التهاب الكبد الحاد عند الأطفال... جدل حول مسؤولية الفيروس الغُدي

«الصحة العالمية» تسجل 169 حالة من 11 بلداً

فحص للكشف عن إصابة التهاب الكبد الحاد (أرشيفية - الشرق الأوسط)
فحص للكشف عن إصابة التهاب الكبد الحاد (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

التهاب الكبد الحاد عند الأطفال... جدل حول مسؤولية الفيروس الغُدي

فحص للكشف عن إصابة التهاب الكبد الحاد (أرشيفية - الشرق الأوسط)
فحص للكشف عن إصابة التهاب الكبد الحاد (أرشيفية - الشرق الأوسط)

أعنت منظمة الصحة العالمية عن تسجيل 11 بلداً لحالات التهاب الكبد الحاد بين الأطفال الصغار، وكانت أعلى الإصابات في بريطانيا وآيرلندا الشمالية.
وقال المنظمة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس، أنه منذ صدور نشرتها عن تفشي المرض في بريطانيا وآيرلندا الشمالية في 15 أبريل (نيسان) من العام الجاري، ظهرت تقارير أخرى متوالية عن حالات في بلدان أخرى، ولم يتضح بعد ما إذا كان ذلك زيادة في عدد حالات الإصابة، أم زيادة في الوعي بعد صدور نشرة المنظمة، نتج عنها تسجيل إصابات، لم تكن تُرصَد في الماضي.
وحتى 21 أبريل، تم الإبلاغ عن 169 حالة على الأقل من حالات التهاب الكبد الحاد مجهول المنشأ من 11 بلداً في الإقليم الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية، وبلد واحد في إقليم منظمة الصحة العالمية للأميركتين.
وكان عدد الحالات في بريطانيا وآيرلندا الشمالية (المملكة المتحدة) 114، وإسبانيا 13، وإسرائيل 12، والولايات المتحدة الأميركية 9، والدنمارك 6، وآيرلندا 5، وهولندا 4، وإيطاليا 4، والنرويج 2، وفرنسا 2، ورومانيا 1، وبلجيكا 1. وتراوح أعمار الحالات بين شهر و16 سنة، ومن بينهم سبعة عشر طفلاً (نحو 10%) احتاجوا إلى زراعة كبد، وتم الإبلاغ عن وفاة واحدة على الأقل.
وعانت الحالات المكتشَفة من ارتفاع ملحوظ في إنزيمات الكبد، وأبلغ الكثير من الحالات عن أعراض مَعِدية معوية، منها آلام البطن والإسهال والقيء الذي يسبق ظهور التهاب الكبد الحاد الشديد، وزيادة مستويات إنزيمات الكبد «الأسبارتات ترانساميناز (AST) أو ألانين أمينوترانساميناز (ALT)» أكبر من 500 وحدة دولية- لتر، ومعظم الحالات لم تكن مصابة بالحمى.
وبينما لم تُكتشف الفيروسات الشائعة التي تسبب التهاب الكبد الفيروسي الحاد (وهي فيروسات التهاب الكبد A وB وC وD وE) في أيٍّ من هذه الحالات، اكتُشف الفيروس الغُدي في 74 حالة على الأقل، وكان في 18 حالة هو الفيروس الغدي من النوع (41 F.)، كما اكتُشف فيروس «كورونا» المستجد، المسبِّب لمرض «كوفيد - 19» في 20 حالة من الحالات التي خضعت للاختبار، وعلاوة على ذلك، اكتُشف 19 مصاباً بعدوى مشتركة من «كورونا» المستجد وفيروس غدي، وهو ما يجعل مسؤولية الفيروس الغدي عن الإصابة، فرضية محتملة، ولكن لا تزال الاستقصاءات جارية لاكتشاف العامل المسبِّب للمرض، كما أكدت المنظمة.
والفيروسات الغُدّية من المسبِّبات الشائعة للأمراض التي تسبب عادةً عدوى محدودة، وتنتشر من شخص إلى آخر، وتسبب في الغالب أمراض الجهاز التنفسي، وتستند فرضية تسببها في الإصابة إلى حقيقة أن المملكة المتحدة، التي أُبلغ فيها عن غالبية الحالات حتى الآن، قد لاحظت مؤخراً زيادة كبيرة في عدوى الفيروسات الغدّية في المجتمع، لا سيما التي اكتُشفت في عينات البراز عند الأطفال، عقب انخفاض مستويات سريانها في بداية جائحة «كوفيد - 19». وأبلغت هولندا أيضاً عن زيادة متزامنة في السريان المجتمعي للفيروسات الغدية.
غير عن أن هذا الرأي يصطدم برأي آخر يستبعد هذا السيناريو، ويستند إلى ثلاثة مبررات، يشير إليها بيان المنظمة، ومنها أن الزيادة في الفيروسات الغدّية، سببها حدوث تعزيز للاختبارات المختبرية نتيجة جائحة «كوفيد - 19»، وبالتالي فقد تكون منتشرة في السابق بالمجتمعات، ولم يتم اكتشافها، وبالتالي فهي ليست سبباً، كما أن الفيروس الغدي شائع جداً، وهو آخذ في الازدياد، كما أظهر تقرير من اسكوتلندا، وبالتالي يمكن أن تكون الحالات مجرد عدوى مرتبطة وليست سببية، وأخيراً فإن الفيروس الغدي يحتوي على الحمض النووي الريبي المنزوع الأكسجين (DNA) في مركزه، وليس الحمض النووي الريبي (RNA)، مثل فيروس «كورونا» المستجد، بحيث يمكنه البقاء لفترة أطول، وقد كانت الأحمال الفيروسية للحالات منخفضة، مما قد يشير إلى حدوث التهابات منذ مدة ولا يفسر ذلك البداية المفاجئة لتلف الكبد الشديد.
وأوصت «الصحة العالمية» بمزيد من الدراسات من أجل حسم السبب الحقيقي لهذا التفشي للمرض، وقالت إنها لا توصي بناءً على المعلومات المتاحة حالياً، بأي قيود على السفر أو التجارة مع المملكة المتحدة، أو أي بلد آخر تُكتشف فيه الحالات.



بينالي أبو ظبي... التوقيع بالفن على المساحات العامة

عمل الفنانة عزة القبيسي (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)
عمل الفنانة عزة القبيسي (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)
TT

بينالي أبو ظبي... التوقيع بالفن على المساحات العامة

عمل الفنانة عزة القبيسي (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)
عمل الفنانة عزة القبيسي (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)

ضمن خطة طموح تهدف إلى إدخال الفن إلى المساحات العامة أطلقت أبوظبي النسخة الافتتاحية من بينالي أبوظبي للفن العام، وتستمر حتى 30 أبريل (نيسان) المقبل. ومع اليوم الأول أتيح للجمهور معاينة كثير من الأعمال التركيبية على الكورنيش، وفي الحدائق، وفي واحة العين وأيضاً ضمن المباني المهمة في أبوظبي، وكأن الأعمال الفنية تضع توقيعها على المساحات العامة لتضفي عليها وهجاً مجتمعياً خاصاً يخرج بها عن صورتها اليومية المعتادة.

«النهر الحضري» للفنان قادر عطية في بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر

في أثناء المشي على كورنيش أبوظبي والاستمتاع بنسائم البحر والأجواء اللطيفة في هذا الوقت من العام، لا يملك المرء إلا التوقف أمام تشكيلات فنية جاذبة للعين والانتباه. خلال جولة سريعة نزور محطة الحافلات التي بنيت في عام 1986، وتعد واحدة من أقدم المباني في المدينة، وهنا أيضاً نرى الأعمال المختلفة سواء في خارج المحطة أو في داخلها، أما في سوق السجاد فهناك مفاجأة ضخمة صنعها فنان برازيلي، ونسج فيها قصصاً وذكريات لأصحاب المحال المجاورة.

تنقسم مساحات عرض البينالي إلى 8 دروب كما يطلق عليها، تضمنت أعمالاً لأكثر من 70 فناناً من الإمارات، ومن دول مختلفة حول العالم. أما ما يجمع بينها فهو ببساطة المدينة نفسها، فالأعمال تشترك في استكشاف الظروف البيئية للمدينة وأسلوب الحياة المجتمعي والهندسة المعمارية والتخطيط المدني.

توزعت الأعمال على مسافات كبيرة، وهو ما يشجع الزوار على المشي لمسافات لاستكشاف ما يختبئ في طريقهم من أعمال وإعادة اكتشاف معالم المدينة الشهيرة، وللتوصل إلى كل الأعمال المعروضة، فاستخدام السيارة أمر ضروري، ولا سيما لزيارة واحة العين.

رحلة البحث

على كورنيش أبوظبي تنطلق رحلة البحث عن الأعمال الفنية، للتوصل لكل الأعمال يقترح دليل البينالي المشي لمدة ساعة، وفي الأجواء اللطيفة يصبح المشوار ممتعاً. في تتابع نمر أولاً على عمل الفنان أوسكار موريو الذي نفذ لوحة ضخمة يبلغ طولها 80 متراً على مساحة 1 في المائة من كورنيش أبوظبي، لتستكشف التوسع الحضري السريع الذي تشهده المدينة.

«برزخ» للفنان وائل الأعور في بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر

أما الفنان وائل الأعور فنرى من تنفيذه عمل «برزخ»، وهو مجسم ضخم يبدو لنا عن بعد، وكأنه شبكة من القطع البلاستيكية، يدخل الضوء من فتحاته ليخلق تركيبات مختلفة، ويمنح الزوار فرصة للتمهل داخله. بحسب بطاقة التعريف بالعمل، فالفنان يستجيب للتحديات البيئية المحلية والعالمية عبر استخدام ثلاث مواد، وهي البلاستيك المعاد تدويره وألياف النخيل المستخدمة في العمارة الإماراتية منذ قرون والمحلول الملحي، وهو ناتج ثانوي من عملية تحلية المياه يضر بالنظم البيئية البحرية عند تصريفه في الخليج. يبدو أن العناصر كلها تمثل الماضي واحتمالية مستقبل العمارة في الخليج عبر استخدام الموارد المحلية التي ترمز لها ألياف النخيل والبلاستيك المعاد تدويره، وتعالج القضايا البيئية الآنية مثل تأثير عملية تحلية المياه على البيئة البحرية.

عموماً العمل يستوقف الناظر، ويجذبه لداخله عبر تشكيلة بصرية جميلة، وهكذا يجد الزائر الفرصة للتفكير في المعنى خلف العمل.

عمل الفنانة فرح القاسمي «الحنين إلى الوطن» (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)

ليس بعيداً عن عمل الأعور نرى عملاً للفنانة الإماراتية فرح القاسمي التي تقدم تشكيلاً بصرياً خارجاً من أعماق جماليات البحر يحمل عنوان «الحنين إلى الوطن»، ويتكون من محارات ضخمة تنتظم في شكل دائري على منصة مرتفعة مغطاة بالرمال البيضاء، تحتفي الفنانة هنا بمهنة الغوص والبحث عن اللؤلؤ، وهي مهنة شكلت المشهد الاقتصادي والثقافي والاجتماعي للإمارات. إضافة إلى الشكل المرتبط بالبحر تضيف الفنانة بعداً جديداً، وهو الصوت، فهي جهزت كل محارة بمكبر صوت تبث جوقة من الأصوات الاصطناعية التي ألفتها من وحي أغنية «توب توب يا بحر» التي تغنيها زوجات الغواصين، بينما ينتظرن عودة الأزواج من رحلات الصيد.

عمل للفنان البرازيلي هنريك أوليفييرا أمام محطة الحافلات (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)

نتجه إلى محطة الحافلات الرئيسية، حيث توزعت أعمال عدد من الفنانين. يستوقفنا خارج المحطة مجسم على شكل شجرة متيبسة تفترش مساحة ضخمة من الرصيف الخارجي، وهو للفنان البرازيلي هنريك أوليفييرا وهو معروف باستخدامه للخشب المتآكل، الذي يحصل عليه غالباً من أسوار البناء الحضرية. تجمع ممارسات أوليفيرا بين الرسم والهندسة المعمارية والنحت، ويعمل على تحويل الخشب المهمل والمتداعي إلى أعمال عضوية وديناميكية، مما يعكس تداخل التدهور الحضري مع النمو الطبيعي.

أما زينب الهاشمي، وهي فنانة مفاهيمية إماراتية، فنرى من عملها رصيفاً حجرياً أمام المحطة، للوهلة الأولى لا نميزه فهو منسجم تماماً مع تصميم مباني المحطة وخارجها، ولكن الفنانة التي تعمل على تفكيك المحيط المعروف عبر التركيبات الفنية، استخدمت الشكل المألوف، وأضافت له العشب الأخضر، وكأنه جزء من المحيط العام لأرصفة المحطة، ولكنه ليس كذلك. فالهاشمي عرفت بالدمج بين العناصر الطبيعية والمصطنعة، لتسلط بذلك الضوء على تأثير التدخل البشري على البيئة، وتحث الناظرين على إعادة النظر في علاقتهم بمحيطهم.

فن في الحدائق العامة

في الحدائق العامة تتناثر أعمال الفنانين عبد الله السعدي، وهاشل اللمكي، ولورنس أبو حمدان، وقادر عطية، وخليل رباح، وسيما نصرت، ورامي قشوع × حرفيات الإمارات، وبافل ألتهامر، وناثان كولي، وآذار جابر، وألورا وكالزاديلا.

«بين الأشجار» للفنان خليل رباح في بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر

وفي سوق السجاد يتألق عمل الفنان كريستوفر جوشوا بنتون: «حيث تفرش سجادتي، يكون وطني (2024)»، وهو سجادة نابضة بالحياة مصنوعة من العشب الصناعي. طُوِّر هذا العمل بالتعاون مع أصحاب المحال في سوق السجاد في أبوظبي، وهو مستوحى من قصصهم وتجاربهم. تحولت السجادة فور تركيبها إلى مساحة مجتمعية حيوية تدمج بين الثقافة والفن المحليين وشهدت مرح الأطفال ولقاءات الأصدقاء.

كريستوفر جوشوا بنتون «حيث تفرش سجادتي يكون وطني» (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)

يُشكِّل بينالي إحدى الركائز الثلاث لمبادرة «أبوظبي للفن العام»، التي أعلنت عنها دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في مارس 2023. وتتضمَّن المبادرة تكليفات فنية مباشرة سنوية، ومعرض «منار أبوظبي» الفني الضوئي الذي يُعقَد كلَّ سنتين (استمرت النسخة الأولى من 15 نوفمبر 2023 إلى 30 يناير 2024)، إضافة إلى «بينالي أبوظبي للفن العام».