أحداث دفعت المصريين للثورة على حكم الإخوان، هذا التوثيق وحده كافياً ليؤكد كيف كانوا يتآمرون على البلد».
إسعاد يونس قدمت دور إيناس عبد الدايم في (الاختيار 3)
وفجرت الحلقة الـ25 من مسلسل «الاختيار 3» التي جاءت بعنوان (الحدود الغربية) الصدام الذي وقع بين الإخوان والمثقفين الذين اعترضوا على سعي الحكم لتغيير هوية مصر الثقافية، وبدأت الحلقة بقرار وزير الثقافة الإخواني علاء عبد العزيز بإقالة الدكتورة إيناس عبد الدايم (التي جسدت شخصيتها الفنانة إسعاد يونس) من منصبها رئيسة لدار الأوبرا المصرية، وشهدت الحلقة، حواراً جمع الاثنين، حيث تحدث الوزير الإخواني عن «ضرورة استغلال قاعات الأوبرا في أنشطة أخرى تتبع الأحزاب والكيانات السياسية، كما أشار إلى عدم أهمية فن الباليه وأنه لا يوجد جدوى وعوائد مالية من استمراره».
وبعد محادثة طويلة، ردت عليه رئيسة دار الأوبرا قائلة خلال المسلسل: «الأوبرا مش محتاجة حد يدافع عنها، الأوبرا اتبنت في عهد الخديوي إسماعيل 1869 مكنش حسن البنا أتولد وقتها»، مضيفة بنبرة حادة: «الأوبرا ليست قاعة أفراح لنؤجرها»، قبل أن يصدر قرار إقالتها.
وأبرزت الحلقة الاشتباكات التي وقعت أمام وزارة الثقافة، إبان حكم الإخوان، احتجاجاً على ممارسات وزير الثقافة حيث احتشد العشرات من المثقفين والفنانين والنشطاء السياسين، وقرروا الاعتصام داخل مقر الوزارة في حي الزمالك.
وتعد د. إيناس عبد الدايم أول امرأة تتقلد منصب وزير الثقافة في مصر، وهي عازفة عالمية لآلة «الفلوت»، وقد تمكنت من إحداث حراك فني كبير في دار الأوبرا المصرية منذ توليها لها عام 2013 حتى توليها الوزارة عام 2018، وبدأت مشوارها الفني بعد تخرجها في معهد الكونسرفتوار حيث عينت معيدة بقسم الفلوت عام 1982، وحصلت على الماجستير من فرنسا، ومن ثم حصلت على الدكتوراه من المدرسة العليا للفن في باريس، وفازت عبد الدايم بجائزة الدولة التشجيعية للفنون، وجائزة الإبداع، والمركز الأول لإتحاد المعاهد الموسيقية في فرنسا كأحسن عازفة، وجائزة مهرجان كوريا الجنوبية للفنون.